تم نسخ النصتم نسخ العنوان
الكلام على بعض أحكام متابعة المأموم للإمام ف... - ابن عثيمينالشيخ : قال :  إنما جعل الإمام ليؤتمّ به، فلا تختلفوا عليه، فإذا كبّر فكبّروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا سجد فاسجدوا، وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا: رب...
العالم
طريقة البحث
الكلام على بعض أحكام متابعة المأموم للإمام في الصلاة .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : قال : إنما جعل الإمام ليؤتمّ به، فلا تختلفوا عليه، فإذا كبّر فكبّروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا سجد فاسجدوا، وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا: ربّنا ولك الحمد، وإذا صلّى قائمًا فصلّوا قيامًا، وإذا صلى قاعدًا فصلّوا قعودًا أجمعون : فهذا الحديث يدلّ على أهمّية الإقتداء بالإمام، وأن الإمام لم يجعله الله عزّ وجلّ إماماً لا يُقتدى به، لأن هذا أعني عدم الإقتداء به ينافي كونه إمامًا، فإذا كبّر فكبّر ولا تتأخّر عنه، لا تتسوّك ولا تلتفت، إذا كبّر فبادر بالتّكبير من أجل أن تدرك فضيلة تكبيرة الإحرام، ولا تكبّر حتى يكبّر، لأنه يقول: إذا كبّر : إذا انتهى من التكبير فكبّر، قال العلماء : " فلو شرع بتكبيرة الإحرام قبل أن يتمّم الإمام التّكبير فإنّ صلاته لا تنعقد وتكون باطلة " ، وأما من تأخّر يتسوّك أو يدعو أو ما أشبه ذلك، فإنه يفوته فضل تكبيرة الإحرام، فأنت مِن حين ما يكبّر إمامك فكبّر، ولهذا قال النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام: إذا أقيمت الصّلاة فلا صلاة إلاّ المكتوبة : لأجل أن لا يتأخّر الناس ويتوانوا عن الدّخول مع الإمام من أول الصّلاة .
واختلف العلماء في قوله : إذا أقيمت الصّلاة فلا صلاة إلاّ المكتوبة فقيل المعنى : -يرحمك الله- فقيل المعنى : لا تبتدؤوا الصّلاة بعد الإقامة إلاّ الصّلاة الحاضرة، وقيل المعنى : لا صلاة ابتداءً ولا إتمامًا وعلى هذا القول الثاني إذا شرع المؤذّن في الإقامة فاقطع الصّلاة.
ولكن القول الصّحيح أنه إذا أقيمت الصّلاة فإن كنت في الرّكعة الثانية فأتمّها خفيفة، وإن كنت في الرّكعة الأولى فاقطعها لأنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : مَن أدرك ركعة من الصّلاة فقد أدرك الصّلاة : فإذا أدركت ركعة قبل أن تُنهى عن الصّلاة فأنت أدركت الصّلاة، كمّلها، وأما إذا كنت في الرّكعة الأولى فاقطعها وادخل مع الإمام.
قال: وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا: ربّنا ولك الحمد : ولا تقولوا: سمع الله لمن حمده، وأما من قال من العلماء: " إنك تجمع بين سمع الله لمن حمده وربنا ولك الحمد كما يجمع بينهما الإمام والمنفرد ، فإنّ قوله ضعيف ، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: إذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا: ربّنا ولك الحمد ، ولم يقل: قولوا سمع الله لمن حمده ربّنا ولك الحمد ".
وإذا صلّى قائما فإننا نصلي قيامًا، وإذا صلّى قاعدًا فإننا نصلي قعودا ولو كنّا قادرين على القيام، وهذا يدل على أهمّية الإقتداء بالإمام.
يعني مثلا لو فرضنا رجلان أحدهما أقرأ من الثاني، لكن الأقرأ لا يستطيع القيام فصلّى قاعدًا فإنّ الثاني يصلّي قاعدًا ولو كان قادرًا على القيام، وكذلك لو فرضنا الإمام، دخل الإمام المسجد ولم يستطع أن يصلّي قائمًا فإنه يصلي قاعدًا وكلّ الجماعة ولو كانوا عشرة صفوف أو أكثر يصلّون قعودًا ولو كانوا قادرين على القيام ، لأن الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم صلّى ذات يوم بأصحابه جالسا فقاموا، فأشار إليهم أن اجلسوا، فجلسوا، وصلّوا جلوسا تبعا للإمام .
ومما يدل على أهمّية التّبعيّة أن الإمام إذا قام عن التّشهّد الأول ناسيًا وجب على الناس أن يتبعوه، على المأمومين ، ولو ترك التّشهّد ، لأنهم يتبعون إمامهم ، ويدل لذلك أيضًا أنك لو دخلت مع الإمام في صلاة العصر في الركعة الثانية ، فإنك تجلس معه إذا جلس للتّشهّد الأول ، وجلوسك هذا جلوس في غير محلّه لأنك أنت في الرّكعة الأولى ، وإذا قام هو إلى الرابعة فإنك تقوم ، وقيامك هذا ليس في موضعه لأنك يجب عليك أن تتشهّد التشهد الأول، فأنت الآن انظر : تركت التشهّد في محلّه وتشهّدت في غير محلّه، كل هذا من أجل متابعة الإمام، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- ومن ذلك إذا كان الإمام لا يجلس جلسة الإستراحة، وأنت ترى أنها سنّة ولكن إمامك لا يجلس فلا تجلس من أجل تمام المتابعة، وإذا كان الإمام يرى الجلسة وجلس وأنت لا ترى الجلسة فاجلس تبعًا لإمامك ، فتكون تترك الجلسة التي تسمّى جلسة الإستراحة إذا لم يجلس إمامك تبعا له ، وتجلس إذا جلس تبعا له ولو كنت لا ترى ذلك، وما قاله -رحمه الله- هو الحقّ، لقول النبيّ عليه الصّلاة والسّلام : إنما جعل الإمام ليؤتمّ به فلا تختلفوا عليه . وأنت إذا جلست وهو قائم فقد اختلفت عليه .
أما اختلاف النّيّة بين الإمام والمأموم فلا بأس بها ، فلو صلّيت العصر خلف من يصلّي الظهر فلا بأس، ولو صلّيت العشاء خلف من يصلّي المغرب فلا بأس ، ولكن إذا سلّم من الثالثة تقوم وتأتي بالرابعة ، ولو فاتتك صلاة الفجر مثلا ودخلت ووجدت شخصا يتنفّل يصلي راتبة الفجر ، فصلّيت معه بنيّة الفريضة وهو نافلة فلا بأس ، فاختلاف النّيّة لا يضرّ ، الذي يضرّ هو اختلاف الفعل ، أن تخالفه في أفعاله ، والله الموفّق.

Webiste