تم نسخ النصتم نسخ العنوان
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى : " با... - ابن عثيمينالشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم.قال المؤلف رحمه الله تعالى: " باب في الأمر بالمحافظة على السنة واتباعها " السنة يراد بها: سنة الرسول صلى الله عليه وسلم و...
العالم
طريقة البحث
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى : " باب في الأمر بالمحافظة على السنة وآدابها ... وقوله تعالى : (( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم )) وقال تعالى : (( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما )) ... " .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: " باب في الأمر بالمحافظة على السنة واتباعها " السنة يراد بها: سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وهي طريقته التي كان عليها في عباداته وأخلاقه ومعاملاته هذه هي السنة، ويطلق الفقهاء السنة على العمل الذي يترجح فعله على تركه، وهو الذي يثاب على فعله ولا يعاقب على تركه، ولا شك أن الرسول عليه الصلاة والسلام بعثه الله تعالى بالهدى ودين الحق، الهدى هو العلم النافع، ودين الحق هو العمل الصالح، فلا بد من علم ولا بد من عمل، ولا يمكن أن يحافظ الإنسان على سنة الرسول صلى الله عليه وسلم إلا بعد أن يعلمها، وعليه فيكون الأمر بالمحافظة على السنة أمرًا بالعلم وطلب العلم، وطلب العلم ينقسم إلى قسمين بل إلى ثلاثة: فرض عين، وفرض كفاية، وسنة، أما فرض العين فهو علم ما تتوقف العبادة عليه، يعني العلم الذي لا يسع المسلم جهله، مثل العلم بالوضوء بالصلاة بالزكاة بالصيام بالحج وما أشبه ذلك، فالذي لا يسع المسلم جهله تعلمه فرض عين، ولهذا مثلًا نوجب على هذا الشخص أن يتعلم أحكام الزكاة لأنه ذو مال، ولا نوجب على الآخر أن يتعلم الزكاة لأنه ليس ذا مال، كذلك الحج نوجب على هذا أن يتعلم أحكام الحج لأنه سوف يحج، ولا نوجب على الآخر أن يتعلمها لأنه ليس بحاج، أما فرض الكفاية فهو العلم الذي تحفظ به الشريعة، يعني هو العلم الذي لو ترك لضاعت الشريعة، فهذا فرض كفاية إذا قام به من يكفي سقط عن الباقين، فإذا قُدر أن واحدًا في البلد قد قام بالواجب في هذا الأمر وتعلم وصار يفتي ويدرس ويعلم الناس صار طلب العلم في حق غيره سنة، وهو القسم الثالث، إذًا طالب العلم يدور أجره بين أجر السنة وأجر فرض الكفاية وأجر فرض العين، والمهم أنه لا يمكن المحافظة على السنة وآدابها إلا بعد معرفة السنة وآدابها، ثم ذكر المؤلف آيات من كتاب الله عز وجل منها قوله تعالى: قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله هذه الآية يسميها بعض العلماء آية المحنة أي: آية الامتحان، لأن الله تعالى امتحن قومًا ادعوا أنهم يحبون الله، قالوا: نحن نحب الله دعوى يسيرة لكن على المدعي البينة، قال الله تعالى: قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني فمن ادعى محبة الله وهو لا يتبع الرسول عليه الصلاة والسلام فليس صادقًا بل هو كاذب، فعلامة محبة الله سبحانه وتعالى أن تتبع رسوله صلى الله عليه وسلم، واعلم أنه بقدر تخلفك عن متابعة الرسول يكون نقص محبتك لله، ثم ما الجواب؟ لما قال: قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني الجواب: يحببكم الله وهذه هي الثمرة، الثمرة أن الله يحبك لا أن تدعي محبة الله، فإذا أحبك الله فإنه لن يحبك إلا وأنت أتيت ما يحب، وهذه هي الثمرة فليس الشأن أن يقول القائل: أنا أحب الله ولكن الشأن كل الشأن أن يكون الله عز وجل يحبه، نسأل الله أن يجعلني وإياكم من أحبابه، هذا هو الشأن، وإذا أحب الله الشخص يسر له أمور دينه ودنياه، ورد في الأثر أن الله تعالى إذا أحب شخصًا نادى جبريل إني أحب فلانًا فأحبه، فيحبه جبريل، ثم ينادي في أهل السموات إن الله يحب فلانًا فأحبوه، فيحبه أهل السموات، ثم يوضع له القبول في الأرض فيحبه أهل الأرض ويقبلونه ويكون إمامًا لهم، إذًا محبة الله هي الغاية، ولكنها غاية لمن غاية لمن كان يتبع الرسول صلى الله عليه وسلم أليس كذلك؟ نعم غاية لمن كان يحب الرسول صلى الله عليه وسلم، غاية لمن يتبع الرسول صلى الله عليه وسلم فمن اتبع الرسول صلى الله عليه وسلم أحبه الله، ويأتي بقية الكلام على الآيات إن شاء الله.
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: " باب في الأمر بالمحافظة على السنة وآدابها قال الله تعالى: وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا وقال تعالى: وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى وقال تعالى: قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم وقال تعالى: لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وقال تعالى: فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجًا مما قضيت ويسلموا تسليمًا ".

الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: " باب الحث على اتباع السنة وآدابها " السنة هي سنة النبي صلى الله عليه وسلم كما سبق، وهي أقواله وأفعاله وإقراراته وتشمل بهذا التفصيل المستحب والواجب، ثم ساق المؤلف آيات منها قوله تعالى: وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا وهذه الآية في سياق قسمة الفيء يعني المال الذي يؤخذ من الكفار يقول الله عز وجل: وما آتاكم الرسول يعني ما أعطاكم من المال فخذوه ولا تردوه وما نهاكم عنه فانتهوا ولا تأخذوه، ولهذا بعث النبي عليه الصلاة والسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه على الصدقة في سنة من السنوات فلما رجع أعطاه، فقال يا رسول الله تصدق به على أفقر مني، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه، وما لا فلا تتبعه نفسك فما أعطانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنا نأخذه وما نهانا عنه انتهينا عنه، وهذه الآية وإن كانت في سياق قسمة الفيء فإنها كذلك بالنسبة للأحكام الشرعية، أن ما أحله النبي صلى الله عليه وسلم لنا فإننا نقبله ونعمله على أنه حلال، وما نهانا عنه فإننا ننتهي عنه ونتركه ولا نتعرض له، فهي وإن كانت في سياق الفيء عامة تشمل هذا وهذا، ثم ذكر أيضًا قوله تعالى: لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر الأسوة القدوة، والحسنة ضد السيئة، والنبي عليه الصلاة والسلام هم أسوتنا وقدوتنا ولنا فيه أسوة حسنة، فكل شيء نتأسى به برسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه خير وحسن ويشمل قوله تعالى: لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة يشمل معنيين: المعنى الأول: أن كلما فعله فهو حسن فالتأسي به حسن، الثاني: أننا مأمورون بأن نتأسى به أسوة حسنة لا نزيد عما شرع ولا ننقص عنه، لأن الزيادة أو النقص ضد الحسن، فنحن مأمورون بأن نتأسى به، وكل شيء نتأسى به فيه فإنه حسن، وأخذ العلماء من هذه الآية أن أفعال النبي صلى الله عليه وسلم حجة يحتج بها ويقتدى به فيها إلا ما قام الدليل على أنه خاص به، فما قام الدليل على أنه خاص به فهو مختص به، مثل قوله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ إلى أن قال: وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ فما كان من خصائصه فهو من خصائصه، ومن ذلك أيضًا الوصال في الصوم، يعني أن يسرد الإنسان صوم يومين بلا فطر فإن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنه، قالوا: يا رسول الله إنك تواصل يعني فكيف تنهانا؟ فقال : إني لست كهيأتكم إني أطعم وأسقى وفي لفظ إني أبيت عند ربي يطعمني ويسقيني يعني يطعمه الله ويسقيه يما يمده به من ذكره وتعلق قلبه به حتى ينسى الأكل والشرب ولا يهمه، ونحن نعلم الآن أن الرجل لو شغل بأمر من أمور الدنيا نسي الأكل والشرب، حتى إن الشعراء يتمثلون بهذا يقول:
" لها أحاديث من ذكراك تشغلها *** عن الشراب وتلهيها عن الزاد "
يعني أن أحاديثها بك إذا قامت تتحدث ألهاها عن الشراب وعن الزاد، فالنبي عليه الصلاة والسلام لقوة تعلقه بربه إذا قام من الليل يتهجد فإن الله تعالى يعطيه قوة بما يحصل له من الذكر تكفيه عن الأكل والشرب، أما نحن فلسنا كهيئته ولهذا منع الوصال وبين أنه من خصائصه صلى الله عليه وسلم، وذكر المؤلف أيضًا قوله تعالى: فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم إلى آخر الآية وسنتكلم عنها إن شاء الله في الدرس القادم لأنها مهمة وفيها فوائد عظيمة.
القارئ : نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق ذكر الآيات في باب الأمر بالمحافظة على السنة، " وقال تعالى: فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليمًا ".

Webiste