تم نسخ النصتم نسخ العنوان
ماهي البدعة و هل لها أقسام و كيف أعرف أن هذا... - ابن عثيمينالسائل : فضيلة الشيخ هذا السائل في ءاخر أسئلته يقول ما هي البدعة وهل لها أقسام وكيف أعرف أن هذا العمل مبتدع جزاكم الله خيرا؟الشيخ : البدعة في اللغة كل ش...
العالم
طريقة البحث
ماهي البدعة و هل لها أقسام و كيف أعرف أن هذا العمل مبتدع ؟
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
السائل : فضيلة الشيخ هذا السائل في ءاخر أسئلته يقول ما هي البدعة وهل لها أقسام وكيف أعرف أن هذا العمل مبتدع جزاكم الله خيرا؟

الشيخ : البدعة في اللغة كل شيء يأتي به الإنسان لم يسبقه إليه أحد هذه البدعة هذا في اللغة سواء كان في العادات أو في المعاملات أو في العبادات ولكن البدعة الشرعية المذمومة هي البدعة في العبادات بأن يتعبّد الإنسان لله عز وجل بما لم يشرعه سواء كانت هذه العبادة تتعلّق بالعقيدة أو تتعلق بقول اللسان أو تتعلق بأفعال الجوارح.
فالبدعة شرعا هي التعبّد لله بما لم يشرعه، هذه البدعة شرعا وبناء على ذلك نقول إذا كان الشيء يُفعل لا على سبيل التعبّد وإنما هو من العادات ولم يرد نهي عنه فالأصل فيه الإباحة وأما ما قصد الإنسان به التعبّد والتقرّب إلى الله فإن هذا لا يجوز إلا إذا ثبت أنه مشروع هذه هي القاعدة في البدعة.
وأما تقسيم بعض العلماء رحمهم الله البدعة إلى أقسام فإن هذا التقسيم لا يرد على البدعة الشرعية لأن البدعة الشرعية ليس فيها تقسيم إطلاقا بل هي قسم واحد حدّده رسول الله صلى الله عليه وعلى ءاله وسلم حيث قال "كل بدعة ضلالة" وجميع من يعرف اللغة العربية وأساليبها يعلم أن هذه الجملة جملة عامة شاملة لا يُستثنى منها شيء "كل بدعة ضلالة" والقائل هو رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذه من قواعد الشريعة ولكن إذا ظن ظان أن هذه بدعة وأنها حسنة فهو مخطئ في أحد الوجهين، إما أنها ليست ببدعة وهو يظن أنها بدعة كما لو قال تصنيف السنّة وتبويبها هذا بدعة لكنه بدعة حسنة أو قال بناء المدارس بدعة لكنه بدعة حسنة أو ما أشبه ذلك نقول أنت أخطأت في تسمية ذلك بدعة لأن فاعل ذلك لا يتقرّب إلى الله تعالى بنفس الفعل لكن يتقرّب إلى الله بكونه وسيلة إلى تحقيق أمر مشروع فتصنيف الكتب مثلا وسيلة إلى تقريب السنّة وتقريب العلم فالمقصود أولا وءاخرا هو السنّة وتقريبها للناس وهذا التصنيف وسيلة إلى قُربها إلى الناس فلا يكون بدعة شرعا لأنك لو سألت المصنّف قلت تصنّف هذا الكتاب على الأبواب والفصول تتعبّد إلى الله بهذا التصنيف بحيث ترى أن من خالفه فقد خالف الشريعة أو تتقرّب إلى الله تعالى بكونه وسيلة إلى مقصود شرعي وهو تقريب السنّة للأمة؟ سيقول إني أقصد الثاني لا أقصد الأول.
وبناء على هذا نقول إن تصنيف الكتب ليس ببدعة شرعية كذلك أيضا بناء المدارس للطلاب هذا أيضا ليس موجودا في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام لكنه وسيلة إلى أمر مقصود للشرع وهو القيام بمؤونة الطالب ليتفرّغ للعلم فهو ليس في ذاته عبادة ولكنه وسيلة ولهذا تجِد الناس يختلفون في بناء المدارس بعضهم يبنيها على هذه الكيفية وبعضهم يبنيها على هذه الكيفية ولا يرى أحد الطرفين أن الأخر مبتدعا لكوْنه أتى بها على الصفة أو على، نعم لكونه أتى بها على وجه مخالف للمدرسة الأخرى لأن الكل يعتقد أن هذه وسيلة ليست مقصودة لذاتها إذًا هذا ليس ببدعة لكنه وسيلة إلى عمل مشروع.
ولو قال قائل أنا أريد أن أحدث في الليلة التي يزعمون أنها الليلة التي ولد فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أحدث صلوات على الرسول عليه الصلاة والسلام وثناء عليه وأحتفل بهذه الليلة لأن الثناء على الرسول عليه الصلاة والسلام والصلاة عليه عبادة لا شك فأفعل هذا إحياء لذكراه وهذا حسن إحياء ذكرى الرسول في القلوب حسن فتكون هذه بدعة حسنة فنقول هذه بدعة صح لأنها نفسها قُربة فالصلاة على الرسول عليه الصلاة والسلام قربة لا شك والثناء عليه قربة وإحياء ذكراه في القلوب قربة لكن تخصيصها بهذا الوقت المعيّن بدعة لأن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يفعله ولم يسنّه لأمته لا بقوله ولا بإقراره ولا بفعله وكذلك الخلفاء الراشدون ولم تحدث بدعة الاحتفال بالمولد إلا في القرن الرابع بعد مضي ثلاثمائة سنة من الهجرة وعلى هذا فإذا قال لنا هذا الرجل هذه بدعة حسنة قلنا صدقت في قولك إنها بدعة ولكنها ليست بحسنة لأنها عبادة على غير ما شرعه الله ورسوله.
وبهذا علمنا أن من قال إن من البدع ما هو حسن فإنه مخطئ في أحد الوجهين، إما أنه ليس ببدعة وهو حسن كما مثّلنا في تصنيف الكتب وبناء المدارس وما أشبه ذلك هو حسن لكنه ليس ببدعة لأن الإنسان لا يتعبّد لله تعالى بهذا الشيء.
وإما أنه بدعة لكن ليس بحسنة كالاحتفال بمولد الرسول عليه الصلاة والسلام فإنه لا شك أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وذكره بالثناء الحسن بدون غلو لا شك أنه قربة إلى الله عز وجل سواء فعِل في تلك الليلة أم في غيرها فتخصيصه في تلك الليلة يكون بدعة وهو غير حسن لأنه لم يكن مشروعا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولا عهد خلفائه الراشدين ولا الصحابة ولا التابعين مع أن الشريعة انقطعت بوفاة الرسول عليه الصلاة والسلام أي انقطع التغيير فيها والتجديد والحذف بوفاة الرسول عليه الصلاة والسلام إلا ما كان داخلا تحت القواعد الشرعية فهذا يكون قد أتت به الشريعة من قبل وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام.
وعلى هذا فلا تقسيم للبدعة كل بدعة في الدين فإنها ضلالة كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وعلى ءاله وسلم ومن المعلوم لنا جميعا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم الناس بشريعة الله وأنه صلى الله عليه وسلم أنصح الخلق لعباد الله وأنه صلى الله عليه وسلم أفصح الخلق في بيانه وبلاغته عليه الصلاة والسلام إذا كان كلامه صادرا عن علم تام وعن نصح تام وعن بلاغة تامة فكيف يُمكن أن نقول إن من البدع ما هو حسن وهو قد قال "كل بدعة ضلالة" .
وليُعلم أن كلام الله وكلام رسوله مشتمل على الأوصاف التي توجب القَبول بدون تردّد، أولها العلم وثانيها الصدق وثالثها الإرادة ورابعها البلاغة، هذه مقوّمات الأخبار وموجبات صدقها فكلام الله وكلام رسوله لا شك أنه عن علم وكلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم لا شك أنه عن إرادة الخير كما قال الله تعالى { يريد الله ليبيّن لكم } { يُبيّن الله لكم أن تضلوا } وكلام الله وكلام رسوله في غاية الصدق { وَمَن أَصدَقُ مِنَ اللَّهِ حَديثًا } وكلام الله ورسوله أبلغ الكلام وأفصح الكلام فأفصح الكلام وأبلغه كلام الله وأفصح كلام الخلق وأبلغه كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم. نعم.

السائل : شكر الله لكم يا فضيلة الشيخ وبارك الله فيكم وفي علمكم.

Webiste