تم نسخ النصتم نسخ العنوان
تتمة باب فضل السماحة في البيع والشراء : قال... - ابن عثيمينالقارئ : بسم الله الرحمن الرحيم.الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .قال رحمه الله تعالى: " باب فضل السماحة في ا...
العالم
طريقة البحث
تتمة باب فضل السماحة في البيع والشراء : قال الله تعالى: (( وما تفعلوا من خير فإن الله به عليم )). وقال تعالى: (( ويا قوم أوفوا المكيال والميزان بالقسط ولا تبخسوا الناس أشياءهم )) وقال تعالى: (( ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم يوم يقوم الناس لرب العالمين )).
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
قال رحمه الله تعالى: " باب فضل السماحة في البيع والشراء، قال الله تعالى: وما تفعلوا من خير فإن الله به عليم وقال تعالى: ويا قوم أوفوا المكيال والميزان بالقسط ولا تبخسوا الناس أشياءهم وقال تعالى: ويل للمطففين * الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون * وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون * ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون * ليوم عظيم * يوم يقوم الناس لرب العالمين "

الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم .
قال المؤلف رحمه الله في كتابه رياض الصالحين: " باب فضل السماحة في البيع والشراء " البيع والشراء أمران ضروريان لا تقوم حياة بني آدم إلا بهما غالبًا، وذلك لأن الإنسان قد يحتاج إلى شيء عند غيره فكيف يتوصل إليه إن استجداه وقال هبه لي أذلّ نفسه وإن استعاره بقي في قلق وإن أخذه غصبًا ظلمه، فكان من حكمة الله عز وجل أن شرع البيع والشراء لأني أنا يمكن أحتاج دراهم فأبيع ما عندي وأنت تحتاج هذا الشيء المعين عندي فتشتريه بالدراهم، فكان البيع أمرًا ضروريًّا لحاجة بني آدم، ولكن من الناس من يبيع بالعدل ومن الناس من يبيع بالظلم ومن الناس من يبيع بالإحسان، الناس ثلاثة أقسام، قسم يبيع بالعدل لا يظلم ولا يظلم كما قال تعالى في الذين يتعاملون بالربا: إن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون وقسم يبيع بالجور والظلم كالغشاش والكذاب وما أشبه ذلك، وقسم يبيع بالفضل والإحسان فيكون سمحًا في البيع وفي الشراء إن باع لم يطلب حقه وافيًا بل ينزل من الثمن ويمهل في القضاء، وإن اشترى لا يهمه أن يزيد عليه الثمن ويبادر بالوفاء فيكون محسنًا، وقد استدل المؤلف رحمه الله على فضل السماحة في البيع والشراء بآيات منها قوله تعالى: وما تفعلوا من خير فإن الله به عليم وكلمة من خير نكرة في سياق الشرط فتعم جميع الخيرات من أي جهة، وهي أيضًا مؤكد عمومًا بمن من خير يعني: أي خير يكون تفعلونه فإن الله به عليم، يعني: لا يخفى عليكم ولا يفوته عز وجل وسيجازيكم على هذا أفضل مما عملتم، لأن الله تعالى يجازي بالحسنة عشر أمثالها إلى سبعمئة ضعف إلى أضعاف كثيرة، والمراد بالآية الكريمة المراد بذلك الحث على فعل الخير وأن يعلم الفاعل أنه لن يضيع عليه شيء من فعله فإن الله به عليم وسيجازيه عليه عز وجل أفضل الجزاء ومن الخير السماحة في البيع والشراء، وقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم للمتسامحين في البيع والشراء فقال: رحم الله امرءًا سمحًا إذا باع سمحًا إذا اشترى، سمحًا إذا قضى، سمحًا إذا اقتضى فالإنسان كلما كان أسمح في بيعه وشرائه وتأجيره واستئجاره ورهنه وارتهانه وغير ذلك فإنه أفضل، وقال الله تعالى عن شعيب أنه قال لقومه: يا قوم أوفوا المكيال والميزان بالقسط ولا تبخسوا الناس أشياءهم أوفوا المكيال يعني: ما تبيعونه كيلًا والميزان ما تبيعونه وزنًا أوفوه ولا تنقصوا منه شيئًا، وهذا دليل على أن الوفاء في العقود مما جاءت به الشرائع السماوية السابقة واللاحقة، وقال تعالى: ويل للمطففين * الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون ويل كلمة وعيد يتوعد الله عز وجل المطففين الذين هذه صفتهم إذا اكتالوا على الناس يستوفون يعني: إذا كان الحق لهم واكتالوا فإنهم يستوفون حقهم كاملًا وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون يعني: إذا كان الحق عليهم وكالوا لهم أو وزنوا لهم يخسرون أي يبخسون الكيل والميزان فيظلمون من الوجهين، أو يطلبون العدل فيما يتعاملون به ويبخسون فيما يعاملون الناس به وهذا هو المطفف، وهذه الآية وإن كانت قد وردت في المكيال والميزان إلا أنها عامة حتى الموظف إذا كان يريد أن يعطى راتبه كاملًا لكنه يتأخر في الحضور أو يتقدم في الخروج فإنه من المطففين الذين توعدهم الله بالويل، لأنه لا فرق بين إنسان يكيل أو يزن للناس وبين إنسان موظف عليه أن يحضر في الساعة الفلانية ولا يخرج إلا في الساعة الفلانية ثم يتأخر في الحضور ويتقدم في الخروج هذا مطفف، وهذا المطفف في الوظيفة لو نقص من راتبه ريال واحد من عشرة آلاف لطالب ليش تنقص هذا مطفف فيدخل في هذا الوعيد، ويل للمطففين * الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون * وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون ثم قال تعالى منكرًا عليهم: ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون * ليوم عظيم يعني هل هؤلاء نسوا يوم الحساب نسوا يوم القيامة الذي ما أقرب منه فالإنسان في هذه الدنيا ليس معه ضمان أن يعيش ولا لحظة واحدة يموت الإنسان وهو يتغدى أو يتعشى يموت وهو نائم يموت وهو على مكتبه يموت وهو ذاهب في حاجته أو راجع منها ثم يأتي اليوم العظيم ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون * ليوم عظيم استعظمه الله عز وجل بيّن أنه عظيم فيدل على عظمه وقد وصف الله هذا اليوم في آيات كثيرة كلها تزعج وتروع وتخوف هؤلاء سوف يتعرضون لعقوبة الله في ذلك اليوم، هؤلاء المطففون سيتعرضون لعقوبة الله في ذلك اليوم يوم يقوم الناس لرب العالمين يقوم الناس كلهم لرب العالمين من في مشارق الأرض ومغاربها يبعثون على صعيد واحد يسمعهم الداعي وينفذهم البصر، الداعي يسمعهم كلهم لأن الأرض مبسوطة ما هي كروية يغيب بعض الناس فيها عن بعض بل هي سطح واحد إذا تكلم أحد في أولهم سمعه آخرهم وينفذهم البصر يراهم الرائي، بخلاف في الدنيا الأرض منعطفة كروية لكن في الآخرة الأرض سطح واحد كما قال الله تبارك وتعالى: وإذا الأرض مدت * وألقت ما فيها وتخلت تمد كما يمد الجلد الأديم، هذا اليوم العظيم يقوم الناس فيه لله عز وجل للحساب والمعاقبة ومقدار هذا اليوم خمسون ألف سنة، والشمس من فوقهم بقدر ميل ولا شجر يستظلون به ولا بناء ولا شيء إلا من يظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، أسأل الله أن يجعلني وإياكم منهم، فهذا يسلم فهذا اليوم العظيم سيجد هؤلاء المطففون عقوبتهم في ذلك اليوم، ولا فيه ولد ينفع ولا أب ولا أم ولا زوجة ولا أحد لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه فليحذر هؤلاء المطففون وليتقوا الله عز وجل، يؤدوا الحق كاملًا وإن زادوا الفضل فهو أفضل، ولهم أن يأخذوا حقهم كاملًا وإن تسامح فهو أفضل، والله الموفق.

Webiste