تم نسخ النصتم نسخ العنوان
معنى جهاد النفس وفي سبيل الله - اللجنة الدائمة السؤال الرابع من الفتوى رقم (  9105  )  س4: هل كلمة (الجهاد) و (في سبيل الله) التي وردت في القرآن الكريم لا تعني غير القتال، هل صحيح أنه لا وجود لشيء ا...
العالم
طريقة البحث
معنى جهاد النفس وفي سبيل الله
اللجنة الدائمة
السؤال الرابع من الفتوى رقم ( 9105 )
س4: هل كلمة (الجهاد) و (في سبيل الله) التي وردت في القرآن الكريم لا تعني غير القتال، هل صحيح أنه لا وجود لشيء اسمه جهاد النفس، هل جهاد النفس كما ورد من النبي صلى الله عليه وسلم عند عودته من غزوة تبوك لا ينبغي أن يعتقد فيه؛ لأن الحديث ضعيف، من يستطيع أن يقول إنه من الجهاد، أو في
سبيل الله في ضوء الأحاديث النبوية؟

ج4: أولاً: صدر قرار من مجلس هيئة كبار العلماء بالمملكة في المراد بقوله: وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ في آية مصارف الزكاة، وهو: قرار رقم 24 وتاريخ 12 \ 8 \ 1394 هـ الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، محمد وعلى آله وصحبه، وبعد: فقد جرى اطلاع هيئة كبار العلماء في دورتها الخامسة، المعقودة في مدينة الطائف ، ما بين يوم 5 \ 8 \ 94 هـ، ويوم 22 \ 8 \ 1394 هـ، على ما أعدته اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء من بحث في المراد بقول الله تعالى في آية مصارف الزكاة: وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ هل المراد بذلك الغزاة في سبيل الله، وما يلزم لهم، أم عام في كل وجه من وجوه البر؟ وبعد دراسة البحث المعد، والاطلاع على ما تضمنه من أقوال أهل العلم في هذا الصدد، ومناقشة أدلة من فسر المراد بسبيل الله في الآية بأنهم الغزاة وما يلزم لهم، وأدلة من توسع في المراد بالآية، ولم يحصرها في الغزاة، فأدخل فيه: بناء المساجد، والقناطر، وتعليم العلم
وتعلمه، وبث الدعاة والمرشدين..، وغير ذلك من أعمال البر. رأى أكثرية أعضاء المجلس الأخذ بقول جمهور العلماء من مفسرين ومحدثين وفقهاء، من أن المراد بقوله تعالى: وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ : الغزاة المتطوعون بغزوهم، وما يلزم لهم من استعداد، وإذا لم يوجدوا صرفت الزكاة كلها للأصناف الأخرى، ولا يجوز صرفها في شيء من المرافق العامة، إلا إذا لم يوجد لها مستحق من الفقراء والمساكين، وبقية الأصناف المنصوص عليهم في الآية. وبالله التوفيق، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

وجهة نظر في المراد بقوله تعالى: وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، محمد وعلى آله وصحبه، وبعد: فبدراستنا لأقوال أهل العلم في تفسير قوله تعالى: وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ من آية: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ
الآية، وتأملنا الآراء الثلاثة في تعيين المراد بسبيل الله، وما استند إليه أصحاب كل رأي؛ ظهر لنا وجاهة القول بأن المراد بسبيل الله في قوله تعالى: وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ : وجوه البر، وفي مقدمتها الجهاد في سبيل الله، وذلك لما يأتي: 1 - أن اللفظ عام؛ فلا يجوز قصره على بعض أفراده دون سائرها إلا بدليل، ولا دليل على ذلك، وما قيل بشأن حديث عطاء بن يسار : لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة.. وذكر منهم: (غاز في سبيل الله) يعين: أن سبيل الله هو الغزو، فغير صحيح، ذلك أن غاية ما يدل عليه الحديث: أن المجاهد يعطى من سهم سبيل الله ولو كان غنيًّا، وسبل الله كثيرة لا تنحصر في الجهاد في سبيل الله. 2 - جاءت الأحاديث والآثار بتطبيق العموم في مدلول قوله تعالى: وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ فقد اعتبرت السنة الحج والعمرة في سبيل الله، يتضح ذلك من حديث أبي لاس وحديث أم معقل ، وحديث ابن عباس ، وفيه: أما إنك لو أحججتها عليه كان في سبيل الله. وقد جاءت الآثار عن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم باعتبار الحج سبيلاً من سبل الله، فقد ذكر أبو عبيد في كتابه الأموال بإسناده إلى ابن عباس رضي الله عنهما، أنه كان لا يرى
بأسًا أن يعطي الرجل من زكاة ماله للحج، وما أخرجه أبو عبيد بإسناد صحيح إلى ابن عمر أنه سئل عن امرأة أوصت بثلاثين درهمًا في سبيل الله، فقيل له: أتُجعل في الحج؟ قال: أما إنه من سبيل الله. وما ذكره القرطبي في تفسيره، من أن عبد الرحمن بن أبي نعم قال: كنت جالسًا مع عبد الله بن عمر، فأتته امرأة فقالت له: يا أبا عبد الرحمن، إن زوجي أوصى بماله في سبيل الله.. وفيه:.. أمرها أن تدفعه إلى قوم صالحين إلى حجاج بيت الله الحرام ، أولئك وفد الرحمن، أولئك وفد الرحمن، أولئك وفد الرحمن. كما اعتبرت السنة إشاعة الألفة بين المسلمين، وتطييب خواطرهم، وحفظ حقوقهم سبيلاً من سبل الله، ففي صحيح البخاري في باب القسامة قال: حدثنا أبو نعيم ، حدثنا سعيد بن عبيد ، عن بشير بن يسار ، زعم أن رجلاً من الأنصار يقال له: سهل ابن أبي حثمة، أخبره أن نفرًا من قومه انطلقوا إلى خيبر، فتفرقوا فيها، ووجدوا أحدهم قتيلاً، وقالوا للذي وجد فيهم: قتلتم صاحبنا، قالوا: ما قتلنا ولا علمنا قاتلاً، فانطلقوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله، انطلقنا إلى خيبر فوجدنا أحدنا قتيلاً، فقال: الكبر الكبر فقال لهم: تأتون بالبينة على من قتله؟، قالوا: ما لنا بينة، قال: فيحلفون، قالوا: لا نرضى بأيمان اليهود، فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبطل دمه، فوداه مائة من إبل الصدقة . قال ابن حجر : ووقع
في رواية ابن أبي ليلى : فوداه من عنده. وقد جمع بعضهم بين الروايتين بأن المراد من قوله من عنده، أي: بيت المال المرصد للمصالح، قال ابن حجر : وقد حمله بعضهم على ظاهره، فحكى القاضي عياض عن بعض العلماء، جواز صرف الزكاة في المصالح العامة، واستدل بهذا الحديث وغيره. قلت وقد تقدم شيء من ذلك في كتاب الزكاة، وفي الكلام على حديث أبي لاس ، قال: حملنا النبي صلى الله عليه وسلم على إبل الصدقة في الحج ، وعلى هذا فالمراد بالعندية: كونها تحت أمره، وحكمه، وللاحتراز من جعل ديته على اليهود أو غيرهم. قال القرطبي في (المفهم): فعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك على مقتضى كرمه، وحسن سياسته، وجلبًا للمصلحة، ودرءًا للمفسده، على سبيل التأليف، ولا سيما عند تعذر الوصول إلى استيفاء الحق. ا. هـ. وذكر النووي في معرض شرحه حديث القسامة قال: وقال الإمام أبو إسحاق المروزي من أصحابنا: يجوز صرفها من إبل الزكاة لهذا الحديث، فأخذ بظاهره. ا. هـ. ورأى حبر هذه الأمة، عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، أنه يجوز الإعتاق من الزكاة، ففي صحيح البخاري، تحت باب قول الله تعالى: وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ : ويذكر
عن ابن عباس رضي الله عنهما: يعتق من زكاة ماله، ويعطي في الحج، ثم تلا: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ الآية، في: أيها أعطيت أجزأت. قال ابن حجر : ووصله أبو عبيد في كتاب الأموال من طريق حسان بن أبي الأشرس ، عن مجاهد ، عنه، أنه كان لا يرى بأسًا أن يعطي الرجل من زكاة ماله في الحج، وأن يعتق منه الرقبة، وأخرج عن أبي بكر بن عياش ، عن الأعمش ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، قال: أعتق من زكاة مالك. ا. هـ. 3 - أن تعبير النبي صلى الله عليه وسلم بمن التبعيضية في حديث معقل في قوله: فإن الحج من سبيل الله ، يشعر أن سبيل الله الوارد في آية مصارف الزكاة على عمومه، وأنه يتناول مجموعة من الأمور، وأن الحج منها. وبمثل تعبيره صلى الله عليه وسلم عبر ابن عمر فقال عن الحج: أما إنه من سبيل الله. وعليه فإن وجهة نظرنا تتلخص فيما يأتي: أنه مع مراعاة عدم الإخلال بمصارف الزكاة الأخرى، فإن سهم سبيل الله يشمل سائر المصالح العامة، وأولاها بالتقديم الاستعداد لمحاربة أعداء الإسلام، بشراء الأسلحة بجميع أنواعها، وتجهيز الغزاة، وتغذية الجند، وما إلى ذلك، إذا لم يكن في بيت المال ما يقوم بذلك أو يكفيه. ومن أعظم المصالح العامة: بعث البعوث للدعوة إلى الإسلام،
وبيان أحكامه، ومحاربة دعاة الضلال والإلحاد، والمبادئ الهدامة. وبالله التوفيق، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.

ثانيًا: جهاد النفس - بحملها على فعل ما أمر الله به، وكفها عما نهى الله عنه - مشروع، ولكن كون الجهاد الأكبر وقتال الكفار هو الجهاد الأصغر ليس بصحيح، والحديث الوارد في هذا ليس بصحيح. والله أعلم. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

Webiste