تم نسخ النصتم نسخ العنوان
تتمة بَاب جَوَازِ حَلْقِ الرَّأْسِ لِلْمُحْر... - ابن عثيمينالشيخ : نعم ، قلنا إن الرأس لا يحل للمحرم حلقه ، إلّا إذا كان هناك أذى أو مرض ، فالأذى كما حصل لكعب بن عجرة رضي الله عنه حيث كان في رأسه قمل كثير يتناثر...
العالم
طريقة البحث
تتمة بَاب جَوَازِ حَلْقِ الرَّأْسِ لِلْمُحْرِمِ إِذَا كَانَ بِهِ أَذًى وَوُجُوبِ الْفِدْيَةِ لِحَلْقِهِ وَبَيَانِ قَدْرِهَا
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : نعم ، قلنا إن الرأس لا يحل للمحرم حلقه ، إلّا إذا كان هناك أذى أو مرض ، فالأذى كما حصل لكعب بن عجرة رضي الله عنه حيث كان في رأسه قمل كثير يتناثر على وجهه ، والمرض مثل أن يكون به صداع لا يزول إلّا بالحلق ، فيحلقه .
ولكن هل عليه فدية ؟
الجواب : في هذا تفصيل ، إن حلق الرأس كله وما يماط به الأذى فعليه فدية ، وإن كان قليلًا فلا فدية عليه ، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه احتجم وهو محرم ، والحجامة لا بد أن يحلق لمكانها ، ولم ينقل عنه أنه صلى الله عليه وسلم فدى .
وأما إذا كان الحلق يشمل الرأس كله أو أكثر الرأس أو ما يماط به الأذى فإنه يفدي .
والفدية قال الله تعالى فيها : ففدية من صيام أو صدقة أو نسك ، وهذا في القرآن مجمل ، وبيّنته السنة ، بأن الصيام : ثلاثة أيام ، والصدقة : إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع ، والنسك : ذبح شاة .
وهل يلحق بغير الرأس بقية الشعر ؟
في هذا خلاف بين العلماء ، منهم من يقول : إنه لا يلحق به ، لأنه ليس لنا أن نمنع إلّا ما منعه الله ورسوله ، وهو ما كان ربك نسيًّا ، ولو كان بقية الشعر محرّمًا لبينه الله عز وجل إما في القرآن وإما في السنة ، فما لم يرد فالأصل الحل .
وعلى هذا فلو حفّ الإنسان شاربه وهو محرم -على هذا القول- فلا شيء عليه ، لا إثم ولا كفارة ، لأن الأصل الحل ولم يرد ذلك إلّا في الرأس .
ولا يصح القياس ، ووجه أن القياس لا يصح هو أن شعر الرأس يتعلق به النسك ، بخلاف بقية الشعور ، فينهى عن حلق شعر الرأس لأنه سوف يؤمر الإنسان إذا انتهى من نسكه أن يحلقه أو يقصره .
أما بقية الشعور فلا علاقة لها في ذلك .
ومن باب أبعد وأولى بالحكم الأظافر ، هل يحرم قص الأظافر في الإحرام أم لا ؟
من العلماء من قال إنه يحرم ، وهذا المشهور عند الفقهاء ، ومن العلماء من قال : لا يحرم .
ولا يصح إلحاقه بالرأس لأنه لا يتعلق به نسك ولا يسمى شعرًا ، فلا يلحق به .
والذين قالوا بالإلحاق جعلوا العلة الترفّه ، وقالوا : إنه يترفّه بحلق الشارب ، وتقليم الأظفار وحلق العانة ونتف الإبط وما أشبه ذلك ، فالعلة الجامعة هي الترفه .
ولكن قد يعارض في هذا ، ويقال : من قال إن العلة الترفه ؟! فهذه علة لا تصح طردًا ولا عكسًا ، ولهذا لو أراد الإنسان أن يترفه وهو محرم بالمأكولات والمركوبات والمخيم والفراش ويغتسل صباحًا ومساءً فهل يمنع من ذلك ؟ لا يمنع مع أنه ترفه من أعظم الترفه ، فكوننا نلتمس علة لم ترد في القرآن ولا في السنة ونراها منتقضة ليست طريقة فقهية .
لكن على كل حال الاحتياط ما دام أن المنع من ذلك أي من أخذ الشعر من جميع البدن ، وأخذ الظفر هو رأي جمهور العلماء ، فالأولى أن نحتفظ بذلك ، لكن عندما يحصحص الحق فلا بد أن نقول : ما الدليل ؟ ولماذا نمنع عباد الله من شيء لم يمنعهم الله منه ؟
فإن قال قائل : لو انكسر ظفر وآذاه فهل يكون كالشعر إذا آذاه ؟
الجواب : نعم ، له أن يقصه لكن يقص المنكسر الذي يؤذيه فقط ، دونما زيادة .
بقي عندنا الفدية ، ذكرنا أنه إذا حلق رأسه كله أو ما يحصل به إماطة الأذى وإزالة الأذى فإنه يفدي بما ذكره الله في القرآن وبينته السنة ، وأما ما دون ذلك فليس فيه فدية ، لأنه عمل مباح ولا تتغير به الرأس تغيرًا بينًا ، وفوق هذا التعليل أنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه احتجم وهو محرم ، والحجامة لا بد من حلق الشعر في مكان القارورة ، لوم ينقل عنه أنه فدى .
وأما من قال من أهل العلم إنه إذا قطع ثلاث شعرات فدى وفيما دون ذلك في كل شعرة إطعام مسكين هذا قول لا دليل عليه .
واعلم أن إجابة شيء لفعل محذور أو ترك مأمور بدون دليل شرعي حرام عليك ، لأنك تريد أن تستلب من أموال الناس المحترمة ما يكون قيمة لهذه الفدية أو الكفارة ، والأصل في الأموال التحريم ، والحرمة ، فكيف نوجب على هذا العبد أن يخرج من ماله كذا وكذا بدون دليل ؟!
والذي أوجب الله فيه الأموال معروف ، إما زكاة وإما كفارات ، بينها الله عز وجل وما سكت الله عنه فهو عفو .
لكن كل هذا نقوله من الناحية النظرية ، أما من الناحية التربوية فإننا نرى أن يبقى الناس على ما يفتى به بينهم حتى يحترموا هذه المشاعر ، نعم .

السائل : شيخ بارك الله فيكم ، ذكرنا ما يماط به الأذى فإنه يفدي ، فإن حلق ما يماط به الأذى ، ولكنه حلق شيئاً قيليلا ؟

الشيخ : لا فرق لا فرق ، حتى لو قصّ فإنه يحرم عليه .

السائل : ولو شيئًا قليلًا ؟

الشيخ : ولو شيئًا قليلًا .

السائل : ما هو ضابط الاحتياط المشروع الذي يُسيوغ .... أن يقال أنه احتياط ؟

الشيخ : هو الذي يخشى من الناس أن التهاون فيه ، كما احتاط عمر رضي الله عنه في منع الرجل من الرجوع إلى زوجته إذا طلقها ثلاثًا ، لئلا يقع الناس في الطلاق الثلاث المحرم .

السائل : يعني يا شيخ يعني كل خلاف يحصل مع الجمهور مع أن ظاهر القول الذي يقول به الجمهور ظاهر الضعيف لا يستند إلى دليل ، لا صحيح ولا صريح ؟

الشيخ : ولكن ، لكن الناس مادموا ماشيين عليه ، ولسنا نقول أن هذا القول حرام ، فما داموا ماشيين عليه وفيه تعظيم للحرمات والشعائر ليبقوا على ما كانوا عليه ، لكن عندما نريد أن نحصحص المسألة ونبين لا بد أن نعلم الحكم على وجه مقعّد ، ولهذا لو قال قائل : ما هو الدليل على وجوب الدم لمن ترك واجبًا ؟
ما استطاع الإنسان أن يأتي بدليل واضح إلّا بأثر عن ابن عباس رضي الله عنه ، أثر لا يتمه ... أيضًا ، أو قياس على فعل على حلق الرأس .
لكن نحن نرى أن مثل هذه الأمور ما دام الناس سائرين فيها على احترام هذه الشعائر والمناسك وأننا لا نرى أن هذا حرام - يعني إيجاب الشيء عليهم ليس بحرام - إنما من باب الحرص على الاستقامة والردع عن التهاون ، وهذا له أصل .

السائل : فضيلة الشيخ ألا يكون في ذلك أيضا من باب آخر وضع ثقل وتكليف على المكلفين ؟

الشيخ : هذا ، هذه ما فيها وضع ، لأنه يستطيع الإنسان أن ينظر في كل قضية بعينها ، ويرفع الحرج عما وقع عليه .

Webiste