تم نسخ النصتم نسخ العنوان
تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى ف... - ابن عثيمينالشيخ :  يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم يا عبادي كلكم عارٍ إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم  هاتان الجملتان الجوع والعري ذكرهما الله عز ...
العالم
طريقة البحث
تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... ( يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته، فاستهدوني أهدكم، يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته، فاستطعموني أطعمكم، يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم ) ... " .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم يا عبادي كلكم عارٍ إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم هاتان الجملتان الجوع والعري ذكرهما الله عز وجل بعد أن ذكر الهداية لأن الهداية فيها غذاء القلب بالعلم والإيمان والجوارح بالعمل الصالح وأما الطعام والشراب وأما الطعام والكسوة ففيه غذاء البدن لأن البدن لا يستقيم إلا بالطعام ولا يستتر إلا بالكسوة ولهذا قال يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم وصدق ربنا عز وجل كلنا جائع إلا من أطعمه الله ولولا أن الله تعالى يسّر لنا ما يكون به طعامنا لهلكنا يقول الله تعالى مبينا ذلك في سورة الواقعة أفرأيتم ما تحرثون أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون الجواب بل أنت يا ربنا الذي زرعته لأن الله يقول لو نشاء لجعلناه حطاما فظلتم تفكهون إنا لمغرمون بل نحن محرومون وتأمل كيف قال لو نشاء لجعلناه حطاما ولم يقل لو نشاء ما أنبتناه لأنه إذا نبت وشاهده الناس تعلقت قلوبهم به فإذا جعل حطاما بعد أن تعلقت به القلوب صار ذلك أشد نكاية فلهذا قال لو نشاء لجعلناه حطاما ولم يقل لو نشاء ما أنبتناه أفرأيتم الماء الذي تشربون أأنتم أنزلتموه من المزن يعني من السحاب أم نحن المنزلون لأن الماء الذي نشرب من السحاب ينزله الله عز وجل على الأرض فيسلكه ينابيع يدخله في الأرض ويجري فيما تحت الأرض كالأنهار ثم يستخرج بالأدوات التي سخرها الله عز وجل للناس في كل وقت بحسبه وهذا من حكمة الله عز وجل أن استودع الماء في بطن الأرض لو بقي على ظهر الأرض لفسد وأفسد الهواء وأهلك المواشي بل وأهلك الآدميين من رائحته ونتنه ولكن الله عز وجل بحكمته ورحمته جعل هذه الأرض تشربه ويسلكه ينابيع فيها حتى تأتي حاجة الناس إليه فيحفرونه فيصلون إليه أفرأيتم الماء الذي تشربون أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون والله هو الذي أنزله عز وجل لو اجتمع الأمة الناس كلهم على أن ينزلوا قطرة من السماء ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا ولكن الله عز وجل هو الذي ينزله بقدرته ورحمته إذن نحن لا نطعم شيئا لا من طعام لا من مأكول ولا من مشروب إلا بالله عز وجل ولهذا قال كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم
واستطعام الله عز وجل يكون بالقول وبالفعل
أما بالقول فأن تسأل الله عز وجل أن يطعمك وأن يرزقك
وأما بالفعل فله جهتان:
الجهة الأولى العمل الصالح فإن العمل الصالح سبب لكثرة الأرزاق وسعتها قال الله عز وجل ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون وقال تعالى ولو أن أهل الكتاب آمنوا واتقوا لكفرنا عنهم سيئاتهم ولأدخلناهم جنات النعيم ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم من فوقهم من ثمار الأشجار ومن تحت أرجلهم من ثمار الزروع المهم أن هذا من أسباب إطعام الله
الجهة الثانية جهة الاستطعام الفعلي أن نحرث الأرض ونحفر الآبار نستخرج المياه نزرع الحبوب نغرس الأشجار وما أشبه ذلك فالاستطعام إذن يكون بالقول ويكون بالفعل والفعل له جهتان الجهة الأولى العمل الصالح والجهة الثانية الأسباب الحسية المادية كالحرث وحفر الآبار وما أشبه ذلك وقوله جل ذكره فاستطعموني أطعمكم هذه جواب شرط مقدر أو جواب الأمر الذي كان في الشرط يعني أنك إذا استطعمت الله فإن الله يطعمك لكن استطعام الله عز وجل يحتاج إلى أمر مهم وهو حسن الظن بالله جل وعلا أن تحسن الظن بربك أنك إذا استطعمته أطعمك أما أن تدعو الله وأنت غافل لاهي أو تفعل الأسباب وأنت معتمد على قوتك لا على ربك فإنك قد تكون مخذولا والعياذ بالله ولكن استطعم الله وحده استطعموني أطعمكم يا عبادي كلكم عارٍ إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم كلكم عارٍ إلا من كسوته لأن الإنسان يخرج من بطن أمه ليس عليه ثياب مجردا لا ثياب ولا شعر يكسوه كما يكون في الحيوان وهذه من حكمة الله عز وجل من حكمة الله أن الله جعلنا نخرج بادية أبشارنا جلودنا بادية حتى نعرف أننا محتاجون إلى كسوة تستر عوراتنا حسا كما أننا محتاجون إلى عمل صالح يستر عوراتنا معنى لأن التقوى لباس كما قال تعالى ولباس التقوى ذلك خير فأنت انظر في نفسك محتاج إلى الكسوة الحسية لأنك عارٍ كذلك أيضا محتاج إلى الكسوة المعنوية وهي العمل الصالح حتى لا تكون عاريا حتى لا تكون عاريا ولهذا ذكر بعض العابرين للرؤيا أن الإنسان إذا وجد رأى نفسه في المنام عاريا فإنه يحتاج إلى كثرة الاستغفار لأن هذا دليل على نقصان تقواه فإن التقوى لباس على كل حال نحن عراة إلا بكسوة الله عز وجل وقد سخّر الله لنا من الكسوة ما نكسو به أبداننا ولله الحمد من أصناف اللباس المتنوع من كل نوع لاسيما في البلاد الغنية التي ابتلاها الله عز وجل بالمال فإن المال في الحقيقة فتنة يخشى على الأمة منه كما قال محمد صلى الله عليه وسلم والله ما الفقر أخشى عليكم وإنما أخشى عليكم أن تفتح عليكم الدنيا فتنافسوها كما تنافسها من قبلكم فتهلككم كما أهلكتهم المال ابتلاء بلوى يحتاج إلى صبر على أداء ما يجب فيه وإلى شكر على ما يجب له على كل حال أقول إن الله سبحانه وتعالى منّ علينا باللباس ولولا أن الله يسره لنا ما تيسر لو نظرت في الخلق في وقتك الآن وتأملت لوجدت كما سمعنا من يبيتون عراة ليس على أبدانهم ما يسترهم ربما يسترون السوءة بالأشجار ونحوها وليس عليهم ما يسترهم من الذي سترك ومنّ عليك هو الله ولهذا عز وجل قال يا عبادي كلكم عارٍ إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم ونقول في قوله استكسوني أكسكم كما قلنا في قوله استطعموني أطعمكم يعني أن الاستكساء يكون بالقول ويكون بالفعل أما القول فأن تسأل الله عز وجل أن يكسوك وإذا سألت الله أن يكسو بدنك حسا فاسأل الله أن يكسو عورتك المعنوية بالتوفيق لطاعة الله
الثاني الاستكساء بالفعل وذلك على وجهين الوجه الأول بالأعمال الصالحة والوجه الثاني بفعل الأسباب الحسية التي تكون بها الكسوة من إحداث المعامل والمصانع وغير ذلك
وفي الربط بين الجوع والكسوة والهداية مناسبة لأن الجوع في الحقيقة كسوة البدن باطنا فإن الجوع والعطش معناه خلو المعدة من الطعام والشراب وهذا تعرٍ لها والكسوة ستر البدن ظاهرا والهداية الستر المهم المقصود وهو ستر القلوب والنفوس من عيوب الذنوب والله الموفق
القارئ : نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق حديث أبي ذر " يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعا فاستغفروني أغفر لكم يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني يا عبادي "

Webiste