تم نسخ النصتم نسخ العنوان
تتمة تفسير الآية : (( حرمت عليكم أمهاتكم وبن... - ابن عثيمينتتمة تفسير الآية الكريمة:  حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة وأمها...
العالم
طريقة البحث
تتمة تفسير الآية : (( حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم ... )) .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
تتمة تفسير الآية الكريمة: حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة وأمهات نسآئكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسآئكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف إن الله كان غفورا رحيما .
وهذا الذي ذهب إليه الإمام أحمد رحمه الله هو الصحيح أنها خمس رضعات ، وفي الحديث " معلومات " فيفيد لو وقع الشك في عددها هل هي خمس أو أربع فلا عبرة به ، لا عبرة بهذه الرضاعة ، لأن الحديث قيد بماذا ؟ بمعلومات ، ومع الشك لا يثبت الحكم ، وهذا مما يطمئن الإنسان لما يفتي به الإنسان في هذه المسألة لأن كثيرا من الناس يأتي إلي يقول الرضاعة ثابت لكن ما ندري كم الرضاعة ، نقول الحمد لله مادام إن الحديث خمس رضاعات معلومات فإن ما شك فيه ليس معلوما وحينئذ لا يثبت به الحكم . بقي علينا أن ننظر هل يمكن إطلاق القرآن بالسنة ؟ أي نعم يمكن ، يمكن أن يقيد إطلاق القرآن بالسنة كما يخصص عموم القرآن كذلك بالسنة ، وأن نسخ القرآن بالسنة فالصحيح أنه ينسخ القرآن بالسنة إذا صحت ، لأن الكل من عند الله عزوجل قد ينسخ الله قوله بقوله وقد ينسخ الله قوله بقول رسوله صلى الله عليه وآله وسلم ، إذا المحرم كم ؟ خمس رضاعات معلومات ، فما هي الخمس أو ما هي الرضع على الأصح ما هي الرضع ؟ خمس رضعات مشبعات ، المشبعات ما في الحديث خمس رضعات مشبعات ؟ خمس رضعات فقال بعضهم: الرضعة المصة ، لقول: لا تحرم المصة ولا المصتان ومصة هي الرضعة ، ومعلوم أن الطفل إذا مص فقد رضع وأتاه اللبن بمصته ، وعلى هذا يمكن أن تكون الخمس في مجلس واحد وفي نفس واحد أو لا ؟ الطفل يمكن يمص خمس مرات في نفس واحد ؟ يمكن أن يمص خمس مرات والثدي في فمه ، ولكن هذا فيه شيء من الاشتباه ح لأن الإحاطة بهذا صعبة ، وقال بعض العلماء المراد بالرضعة التقام الثدي فمادام الصبي ملتقما بالثدي فهذه رضعة وإذا أطلقه بأي سبب من الأسباب فقد تمت الرضعة سواء أطلقه للتنفس أو لسماع صوت أزعجه أو لملل أمه من الجهة اليمنى وتتحوله إلى اليسرى أو ما أشبه ذلك ، المهم أن الرضعة التقام الثدي فمادام الطفل ملتقما للثدي فهي رضعة ، وإذا أطلقه لأي سبب فقد تمت الرضعة ، وعلى هذا يمكن أن تتم الخمس في مجلس واحد ، هذان القولان ، القول الثالث: أن الرضعة هي فعلة مما يعد رضعة أي وجبة بالرضاع كما تقول أكلة ، كما جاء في الحديث: إن الله ليرضى عن العبد يأكل أكلة فيحمد عليه هل الحمد كلما أكلت لقمة قلت الحمد لله أو عند الانتهاء ؟ عند الانتهاء ، فيكون الرضعة كالأكلة تماما ، فلابد أن تكون الرضعة الأخرى منفصلة عنها بزمن يعد انفصالا كأن تكون واحدة في الصباح وواحدة في السماء ووحدة في الليل وواحدة في السحر وما أشبه ذلك ، وهذا هو اختيار شيخنا عبد الرحمن ابن سعدي رحمه الله أن المراد بالرضعة ما انفصلت عن أختها انفصالا بينا لتكون رضعة كاملة ، وإذا قدرنا أن الحديث يحتمل المعاني الثلاثة وهي: المصة ، التقام الثدي ، الوجبة من الرضاعة ، فالأصل الحل حتى يقوم دليل بين على أن هذا الرضاع محرم ، وبناء على هذا الأصل يكون الراجح الثالث أو الأول أو الثاني ؟ الثالث وهو الأخير لأن نقول دلالة الحديث على المعنى الأول مشكلة فيها اشتباه ، وعلى المعنى الثاني فيها اشتباه ، وعلى المعنى الثالث تتفق الأقوال ما فيه اشتباه ، وحينئذ نأخذ بهذا لأن الأصل الحل حتى يثبت التحريم بقين ليرفع هذا الأصل ، إذا الآية اللاتي أرضعنكم مطلق مقيد بالسنة ، خمس رضاعات ، أيضا في الآية إطلاق آخر اللاتي أرضعنكم ظاهر الآية أنه يشمل الإرضاع في الصغر والإرضاع في الكبر فهل هذا مراد ؟ نقول نعم هذا مراد عند بعض العلماء عند الظاهرية مراد ، أن إرضاع الكبير كإرضاع الصغير واستأنسوا لقولهم بحديث السالم مولى أبي حذيفة حيث كان متضمنا عند أبي حذيفة من أبناءه الذين تبناهم في الجاهلية ، ومعلوم أنه إذا كان ابنا فسوف يدخل على البيت ليلا ونهارا وفي أقصى البيت وأدناه كالولد تماما ، فلما أبطل الله التبني جاءت امرأة أبي حذيفة إلى النبي عليه الصلاة والسلام وقالت إن سالما كان يدخل عليهم يعني ويشق علينا أن نتحرز منه ، فقال: أرضعيه تحرمي عليه يعني وإذا حرمت عليه جاز له أن ينظر إليك وأن يخلو بك وهو كبير ، وهذا الحديث مطابق لظاهر الآية فيكون شاهدا للإطلاق ، أعرفتم ؟ وقال بعض العلماء إنه لا يعبر الرضاع إلا إذا كان في الحولين ، لأن قوله: وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم أي إرضاع المعتبر شرعا وقد قال الله تعالى: والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين فما كان في الحولين فهو رضاع معتبر وما كان بعد الحولين فلا عبرة به ، لأن هذا هو زمن الإرضاع الذي قال الله تعالى فيه: اللاتي أرضعنكم وهذا هو المشهور عند أكثر أهل العلم وهو المشهور من مذهب الإمام أحمد أن العبرة بالحولين فيما كان قبلهما فهو رضاع معتبر وما كان بعدهما فليس بمعتبر ، قالوا: وهذا حد فاصل لا ي ... ، وعليه فلو أرضعته ثلاث مرات في يوم السبت والرابع في ضحى يوم الأحد والخامس بعد ظهر يوم الأحد لكن كانت ولادته عند زوال الشمس يعني يتم سنتين عند زوال الشمس فهل هذا الرضاع معتبر أو غير معتبر ؟ غير معتبر ، لأن الخامس وقع بعد الحولين فلا يعتبر مع أن الرابعة لم تتهضم بعد ، هي في معدته ولكن تمت السنتان ، كما أن الرجل قبل خمسة عشر سنة غير بالغ وبعدها بالغ يعني لو أن الشخص فعل شيئا يشترط فيه البلوغ ضحى اليوم الذي بلغ فيه فإنه لا يؤاخذ به وآخر النهار يؤاخذ به ، وقال بعض العلماء: المعتبر الفطام ، فما كان قبل الفطام فهو معتبر وما كان بعده فليس بمعتبر لحديث: لا رضاع إ لاما أنشز العظم وكان قبل الفطام وهذا وإن كان فيه شيء من النظر من حيث الصحة يعني أنه ضعيف ، لكنه يؤيده النظر لأن الإرضاع قبل الفطام يؤثر في نمو الولد وليس له إلا هذا الغذاء وبعد الفطام لا فرق بين الصغير والكبير في تأثير الرضاع ، لأنه إذا فطم وصار لا يأكل إلا الطعام لا فرق بينه وبين من له عشر سنوات ، تأثير الغذاء عنده اللبن كتأثيره عند صاحب عشر سنوات ، وهذا القول ـ أعني الحكم معلق بالفطام ـ اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، أن العبرة بالفطام ، وهذا من حيث المعنى كما سمعتم أصح ، لكن فيه شيء من العسر وذلك لعدم انضباطه لبعض الأحيان ، لأن الطفل ليس يفطم مرة واحدة بل يفطم شيئا فشيئا لصعوبة الفطام عليه . ولو قال قائل: باعتبار الأكثر من الفطام أو السنتين لم يكن هذا القول بعيدا ؟ يعني فإذا فطم قبل السنتين امتد الحكم إلى سنتين ، وإن تمت السنتان قبل فطامه امتد الحكم إلى فطامه ، لو قيل بهذا لكان جيدا لكن تعليقه بالفطام أصح من حيث المعنى ، لأنه إذا فطم لا يتغذى باللبن ، وليس معنى قولنا لا يتغذى منه إنه لا يستفيد منه ، لا الإنسان يستفيد من اللبن لو عمره خمسين سنة ، لو كان له خمسين سنة يستفاد من اللبن ، لكن لا يتغذى به ولا صار غذاء له إذا فطم . فإن قال قائل: ما الجواب عن إطلاق الآية وعن قصة سالم ؟ قلنا: أما إطلاق الآية فقد ذكرنا أنها مقيدة بعدد خمس رضاعات ، فهي تقيد بزمن أيضا وهو الحولين ، ثم إن ظاهر الآية أيضا يؤيد ما اشتراط الفطام لأنه قال: اللاتي أرضعنكم ومعلوم أن الكبار ليس من المراضيع قد فطموا وانتهوا ، فظاهره أن أرضعنكم يعني في وقت الرضاعة ، ونرد عليهم بالنسبة لقصة سالم مولى أبي حذيفة بأحد وجهين ، بل بثلاثة أوجه: إما أنها منسوخة ، أو مخصوصة خاصة به عينا ، أو مخصوصة به نوعا ، عرفتم ؟ منسوخة ، أو مخصوصة بعين ، أو مخصوصة به نوعا ، أما القول بأنها منسوخة فهذا ليس بشيء ، لأن الأصل عدم النسخ ولابد من إثبات بالتاريخ وتعذر الجمع ، وأما القول بأنها مخصوصة به عينا فضعيف أيضا ، لأن الله عزوجل لا يمكن أن يخص أحدا بحكم إلا لمعنى فيه حتى النبي عليه الصلاة والسلام ما خص به من الأحكام إلا لأنه نبي لا لأنه محمد بن عبد الله ، لأنه نبي ، فلابد من علة يتغير بها الحكم ويخصص به من اتصف بها ، وما المعنى الذي يخص به سالم حتى نقول إن الحكم لا يتعداه وأنه خاص به ؟ لأنه لو قلنا إن الحكم لا يتعداه وأن الحكم خاص به صار معناه أنه حكم له بذلك لأنه سالم مولى أبي حذيفة ، وهذا لا معنى له ، وعلى هذا فيضعف هذا القول أيضا أنه خاص به عينا ، بقي أن يكون خاصا به نوعا يعني فإذا يوجد حال مثل حال سالم ثبت الحكم ، ثبت الحكم وهذا لا يمكن الآن ، لا يمكن ، لماذا ؟ لأن ابن التبني بطل ما يمكن ، وعلى هذا فلا يريد علينا أبدا مادمنا قررنا أنه لا أحد يخصص عينا بحكم من شريعة الله لابد أن يكون هناك معنى يتعدى إلى نوعه ، وهذا لا يمكن ، لكن شيخ الإسلام رحمه الله لم يعتبر في بعض كلام له ، كلام الأول يوافق ما قلت إنه لابد مراعاة التبني ، ومعنى القول الثاني يعتبره الحاجة وأنه متى احتيج إلى إرضاع الكبير رضع وثبت حكم الرضاع ، ولكن قوله هذا ضعيف ، لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: إياكم والدخول على النساء قالوا يا رسول الله أرأيت الحمو من الحمو ؟ أخو الزوج أو عمه أو خاله أو ما أشبه ذلك ، قريبه قال الحمو الموت ومعلوم أن أخ الزوج يحتاج إلى الدخول إلى بيت أخيه لاسيما إذا كانوا في بيت واحد ، ولو كان إرضاع الكبير مؤثرا لقال الحمو ترضعه زوجة قريبه ليزول الحرج فلما لم يقل ذلك علم أن مطلق الحاجة لا يؤثر في ثبوت حكم رضاع الكبير ، وأنه لابد أن تكون حاجة خاصة نتمشى بها على كل ما حصل في قضية سالم مولى أبي حذيفة ، وإذا اعتبرنا ذلك صارت الآن غير موجودة ، وبهذا تسلم الأدلة من التعارض ويحصل الجمع بينهم . فيه أيضا أمهاتكم اللاتي أرضعنكم هل لابد من مباشرة الإرضاع بحيث لو صب اللبن في إناء وشربه الطفل لا يؤثر أو لا ؟ الجواب: لا ، ليس من الشرط أن يلتقم الثدي بل لو صب في إناء وشربه وفرق له ذلك خمس مرات ثبتت الرضاعة ، لأن المعنى في هذا موجود كما هو موجود في التقام الثدي ، هذا من حيث التغذي الطفل باللبن ، لكن يفقد منه الحنان والمحبة ن فإن الرضيع إذا كان يلتقم الثدي حصل من حنان المرضعة ومحبتها له ما لم يحصل فيما لو صب لبنها في إناء وأسقي لطفل ، فهل هذا معتبر وأن الشرع لاحظ التحريم بالرضاع لأنه يحصل من المرضعة مثل ما يحصل من أم النسب من المحبة والحنون ولذلك صارت هذه العلاقة مؤثرة ؟ أو أن المقصود تغذي الطفل باللبن ؟ هذا هو موضع الخلاف فيما أظن ، لكن الظاهر العموم يعني أنه لا فرق بين أن يرتضعه من ثدي المرضعة أو أن يصب في إناء ويشرب ، لأن الجسم يتغذى بهذا وهذا ، والله أعلم .

Webiste