تم نسخ النصتم نسخ العنوان
حكم مجالسة أصحاب المنكرات - ابن بازالسؤال:اعتاد بعض الناس حلق لحاهم، وإسبال الثياب، واستماع الغناء، ومشاهدة التمثيليات التي تخالف تعاليم الدين الحنيف، فصارت عندهم -والعياذ بالله- شيئًا عا...
العالم
طريقة البحث
حكم مجالسة أصحاب المنكرات
الشيخ عبدالعزيز ابن باز
السؤال:
اعتاد بعض الناس حلق لحاهم، وإسبال الثياب، واستماع الغناء، ومشاهدة التمثيليات التي تخالف تعاليم الدين الحنيف، فصارت عندهم -والعياذ بالله- شيئًا عاديًا، وإذا قدمت لهم النصيحة، تلو النصيحة، وأمرتهم بالمعروف؛ اشمأزوا، فهل تجوز مجالستهم، وزيارتهم؟ وما نصيحة سماحتكم لهؤلاء؟

الجواب:
لا شك أن الأمر اليوم عظيم، وخطير، وأن الشر قد تثاقل، وأن الاختلاط اليوم قد غلب اختلاط الحابل بالنابل، والخبيث بالطيب، والكافر بالمسلم، هذا قد وقع، وحصل به شر عظيم، ولا شك أن اختلاط الأشرار بالأخيار، وظهور المنكرات بين الناس في بيوتهم، وفي مجتمعاتهم من أسباب عدم قبول النصيحة، ومن أسباب عدم تأثر الناس بإنكار المنكر؛ لأنها غلبت عليهم هذه الأمور، وصارت هواية لهم، وعادة لهم، ومفارقة العادات صعب على النفوس إلا من هداه الله.
فإذا وجد المؤمن هذه الأشياء؛ فليصبر على الإنكار، وليحتسب، ولا ييأس، والله يقول: وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ [يوسف:87] ولو لم يحصل إلا التخفيف، لو ما حصل زوال الشيء كله، لو لم يحصل إلا التخفيف؛ لكان خيرًا عظيمًا.
فالإنسان لا ييأس، بل ينكر المنكر، يرى حلق اللحى، وإسبال الثياب، وسماع الأغاني، والملاهي، وما أشبه ذلك؛ فلينكر ذلك على أصحابه، وأهل بيته، ويجتهد في أن يتركوا هذا المنكر، ويدعوه إلى غيره من الخير؛ لعلهم يستجيبون له.
فإن لم يتأثروا بذلك، ولم يستجيبوا لذلك فليفارقهم، وليكن في محل آخر، والله -جل وعلا- يملي كلًا منهم  وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ۝ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ [الطلاق:2، 3] فلا يجلس معهم في البيت، ولا يكون صاحبًا لهم ما داموا لا يقبلون نصيحته، ولا يتأثرون بإنكاره، وربما استهزؤوا به، وعابوه، فلا يكون لهم جليسًا، ولا يجيب دعوتهم، ولا يقبل ما يتعلق بهداياهم، وشبه ذلك حتى يستجيبوا للحق، وحتى ينصروا الحق، وحتى يستجيبوا لداعي الحق؛ لأن بهذا يكثر الخير، ويقل الشر، ويعلم الناس صدق الداعي، وصدق الآمر والناهي، إلا إذا كان يرى، ويعلم أن اختلاطه بهم، ونصيحته لهم يقلل الشر، ويكثر الخير، فلا يقطع لا لأجل محبتهم، ولا أجل قرابتهم، ولكن لأجل تخفيف الشر وتقليله.
قد يكون لهم مواصل بهذا الغرض، لا يهجرهم؛ لأن هجرهم يسبب بقاء الشر، وزيادته، فإذا رأى أن هجرهم يسبب بقاء الشر، وزيادة، وأن اتصاله بهم يكثر الخير، ويقلل الشر، وربما استجابوا لدعوته في كل شيء، فلا ييأس، ولا يعجل بالهجر، وليواصل السير في الدعوة إلى الله، وإنكار المنكر، والصبر على الأذى؛ لعله ينجح في إزالة الشر عنهم، وفي هدايتهم إلى الخير، أو على الأقل ينجح في تقليل الشر، وتكثير الخير بين مجتمعه، وأهل بيته.

Webiste