الحكم بغير ما أنزل الله
اللجنة الدائمة
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، وبعد : فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على ما ورد إلى سماحة الرئيس العام من المستفتي : فضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الرحمن المطلق القاضي بمحافظة ( يدمة ) والمحال إلى اللجنة من الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء برقم (5927) وتاريخ 24/10/1425 هـ وقد سأل المستفتي سؤالاً هذا نصه : فلا يخفى على شريف علمكم ما ينتشر في المنطقة الجنوبية من بلاد الحرمين من عادات وأعراف قبلية تتضمن الكثير من المخالفات الشرعية ، ولتحاكم لغير شرع الله ، وذلك بسبب النظام القبلي الذي يخيم على تلك المنطقة ، لذا ومن هذا المنطلق وبراءة للذمة فإنا نكتب لسماحتكم ببعض تلك الأعراف والعادات ، آملين من سماحتكم أن يصدر بها فتوى من الهيئة الدائمة للإفتاء ، وبعثها إلينا ؛ لنتمكن من طباعتها ونشرها بين الناس . وقد جاء بيان عن بعض هذه الأعراف والعادات مرفق بالخطاب المذكور آنفًا ونصه :
التحاكم إلى بعض العارفين بالأحكام القبلية ويسمى : (المقرع) (الحق) (عراف القبائل) فمثلاً : لو حضر عند ذلك المقرع الأخصام أخذ عليهم قبل الحكم ضمانات على أن يقبلوا بحكمه كأن يأخذ على ذلك كفلاء أو يرهن بنادق الأخصام عنده ثم يسمع منهم ويحلفهم الأيمان ، ويسمع شهادات الشهود عند الاقتضاء ، ويحكم بعد ذلك ، وإن لم يقبلوا بحكمه أصبح خصمًا لمن لم يقبل عند (مقرع حق) أعلى درجة منه ويصبح عدم القبول سبة على صاحبه علمًا بأن الذهاب لهؤلاء المحكمين قد يكون برضى الطرفين واتفاقهم وقد يكون بطلب طرف ويلزم الطرف الآخر اجتماعيًا بقبول التحاكم لهذا المقرع . ومما ينبغي الإشارة إليه أن هؤلاء الطرفين لا يقرون بأن ما يقومون به حكم ، وإنما يرون أنه صلح وأنه يقطع كثيرًا من النزاعات ، ويحفظ كثيرًا من الشرور . المثارات : هي جمع مثار وله عدة أنواع منها مثار العاني ، والمراد بالعاني : القريب من جهة الأم كالخال وأبنائه وأبناء الخالات ، فإذا كانت مثلاً من قبيلة وأخوالي من قبيلة أخرى واعتدى أحد من قبيلة على خالي أو أحد أبنائه فلابد أن أقوم بأخذ الثأر له والمثار عبارة عن مبلغ مالي أقوم بأخذه من الجاني أو عصبته يتراوح بين (15000) أو أكثر
وأعطيه لخالي كرد اعتبار له ، فإذا فعلت ذلك قال : بيض الله وجهك ، علمًا بأن هذا المبلغ لا علاقة له بأرش الجناية ، ولا يعد صلحًا في القضية ، وإنما رد اعتبار للخال ، ثم للمجني عليه أن يصلح مع الجاني أو يقتص منه . وفي حال رفض اجاني أو أقاربه دفع المثار لي تحدث مشكلة بيني وبينهم ، قد تصل إلى سفك الدماء . مثار الجار : وهو فيما لو اعتدي على جاري ولم أتمكن من نصرته بيدي فلا بد من أن آخذ مبلغًا ماليًا من الجاني أو أقاربه وأعطيه له كرد اعتبار لكونه جاري ، ثم بعد ذلك هو حر في إنهاء المشكلة التي بينه وبينهم . مثار الخوي : وهو قريب من السابق ، ولكن يكون فيما لو كنت مسافرًا أو راكب مع شخص أو هو راكب أو ماش معي واعتدي عليه ولم أتمكن أن أقوم بنصرته بيدي لصغر سن أو نحو ذلك فلا بد أن أدخل في الموضوع وأطالب الجاني وأقاربه بدفع مبلغ مالي لخويي كرد اعتبار . دين الخمسة أو العشرة أو يزيد : وهو نوع من الأيمان يقوم بتحليفه الأشخاص الذين
يتحاكمون إليهم الناس ؛ لإنهاء نزاعاتهم ، وذلك في حال لو كانت هناك قضية سابقة جناية مثلاً من شخص على آخر وانتهت بصلح معين فإنه يؤخذ كفلاء على الأطراف بانتهاء القضية وعدم قيام أحد الأطراف بالاعتداء على الآخر . فإذا حصل بعد هذا الصلح أن اعتدى طرف على آخر وتحاكموا لشيخ القبيلة أو ما يسمونه (الحق) في عرفهم فإنه يأخذ عددًا من أقارب المعتدي ، يتوقف عددهم على نوع القضية ويبدأ العدد من خمسة ومضاعفاتها إلى أربعة وأربعين في حال حدوث قتل ويقوم بعمل دائرة في الأرض بحسب عددهم ، ويدخل من سيحلف فيها ثم يحلفهم الأيمان المغلظة بأنهم لم يغروا الجاني على الجناية ولم يعلموا بها ولم يرضوا بها ولهم في التحليف صيغ ، منها : أن يقول الحالف : (حرية بربرية تقطع المال والذرية ، أننا لا أهرينا ولا أغرينا ولا رضينا ولا همينا ولا تمالينا في هذه الجناية .. إلى آخره) . الغرم : وهو فيما لو حكم على الجاني من قبل من يسمى (الحق) وهو من نصب نفسه للحكم بين الآخرين بالأحكام القبلية ، وحكم على أحد الخصوم بغرم مالي فيلزم قبيلته أن تعينه في دفع هذا الغرم ، ويوزع الغرم على رجال القبيلة بالتساوي ، ويضاف إلى الغرم المثار
الذي سبق بيانه .
وبعد دراسة اللجنة للاستفتاء أجابت بأن ما ذكر من الحكم والتحاكم إلى الأحكام العرفية والمبادئ القبلية ؛ كالثارات ودين الخمسة أو العشرة والغرم وغيرها - كل هذه ليست أحكامًا شرعية ، وإنما هي من الأحكام القبلية التي لا يجوز الحكم بها بين الناس ، ويحرم على المسلمين التحاكم إليها ؛ لأنها من التحاكم إلى الطاغوت الذي نهينا أن نتحاكم إليه ، وقد أمرنا الله بالكفر به في قوله تعالى : أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيدًا ، ولا يحل لمشائخ القبائل ولا لغيرهم الحكم بين الناس بما تمليه الأعراف والمبادئ القبلية السابق ذكرها ، بل الواجب عليهم أن يتحاكموا إلى الشريعة الإسلامية امتثالاً لأمر الله عز وجل في قوله تعالى : وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ ، وقوله : وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ، وقوله :
وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ، وقوله تعالى : فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ، والواجب على الجميع التحاكم إلى شرع الله المطهر .
التحاكم إلى بعض العارفين بالأحكام القبلية ويسمى : (المقرع) (الحق) (عراف القبائل) فمثلاً : لو حضر عند ذلك المقرع الأخصام أخذ عليهم قبل الحكم ضمانات على أن يقبلوا بحكمه كأن يأخذ على ذلك كفلاء أو يرهن بنادق الأخصام عنده ثم يسمع منهم ويحلفهم الأيمان ، ويسمع شهادات الشهود عند الاقتضاء ، ويحكم بعد ذلك ، وإن لم يقبلوا بحكمه أصبح خصمًا لمن لم يقبل عند (مقرع حق) أعلى درجة منه ويصبح عدم القبول سبة على صاحبه علمًا بأن الذهاب لهؤلاء المحكمين قد يكون برضى الطرفين واتفاقهم وقد يكون بطلب طرف ويلزم الطرف الآخر اجتماعيًا بقبول التحاكم لهذا المقرع . ومما ينبغي الإشارة إليه أن هؤلاء الطرفين لا يقرون بأن ما يقومون به حكم ، وإنما يرون أنه صلح وأنه يقطع كثيرًا من النزاعات ، ويحفظ كثيرًا من الشرور . المثارات : هي جمع مثار وله عدة أنواع منها مثار العاني ، والمراد بالعاني : القريب من جهة الأم كالخال وأبنائه وأبناء الخالات ، فإذا كانت مثلاً من قبيلة وأخوالي من قبيلة أخرى واعتدى أحد من قبيلة على خالي أو أحد أبنائه فلابد أن أقوم بأخذ الثأر له والمثار عبارة عن مبلغ مالي أقوم بأخذه من الجاني أو عصبته يتراوح بين (15000) أو أكثر
وأعطيه لخالي كرد اعتبار له ، فإذا فعلت ذلك قال : بيض الله وجهك ، علمًا بأن هذا المبلغ لا علاقة له بأرش الجناية ، ولا يعد صلحًا في القضية ، وإنما رد اعتبار للخال ، ثم للمجني عليه أن يصلح مع الجاني أو يقتص منه . وفي حال رفض اجاني أو أقاربه دفع المثار لي تحدث مشكلة بيني وبينهم ، قد تصل إلى سفك الدماء . مثار الجار : وهو فيما لو اعتدي على جاري ولم أتمكن من نصرته بيدي فلا بد من أن آخذ مبلغًا ماليًا من الجاني أو أقاربه وأعطيه له كرد اعتبار لكونه جاري ، ثم بعد ذلك هو حر في إنهاء المشكلة التي بينه وبينهم . مثار الخوي : وهو قريب من السابق ، ولكن يكون فيما لو كنت مسافرًا أو راكب مع شخص أو هو راكب أو ماش معي واعتدي عليه ولم أتمكن أن أقوم بنصرته بيدي لصغر سن أو نحو ذلك فلا بد أن أدخل في الموضوع وأطالب الجاني وأقاربه بدفع مبلغ مالي لخويي كرد اعتبار . دين الخمسة أو العشرة أو يزيد : وهو نوع من الأيمان يقوم بتحليفه الأشخاص الذين
يتحاكمون إليهم الناس ؛ لإنهاء نزاعاتهم ، وذلك في حال لو كانت هناك قضية سابقة جناية مثلاً من شخص على آخر وانتهت بصلح معين فإنه يؤخذ كفلاء على الأطراف بانتهاء القضية وعدم قيام أحد الأطراف بالاعتداء على الآخر . فإذا حصل بعد هذا الصلح أن اعتدى طرف على آخر وتحاكموا لشيخ القبيلة أو ما يسمونه (الحق) في عرفهم فإنه يأخذ عددًا من أقارب المعتدي ، يتوقف عددهم على نوع القضية ويبدأ العدد من خمسة ومضاعفاتها إلى أربعة وأربعين في حال حدوث قتل ويقوم بعمل دائرة في الأرض بحسب عددهم ، ويدخل من سيحلف فيها ثم يحلفهم الأيمان المغلظة بأنهم لم يغروا الجاني على الجناية ولم يعلموا بها ولم يرضوا بها ولهم في التحليف صيغ ، منها : أن يقول الحالف : (حرية بربرية تقطع المال والذرية ، أننا لا أهرينا ولا أغرينا ولا رضينا ولا همينا ولا تمالينا في هذه الجناية .. إلى آخره) . الغرم : وهو فيما لو حكم على الجاني من قبل من يسمى (الحق) وهو من نصب نفسه للحكم بين الآخرين بالأحكام القبلية ، وحكم على أحد الخصوم بغرم مالي فيلزم قبيلته أن تعينه في دفع هذا الغرم ، ويوزع الغرم على رجال القبيلة بالتساوي ، ويضاف إلى الغرم المثار
الذي سبق بيانه .
وبعد دراسة اللجنة للاستفتاء أجابت بأن ما ذكر من الحكم والتحاكم إلى الأحكام العرفية والمبادئ القبلية ؛ كالثارات ودين الخمسة أو العشرة والغرم وغيرها - كل هذه ليست أحكامًا شرعية ، وإنما هي من الأحكام القبلية التي لا يجوز الحكم بها بين الناس ، ويحرم على المسلمين التحاكم إليها ؛ لأنها من التحاكم إلى الطاغوت الذي نهينا أن نتحاكم إليه ، وقد أمرنا الله بالكفر به في قوله تعالى : أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيدًا ، ولا يحل لمشائخ القبائل ولا لغيرهم الحكم بين الناس بما تمليه الأعراف والمبادئ القبلية السابق ذكرها ، بل الواجب عليهم أن يتحاكموا إلى الشريعة الإسلامية امتثالاً لأمر الله عز وجل في قوله تعالى : وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ ، وقوله : وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ، وقوله :
وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ، وقوله تعالى : فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ، والواجب على الجميع التحاكم إلى شرع الله المطهر .
الفتاوى المشابهة
- التفصيل والبيان لمسألة الحكم بغير ما أنزل الله. - الالباني
- التفصيل في مسألة الحكم بغير ما أنزل الله - ابن عثيمين
- حكم بغير ما أنزل الله ويعتقد أن حكم الله الأفضل - ابن باز
- بيان القول فيمن حكم بغير ما أنزل الله - ابن باز
- التفصيل في الحكم بغير ما أنزل الله - ابن عثيمين
- حكم من حكم بغير ما أنزل الله بفعله - ابن باز
- حكم من حكم بغير ما أنزل الله مع اعتقاده وجوب... - ابن عثيمين
- الحكم بغير ما أنزل الله ؟ - الالباني
- ما حكم مَن حكم بغير ما أنزل الله؟ - ابن باز
- حكم من يحكم بغير ما أنزل الله - ابن باز
- الحكم بغير ما أنزل الله - اللجنة الدائمة