تفسير قول الله تعالى : << يآأيها الذين ءامنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط و لا يجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى و اتقوا الله إن الله خبير بما تعملون >>
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
ثم قال الله عز وجل: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون . أولا في الآية قراءتان في شنآن قراءة بالسكون شنآن وقراءة بالفتح شنآن والظاهر ـ والله أعلم ـ أن سبب قراءة السكون هو التخفيف ، لأن شنآن فيها نوع من الثقل يتوالي الحركتين ، فإذا قيل شنآن صار ذلك أخف، على كل حال التعليل هذا تعليل لما وقع لا لما سيوقع بمعنى أنه ليس لنا أن نتصرف ونختار اللفظ الأسهل على اللسان لكن نعلل ما وقع من القراءات، لأن القراءة أيش ؟ توقيفية ، القراءة توقيفية ، فعلى هذا نقول فيها شنآن و شنآن . يقول الله عزوجل: يا أيها الذين آمنوا وسبق لنا مرارا مثل هذه الصيغة وبيان ما يترتب عليه . كونوا قوامين لله شهداء كونوا أمر، أمر بأن يكون، شرعي أو كوني ؟ شرعي نعم ، قوامين أي ذوي قيام ، وإنما قلت ذلك لئلا يقال إن الأمر في كثرة القيام وليس في القيام أصله ، فنقول: قوامين هنا التشديد فيها للنسبة وليست للكثرة ، ويحتمل أن يجعلها للكثرة باعتبار كثرة المخاطبين ، إذا كانوا بأمة فقام واحد بهذا وواحد بهذا وواحد بهذا صار المجموع كثيرة ، فصار قواما ، على كل حال إن جعلت فعالا للكثرة فهي باعتبار المجموع ، إذا كان كل واحد قائما بالقسط وهم أمة صح أن يقال قوامون ، وإن جعلتها غير مبالغة فهي بالنسبة أي كونوا ذوي قيام ، قوامين لله اللام هنا إشارة إلى الإخلاص أي اجعلوا قيامكم بالقسط أي بالعد لله عزوجل لا تخشوا بذلك أحدا ولا تهابوا بذلك أحدا . شهداء بالقسط شهداء نقول في إعرابها يجوز أن تكون حالا من فاعل قوامين قوامين حال كونكم شهداء ، ويجوز أن تكون خبرا ثانيا لكان لأن تعدد الخبر جائز ، قال الله تعالى: وهو الغفور الودود ذو العرش المجيد كم من خبر ؟ الغفور ، الودود ، ذو العرش ، المجيد ، أربعة نعم . شهداء لله شهداء جمع شهيد أو جمع شاهد ، المعنى أنكم إذا شهدتم فاشهدوا بالعدل، بالقسط أي بالعدل ، وقد جاء في الحديث: المقسطون على منابر النور على يمين الله عزوجل . ولا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا لا يجرمنكم أي لا يحملنكم شنآن أي بغض ، قوم هم الجماعة من الناس ، فإذا قيل قوم وذكر معهم النساء فالقوم للرجال والنساء للإناث ، كقوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن وإذا ذكر قوم وحدها صار شاملا للرجال والنساء ، لقد أرسلنا نوحا إلى قومه يعني الذكور والإناث . شنآن قوم على أن لا تعدلوا من يعرف على أن لا تعدلوا ؟ على حرف جر، لا ناهية ، ناهية ؟ لا ناهية ، نافية ؟ نافية جزمت الفعل ، أو زائدة ؟ نعم ؟
الشيخ : ابدأ من لا ؟ نافية ؟ أو ناهية ؟
الطالب : نافية ،
الشيخ : نافية ؟ طيب مش ؟ تعدلوا فعل مضارع منصوب بلن، وعلامة نصبه حذف النون التقدير ؟ على عدم عدلكم ، على عدم عدلكم توافقون على هذا ؟ نعم ، صح، على أن لا تعدلوا يعني لا يحملكم بغضهم على عدم العدل وهو الجور، ثم قال: اعدلوا حتى فيمن تبغض ؟ نعم ، حتى فيمن تبغض ، اعدلوا أي كونوا بالعدل، فما هو العدل ؟ العدل إعطاء كل ذي حق حقه ، هذا العدل ، " هو " أي العدل ، توافقون على هذا ؟ ما سبق ذكر العدل ؟ نقول العدل مفهوم من الفعل الذي هو اعدلوا لأن مرجع الضمير قد يكون منصوصا عليه بلفظه وقد يكون بلفظ دال عليه، هنا اعدلوا دال على أن الفعل مشتق من العدل فيكون " هو " أي عدل الذي أمرتم به أقرب للتقوى ولم يقل: هو التقوى ، بل قال: أقرب للتقوى وذلك لأن العدل قد يحمل عليه مخافة الله فيكون تقوى ، وقد تحمل عليه محبة الثناء عند الناس فلا يكون تقوى ، ولهذا جاءت الآية الكريمة: أقرب للتقوى . واتقوا الله بعد أن أمر بأن نكون قوامين ونهى أن يحملنا البغض على ترك العدل ثم أمر بالعدل قال: واتقوا الله وهذه كالطابع على ما سبق .
إن الله خبير بما تعملون الجملة هذه نقول فيها مثل قولنا فيما سبق إن الله عليم بذات الصدور يعني أنها جملة تتضمن التهديد لمخالفة التقوى . وقوله: إن الله خبير قالوا: إن الخبير أدق من العليم، لأنها ـ أي الخبير ـ من الخبء وهو العلم ببواطن الأمر ، ولذلك سمي الزراع خبيرا وسميت المزارعة مخابرة لأنه يدس الحب في الأرض فيختفي ، فالخبير هو العليم بخفايا الأمور . بما تعملون أي بالذي تعملونه من قول أو فعل ، وفائدة ذكر الله هذا هو أن يستقيم على أمره ، لأننا لو خالفنا أمره لكان عالما بنا سبحانه وتعالى .
الشيخ : ابدأ من لا ؟ نافية ؟ أو ناهية ؟
الطالب : نافية ،
الشيخ : نافية ؟ طيب مش ؟ تعدلوا فعل مضارع منصوب بلن، وعلامة نصبه حذف النون التقدير ؟ على عدم عدلكم ، على عدم عدلكم توافقون على هذا ؟ نعم ، صح، على أن لا تعدلوا يعني لا يحملكم بغضهم على عدم العدل وهو الجور، ثم قال: اعدلوا حتى فيمن تبغض ؟ نعم ، حتى فيمن تبغض ، اعدلوا أي كونوا بالعدل، فما هو العدل ؟ العدل إعطاء كل ذي حق حقه ، هذا العدل ، " هو " أي العدل ، توافقون على هذا ؟ ما سبق ذكر العدل ؟ نقول العدل مفهوم من الفعل الذي هو اعدلوا لأن مرجع الضمير قد يكون منصوصا عليه بلفظه وقد يكون بلفظ دال عليه، هنا اعدلوا دال على أن الفعل مشتق من العدل فيكون " هو " أي عدل الذي أمرتم به أقرب للتقوى ولم يقل: هو التقوى ، بل قال: أقرب للتقوى وذلك لأن العدل قد يحمل عليه مخافة الله فيكون تقوى ، وقد تحمل عليه محبة الثناء عند الناس فلا يكون تقوى ، ولهذا جاءت الآية الكريمة: أقرب للتقوى . واتقوا الله بعد أن أمر بأن نكون قوامين ونهى أن يحملنا البغض على ترك العدل ثم أمر بالعدل قال: واتقوا الله وهذه كالطابع على ما سبق .
إن الله خبير بما تعملون الجملة هذه نقول فيها مثل قولنا فيما سبق إن الله عليم بذات الصدور يعني أنها جملة تتضمن التهديد لمخالفة التقوى . وقوله: إن الله خبير قالوا: إن الخبير أدق من العليم، لأنها ـ أي الخبير ـ من الخبء وهو العلم ببواطن الأمر ، ولذلك سمي الزراع خبيرا وسميت المزارعة مخابرة لأنه يدس الحب في الأرض فيختفي ، فالخبير هو العليم بخفايا الأمور . بما تعملون أي بالذي تعملونه من قول أو فعل ، وفائدة ذكر الله هذا هو أن يستقيم على أمره ، لأننا لو خالفنا أمره لكان عالما بنا سبحانه وتعالى .
الفتاوى المشابهة
- (التعليق على هذه الأبيات ) واجعل لقلبك هجرتي... - ابن عثيمين
- الفرق بين القسط والعدل - الفوزان
- معنى الأصل الثاني عند المعتزلة وهو العدل. - ابن عثيمين
- ما هو الأثر الغربي في مسألة تعدد الزوجات؟ (وبي... - الالباني
- والعدل من أوصافه في فعله*** ومقاله والحكم با... - ابن عثيمين
- شرح قول المصنف : " ويأمره بتقوى الله وبأن يت... - ابن عثيمين
- تفسير قول الله تعالى : (( هو أقسط عند الله )) - ابن عثيمين
- هل يستدل بقوله تعالى : (( ولا يجرمنكم شنآن قوم... - الالباني
- خامسا: بيان وجوب العلم والعدل عند الكلام - ابن عثيمين
- العدل بالتقوى وخاصةً العدل بين الأبناء والزوجات - الفوزان
- تفسير قول الله تعالى : << يآأيها الذين ءامنو... - ابن عثيمين