تم نسخ النصتم نسخ العنوان
مقدمة بين يدي الدرس في نعمة العلم الشرعي ونع... - ابن عثيمينالشيخ : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم قال الله تبارك وتعالى :  ويا قوم إني أخاف عليكم يوم التناد  وقبل البدء في التفسير نقدم مقدمة نسأل الله سبحانه وتعال...
العالم
طريقة البحث
مقدمة بين يدي الدرس في نعمة العلم الشرعي ونعمة التفقه في الدين والعمل به مع ذكر بعض آداب طالب العلم .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم قال الله تبارك وتعالى : ويا قوم إني أخاف عليكم يوم التناد وقبل البدء في التفسير نقدم مقدمة نسأل الله سبحانه وتعالى أن ينفع بها.
فنقول: إن من نعمة الله سبحانه وتعالى على العبد أن يحبب إليه العلم، وذلك لأن العلم الشرعي مفتاح كل خير لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين وهذه بشرى لكل من فقهه الله في دينه وعلمه أن الله أراد به خيرا.
والفقه في الدين هو معرفة الأحكام الشرعية من أدلتها، ثم تطبيق هذه الأحكام التي علمها، لأن من لم يطبق فليس بفقيه، بل هو قارئ، ولهذا حذر عبد الله بن مسعود رضي الله عنه من أن يكثر القراء ويقل الفقهاء، فالفقيه في دين الله هو الذي يعلم شريعة الله ثم يطبقها على نفسه وعلى غيره بقدر استطاعته.
وطالب العلم عليه مسئولية كبيرة لأنه واسطة بين الخلق وبين الرسول صلى الله عليه وسلم، إذ أنه ينقل شرعية الرسول صلى الله عليه وسلم إلى أمته، ولهذا يجب أن يكون أسوة حسنة في عباداته وأخلاقه ومعاملاته، لأنه إذا كان أسوة حسنة في ذلك فقد أثمر العلم في حقه ثمراته الجليلة، ولأنه إذا كان أسوة للنبي صلى الله عليه وسلم في ذلك أحبه الناس، وألفوه واقتدوا به، وصار إماما، وإن لم يكن إماما كبيرا ولكنه إمام بحسب حاله، وكلما ازداد الإنسان علما وتمسكا بما علم ازداد احترام الناس له واقتدائهم به، وجعلهم إياه أسوة.
ثم إن طالب العلم يجب عليه الإخلاص لله عز وجل في طلبه، لأن الإخلاص هو أهم شيء، وهو الذي يكون به تحقيق ما أراده العبد، والإخلاص لله في طلب العلم أشار الإمام أحمد رحمه الله إلى شيء منه فقال: " العلم لا يعدله شيء لمن صحت نيته " قالوا: وبما تصحيح النية قال: " ينوي بذلك رفع الجهل عن نفسه وعن غيره " وهذا لا شك أنه من تصحيح النية، لكنه ليس كله تصحيح النية، بل هناك أشياء تجب ملاحظتها أيضا، وذلك بأن ينوي بطلب العلم امتثال أمر الله سبحانه وتعالى، لأن الله أمر بالعلم ورغب فيه فقال تعالى : فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وقال تعالى: يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات وهذا شيء مشاهد، بينوا لي تاجرا من أكبر التجار في عهد الأئمة الأربعة حصل له من رفع الذكر ما حصل لهؤلاء الأئمة الأربعة، لن تجدوا إلى ذلك سبيلا، فأهل العلم مرفوعون عند الله، ومرفوعون عند العباد، مرفوعون في حياتهم، مرفوعون بعد مماتهم، حتى وإن نال أحدا منه ما يناله من التعذيب أو المضايقة أو ما أشبه ذلك فإنه يزداد بذلك رفعة عند الله ورفعة عند العباد.
فأنت إذا نويت بطلبك للعلم امتثال أمر الله صارت كل حركة تتحركها في هذا المجال عبادة، إن راجعت الدرس فعبادة، وإن حفظت فعبادة، وإن مشيت فعبادة، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن من سلك طريقا يلتمس به علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة وهذه مسألة تغيب عنا كثيرا، كثيرا ما نراجع الكتب لتحقيق مسألة ما، ولكن يغيب عنا أننا الآن في عبادة نرجو بها ثواب الله، لكن إذا استحضر طالب العلم أنه يمتثل أمر الله سبحانه وتعالى بطلبه العلم، صار طلبه للعلم عبادة.
الثاني: أن ينوي بطلب العلم حفظ الشريعة، لأن الشريعة تحفظ برجالها، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : إن الله لا يقبض العلم انتزاعا من صدور الرجال، ولكن يقبضه بموت العلماء حتى إذا لم يجد الناس علماء يستفتونهم استفتوا أناسا جهالا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا إذن حفظ الشريعة يكون بالعلماء، برجالها، فانو بطلبك العلم حفظ الشريعة، ونعم الرجل أنت إذا كنت خزانة لشريعة الله عز وجل.
الثالث: أن ينوي بطلبه العلم حماية الشريعة والذود عنها، لأن الشريعة لها أعداء معلنون بعداوتهم، وأعداء يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول، فلها أعداء، فأنت انو بطلبك العلم حماية الشريعة والدفاع عنها، وإذا كان هذا مقصود طالب العلم فإنه سوف يختار الجهة التي يكون غزو أعداء المسلمين من ناحيتها، وعلى هذا يجب أن يكون على علم بما يجري في الساحة.

Webiste