طيب وقوله { إنهم يكيدون كيدا وأكيد كيدا } إنهم أي كفار مكة يكيدون للرسول صلى الله عليه وسلم كيدا ، كيدا لا نظير له في التنفير منه ومن دعوته ولكن الله تعالى يكيد كيدا أعظم وأشد ، { وأكيد كيدا } يعني كيدا أعظم من كيدهم ومن كيدهم ومكرهم ما ذكره الله في سورة الأنفال: { وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك } ثلاثة آراء { يثبتوك } يعني يحبسوك { يقتلوك } يعدموك { يخرجوك } يطردوك ، ثلاثة آراء وكان رأي القتل أفضل الآراء عندهم بمشورة إبليس، لأن إبليس جاءهم بصورة شيخ نجدي وقال لهم :أريد أن أعطيكم العلم انتخبوا عشرة شبان من عشر قبائل من قريش وأعطوا كل واحد سيفاً ثم يعمِدوا إلى محمد فيقتلوه قِتلة رجل واحد ، الجميع فيضيع دمُه في القبائل، عشر قبائل من العرب فلا تستطيع بنو هاشم أن تقتل واحدا من هؤلاء الشبان لأن كل واحد له قبيلة وحينئذ يلجئون إلى أيش ؟ إلى الدية وتسلمون منهم فقالوا هذا الرأي هذا الرأي، وأجمعوا على ذلك ولكنهم مكروا مكرا والله تعالى يمكر قال: { ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين } ما حصل لهم الذي يريدون بل إن الرسول عليه الصلاة والسلام خرج من منامِه يذر على رؤوسهم التراب على رؤوس العشرة هؤلاء نعم ويقرأ : { وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون} هؤلاء ينتظرون الرسول عليه الصلاة والسلام يخرج فخرج من بينهم ولم يشعروا به، نعم شف سبحان الله العظيم ، إذن صار مكر الله عز وجل أعظم من مكرهم لأنه أنجى رسوله منهم وهاجر.
طيب هنا { يكيدون كيدا وأكيد كيدا }نقول فيها ما قلنا في : { مكروا مكرا ومكرنا مكرا } يعني أن التنكير فيها للتعظيم وكان كيد الله عز وجل لهم أعظم من كيدهم لرسوله صلى اله عليه وسلم وهكذا يكيد الله عز وجل لكل من انتصر لدينه فإنه عز وجل يكيد له ، ويؤيده قال الله تعالى { كذلك كدنا ليوسف } كدنا له يعني عملنا عملا حصل به مقصوده دون أن يشعر من كان عنده ، وهذا من فضل الله عز وجل على المرء أن يقيه شر خصمه على وجه الكيد والمكر بهذا الخصم الذي أراد الإيقاع فإذا قلت ما هو تعريف المكر والكيد والمحال؟ فإن تعريفه عند أهل العلم أنه التوصل بالأسباب الخفية شف التوصل بالأسباب الخفية إلى الإيقاع بالخصم، يعني أن تُوقع بخصمك بأسباب خفية ما يدري عنها ما يدي عنها هذا هو الكيد وهو في محله صفة كمال وفي غير محله صفة نقص لكنه في غير محلِه له اسم آخر