تم نسخ النصتم نسخ العنوان
شرح قول المصنف : وعن أنس ـ رضي الله تعالى عن... - ابن عثيمينالشيخ : وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:  إذا أراد الله بعبده الخير عجل له بالعقوبة في الدنيا، وإذا أراد بعبده الشر أمسك عنه بذ...
العالم
طريقة البحث
شرح قول المصنف : وعن أنس ـ رضي الله تعالى عنه ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا أراد الله بعبده الخير عجل له العقوبة في الدنيا , وإذا أراد بعبده الشر أمسك عنه بذنبه حتى يوافى به يوم القيامة ) .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا أراد الله بعبده الخير عجل له بالعقوبة في الدنيا، وإذا أراد بعبده الشر أمسك عنه بذنبه حتى يوافي به يوم القيامة .
أولا: قال الرسول عليه الصلاة والسلام: إذا أراد الله بعبده الخير استفدنا من هذا أن الله تعالى يريد بعبده الخير، ويريد به الشر، ولكن الشر المراد لله عز وجل ليس مرادا لذاته، الله تعالى لا يريد الشر لذاته، الدليل ؟ قول النبي صلى الله عليه وسلم: والشر ليس إليك ، ومن أراد الشر لذاته فالشر إليه بلا شك، لكنه سبحانه وتعالى يريد الشر لحكمة، وحينئذٍ يكون خيرا باعتبار ما يتضمنه من أين ؟ من الحكمة.
وقوله: إذا أراد الله بعبده الخير عجل له بالعقوبة إذا قال قائل: هناك خير أولى، وهو العفو عن الذنب، ما هو هذا أعلى ولا لأ ؟ يعني كون الله يعفو عن المرء لا يعاقبه في الدنيا ولا في الآخرة، لا شك أن هذا أولى، ولكن الرسول قال خيرا باعتبار الأمر الثاني، وهو أن تؤخر العقوبة إلى الآخرة، إذن فهو خير نسبي لا خير مطلق.
فإذا قال قائل: ما دليلكم على الأمر الثالث وهو العفو المطلق؟ قلنا: دليلنا ما في الكتاب والسنة من أن الله سبحانه وتعالى يعفو عن عبده المؤمن ولا يعاقبه، لقوله تعالى إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومعنى المغفرة لا عقوبة، فالخير إذن إذا أراد بعبده الخير ها ؟
الطالب : ...

الشيخ : ... الخير يعني النسبي، الخير بالنسبة لتعجيل العقوبة، عجل له بالعقوبة، وإنما كان تعجيل العقوبة خيرا لأنه يجوز، يعاقب في الدنيا ويمشي، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام في حديث المتلاعنين أيش قال لهما ؟ عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة مع أن عذاب الدنيا ... لامرأة هلال ... الرجم الرجم ، ... عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، الله أكبر. عجل له بالعقوبة في الدنيا العقوبة والعقاب معناه مؤاخذة المذنب بذنبه، وسميت معاقبة المذنب بذنبه عقابا، لأنها تعقب الذنب، ولكنه لا يقال إلا في الشر.
وقوله: عجل له بالعقوبة في الدنيا ، ما نوع هذه العقوبة ؟ العقوبة أنواع كثيرة منها ما يتعلق بالدين، ومنها ما يتعلق بالبدن، ومنها ما يتعلق بالأهل، ومنها ما يتعلق بالمال، وما هو أعظمها ؟ ما يتعلق بالدين، ومع الأسف أنه أخفها في نظر كثير من الناس.
مثال ذلك: رجل عصى الله عز وجل، وكانت المعصية في نفسه كبيرة جدا، ثم إنه خفت عليه هذه المعصية، عقوبة هذه ولا لأ؟ عقوبة، عقوبة بلا شك، لأن خفة المعاصي في قلب الإنسان تجعله يستمرؤها ويستهون بها، وحينئذٍ يناله العقوبات الكثيرة، هذه من المصائب، كذلك أيضا تهاون الإنسان بترك الواجب من المصائب، عدم غيرته على حرمات الله من المصائب، عدم قيامه بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من المصائب، هذه عقوبات ما أحد يفطن لها في الحقيقة وهي عقوبات أنكى من العقوبات الحسية، إذ أن العقوبات الحسية ربما يتفطن الإنسان ويتذكر، لكن هذه قد لا يتفطن لها إلا من هداه الله سبحانه وتعالى ووفقه، أما العقوبة بالنفس بالبدن فمثل الأمراض، يصاب الإنسان بأمراض كثيرة، قد تكون عقوبة لما حصل منه من المعاصي بتفريط في واجب أو انتهاك لمحرم، فتكفر عنه هذه المصائب، فتكفر عنه هذه الذنوب.
العقوبة بالأهل واضحة، يصاب الإنسان بعقوبة في أهله إما بأمراض تعتريهم، وإما بفقدانهم أو بغير ذلك.
بالمال كذلك بنقصه أو تلفه أو تعب الإنسان وراءه، وما أشبهه.
وإذا أراد بعبده الشر أمسك عنه بذنبه أمسك عنه، كيف؟ فعل، وهل يوصف الله بالإمساك؟ الجواب: نعم، يوصف، لأن أفعال الله لا نهاية لها، فكل فعل يفعله فإنه يوصف به، ولهذا نقول: الصفات الفعلية تشمل كل أفعال الله عز وجل، وقد قال الله تعالى: ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه فأثبت الإمساك، إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا هذه آية أخرى، لكن هذه ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه .
قال: أمسك عنه بذنبه حتى يوافي به يعني: يلاقي الله به يوم القيامة، أو حتى يوافي به يعني يوافي به الله عز وجل، يوافي به الفاعل يوم القيامة، فهي إما أن تكون بمعنى يلاقي به الله، أو بمعنى أن الله يوافيه به، يعني: يوفيه إياه يوم القيامة، وهو الذي يقوم فيه الناس من قبورهم لرب العالمين، وسمي بيوم القيامة، نعم؟
الطالب : ...

الشيخ : لأمور ثلاثة: أولا قيام الناس من قبورهم لرب العالمين، والثاني: قيام الأشهاد ويوم يقوم الأشهاد ، والثالث قيام العدل.
الغرض من سياق المؤلف لهذا الحديث بيان أو تسلية الإنسان إذا أصيب بمصائب، تسليته إذا أصيب بالمصائب أن لا يجزع، فإن ذلك قد يكون خيرا له، ولا ريب أن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم في المتلاعنين، قال لهما عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة وما الذي به يحصل من عذاب الدنيا في قضية المرأة التي لاعنها زوجها؟ الرجم يعني أعلى أنواع العقوبة في الدنيا هو الرجم، ومع ذلك قال عليه الصلاة والسلام إنه أهون من عذاب الآخرة، فبين الرسول عليه الصلاة والسلام أن كل العقوبات التي تحصل في الدينا فهي بالنسبة للآخرة ليست بشيء، أهون، فإذا أصبت بمصيبة فقل الحمد لله الذي لم يؤخر عقوبتي إلى الآخرة، قد يكون خيرا لك كما في هذا الحديث. ثم اعلم أيضا أنه لو قدر على الفرض الممتنع والعلم عند الله أن أحدا لم يأت بخطيئة، وأصيب بمصيبة فإننا نقول هذه المصيبة قد تكون من باب الامتحان، امتحان العبد على الصبر، لكن لا يجوز للإنسان إذا أصيب بمصيبة وهو يرى أنه لم يخطئ يقول أنا والله ما أخطأت، فيعد نفسه من المقربين، هذه تزكية، لكن أنا أقول لو فرضنا أن أحدا من الناس لم يصب ذنبا، ثم أصيب بمصيبة فإن هذه المصيبة لا تلاقي ذنبا تكفره، لكنها تلاقي قلبا تمحصه حتى يبتلى الإنسان بالمصائب، لينظر من ابتلاه سبحانه وتعالى هل يصبر أو لا يصبر، ولهذا كان أخشى الناس لله وأتقاهم له محمد صلى الله عليه وسلم يوعك كما يوعك الرجلان منا، السبب؟ لأجل أن ينال أعلى درجات الصبر، حتى يصبر على هذا البلاء الذي لا يصاب به أحد، كما يوعك الرجلان، فينال بذلك مرتبة الصابرين على أعلى وجوهها، وشُدد عليه صلى الله عليه وسلم حين النزع أشد ما يكون كل ذلك ليصل إلى أعلى درجات الصبر، ومع ذلك مع هذه الشدة العظيمة تجده ثابت القلب، دخل عليه عبد الرحمن بن أبي بكر ومعه مسواك يتسوك به، فأمده بصره، يعني مد إليه بصره ينظر إليه، فعرفت عائشة رضي الله عنها أنه يريد السواك، فقالت آخذه لك ؟ فأشار برأسه نعم، فأخذت السواك وقضمته وعلكته حتى ألانته للرسول صلى الله عليه وسلم فأعطته إياه، فاستن به، تقول: ما رأيته استن استنانا أحسن منه، ثم رفع يده وقال: في الرفيق الأعلى حتى مالت ... عليه الصلاة والسلام فانظر إلى هذا الثبات واليقين والصبر العظيم مع هذه الشدة العظيمة، هذا لأجل أن يتبين، أو لأجل أن يصل الرسول عليه الصلاة والسلام إلى أعلى درجات الصابرين، صبرَ لله، وصبر في الله، وصبر بالله عليه الصلاة والسلام حتى نال أعلى الدرجات.
فأقول: أنت يا أخي المسلم إذا أصبت بمصائب وحدثتك نفسك أن مصائبك أعظم من معائبك، فإياك أن تقول هكذا، احذر من هذا، لأنك بهذا تُدل على ربك بعملك، وتمن عليه بطاعتك، ومع ذلك نقول لو فرض أن هذا الأمر هو الواقع، فإن هذه المصائب خير لك، تنال بها أيش؟ درجات الصابرين العليا. فهذان أمران أحدهما أن إصابة الإنسان بالمصائب تعتبر تكفيرا لسيئاته، وتعجيل العقوبة له في الدنيا خير من تأخيرها إلى الآخرة هذه واحدة. ثانيا: قد تكون المصائب أكثر من المعايب، ولكن من أجل أن يبتلى المرء حتى يصل بصبره إلى أعلى درجات الصابرين، لأن الصبر كما ترون درجة عالية ما هي هينة ، " الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد " مهم جدا، فهذا هو ما يتضمنه هذا الحديث العظيم.
وقال صلى الله عليه وسلم، نعم؟

السائل : الإمساك ... .

الشيخ : لا، حقيقة، أمسك عنه بذنبه يعني أخّره، يعني: أنت تظن أن الإمساك باليد؟ لا، أبدا الإمساك في كل شيء بحسبه، لو قال أمسك بيده صحيح يبقى مشكل، أما إذا قال أمسك فإنه قد يقال أمسك عن الكلام امتنع، أمسك لسانه بيده؟! سكت، كل موضع بحسبه.

السائل : ما ورد أن المؤمن عند النزع تنزع روحه كالشعر من العجين؟

الشيخ : بلى بلى، تسهل عليه مع شدة النزع، يكون الألم البدني شديدا، لكن خروج الروح سهلا، لأنها تبشر بالرحمة فيسهل لها الانقياد، فيكون سهلا، يعني نزع الروح يكون سهلا، لكن مع الألم، ما يمنع من الألم، بخلاف والعياذ بالله الكافر إذا بشر بالغضب والنار فإن الروح تأبى أن تخرج، وتتفرق في البدن، لأنه والعياذ بالله تبشر بما يسوؤها ويريعها، ولهذا انظر إلى سياق الآية الكريمة في ... ولو ترى الظالمين في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم أخرجوا كأنهم يشحون بها فيمنعونها، فيقولون أخرجوا، مثل ما يقول الإنسان للمماطل أعطني ديني، نعم.

Webiste