هناك أناس ينكرون سحر الرسول - صلى الله عليه وسلم - استدلالًا بقوله - تعالى - : (( والله يعصمك من الناس )) ؛ فما ردُّ هذه الشُّبهة ؟
الشيخ محمد ناصر الالباني
السائل : ... أناس يقولون أن يعني : حديث سحر الرسول - صلى الله عليه وسلم - ينكرون هذا ، ويستدلُّون بقول الله - تعالى - : والله يعصمك من الناس ، نريد التفسير يعني ؟
الشيخ : هذا استدلال واهٍ جدًّا ، وهو استدلال بالمتشابه من المعاني ، فقوله - تبارك وتعالى - : والله يعصمك من الناس حقٌّ وصدقٌ يجب الإيمان به كسائر آيات الله ، ولكن الإيمان لا يكمل إلا إذا فُسِّر القرآن تفسيرًا صحيحًا مجرَّدًا عن الأهواء والأغراض والتعصُّب المذهبي ، أولًا هذه الآية نزلت حينما كان النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - يقوم على حراسته بعض أصحابه ولو كان في المعركة ، فأنزل الله - عز وجل - عليه هذه الآية وهو في كوخٍ صغير متواضع ، وبجانبه أحد أصحابه - عليه السلام - ، ولعله سعد بن أبى وقاص - رضي الله عنه - إن لم تخنِّي ذاكرتي ، فلما نزلت هذه الآية صرفه وتلاها عليه : والله يعصمك من الناس ؛ أي : الله يعصمه من الناس أن يقتلوه قبل أن يتمكَّن من أن يقوم بواجب تبليغه لدعوة ربِّه ؛ لذلك تقول السيدة عائشة - رضي الله عنها - فيما أخرجه البخاري ومسلم في " صحيحيهما " من طريق مسروق من كبار التابعين الذي كان أصله عبد ثم أُعتق ، وصار من كبار علماء التابعين - رحمه الله - ، من طريق مسروق هذا أخرج الشيخان أنه قال لعائشة : " يا أم المؤمنين ، هل رأى محمدٌ ربَّه ؟ قالت : لقد قفَّ شعري ممَّا قلت . قال : يا أم المؤمنين ، أليس يقول ربُّ العالمين ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى ؟! قالت - رضي الله عنها - : أنا أعلم الناس بذلك ؛ سمعت رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يقول : رأيت جبريل في صورته التي خُلق فيها مرَّتين ، وله ستمائة جناح ، وقد سدَّ الأفق " .
جبريل رأه الرسول - عليه السلام - مرَّتين وليس رب العالمين ؛ حيث يَهِمُ بعض الناس يُرجعون الضمير إلى رب العالمين ، فالسيدة عائشة تقول : " أنا أعلم الناس بذلك " ؛ لأنها سألت الرسول - عليه الصلاة والسلام - ، فأجابها بأنه لم يرَ ربَّه ، وإنما رأى جبريل - عليه السلام - مرَّتين في صورته الطبيعية التي خلقه الله عليها ، وهو - لعظمته ! - قد سدَّ الأفق ، ثم تابعت السيدة عائشة كلامها معلِّمة للمسلمين ؛ لأنها من أمهات المؤمنين ، فقالت : " ثلاث من حدَّثكموهنَّ فقد أعظم على الله الفرية ؛ من حدَّثكم أن محمَّدًا - صلى الله عليه وآله وسلم - رأى ربَّه ؛ فقد أعظم على الله الفرية ، ثم تلت قوله - تبارك وتعالى - : وما كان ؛ قال - تعالى - : وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيًا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولًا ، ومن حدَّثكم - الخصلة الثانية - ، ومن حدَّثكم أن محمَّدًا - صلى الله عليه وآله وسلم - كان يعلم ما في غدٍ ؛ فقد أعظم على الله الفرية ، ثم تلت قوله - تعالى - : قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله ، والثالثة - والأخيرة ، وهنا الشاهد - قالت : ومن حدَّثكم أن محمَّدًا - صلى الله عليه وآله وسلم - كتم شيئًا أُمر بتبليغه ؛ فقد أعظم على الله الفرية ، ثم تلت قوله - تعالى - : يا أيها الرسول بلِّغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس " ؛ أي : أن يحول بينك وبين تبليغك لرسالة ربِّك .
هذا هو معنى هذا الحديث ، فليس له علاقة بتسلُّط بعض المشركين الأشرار على النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بشيء من الإيذاء ، كيف ومن الثابت في السيرة النبوية أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قد أُوذي وشُجَّ في وجهه في بعض غزواته وكسرت رباعيَّته فهل هذا ينافي قوله - تعالى - : والله يعصمك من الناس ؟ الجواب : لا ، لأن الآية في معناها الصحيح في وادٍ ، ودعوى أولئك الناس في واد آخر ، ثم هم يُبطلون بهذا الفهم الخاطئ حديثًا صحيحًا متفق عليه بين الشيخين أولًا ، البخاري ومسلم ، ثم هو مما تلقَّته الأمة بالقبول ، وقد جاء له مع أن إسناده في غاية الصحة لأن له طرقًا كثيرة تدور كلُّها على هشام بن عروة ، عن أبيه عروة ، عن عائشة ، هذا سند معروف الصحة جدًّا جدًّا ، عروة هو ابن أسماء أخت عائشة ، وهشام هو ابن عروة ، فالابن يروي عن أبيه ، وأبوه يروي عن خالته عائشة هذه القصة ، فأبعد ما يكون من حيث الرواية أن تكون هذه القصة غير صحيحة ، لكن أهل الأهواء هم في الحقيقة - والشاهد الآن قائم ممَّن عرفتم قصته ، وهو الشيخ الغزالي المصري - ؛ أن هؤلاء لا يقيمون وزنًا لجهود علماء الحديث المتكاثفة المتعاونة طيلة هذه القرون الطويلة في العناية بحفظ السنة أن يدخل فيها ما ليس منها ، فهم خرجوا عن طريق المسلمين ، لا فرق بين طريق أهل الحديث ، وطريق أهل التفسير ، وطريق أهل الفقه ؛ فقد خالفوهم جميعًا ؛ لأن هذا الحديث قد رواه - كما علمتم - الشيخان في " صحيحيهما " ، ثم تلقَّته علماء الأمة في جميع اختصاصاتهم من مفسِّرين وفقهاء ونحو ذلك تلقَّوه بالقبول ، فجاء بعضهم وإن كان هذا وأمثاله سُبِقوا إلى مثل هذا الانحراف ، فخالفوا بذلك سبيل المؤمنين ، فيُخشى أن يشملهم وعيد قول ربِّ العالمين : ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبيَّن له الهدى ويتَّبع غير سبيل المؤمنين نولِّه ما تولَّى ونصله جهنم وساءت مصيرًا .
لذلك يقول علماء التفسير - وفي مقدمتهم شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - - : إذا كان هناك آية وفي تفسيرها قولان ؛ فلا يجوز لمن جاء في آخر الزمان أن يأتي بقول ثالث ؛ لأن هذا القول الثالث يكون بدعةً في الدين ، ويكون مخالفًا لسبيل المؤمنين ، فقد فرضنا أن في آيةٍ ما قولين ؛ فمن أين جاء هذا الإنسان بقول ثالث ؟ ولو سُلِّم بفتح هذا الباب لأصاب دين الإسلام ما أصاب دين اليهود والنصارى من التلاعب بنصوص كتابهم .
الشيخ : هذا استدلال واهٍ جدًّا ، وهو استدلال بالمتشابه من المعاني ، فقوله - تبارك وتعالى - : والله يعصمك من الناس حقٌّ وصدقٌ يجب الإيمان به كسائر آيات الله ، ولكن الإيمان لا يكمل إلا إذا فُسِّر القرآن تفسيرًا صحيحًا مجرَّدًا عن الأهواء والأغراض والتعصُّب المذهبي ، أولًا هذه الآية نزلت حينما كان النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - يقوم على حراسته بعض أصحابه ولو كان في المعركة ، فأنزل الله - عز وجل - عليه هذه الآية وهو في كوخٍ صغير متواضع ، وبجانبه أحد أصحابه - عليه السلام - ، ولعله سعد بن أبى وقاص - رضي الله عنه - إن لم تخنِّي ذاكرتي ، فلما نزلت هذه الآية صرفه وتلاها عليه : والله يعصمك من الناس ؛ أي : الله يعصمه من الناس أن يقتلوه قبل أن يتمكَّن من أن يقوم بواجب تبليغه لدعوة ربِّه ؛ لذلك تقول السيدة عائشة - رضي الله عنها - فيما أخرجه البخاري ومسلم في " صحيحيهما " من طريق مسروق من كبار التابعين الذي كان أصله عبد ثم أُعتق ، وصار من كبار علماء التابعين - رحمه الله - ، من طريق مسروق هذا أخرج الشيخان أنه قال لعائشة : " يا أم المؤمنين ، هل رأى محمدٌ ربَّه ؟ قالت : لقد قفَّ شعري ممَّا قلت . قال : يا أم المؤمنين ، أليس يقول ربُّ العالمين ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى ؟! قالت - رضي الله عنها - : أنا أعلم الناس بذلك ؛ سمعت رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يقول : رأيت جبريل في صورته التي خُلق فيها مرَّتين ، وله ستمائة جناح ، وقد سدَّ الأفق " .
جبريل رأه الرسول - عليه السلام - مرَّتين وليس رب العالمين ؛ حيث يَهِمُ بعض الناس يُرجعون الضمير إلى رب العالمين ، فالسيدة عائشة تقول : " أنا أعلم الناس بذلك " ؛ لأنها سألت الرسول - عليه الصلاة والسلام - ، فأجابها بأنه لم يرَ ربَّه ، وإنما رأى جبريل - عليه السلام - مرَّتين في صورته الطبيعية التي خلقه الله عليها ، وهو - لعظمته ! - قد سدَّ الأفق ، ثم تابعت السيدة عائشة كلامها معلِّمة للمسلمين ؛ لأنها من أمهات المؤمنين ، فقالت : " ثلاث من حدَّثكموهنَّ فقد أعظم على الله الفرية ؛ من حدَّثكم أن محمَّدًا - صلى الله عليه وآله وسلم - رأى ربَّه ؛ فقد أعظم على الله الفرية ، ثم تلت قوله - تبارك وتعالى - : وما كان ؛ قال - تعالى - : وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيًا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولًا ، ومن حدَّثكم - الخصلة الثانية - ، ومن حدَّثكم أن محمَّدًا - صلى الله عليه وآله وسلم - كان يعلم ما في غدٍ ؛ فقد أعظم على الله الفرية ، ثم تلت قوله - تعالى - : قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله ، والثالثة - والأخيرة ، وهنا الشاهد - قالت : ومن حدَّثكم أن محمَّدًا - صلى الله عليه وآله وسلم - كتم شيئًا أُمر بتبليغه ؛ فقد أعظم على الله الفرية ، ثم تلت قوله - تعالى - : يا أيها الرسول بلِّغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس " ؛ أي : أن يحول بينك وبين تبليغك لرسالة ربِّك .
هذا هو معنى هذا الحديث ، فليس له علاقة بتسلُّط بعض المشركين الأشرار على النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بشيء من الإيذاء ، كيف ومن الثابت في السيرة النبوية أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قد أُوذي وشُجَّ في وجهه في بعض غزواته وكسرت رباعيَّته فهل هذا ينافي قوله - تعالى - : والله يعصمك من الناس ؟ الجواب : لا ، لأن الآية في معناها الصحيح في وادٍ ، ودعوى أولئك الناس في واد آخر ، ثم هم يُبطلون بهذا الفهم الخاطئ حديثًا صحيحًا متفق عليه بين الشيخين أولًا ، البخاري ومسلم ، ثم هو مما تلقَّته الأمة بالقبول ، وقد جاء له مع أن إسناده في غاية الصحة لأن له طرقًا كثيرة تدور كلُّها على هشام بن عروة ، عن أبيه عروة ، عن عائشة ، هذا سند معروف الصحة جدًّا جدًّا ، عروة هو ابن أسماء أخت عائشة ، وهشام هو ابن عروة ، فالابن يروي عن أبيه ، وأبوه يروي عن خالته عائشة هذه القصة ، فأبعد ما يكون من حيث الرواية أن تكون هذه القصة غير صحيحة ، لكن أهل الأهواء هم في الحقيقة - والشاهد الآن قائم ممَّن عرفتم قصته ، وهو الشيخ الغزالي المصري - ؛ أن هؤلاء لا يقيمون وزنًا لجهود علماء الحديث المتكاثفة المتعاونة طيلة هذه القرون الطويلة في العناية بحفظ السنة أن يدخل فيها ما ليس منها ، فهم خرجوا عن طريق المسلمين ، لا فرق بين طريق أهل الحديث ، وطريق أهل التفسير ، وطريق أهل الفقه ؛ فقد خالفوهم جميعًا ؛ لأن هذا الحديث قد رواه - كما علمتم - الشيخان في " صحيحيهما " ، ثم تلقَّته علماء الأمة في جميع اختصاصاتهم من مفسِّرين وفقهاء ونحو ذلك تلقَّوه بالقبول ، فجاء بعضهم وإن كان هذا وأمثاله سُبِقوا إلى مثل هذا الانحراف ، فخالفوا بذلك سبيل المؤمنين ، فيُخشى أن يشملهم وعيد قول ربِّ العالمين : ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبيَّن له الهدى ويتَّبع غير سبيل المؤمنين نولِّه ما تولَّى ونصله جهنم وساءت مصيرًا .
لذلك يقول علماء التفسير - وفي مقدمتهم شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - - : إذا كان هناك آية وفي تفسيرها قولان ؛ فلا يجوز لمن جاء في آخر الزمان أن يأتي بقول ثالث ؛ لأن هذا القول الثالث يكون بدعةً في الدين ، ويكون مخالفًا لسبيل المؤمنين ، فقد فرضنا أن في آيةٍ ما قولين ؛ فمن أين جاء هذا الإنسان بقول ثالث ؟ ولو سُلِّم بفتح هذا الباب لأصاب دين الإسلام ما أصاب دين اليهود والنصارى من التلاعب بنصوص كتابهم .
الفتاوى المشابهة
- ما حكم من ردَّ حديثًا صحيحًا من أحاديث النبي -... - الالباني
- هل هناك تعارض بين حديث الآحاد الذي يبيِّن أن ا... - الالباني
- هل يحمل سحر النبي صلى الله عليه وسلم على قول... - ابن عثيمين
- ما معنى قوله تعالى: (( والله يعصمك من الناس... - ابن عثيمين
- في قوله تعالى: (( ويقتلون النبيين )) هل نبين... - ابن عثيمين
- فائدة : إذا اتفق العلماء الأوائل على تلقي حديث... - الالباني
- وقوع السحر لرسول الله صلى الله عليه وسلم - اللجنة الدائمة
- له سؤالٌ آخر يقول حصل خلافٌ آخر أيضاً حول وج... - ابن عثيمين
- المعنى الصحيح من الآية : (( والله يعصمك من الن... - الالباني
- هناك أناس ينكرون سحر الرسول صلى الله عليه وسلم... - الالباني
- هناك أناس ينكرون سحر الرسول - صلى الله عليه وس... - الالباني