تم نسخ النصتم نسخ العنوان
كلمة توجيهية لفضيلة الشيخ عما يجب الحفاظ علي... - ابن عثيمينالشيخ : أما بعد: فهذا هو اللقاء الأول من شهر شوال عام أربعة عشر وأربعمائة وألف، وبه نفتتح لقاءاتنا من بعد شهر الصيام المبارك، وهذا هو الشريط الحادي والخ...
العالم
طريقة البحث
كلمة توجيهية لفضيلة الشيخ عما يجب الحفاظ عليه بعد رمضان .؟
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : أما بعد: فهذا هو اللقاء الأول من شهر شوال عام أربعة عشر وأربعمائة وألف، وبه نفتتح لقاءاتنا من بعد شهر الصيام المبارك، وهذا هو الشريط الحادي والخمسون من أشرطة هذا اللقاء، نسأل الله تعالى أن يكتبها لنا ولا يكتبها علينا.
بعد هذا الشهر المبارك نذكر أنفسنا وإياكم بأنه إذا انتهى شهر الصيام فلا يعني هذا أنه انتهى الصيام، وإذا انتهى شهر القيام فلا يعني هذا أنه انتهى القيام، وإذا انتهى شهر الصدقة فلا يعني هذا أن الصدقة انتهت، لأن الأعمال لا تنتهي بانتهاء مواسمها، وإنما تنتهي الأعمال بانتهاء الأجل، لقول الله تبارك وتعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ فأمرنا بالبقاء على الإسلام إلى الموت، وقال تبارك وتعالى: وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ، وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: إذا مات الإنسان انقطع عمله ، وقال الحسن البصري رحمه الله: " إن الله لم يجعل لعمل عبده المؤمن أو لعمل عبده المؤمن أمداً دون الموت، ثم تلا قوله تعالى: وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ " فالصيام لا زال مشروعاً والحمد لله.
فيشرع للإنسان: أن يصوم ثلاثة أيام من كل شهر، من أوله أو وسطه أو آخره لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: صيام ثلاثة أيام من كل شهر صوم الدهر كله وقالت عائشة رضي الله عنها: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم ثلاثة أيام من كل شهر، لا يبالي أصامها من أول الشهر أم من وسطه أم من آخره ولكن الأفضل أن تكون هذه الأيام الثلاثة أيام البيض، وهي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من كل شهر.
هناك أيضاً صوم أسبوعي يتكرر بتكرر الأسابيع، وهو صوم يوم الإثنين والخميس، فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يصومهما ويقول: هما يومان تعرض فيهما الأعمال على الله، فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم .
هناك صوم حولي على مدار السنة صوم يوم عرفة، قال النبي عليه الصلاة والسلام فيه: إنه يحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده .
وصوم يوم عاشوراء، قال النبي صلى الله عليه وسلم: أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله .
فالصيام والحمد لله لم يزل مشروعاً، وهذه الأيام التي تصام يكمل بها الخلل الحاصل بصوم رمضان، بل يكمل بها الخلل الحاصل في صوم رمضان، لأن صوم رمضان لا بد أن يكون فيه خلل، إما كلمات محرمة يقولها الصائم، وإما فعل محرم يفعله الصائم، وإما إخلال بواجب يخل به الصائم فيحتاج إلى ترقيع، لأن هذه خروق في الصيام تحتاج إلى ترقيع، فبماذا ترقع ؟ فترقع بالنوافل، ولهذا جاء في الحديث أن النوافل تكمل بها الفرائض يوم القيامة، ويرقع بها خلل الفرض.
القيام لا يزال مشروعاً في كل ليلة، كان النبي عليه الصلاة والسلام يقوم حتى تتورم قدماه، وصح عنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: ينزل ربنا إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟ حتى يطلع الفجر، وذلك كل ليله .
إذن: فالقيام مشروع في كل ليلة، والصلاة أيضاً مشروعة في كل وقت ما عدا أوقات النهي، فإنه لا يصلى فيها إلا الفرائض أو النوافل التي لها سبب، أكثر من الصلاة ليلاً ونهاراً، ولهذا قضى رجل للنبي صلى الله عليه وسلم حاجة، فقال له الرسول عليه الصلاة والسلام: اسأل يعني: ماذا تريد أن أكافئك به؟ قال: أسألك مرافقتك في الجنة، انظر إلى الهمة العالية! ما سأل شيئاً من الدنيا، سأل أن يكون رفيق النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في الجنة فقال: أو غير ذلك؟ قال: هو ذاك يا رسول الله، قال: فأعني على نفسك بكثرة السجود قال العلماء: بكثرة السجود، يعني: بكثرة الصلاة، لأن الصلاة يطلق عليها اسم السجود، حيث إنه ركن فيها، كما يقال: أعتق رقبة أي: عبداً كاملاً، لكن لما كانت الرقبة لا يمكن وجود الحياة إلا بها أطلقت على جميع العبد.
الصدقة لم تنته برمضان، كل وقت يشرع فيه الصدقة، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار أينا لم يخطئ؟ كل بني آدم خطاء وما أكثر أخطاءنا! وما أكثر إسرافنا على أنفسنا! والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، والصدقة صدقة وإن كانت شق تمرة نصف تمرة، قال النبي عليه الصلاة والسلام: اتقوا النار ولو بشق تمرة فإن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيباً، وإذا تصدق الإنسان من طيب فإن الله تعالى يأخذ صدقته بيمينه ولو كانت بتمرة، فيربيها كما يربي الإنسان فلوه، حتى تكون مثل الجبل العظيم، فتصدق، ثم اعلم أن الصدقة ليست هي التي يتصدق بها الإنسان على شخص أجنبي ليس من أهل بيته، الصدقة على أهل بيتك أفضل من الصدقة على الأجانب، والإنفاق على أهل البيت صدقة، بل إن الدينار الذي تنفقه في نفقة نفسك هو صدقة أيضاً صدقة على نفسك، والصدقة على القريب أفضل من الصدقة على البعيد كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: صدقتك على القريب صدقة وصلة المهم أن تنفق النفقة تبتغي بها وجه الله تعالى.
زار النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم سعد بن أبي وقاص فقال له: واعلم أنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها، حتى ما تجعله في فم امرأتك نفقة أَي نفقة فهي نكرة في سياق النفي، تشمل كل نفقة قليلة أو كثيرة، فإنك تؤجر عليها بشرط: أن يكون ذلك لله، تبتغي بها وجه الله، إلا أجرت عليها حتى ما تجعله في فم امرأتك مع أن إنفاقك على امرأتك فرض واجب، لو لم تنفق لقالت: إما أن تنفق وإما أن تطلق، فأنت تنفق عليها تأليفاً لها وقياماً بواجبها، وخوفاً من أن تطالب بالطلاق، ومع ذلك تؤجر عليها على النفقة عليها، فالأبواب ولله الحمد كثيرة واسعة.
وإذا كان صوم رمضان إيماناً واحتساباً سبب لمغفرة الذنوب وكذلك قيامه، فإن هناك أسباباً أخرى لكفارات الذنوب: إذا قال الإنسان: سبحان الله وبحمده مائة مرة غُفرت خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر الله أكبر! نعمة عظيمة، سبحان الله وبحمده إذا قلتها مائة مرة غفر الله لك خطاياك وإن كانت مثل زبد البحر! ومعلوم أنه لا يمكن أن يحصي أحد زبد البحر.
وقولك: سبحان الله وبحمده لا يستغرق من وقتك كثيراً، أعتقد أن الإنسان إذا قاله بتوسط في عشر دقائق يكمله أو أقل، وتكمله أيضاً وأنت تمشي في السوق، وأنت جالس في بيتك، وأنت جالس تنتظر الصلاة، سبحان الله وبحمده مائة مرة، تغفر لك بها خطاياك وإن كانت مثل زبد البحر، ولهذا قال العلماء: ينبغي أن يقول هذا في آخر النهار، ليكفر ما عمله في نهاره، والخير كثير! ولله الحمد، لكن نحتاج إلى عمر نحتاج إلى احتساب.
عندما يتوضأ الإنسان في بيته ويسبغ الوضوء ويخرج إلى المسجد لا يخرجه إلا الصلاة، أتدرون ماذا ثوابه؟ لا يخطو خطوة واحدة إلا رفع الله له بها درجة وحط عنه بها خطيئة، اللهم لك الحمد، الخطوة الواحدة لك فيها فائدتان: الأولى: أن الله سبحانه وتعالى يرفع لك بها درجة، والثانية: أن يحط عنك بها خطيئة، وهذه نعمة كبرى لكن أين المحتسبون؟ أين الذين يقدرون على هذا؟ أين الذين يشعرون حين يخرجون من بيوتهم إلى المساجد بهذا الشعور؟ أكثر الناس إما جاهل بهذا ما يدري، وإما عالم لكنه غافل لا يحتسب، ولهذا ينبغي لك أن تحتسب ما تعمله من خير تحتسبه على الله، بمعنى: أن ترجو بذلك ثواب الله.
فنسأل الله تعالى أن يعيننا وإياكم على ذكره وشكره وحسن عبادته، وأن يجعل بقاءنا في هذه الدنيا رفعة في درجاتنا، وقربى وزلفى لديه، إنه على كل شيء قدير.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، والآن إلى الأسئلة ولكل واحد سؤال واحد فقط .

Webiste