تم نسخ النصتم نسخ العنوان
متابعة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى... - ابن عثيمينالشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم.قال المؤلف رحمه الله تعالى فيما ساقه من الآيات الدالة على المحافظة على السنة وآدابها قوله تعالى:  فلا وربك لا يؤمنون حتى ...
العالم
طريقة البحث
متابعة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ...قال تعالى (( وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا )) وقال تعالى (( وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى )) وقال تعالى (( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم )) وقال تعالى (( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر )) ... " .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم.
قال المؤلف رحمه الله تعالى فيما ساقه من الآيات الدالة على المحافظة على السنة وآدابها قوله تعالى: فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجًا مما قضيت ويسلموا تسليمًا هذه الآية لها صلة بما قبلها وهي قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً فأمر الله تعالى بطاعته وبطاعة رسوله وأولي الأمر منا، وأولو الأمر يشمل العلماء والأمراء، لأن العلماء ولاة أمورنا في بيان دين الله، والأمراء ولاة أمورنا في تنفيذ شريعة الل،ه ولا يستقيم العلماء إلا بالأمراء ولا الأمراء إلا بالعلماء، فالأمراء عليهم أن يرجعوا إلى العلماء ليستبينوا منهم شريعة الله، والعلماء عليه أن ينصحوا الأمراء وأن يخوفوهم بالله وأن يعظوهم حتى يطبقوا شريعة الله في عباد الله عز وجل، ثم قال: فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ يعني إن اختلفتم في شيء من الأشياء فليس قول بعضكم حجة على الآخر، ولكن هناك حكم الله ورسوله عز وجل، وصلى الله وسلم على رسوله ارجعوا إلى الله وإلى رسول الله، أما الرجوع إلى الله فهو الرجوع إلى كتابه إلى القرآن العظيم، وأما الرجوع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو الرجوع إلى سنته، إن كان حيًّا فبمراجعته شخصيًّا، وإن كان ميتًا فبما مراجعة ما كان من سنته صلى الله عليه وسلم إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وهذا حث على الرجوع إلى الله ورسوله وأن الرجوع إلى الله ورسوله من مقتضيات الإيمان ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً يعني أحسن عاقبة فالرجوع إلى الله ورسوله خير للأمة وأحسن عاقبة، مهما ظن الظان أن الرجوع إلى القرآن والسنة يشكل أمرًا قد يعجز الناس، أعني أن بعض الناس يظنون أن الرجوع إلى الإسلام الإسلام الذي كان في صدر هذه الأمة لا يتناسب مع الوقت الحاضر والعياذ بالله، ولم يعلموا أن الإسلام حاكم وليس محكومًا عليه، وأن الإسلام لا يتغير باختلاف الأزمان أو الأماكن أو الأشخاص، الإسلام هو الإسلام، فإن كنا نؤمن بالله واليوم الآخر فلنرجع إلى الكتاب والسنة وذلك خير وأحسن وتأويلًا، أي: أحسن مآلًا وعاقبة، ثم قال تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ الاستفهام هنا للتعجيب يعني ألا تتعجب من قوم يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك ولكن لا يريدون التحاكم إلى الله ورسوله، إنما يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وهو كل ما خالف شريعة الله، ومن ذلك هؤلاء القوم الذين ابتلى الله بهم المسلمين من بعض الحكام الذين يريدون أن يرجعوا في الحكم بين الناس إلى قوانين ضالة بعيدة عن الشريعة وضعها فلان وفلان من كفار لا يعلمون عن الإسلام شيئًا، وهم أيضًا في عصر قد تختلف العصور عنه، وفي أمة قد تختلف عنها الأمم الأخرى، لكن مع الأسف أن بعض الذين استعمرهم الكفار من البلاد الإسلامية أخذوا هذه القوانين وصاروا يطبقونها على الشعب الإسلامي، غير مبالين بامتعاض الشعب منها وغير مبالين بمخالفتها لكتاب الله وسنة رسوله، وهم يزعمون أنهم آمنوا بالله ورسوله، كيف ذلك وهم يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به، أمروا أمرا من الله أن يكفروا بالطاغوت، ومع ذلك يريدون أن يكون التحاكم إلى الطاغوت وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً يريد الشيطان أن يضلهم عن دين الله ضلالًا بعيدًا ليس قريبًا، لأن من حكم غير شريعة الله فقد ضل أعظم الضلال وأبعد الضلال، قال الله عز وجل: وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً إذا قيل تعالوا إلى ما أنزل الله وهو القرآن وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا، ولم يقل رأيتهم لأجل أن يبين أن هؤلاء منافقون فأظهر في موضع الإضمار لهذه الفائدة، ولأجل أن يشمل هؤلاء وغيرهم من المنافقفين، فإن المنافق والعياذ بالله إذا دعي إلى الله ورسوله أعرض وصدَّ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداًفَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً يعني كيف حالهم إذا أصابتهم مصيبة وعثر على عوراتهم واطلع عليها ثم جاؤوك يحلفون بالله وهم كاذبون إن أردنا إلا إحسانًا وتوفيقًا، يعني ما أردنا إلا الإحسان والتوفيق بين الشريعة وبين القوانين الوضعية، ولا يمكن أن يكون هناك توفيق بين حكم الله وحكم الطاغوت أبدًا، حكم الطاغوت لو فرض أنه وافق حكم الله لكان حكمًا لله لا للطاغوت، ولهذا ما في القوانين الوضعية من المسائل النافعة فإنها قد سبق إليها الشرع الإسلامي، ولهذا قال: أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً يعني هؤلاء هم الذين يعلم الله ما في قلوبهم وإن أظهروا للناس أنهم يؤمنون بالله وأنهم يريدون الإحسان والتوفيق بين الأحكام الشرعية والأحكام القانونية، هؤلاء الذين يعلم الله ما في قلوبهم وماذا أرادوا لأمتهم فأعرض عنهم وهذا الأمر بالإعراض عنهم تهديدًا لهم وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً فيقول لهم قولًا بليغًا يبلغ إلى أنفسهم ليتعظوا به، ثم قال: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ يعني ما أرسلنا الرسل لتقرأ أقوالهم ويتركون، بل ما أرسلت الرسل إلا ليطاعوا، وإلا فلا فائدة، لا فائدة من أن نقول إن الرسول إذا بلغ وتركنا ما بلغ فإن هناك فائدة للرسالة، الرسالة معناها ومقتضاها أن الرسول يطاع وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ .

Webiste