حكم نكاح الشغار
اللجنة الدائمة
الفتوى رقم ( 275 )
س: إن نكاح الشغار سائد في غالب مناطق الجنوب، وأن بعض الناس هناك يتخذون الحيل تخوفًا من المطاردة، ومن تلك
الحيل المباينة بين المهور، والمباينة بين الأزمنة، بأن يتملك أحدهما اليوم والآخر بعد مدة، وأن يعقد أحدهما عند مأذون خلاف الذي عقد للآخر منها، ويطلب إفتاءه عن حكم هذا النكاح، وهل يخرج عن كونه شغارًا؟ سيما وأن الشرط فيه: زوجني أزوجك وإلا فلا.
ج: سبق أن ورد لسماحة مفتي الديار السعودية، الشيخ: محمد بن إبراهيم رحمه الله، سؤال مماثل، وقد أجاب عليه، فإننا نكتفي به ونورد للسائل نصه: والجواب: الحمد لله، الشغار هو: أن يزوج الرجل ابنته على أن يزوجه الآخر ابنته، أو يزوجه أخته على أن يزوجه أخته، وليس بينهما صداق. وسمي هذا النوع من التعاقد شغارًا لقبحه، شبّهه في القبح برفع الكلب رجله ليبول، يقال: شغر الكلب إذا رفع رجله ليبول، فكأن كل واحد رفع رجله للآخر عما يريد، وقيل: إنه من الخلو، يقال: شغر المكان؛ إذا خلا، والجهة شاغرة أي: خالية، والشغار: فعال، فهو من الطرفين إخلاء بإخلاء، بضع ببضع، ولا خلاف في تحريم الشغار، وأنه مخالف لشرع الله، كما يدل على هذا الأحاديث الصحيحة الشريفة في تحريمه، ومخالفته للمقتضيات الشرعية، ففي الصحيحين عن نافع عن ابن عمر، أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم نهى عن الشغار، والشغار: أن يزوج الرجل ابنته على أن يزوجه الآخر ابنته، وليس بينهما صداق، وفي صحيح مسلم، عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا شغار في الإسلام ، وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الشغار، والشغار أن يقول: زوجني ابنتك وأزوجك ابنتي، أو زوجني أختك وأزوجك أختي، وفي صحيح مسلم عن ابن الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الشغار ، وعن عبد الرحمن بن
هرمز الأعرج أن العباس بن عبد الله بن عباس أنكح عبد الرحمن بن الحكم ابنته وأنكحه عبد الرحمن ابنته، وقد كانا جعلا صداقًا، فكتب معاوية بن أبي سفيان إلى مروان بن الحكم يأمره بالتفريق بينهما، وقال في كتابه: هذا الشغار الذي نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، رواه أحمد وأبو داود . وقد اختلف العلماء رحمهم الله في تفسير الشغار، كما اختلفوا في صحته، قال في (نيل الأوطار): وللشغار صورتان: إحداهما: - المذكورة في الأحاديث - وهو: خلو بضع كل منهما من الصداق. والثانية: أن يشرط كل واحد من الوليين على الآخر أن يزوجه وليته. فمن العلماء من اعتبر الأولى فقط فمنعها دون الثانية، قال ابن عبد البر: أجمع العلماء على أن نكاح الشغار لا يجوز، ولكن اختلفوا في صحته: فالجمهور على البطلان، وفي رواية مالك:
يفسخ قبل الدخول لا بعده، وحكاه ابن المنذر عن الأوزاعي. وذهبت الحنفية إلى صحته ووجوب المهر، وهو قول الزهري ومكحول والثوري والليث، ورواية عن أحمد وإسحاق وأبي ثور . وقال ابن القيم رحمه الله في (زاد المعاد): اختلف الفقهاء في ذلك: فقال الإمام أحمد: الشغار الباطل: أن يزوجه وليته على أن يزوجه الآخر وليته ولا مهر بينهما، فإن سموا مع ذلك مهرًا صح العقد بالمسمى عنده. وقال الخرقي: لا يصح وإن سموا مهرًا. وقال أبو البركات ابن تيمية وغيره من أصحاب أحمد: إن سموا مهرًا وقالوا مع ذلك بضع كل واحدة مهر الأخرى لم يصح، وإن لم يقولوا ذلك صح. وقال في (المحرر): ومن زوج وليته من رجل على أن يزوجه الآخر وليته فأجابه ولا مهر بينهما - لم يصح العقد، ويسمى: نكاح الشغار، وإن سموا مهرًا صح العقد بالمسمى، نص عليه وقال الخرقي: لا يصح أصلاً. وقيل: إن قال فيه: وبضع كل واحدة مهرًا للأخرى لم يصح، وإلا صح وهو الأصح. ونظرًا لوجود الخلاف في المسألة فالذي يترجح عندنا أن ما كان منه شغارًا صريحًا لا خلاف فيه، وهو: أن لا يكون لأحدهما مهر، بل بضع في نظير بضع، أو هناك مهر قليل حيلة، أن حكم
هذا البطلان، فيفسخ العقد فيه سواء كان قبل الدخول أو بعده. وقد جاءت الشريعة الإسلامية بتحريم الشغار؛ لما فيه من التلاعب بمسئولية الولاية، وما تقتضيه من وجوب النصح وبذل الجهد في اختيار من يكون عونًا لها على ما يسعدها في حياتها الدنيا وفي الآخرة، وذلك أن الولي نظره لموليته نظر مصلحة، ورعاية واهتمام لا نظر شهوة وتسلط وإهمال، فليست بمنزلة أمته أو بهيمته أو ما يملكه مما يعاوض بها على ما يريد، وإنما هي أمانة في عنقه يتعين عليه أن يحقق لها من زواجها كفاءة الزوج، وصداق المثل، فكل راع مسئول عن رعيته، ومتى كان من الولي تساهل في توخي مصلحة موليته بإيثار مصلحته عليها كأن يعاوضه عليها بمال أو زوجة أو يعضلها عن الزواج انتظارًا لمن يعطيه ما يريد سقطت ولايته عليها، وقامت ولايتها لمن يعنى بها وبمصالحها ممن هو أولى بولايتها. أما ما ذكره السائل أن الشغار منتشر في قبائل بني الحارث وغيرها فإنه يتعين عليه وعلى جميع الغيورين على مصالح المسلمين أن ينكروا ذلك عليهم بألسنتهم، فإن لم يحصل ارتداع فعليهم أن يرفعوا ذلك إلى ولاة الأمر، وسيقوم ولاة الأمر إن شاء الله بما يحق
الحق ويبطل الباطل ويحفظ للإسلام حرمته والعلم بمقتضياته. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
س: إن نكاح الشغار سائد في غالب مناطق الجنوب، وأن بعض الناس هناك يتخذون الحيل تخوفًا من المطاردة، ومن تلك
الحيل المباينة بين المهور، والمباينة بين الأزمنة، بأن يتملك أحدهما اليوم والآخر بعد مدة، وأن يعقد أحدهما عند مأذون خلاف الذي عقد للآخر منها، ويطلب إفتاءه عن حكم هذا النكاح، وهل يخرج عن كونه شغارًا؟ سيما وأن الشرط فيه: زوجني أزوجك وإلا فلا.
ج: سبق أن ورد لسماحة مفتي الديار السعودية، الشيخ: محمد بن إبراهيم رحمه الله، سؤال مماثل، وقد أجاب عليه، فإننا نكتفي به ونورد للسائل نصه: والجواب: الحمد لله، الشغار هو: أن يزوج الرجل ابنته على أن يزوجه الآخر ابنته، أو يزوجه أخته على أن يزوجه أخته، وليس بينهما صداق. وسمي هذا النوع من التعاقد شغارًا لقبحه، شبّهه في القبح برفع الكلب رجله ليبول، يقال: شغر الكلب إذا رفع رجله ليبول، فكأن كل واحد رفع رجله للآخر عما يريد، وقيل: إنه من الخلو، يقال: شغر المكان؛ إذا خلا، والجهة شاغرة أي: خالية، والشغار: فعال، فهو من الطرفين إخلاء بإخلاء، بضع ببضع، ولا خلاف في تحريم الشغار، وأنه مخالف لشرع الله، كما يدل على هذا الأحاديث الصحيحة الشريفة في تحريمه، ومخالفته للمقتضيات الشرعية، ففي الصحيحين عن نافع عن ابن عمر، أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم نهى عن الشغار، والشغار: أن يزوج الرجل ابنته على أن يزوجه الآخر ابنته، وليس بينهما صداق، وفي صحيح مسلم، عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا شغار في الإسلام ، وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الشغار، والشغار أن يقول: زوجني ابنتك وأزوجك ابنتي، أو زوجني أختك وأزوجك أختي، وفي صحيح مسلم عن ابن الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الشغار ، وعن عبد الرحمن بن
هرمز الأعرج أن العباس بن عبد الله بن عباس أنكح عبد الرحمن بن الحكم ابنته وأنكحه عبد الرحمن ابنته، وقد كانا جعلا صداقًا، فكتب معاوية بن أبي سفيان إلى مروان بن الحكم يأمره بالتفريق بينهما، وقال في كتابه: هذا الشغار الذي نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، رواه أحمد وأبو داود . وقد اختلف العلماء رحمهم الله في تفسير الشغار، كما اختلفوا في صحته، قال في (نيل الأوطار): وللشغار صورتان: إحداهما: - المذكورة في الأحاديث - وهو: خلو بضع كل منهما من الصداق. والثانية: أن يشرط كل واحد من الوليين على الآخر أن يزوجه وليته. فمن العلماء من اعتبر الأولى فقط فمنعها دون الثانية، قال ابن عبد البر: أجمع العلماء على أن نكاح الشغار لا يجوز، ولكن اختلفوا في صحته: فالجمهور على البطلان، وفي رواية مالك:
يفسخ قبل الدخول لا بعده، وحكاه ابن المنذر عن الأوزاعي. وذهبت الحنفية إلى صحته ووجوب المهر، وهو قول الزهري ومكحول والثوري والليث، ورواية عن أحمد وإسحاق وأبي ثور . وقال ابن القيم رحمه الله في (زاد المعاد): اختلف الفقهاء في ذلك: فقال الإمام أحمد: الشغار الباطل: أن يزوجه وليته على أن يزوجه الآخر وليته ولا مهر بينهما، فإن سموا مع ذلك مهرًا صح العقد بالمسمى عنده. وقال الخرقي: لا يصح وإن سموا مهرًا. وقال أبو البركات ابن تيمية وغيره من أصحاب أحمد: إن سموا مهرًا وقالوا مع ذلك بضع كل واحدة مهر الأخرى لم يصح، وإن لم يقولوا ذلك صح. وقال في (المحرر): ومن زوج وليته من رجل على أن يزوجه الآخر وليته فأجابه ولا مهر بينهما - لم يصح العقد، ويسمى: نكاح الشغار، وإن سموا مهرًا صح العقد بالمسمى، نص عليه وقال الخرقي: لا يصح أصلاً. وقيل: إن قال فيه: وبضع كل واحدة مهرًا للأخرى لم يصح، وإلا صح وهو الأصح. ونظرًا لوجود الخلاف في المسألة فالذي يترجح عندنا أن ما كان منه شغارًا صريحًا لا خلاف فيه، وهو: أن لا يكون لأحدهما مهر، بل بضع في نظير بضع، أو هناك مهر قليل حيلة، أن حكم
هذا البطلان، فيفسخ العقد فيه سواء كان قبل الدخول أو بعده. وقد جاءت الشريعة الإسلامية بتحريم الشغار؛ لما فيه من التلاعب بمسئولية الولاية، وما تقتضيه من وجوب النصح وبذل الجهد في اختيار من يكون عونًا لها على ما يسعدها في حياتها الدنيا وفي الآخرة، وذلك أن الولي نظره لموليته نظر مصلحة، ورعاية واهتمام لا نظر شهوة وتسلط وإهمال، فليست بمنزلة أمته أو بهيمته أو ما يملكه مما يعاوض بها على ما يريد، وإنما هي أمانة في عنقه يتعين عليه أن يحقق لها من زواجها كفاءة الزوج، وصداق المثل، فكل راع مسئول عن رعيته، ومتى كان من الولي تساهل في توخي مصلحة موليته بإيثار مصلحته عليها كأن يعاوضه عليها بمال أو زوجة أو يعضلها عن الزواج انتظارًا لمن يعطيه ما يريد سقطت ولايته عليها، وقامت ولايتها لمن يعنى بها وبمصالحها ممن هو أولى بولايتها. أما ما ذكره السائل أن الشغار منتشر في قبائل بني الحارث وغيرها فإنه يتعين عليه وعلى جميع الغيورين على مصالح المسلمين أن ينكروا ذلك عليهم بألسنتهم، فإن لم يحصل ارتداع فعليهم أن يرفعوا ذلك إلى ولاة الأمر، وسيقوم ولاة الأمر إن شاء الله بما يحق
الحق ويبطل الباطل ويحفظ للإسلام حرمته والعلم بمقتضياته. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
الفتاوى المشابهة
- صفة نكاح الشغار وحكمه - ابن باز
- صورة زواج الشغار وحكمه - ابن باز
- صورة نكاح الشغار وحكمه - ابن باز
- صورة نكاح الشغار وحكمه - ابن باز
- حقيقة الشغار وحكمه - ابن باز
- ما حكم نكاح الشغار ؟ - الالباني
- حكم نكاح الشغار - ابن عثيمين
- نكاح الشغار هو البدل وهو باطل - ابن باز
- نكاح الشغار - الفوزان
- حكم نكاح الشغار - ابن باز
- حكم نكاح الشغار - اللجنة الدائمة