توضيح الشيخ لضابط كون المحدثات من البدع، ونقل كلام شيخ الإسلام في ذلك، وضرب بعض الأمثلة كصلاة التراويح.
الشيخ محمد ناصر الالباني
الشيخ : فسيقول بكل أمرٍ حدث إنه بدعة، لأن الرسول عليه السلام يقول: وإياكم ومحدثات الأمور إلى آخره، وهذا الشيء أي شيء كان مُحدث فإذن نحن نرده، فيُنكر هذه القاعدة وهي قاعدة مهمة جدًّا على التفصيل الذي سأذكره نقلًا عن ابن تيمية، يقول: " المحدثات مِن بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم إمّا أن تكون في الدين أو في الدنيا، فإذا كانت في الدنيا فالأمر في ذلك واسعٌ ما لم يخالف نصًّا شرعيًّا، وقد قال عليه الصلاة والسلام في حديث تأبير النخل: أنتم أعلم بأمور دنياكم ، أما إذا كان هذا الأمر الحادث له صِلَة بالدين وببعض الأحكام الشرعية كالواجب أو المستحب أو نحو ذلك فينظر -وهنا تفصيله الدقيق-: إن كان هذا الأمر الحادث الذي حدث ولم يكن هناك نص منه عليه الصلاة والسلام يُفيد شرعية فعله فيُنظر -على ما يأتي- أما إن كان هناك نص على جواز فعله فلو أنه حدث فيما بعد فليس مِن الإحداث في الدين في شيء " وهو يذكر بهذه المناسبة صلاة أُبي بن كعب التراويح بأمر عمر جماعة في المسجد النبوي، ويطيل البحث في هذا، ولستم بحاجة إلا إلى إشارة عابرة وسريعة أنَّ عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- لم يُحدث صلاة الجماعة في التراويح، وإنما كل ما فعله أنما هو أحياها، فقد سنَّ النبي صلى الله عليه وسلم صلاة قيام التراويح في رمضان جماعة بقوله وفعله، أما قوله فإنما هو كما في حديث حذيفة بن اليمان -رضي الله تعالى عنه-: أن النبي صلى الله عليه وعلى آله قال ما معناه: من صلى صلاة العشاء وراء الإمام ثم قام معه حتى ينصرف كَتب الله له قيام ليلة : ففي هذا الحديث حض النبي صلى الله عليه وآله وسلم لمن صلّى صلاة العشاء مع الإمام أن يقوم معه صلاة القيام، فإنه إن فعل ذلك كتب الله له أجر قيام ليلة بكاملها، فهذا تشريع بل تسنين من النبي صلى الله عليه وآله وسلم لصلاة الجماعة في صلاة التراويح، أما فعله فمعلوم لديكم أنه صلى تلك الليالي الثلاث ثم لم يخرج حتى رُمي بابُه بالحصباء، فخرج عليه الصلاة والسلام مُغضبًا، قال لهم: أما إنه لم يخف علي مكانكم هذا، وإني عمدًا فعلت، فصلوا أيها الناس في بيوتكم، فإن أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة ، فهنا نرى أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد سن صلاة القيام في رمضان جماعةً، ولكنه لأمرٍ عارض صرح في هذا الحديث نفسه: إني خشيت أن تكتب عليكم ترك هذه الجماعة، فصلاها أُبي بن كعب بأمر عمر إحياء لهذه السنة، فليس ما فعله عمر بالأمر الحادث غير المشروع، صحيح هو حادث أي: بعد تلك الليالي الثلاث لم يكن الناس يصلون صلاة التراويح جماعةً وراء إمام واحد، فعمر -رضي الله عنه- أحيا هذه السنة التي كانت تُركت لأسباب، يقول بعض العلماء: أنهم رضي الله عنهم كانوا مشغولين بمحاربة أهل الردة والقضاء على الفتنة، حتى جاء عمر فألهمه الله عز وجل بأن يُحيي هذه السنة ففعل، فهذا من جهة حادث ومن جهة عبادة، لأن أصلها مشروع كما ذكرنا بفعله -صلى الله عليه وآله وسلم- وقوله، على ذلك حمل قوله، قول عمر رضي الله عنه: " نعمت البدعة هذه " على البدعة اللغوية وليس على البدعة الشرعية، لأن البدعة الشرعية مذمومة على الإطلاق كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار وإنما أطلق عليها بأنها بدعة باعتبار ما تقدمه من أول خلافته أولًا: حيث لم يحيي هذه السنة، ومن حيث خلافة أبي بكر التي هي سنتان ونصف، بسبب أن هذه السنة كانت غير محياة فأحياها هو فسماها بدعة أي: حدثت بعد أن لم تكن في هذا الزمان الذي تلا ترك الرسول عليه السلام لها إلى إحياء عمر -رضي الله عنه- لها.
الفتاوى المشابهة
- رجوع الشيخ للحديث عن بيان وتوجيه قول عمر : " ن... - الالباني
- قال الإخوة ما تقولون في قول عمر بن الخطاب :... - ابن عثيمين
- صلاة التراويح مع من يفعلون البدع - اللجنة الدائمة
- لماذا أطلق عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - عن ص... - الالباني
- صلاة التراويح جماعة في المسجد - اللجنة الدائمة
- لماذا النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر لم يجم... - الالباني
- لماذا أطلق عمر بن الخطاب عن صلاة التراويح جماع... - الالباني
- الجواب عن الشبهة الثانية لِمَن يقسم البدع إلى... - الالباني
- الجواب عن قول عمر رضي الله عنه في صلاة الترا... - ابن عثيمين
- الرَّدُّ على مَن يستدلُّ بقول عمر - رضي الله ع... - الالباني
- توضيح الشيخ لضابط كون المحدثات من البدع، ونقل... - الالباني