تم نسخ النصتم نسخ العنوان
التعليق على تفسير الجلالين : (( فإن استكبروا... - ابن عثيمينثم قال تعالى:  فإن استكبروا  يعني عن عبادة الله والسُّجُود له فإن الله تعالى غني عنهم "  فإن استكبروا  عن السجود لله وحده  فالذين عند ربك  أي الملائكة  ...
العالم
طريقة البحث
التعليق على تفسير الجلالين : (( فإن استكبروا )) عن السجود لله وحده (( فالذين عند ربك )) أي الملائكة (( يسبحون )) يصلون (( له باليل والنهار وهم لا يسئمون )) لا يملون .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
ثم قال تعالى: فإن استكبروا يعني عن عبادة الله والسُّجُود له فإن الله تعالى غني عنهم " فإن استكبروا عن السجود لله وحده فالذين عند ربك أي الملائكة يسبحون يصلون له بالليل والنهار وهم لا يسئمون لا يمَلُّون " يعني: فإنِ استكبر هؤلاء عن عبادة الله فلله عبادٌ آخرون كما في قوله تعالى: فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكَّلْنَا بها قومًا ليسوا بها بكافرين ثم على فرْض أنه لا يُوجد عابد لله فإنَّ الله يقول: إن تكفروا فإن الله غني عنكم ومن كفر فإن الله غنِيٌّ عن العالمين فهنا شيئان: الشيء الأول أنْ يستكبِرَ طائفة من المخلوقين عن عبادة الله فإن استكبروا فهناك طائفة أخرى تعبد الله، الثاني: أن يستَكْبِرَ الكل وهذا محال حسب ما نعلم لكن على فرْض أنَّ جميع المخلوقات استكبرت عن عبادة الله فاللهُ غنِيٌّ عنها كل هذا أفصَحَ به القرآن، ومن كفر فإن الله غني عن العالمين إن تكفروا فإن الله غني عنكم فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين هذا إذا كفر بعضٌ وآمن بعض، فإن استكبروا فالذين عند ربك هذا إذا استكبر بعض وذَلَّ بعض، فإن استكبروا فالذين عند ربك يُسَبِّحون له بالليل والنهار جملة فالذين هي جواب الشرط وقُرِنَت بالفاء، لأنَّ ما بعدها لا يصِحُّ أن يكون فعلًا للشرط وهذه قاعدة: إذا كان جوابُ الشرط لا يستقيم أن يكون فعلًا للشرط وجَبَ اقترانُه بالفاء كما قال ابن مالك:
واقرِنْ بفا حتمًا جوابًا لو جُعِل شرطًا لـإنْ أو غيرِها لم ينجَعِل
وقد ذكر بعض الجامعين لِمَا يجب أن يقترن بالفاء جمعَ ذلك في بيت هو:
اسمية طلبية وبجامد وبـما وقد وبـلن وبالتنفيذ
طيب، فالذين عند ربك وهم الملائكة يسبحون له بالليل والنهار يقول المؤلف: " يسبحون أي يصلون " وهذا نعم له وجهة نظر لأنَّ السياق في السجود، ويمكن أن نقول: يسبحون بما هو أعم مِن الصلاة أي يقولون: سبحان الله والحمد لله وما أشبه ذلك مِن كُلِّ ما فيه تنزيهُ الله عز وجل عما لا يليق به، وقوله: يسبحون له أي لله، واعلم أنَّ التسبيح معناه التَّنْزِيه فما الذي يُنَزَّهُ الله عنه؟ يُنَزَّه الله تعالى عن كل نقص فهو عز وجل مُنَزَّهٌ عن كل نقص لا يمكن أن يعترِيَه النقص بأي حالٍ من الأحوال، ثانيًا: يُنَزَّه عن كُلِّ نقصٍ في كماله فلا نقصَ في سمعه ولا بصرِه ولا قدرته ولا قوته، الثالث: يُنَزَّه عن مُماثلة المخلوقين فلا يماثل المخلوق أبدًا بأي حالٍ من الأحوال، والتماثل بين الخالق والمخلوق مِن أكبر المحال، فما يُنَزَّه الله عنه إذًا ثلاثة أشياء: الأول النَّقص: لا يمكن أن يعترِيَه نقص إطلاقًا، والثاني: النَّقص في كماله فكمالَاتُه مِن علم وقدرة وحياة وسمع وبصر ورحمة وغير ذلك لا يمكن أن يعتَرِيَها نقص بأي حال من الأحوال، والثالث: مماثلة -ما نقول مشابهة- نقول: مماثلة المخلوقين لاحظوا هذه المسألة أكثر الذين يعبِّرون بمثل هذا يعبِّرون بالمشابهة وهذا ليس بصواب، الصواب أن نُعَبِّر بما عبَّر الله به عن نفسِه فقال: ليس كمثله شيء وقال: لا تضْرِبوا لله الأمثال ولم يذكُر التشبيه بأي حالٍ من الأحوال، ولهذا كان التعبير بنفي التَّمْثِيل هو الصواب دون التَشبيه، دليل هذا أنَّ الله مُنَزَّهٌ عن كل نقص وعَيْب، قوله: ولله المَثَل الأعلى الـمَثْل يعني الوصف لأنَّ المثل يُطلَق على ذلك كما في قوله تعالى: مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ [محمد:15] { يا عبد الله الأفغاني! انتبه} مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ مثل بمعنى وصفُها صِفَتُها: فيها أنهار مِن ماء غير آسِن إلى آخره، فإذا كان الله له المثل الأعلى أي الأَكْمَل لَزِمَ أن يكونَ مُنَزَّهًا عن كل نقص، أما النقص في كماله فيدُلُّ له قوله تبارك وتعالى: وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ [ق:38] أي مِن نقص على أنَّ هذه المخلوقات عظيمَةٌ جدًّا ومع ذلك ما لِحَق الله تعالى فيها نقص، وقال تعالى: أو لم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض ولم يعْيَ بخلقهن بقادر على أن يحيي الموتى ، طيب الثالث ما هو؟ مماثلة المخلوقين يقول الله عز وجل: ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ويقول جل وعلا: فلا تضْرِبُوا لله الأمثال إنَّ الله يعلم وأنتم لا تعلمون ويقول تعالى: فلا تجْعَلُوا لله أندادا وأنتم تعلمون ، طيب إذًا التسبيح بمعنى التنزيه والذي يُنَزَّه الله عنه ثلاثة أشياء عرفتموها الآن، يسبحون له بالليل والنهار الباء هنا بمعنى في، لأن المقصود بالليل يعني ظرف الليل وعلى هذا فتكون الباء بمعنى في كما في قوله تعالى: وإنكم لتمرون عليهم مصبحين * وبالليل أفلا تعقلون بالليل يعني في الليل، طيب وقوله: بالليل والنهار يعني إذًا كل وقت كل الوقت يسبِّحُون الله، ويقول عز وجل: وهم لا يسئمون هم مع كونهم مستغرقين الليل والنهار بتسبيح الله لا يسئَمُون أي لا يمَلُّون وكذلك لا يتعَبُون، لأنَّ الملل يكون من الضَّجَر والتعب وذُلّ النفس أمام ما يتحَمَّله الإنسان هؤلاء الملائكة عليهم الصلاة والسلام لا يسْئَمون طيب

Webiste