تم نسخ النصتم نسخ العنوان
الإنسان مسير ومخير في الدنيا - الفوزان س264: هذا سؤال من المستمع م ع من العراق، يقول: أرجو الإفادة هل الإنسان مسير في دنياه أو مخير؟ ففي الآية  الكريمة، يقول الله تعالى: فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤ...
العالم
طريقة البحث
الإنسان مسير ومخير في الدنيا
الشيخ صالح بن فوزان الفوزان
س264: هذا سؤال من المستمع م ع من العراق، يقول: أرجو الإفادة هل الإنسان مسير في دنياه أو مخير؟ ففي الآية
الكريمة، يقول الله تعالى: فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ، وهي تفيد أن الإنسان مخير، وفي الآية الكريمة الأخرى: وَمَا تَشَاءُونَ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ تفيد بأن الإنسان مُسَيَّر، فما معنى الاَيتين؟ وهل بينهما تعارض أم لا؟

ج264: الإنسان مُسَيَّر ومخير، يجتمع فيه الأمران، فهو مسير من حيث سريان أقدار الله وقضائه عليه، وخضوعه لذلك قولاً وقدرًا، وأنه لا يمكنه التخلص من قضاء الله وقدره، الذي كتبه عليه، فمن هذه الناحية، هو مسير، أما من حيث أفعاله، وحركاته، وتصرفاته، فهو مخير؛ لأنه يأتي ويذر من الأعمال بإرادته وقصده واختياره، فهو مخير. والعبد له مشيئة، ولكنها تابعة لمشيئة الله سبحانه وتعالى، وقضائه، وقدره، فلذلك يثاب على الطاعة، ويعاقب على المعصية التي يفعلها باختياره وإرادته، أما الإنسان الذي ليس له اختيار ولا إرادة؛ كالمكره، والناسي، والعاجز عن فعل الطاعة، فهذا لا يعاقب؛ لأنه مسلوب الإرادة والاختيار، إما بالإكراه، وإما بالنسيان، وإما بالعجز، وإما بفقدان
العقل؛ كالمجنون والمعتوه، فهذا لا يعاقب على تصرفاته؛ لأنه فاقد للاختيار والإرادة، أما ما أشرت إليه من الاَيتين الكريمتين؛ قوله تعالى: وَمَا تَشَاءُونَ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ، وهذا يؤيد ما ذكرنا، لأن الله أثبت للعبد مشيئة واختياراً، وأثبت لنفسه مشيئة، وجعل مشيئة العبد تابعة لمشيئة الله عز وجل، فدلت الآية الكريمة على إثبات المشيئة للعبد، وإثبات المشيئة لله، وأن مشيئة العبد تابعة لمشيئة الله عز وجل. وأما قوله تعالى: فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ، فهذا ليس معناه التخيير، بل معناه الزجر، والتهديد، والتوبيخ، لأن الله تعالى قال في أول الآية، وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا ، فهذا يُفِيد التهديد، والتوبيخ، وأن الإنسان إذا عصى الله سبحانه وتعالى،
وكفر بالله، فإن الله سبحانه وتعالى يعاقبه؛ لأنه فعل الكفر باختياره، وإرادته ومشيئته، فهو يستحق عقاب الله، ودخول النار كما قال الله تعالى: إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا .

Webiste