تم نسخ النصتم نسخ العنوان
ما هو الرَّدُّ على شبهة من يقول : إذا لم تخرج... - الالبانيالسائل : وما ردُّ فضيلتكم على بعض المسلمين الذين يقولون أن المرأة المسلمة إن لم تعمل في مجال الطب والتدريس والتمريض ؛ فمن يقوم بديلًا عنهنَّ ؟ علمًا بأن...
العالم
طريقة البحث
ما هو الرَّدُّ على شبهة من يقول : إذا لم تخرج المرأة للعمل والتدريس ؛ فمن يقوم بهذا الدور ؟ وإعمال قاعدة : " الضرورات تبيح المحظورات " .
الشيخ محمد ناصر الالباني
السائل : وما ردُّ فضيلتكم على بعض المسلمين الذين يقولون أن المرأة المسلمة إن لم تعمل في مجال الطب والتدريس والتمريض ؛ فمن يقوم بديلًا عنهنَّ ؟ علمًا بأنهنَّ يقعن في بعض المخالفات الشرعية ، ويستدلون بأن " الضرورات تبيح المحظورات " ، وهنا ضرورة شرعية من أداء هذه المهن خدمةً للمسلمين جميعًا ؟

الشيخ : الاستدلال بهذه القاعدة في هذه المسألة لا أراها صوابًا ، لا أراه صوابًا ، ذلك بأن الضرورات تبيح المحظورات هو فيما يتعلق بالأفراد ، ونحن نعلم أن هذه القاعدة أخذت من آية : { حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير } ، ثم تابع ربنا - تبارك وتعالى - الآية فقال : { إلا ما اضطررتم إليه } ، فإذا وقع الإنسان ، يجب أن نلاحظ هنا شيئين اثنين :
- الأول : إذا وقع الإنسان المكلف بالشيء فاضطر إلى أن يواقع ما الأصل فيه الحرام ، فهنا " الضرورات تبيح المحظورات " .
- الشيء الثاني : لا يقال " الضرورات تبيح المحظورات " في شيء لم يقع بعد ، وإنما قد يقع في المستقبل ، فنحن لا ينبغي لنا - مثلًا - أن نعرض أنفسنا للهلاك في موضع لا نجد فيه الخلاص من الهلاك بما أحلَّ الله ، وعلى العكس من ذلك ؛ إذا طرأ هذا الطارئ على هذا الإنسان المُكلف ، ففي هذه الحالة إذا اضطر أن يأكل ما حرّم الله جاز ، أما أن يتقصَّد الإنسان أن يدخل المجتمع يعلم بأنه يقع في ما حرَّم الله فيُبرِّر هذا الدخول بقاعدة " الضرورات تبيح المحظورات " ، هذه القاعدة ليس محلها ههنا ، وإنما محلها فيما إذا ما وقع الإنسان بغير كسب منه ولا سعي منه في ضرورة بضرورة ؛ فهناك محل " الضرورات تبيح المحظورات " ، على أن العلماء قيدوا هذه القاعدة كما ذكرت في جلسة سابقة بقاعدة أخرى ؛ حتى لا يصبح تطبيقها فوضى ، فقالوا : " الضرورة تقدَّر بقدرها " ، فإنسان - مثلًا - اضطر لأكل الميتة فلا يجلس ويأكل منها كأنه يأكل لحمًا طازجًا حلالًا ، وإنما يأكل بمقدار ما يدفع عنه خطر الهلاك ، ثانيًا : نحن نقول يجب أن يكون هناك طبيبات مسلمات ، وهذا على الوجوب الكفائي ، وليس على الوجوب العيني ، ولكن إذا كان تحصيل واجب كفائي يترتَّب منه أن يقع هذا ... أو هذا الطارئ لتحقيق هذا الفرض الكفائي ، إذا كان يعلم أنه سيقع في مخالفة شرعية ؛ فلا يجوز له أن يأتيَ هذا الفرض الذي هو فرض كفائي ، فنحن نعلم هذا الحكم من أحكام الأخرى يذكرها الفقهاء في بعض الفروع الفقهية ، مثلًا تشييع الجنائز هو فرض كفائي ، إذا قام به البعض سقط عن الباقين ، لكن الفقهاء يذكرون أن هذا الفرض الكفائي إذا اقترن معه مخالفات شرعية ، وبدع تخالف النصوص الحديثية ؛ فلا يجوز للمسلم أن يحضر ذلك التشييع ؛ لأنه ليس بواجب عيني عليه حضوره ، بل نجدهم يصرِّحون ، وهذا ما كنت ذكرته بشيء من البيان والتّفصيل في كتابي " آداب الزفاف في السنة المطهرة " ، يقولون : إذا دُعي المسلم إلى وليمة ، فعليه الإجابة ، إلا إذا كان يعلم أن ثمَّة منكرًا لا يستطيع تغييره ، فحين ذاك يسقط عنه وجوب الإجابة ؛ فهذه كلها أمور معروفة من السنة ، ومن أقوال الفقهاء ، فلا يجوز إذًا أن نقول نحن بأنه يجوز لنا أن نعرِّضَ نساءنا وبناتنا لما قد نراه من الفساد في الجامعات وغيرها بدعوى أننا نريد أن نعلم نساءنا وبناتنا فرضًا كفائيًّا .
هذا الفرض الكفائي - أنا أقول - سيحصل من بعض النسوة اللاتي لا يلتزمن ما يلتزمه المؤمنات الصالحات القانتات ، ولذلك فلا خوف على المجتمع الإسلامي من التزام الحكم الشرعي الذي نحن في صدد بيانه بدعوى أنه إذا لم تتقدَّم النساء المسلمات لتحصيل هذا الفرض الكفائي ، مع الاعتبار بأن هناك مفاسد تقع في ذاك المكان الذي يحصِّلون فيه هذا العلم ، لا خوف من أن هذا العلم سوف لا يوجد من النساء من يحصِّله ؛ لأنه كما يقال : " لكل ساقطة في الحي لاقطة " ، فنحن نرى بالمشاهدة أن ليس كل الشباب المسلم الذي ينطلق إلى المدارس والجامعات هو ملتزم ، وكذلك ليس كل الفتيات المسلمات اللَّاتي ينتمين - أيضًا - إلى المدارس والجامعات أيضًا لسْنَ كلهن ملتزمات ، فاللاتي عندهنَّ تساهل ؛ فهؤلاء هم سيقومون بتحصيل هذا الواجب الكفائي ، والأخريات من النساء الملتزمات إذا لم يقمْنَ به ؛ ففي الأصل ما عليهنَّ مسؤولية ؛ لأنه فرض كفائي ، إذا قام بالواجب من المسلمين أو المسلمات سقط عنهنَّ ، وثانيًا : قد ابتعدْنَ عن مواقع الزَّلل والخطر .
هذا توجيهي وجوابي عن ذاك السؤال .

Webiste