تم نسخ النصتم نسخ العنوان
ما الراجح عندكم في مسألة عروض التجارة ؟ وإن كن... - الالبانيالسائل : يا شيخ -جزاك الله خير- عندي استفسار حول سؤال الزكاة في عروض التجارة !الشيخ : تفضل !السائل : كأنني فهمت أنك ترجح القول بعدم الزكاة ؟ الشيخ : كيف...
العالم
طريقة البحث
ما الراجح عندكم في مسألة عروض التجارة ؟ وإن كنتم ترجحون عدمها فأكثر التجار أموالهم في عروضهم فأين الزكاة ؟
الشيخ محمد ناصر الالباني
السائل : يا شيخ -جزاك الله خير- عندي استفسار حول سؤال الزكاة في عروض التجارة !

الشيخ : تفضل !

السائل : كأنني فهمت أنك ترجح القول بعدم الزكاة ؟

الشيخ : كيف لا !!

السائل : طيب كثير من التجار معظم الحول وأموالهم في عروض ، يعني نادراً ما يتوفر لدى التاجر سيولة يمر عليها الحول تكون نصاب تجب فيها الزكاة ؟

الشيخ : هذا من الحجة عليك وليس لك ، لأننا الآن سنقول قولاً يعرفه العلماء المختصون في الاقتصاد ، بل ويشاركهم في ذلك ربما نستطيع أن نقول: عامة الناس، وإن لم نقل ذلك فعلى الأقل التجار ، الآن نوجه سؤالاً :
هناك تاجران ومالُهما بنسبة واحدة من الكثرة ، هذا عنده مثلاً مليون وهذا عنده مليون ، أحدهما قد كنز المليون في صندوق حديد ، ولا أقول في البنك لأن هذا حرام لا يجوز ، إنما كنز هذا المال في صندوق الحديد الموضوع في مكان حريز أمين ، وكلما حال الحول على هذا المليون أخرج صدقة هذا المال بالمئة اثنين ونص ووزعها على الفقراء والمساكين ، لا شك أن هذا قد زكى ماله ، وبالتالي زكَّى نفسه ، الرجل الآخر الغني المليون سواءٌ كانوا ريالات أو دنانير المهم تقريب الموضوع إلى الأذهان :
هذا الرجل الثاني حوَّل المليون إلى عروض التجارة وطرحها في السوق وتعامل بها ، تصوروا الآن : كم أولاً من الناس سيستفيدون من مال هذا الغني الذي تحول ماله إلى عروض تجارة ؟!
لقد نفع الفقراء والمساكين الذين لا تجب الزكاة عليهم ونفع ناساً آخرين من العمال والتجار الذين هم وسط دونه في المال هذا من جهة ، ومن جهة أخرى أعني الجهة هذه الأولى أن منفعة المال الذي يُشتغل به ويُدار بين الناس لا شك أنه أنفع من ذلك المال المكتنز والذي يخرج في آخر كل سنة منه بالمئة اثنين ونص .
ومن جهة أخرى أي المالين أشرف شرعاً آلمال الذي يعطى من اليد العليا إلى اليد السفلى أم المال الذي يُؤخذ بحق بعرق الجبين وكد اليمين ؟!
أنتم تعلمون قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : اليد العليا خيرٌ من اليد السفلى ، واليد العليا هي المعطية وفي لهجة عربية كما جاء في الحديث نفسه : هي المنطية واليد الأخرى هي اليد الآخذة ، فإذاً حينما يعطي الغني الأول ماله فإنما يعطي ويده هي العليا ويد المسكين الآخذ هي السفلى .
أما الغني الآخر الذي طرح ماله في التعامل بين الناس فهو والمتعاملين معه في ذلك سواء كلٌّ منهم يأخذ حقه على الطريقة المشروعة .
فإذاً لو تركنا الناحية الأخرى ناحية الأكمل للمسلم أن يأخذ حقه بيد سفلى أم بيد مساوية للعليا إذا تركتنا هذه الناحية جانباً ونظرنا إلى الناحية الأولى لوجدنا أن الأمر من الناحية الاقتصادية أنّ عروض التجارة التي لا يُعطى عليها الزكاة إنما قلنا آنفاً يخرج منها ما تطيب نفسه فوق أنه أشغل الأمة بهذا المال .
وتصوروا أنا ضربت مثالاً رجلين غنيين فتصوروا إذا كان عندنا مئات الأغنياء وكلهم خزنوا أموالهم في صناديقهم ، تُرى ما يكون حال الاقتصاد ؟
لا شك أنه سينهار ، فإذاً نحن نعتقد وهذا من فضل الاقتداء بالسلف ولا نقول عبثاً ما ألقينا على مسامعكم آنفاً الكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح ، لأن ذلك الاقتداء هو الذي يصلح المجتمع ، من أجل ذلك قال إمام دار الهجرة مالك بن أنس -رضي الله تعالى عنه- : " من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أن محمداً صلى الله عليه وآله وسلم خان الرسالة اقرؤوا قول الله تبارك وتعالى : اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً ، فما لم يكن يومئذ ديناً لا يكون اليوم ديناً -والشاهد قال:- ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها " : ومن هنا نفهم أهمية الفقه المستنبط من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية والآثار السلفية فبذلك يصلح المجتمع كما قال مالك آنفاً : " ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها " .
أنا ما أردت أن أذكر هذه الناحية الاقتصادية لأنه ليس من منهجي العلمي أن أُدعم الحكم الشرعي بأكثر مما جاء في الكتاب والسنة ، ولكني إنما ذكرت هذا جواب ذاك السؤال الذي سمعناه مراراً وتكراراً بمثل الإجابة عن ذاك السؤال :
هل تجب الزكاة على عروض التجارة ، فنحن نذكر ما جاء في الكتاب والسنة والآثار السلفية كما ذكرت آنفاً .
أما إذا قال سائل متوهماً أننا إذا قلنا بأن عروض التجارة ألحقنا ضرراً بالفقراء والمساكين لا والله ، الأمر على خلاف ذلك تماماً ، إنّ تشغيل هذه الأموال المكدسة في بعض الخزائن وتحويلها إلى عروض التجارة هو أنفع للمساكين ولغيرهم أيضاً ثم في ذلك لا مانع أن يضيف إلى هذا الإشغال أن يخرج منه ما تطيب به نفسه كما جاء في الآية الكريمة : خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها ، وكما قلنا آنفاً : قد أفلح من زكاها * وقد خاب من دسّاها .
نعم

Webiste