تم نسخ النصتم نسخ العنوان
توضيحالشيخ
العالم
طريقة البحث
توضيح الشيخ للوسائل التي يتخذها البشر الصالح منهم والطالح للوصول الى معرفة شيء من المغيبات عنهم والتي هي في حقيقتها ليست من الغيب المحض .
الشيخ محمد ناصر الالباني
الشيخ : وبعد هذا النوع من الوسيلة التي يختصُّ بها المؤمنون ، ننتقل إلى وسائل أخرى ، لا فرق فيها أو بين من يتخذها ، إن كان مسلما صالحًا ، أو مسلما فاسقا ، أو كان ماردا شريرا ، لا فرق ، لأن هذه الأسباب يسرّها الله لكل الناس دون أي تفريق بين إيمانهم وبين كفرهم ، فمن أخذ بشيء من هذه الأسباب وصل إلى ذلك الغيب ، الذي كان غيبا بالنسبة لعموم الناس ، ثم لما اتخذ بعضهم تلك الوسيلة التي خلقها الله - عز وجل - وصل إلى ما لم يصل إليه الآخرون ، فسمي هذا غيبا ، ولكن ! هناك فرق آخر بإمكان هؤلاء الذين ذكرناهم أخيرا من البشر دون فرق بين مسلم وكافر ، هؤلاء لا يستطيعون بهذه الوسائل التي ذللها الله لهم أن يكتشفوا ما سيكون في سنة كذا ، في يوم كذا ، في ساعة كذا ، مما لم يجعل الله له نظاما ، أو سببا ، وأنا أضرب بهذه المناسبة مثالا سهلا جدًّا : كنت قرأته يوم كنت أقرأ ما هبّ ودب : أنه ، أن الفلاح المزارع يستطيع أن يعرف عمر الشجرة كم هي ؟ ليست وهي قائمة على جذعها ، وإنما بعد أن تقطع من جذعها ، فيرى هناك دوائر ضمن دائرة ضمن دائرة ، فيقول : هذه عمرها كذا ، أي : كل دائرة تمثّل سنة ، هذا ليس علما بالغيب ، نعم هو علم غيبي بالنسبة للجهلة الذين لا يعرفون دلالة هذه الدوائر ، كذلك كنت قرأت في بعض كتب الأدب : أن الإنسان بإمكانه أن يعرف عمر الشخص من الخطوط التي يراها في ظفره ، فكل خط يدل على سنة ، هذا طبعًا من الأمور التي لم ينتشر العلم بها ، ولكن ! من الذي يشك الآن بصحة أخبار علماء الفلك التي ينشرونها قبل سنة ولا سنتين ، وربما سنين !! ويجعلون لذلك تقاويم في سنة كذا ، في يوم كذا ، في ساعة كذا ، ستنكسف الشمس في البلد الفلاني انكسافا كليا ، نصفيا جزئيا ، يفرّقون بين بلد وبلد وكذلك خسوف القمر في ليلة كذا في يوم كذا كل أو جزء إلى آخره ، ما كانوا ليعرفوا ذلك لولا أن الله - عز وجل - جعل نظاما لدوران الشمس والقمر ، واتصالهما بهذا الدوران بالأرض ، وهم علموا بما يسّر الله لهم من الأسباب . أخيرا توصل العلم أو كاد أن يكتشف ما في رحم المرأة ، إن كان ذكرا أو أنثى ، بهذا الجهاز الذي يشبه التلفاز المعروف اليوم ، هذا ليس علما غيبيا ، وإنما بهذه الوسيلة التي ذللها الله لهم ، اكتشفوا ما هو مجهول عند الآخرين ، هذا ليس علما بالغيب ، وإنما هذا اكتشاف للواقع الغالب ، اكتشاف للواقع المخلوق ، وقد يكون اكتشاف لما سيقع ، وهذا قليل ونادر جدًّا ، ومنه ما يتعلق بالكسوف وبالخسوف . وليس من هذا القبيل أيضًا ما يستغله بعض الدجالين اليوم ، الذين يتصلون ببعض الجن ، فالجن يعلمون من الواقع الطبيعي وعلاقة الناس بعضهم ببعض ، أكثر مما يعلم الإنسي ، فهذا الإنسي يستعين بالجني فقد يدله مثلًا على ضآلة فقدت وهي موجودة في مكان كذا ، هذا أيضًا ليس علما بالغيب ، إنما هو اكتشاف الواقع بما ملّكه الله إياه من العلم ، كما قلنا بالنسبة للأطباء والفلكيين ، فالله - عز وجل - أعطى للجن نوع من المعرفة فتفوقوا بها على الإنس ، فهم يمدون قرنائهم من الإنس بهذه المعلومات ليست استكشافا لما سيقع ؟ وإنما استكشاف لما هو واقع . هذا إذًا ليس له علاقة بما اختص الله - عز وجل - به من العلم الغيبي ، الذي هو علم ذاتي ، ليس علما مكتسبا ، وإنما هو كما هو خالق ورازق ومحي ومميت ، فهو عالم بالغيب ، لا يشاركه في ذلك أحد ، فإذًا الغيب قسمان : قسم ذاتي ، وقسم كسبي ، القسم الذاتي هو الذي تفرّد الله به ، والقسم الكسبي : هو الذي يختص الله به من عباده ببعض الوسائل التي ألمحنا إليها ، بعض هذه الوسائل خاصة بالمؤمنين ، وبعضها يشترك معهم الكافرون .