استدلال مَن يرى جواز المظاهرات بقصة إسلام عمر - رضي الله عنه - ؛ خرج المسلمون في مكة هو في صفِّ وحمزة في صفٍّ آخر ، ويقولون : " هذه مظاهرة " ، استظهارًا واستنكارًا لما لما يفعله طواغيت قريش وكفارهم ؛ فما جوابكم عن ذلك ؟
الشيخ محمد ناصر الالباني
السائل : هؤلاء أصحاب التظاهرات والمظاهرات يستشهدون بما جاء في السيرة أنه لما أسلم عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - خرج المسلمون في مكة ، عمر في صفٍّ وحمزة في صفٍّ آخر ، ويقولون : " هذه مظاهرة " ؛ استظهارًا واستنكارًا لما يفعله طواغيت قريش وكفَّارهم ؛ فما جوابكم عن هذا الاستشهاد ؟
الشيخ : جوابي عن هذا : كم مرَّة وقعت مثل هذا الظاهرة في المجتمع الإسلامي ؟
السائل : مرَّة واحدة .
الشيخ : طيب ؛ مرة واحدة بتصير سنَّة متَّبعة ؟
إن علماء الفقه يقولون : لو ثبت عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - عبادة مشروعة يُثاب فاعلها فلا ينبغي المواظبة عليها دائمًا أبدًا خشيةَ أن تصبح تقليدًا متَّبعًا ؛ بحيث مع الزمن يصبح ذلك الأمر الذي أصله مستحبًّا يصبح أمرًا مفروضًا في أفكار الناس وعاداتهم ؛ بحيث أن أحدًا من المسلمين لو ترك هذا المستحبَّ لَقامَ النكير الشديد عليه ، قالوا هذا ، وهذا من فقههم ؛ فما بالكم إذا جاشَت العاطفة بمناسبة ما ، فخرجت مثل هذه الجماعة التي جاء ذكرها في السيرة ؛ فتتَّخذ سنة متَّبعة ؟ بل تتَّخذ حجَّة لما يفعله الكفار دائمًا وأبدًا على المسلمين الذين لم يفعلوا ذلك بعد هذه الحداثة مطلقًا ، مع شدة وقوع ما يستلزم ذلك ، فنحن نعلم - مع الأسف الشديد - أن كثيرًا من الحُكَّام السابقين كانت تصدر منهم أحكامٌ مخالفة للإسلام ، وكان كثير من الناس يُسجنون ظلمًا وبغيًا ، وربما يُقتلون ؛ فماذا يكون موقف المسلمين ؟ أمر الرسول - عليه السلام - في بعض الأحاديث الصحيحة بوجوب إطاعة الحاكم ولو أخذَ مالك وجلدَ ظهرك ؛ أعني من هذا أنه وقع في القرون التي مضت أشياء مما ينبغي استنكارها جماهريًّا ، ولكن شيء من ذلك لم يقع ، ومن هنا نحن نخشى من هذه التي تُسمَّى بالصحوة نخشى منها حقيقةً ، كما نرضى بها ، نخشى لأنها صحوة عاطفيَّة وليست صحوة علميَّة بالمقدار التي تحصِّن هذه الصحوة من أن تميل يمينًا ويسارًا ، فلا شك أن في الجزائر - وفي كل بلاد الإسلام - مثل هذه الصحوة التي تتجلَّى في انطلاق الشباب المسلم بعد أن كانوا نيامًا غير أيقاظ ، ولكن تراهم قد ساروا مسيرةً تدل على أنهم لم يتفقَّهوا في دين الله - عز وجل - ، والأمثلة على ذلك كثيرة جدًّا ؛ فلا نخرج عما نحن بصدده ، فحسبنا الآن هذا الاستدلال .
هذا الاستدلال يدلُّ على الجهل بالفقه الإسلامي ، ذلك لما أشرت إليه آنفًا وقعت هذه الحادثة ، وأقول مستدركًا على نفسي إنِّي أذكر أن هذه الحادثة قد وردت في السيرة ، ولكن لا أستحضر الآن إن كانت صحيحة الإسناد ، فإن كان أحدكم يعلم أن ذلك ورد في كتاب معتمد من كتب السنة فيذكِّرني ، وإلا فالأمر بالنسبة إليَّ يحتاج إلى مراجعة ، فعلى افتراض ثبوت هذه التظاهرة حينما أسلم عمر - رضي الله عنه - ، هذه وقعت مرَّة فإذا وقع مرَّة لا يصبح ذلك سنة ؛ بحيث نؤيد ما يفعله الكفار ، ثم نجعل المسلمين تحت المخالفة لهذه السنة ؛ لأنها لم تتكرَّر ، وإن تكرَّرت فعلى مدى العصور كلها هذه والسنوات الطويلة فهي نقطة في بحر ، ما يصحُّ أن تُتَّخذ دليلًا لمثل هذا الواقع الذي يفعله الكفار ثم نحن نتَّبعهم في ذلك ، هذا الاستدلال معناه تسليك وتبرير وتسويغ هذا الواقع مهما كان شأنه .
أذكر جيِّدًا أن علماء الحنفية قد نصُّوا في مسألة فقهية مع اعترافهم بأنها سنة محمدية أنه ينبغي تركها - أحيانًا - ؛ ألا وهي سنة قراءة سورة السجدة يوم الجمعة ، هذا ثابت في " الصحيحين " ، مع ذلك نصَّ علماء الحنفية على أن إمام المسجد ينبغي عليه أن يدع هذه السنة - أحيانًا - خشيةً أن يترتَّب من وراء مواظبة الأئمة على هذه السنة قيام عقيدة في أذهان العامة تُنافي هذه السنة ، وترفع حكمها فوق مستواها ، وأنا عندي شواهد على هذا ، مما يؤكِّد لنا هذه الدِّقَّة في الفقه والفهم للسنة .
أذكر جيِّدًا أن إمام المسجد الكبير في دمشق الشام مسجد بني أمية صلى الإمام فيه صلاة الفجر يوم الجمعة ولم يقرأ سورة السجدة ، فما كاد الإمام يسلِّم إلا قامت ضجَّة عظيمة جدًّا من المصلين ، ثاروا على الإمام ؛ لماذا أنت لم تقرأ سورة السجدة ؟ فأخذ الإمام يُحاول إقناعهم بأنُّو يا إخوانَّا أنا أعلم أن هذه سنة ، وأنا أقرأ بها دائمًا في فجر كل جمعة ، ولكن ينبغي ترك هذه السنة فعلًا ، ولكن كما قال الشاعر :
" ولو ناديت أسمعتَ حيًّا *** ولكن لا حياة لمن تنادي
ولو نارًا نفخت فيها أضاءت *** ولكن أنت تنفخ في رماد "
الصياح استمرَّ إلى زمن بعيد جدًّا بسبب أن هذا الإمام ترك قراءة سورة السجدة في ذلك الصباح .
وأغرب من ذلك ما وقع لي شخصيًّا ؛ كنت مُصطافًا في قرية تبعد عن دمشق - تقريبًا - نحو ستين كيلو متر اسمها " مضايا " ، وهي في جبل ، فنزلت صباح الجمعة إلى المسجد لأصلِّي مع جماعة المسلمين هناك ، فاتفق أن الإمام لم يأتِ ، فنظروا فلم يجدوا هناك سواي وأنا يومئذٍ شاب ؛ ولكن لحيتي بدأت تنبت ، فظنُّوا بي خيرًا فقدَّموني ، أنا - في الحق - لا أحفظ سورة السجدة جيِّدًا فما أحببتُ أن أخاطر ، فافتتحت سورة مريم ، وقرأت منها الصفحتين الأوليين في الركعة الأولى ، فلما أردت الركوع وكبَّرت راكعًا وإذا بي أشعر أن الناس كلهم هووا ساجدين ، أنا راكع وهم سجدوا ، هذا يدلُّكم على ماذا ؟
الحاضرون : على العادة .
الشيخ : على العادة ، إي نعم . ومع الأسف كما يوجد في بعض المساجد القديمة وحتى الحديثة منبر طويل يقطع الصَّفَّ ، وليس الصف الأول ، فبعضها هذه المنابر تقطع صفَّين على الأقل ، كان هذا المنبر مع صغر المسجد هناك في القرية قطع الصَّفَّ الأول والثاني ، فالذين كانوا خلفي مباشرةً أحسُّوا بخطئهم ، فتداركوه ، وشاركوني في الركوع ، أما الذين كانوا خلف المنبر فظلُّوا راكعين حتى سمعوا قولي - عفوًا - فظلُّوا ساجدين حتى سمعوا قولي : " سمع الله لمن حمده " ؛ وإذا بهم يصيحون ، يعني أبطلوا صلاتهم ، ضوضاء وغوغاء وثابرت أنا بطبيعة الحال حتى قضيت الصلاة بتمامها ، ثم التفتُّ إليهم ؛ قلت لهم : يا جماعة ، ألا تستحيون ؟ ألا تستحون ؟ أنتم عرب ولَّا عجم ؟ ما تفرِّقون بين قول القارئ في أوَّل ركعة ق - عفوًا - الم وبين كهيعص ؟ ما تفرِّقون بين هذا وهذا ؟ لو هذا وقع في بلاد الأعاجم لكن عارًا عليهم ؛ فما بالكم أنتم وأنتم عرب ؟ لكن يبدو أن عقولكم مشغولة بالزرع والضَّرع ونحو ذلك من الأمور ، ففي هذه الحادثة تأكَّدت من صحَّة قول العلماء الذين أشرت إليهم آنفًا بأن على الإمام أن يُراعي وضع المجتمع الذي يعيش فيه ؛ حتى لا يُغالوا في بعض الأحكام ، فهذه القصة والتي قبلها تبيِّن لكم أن المسائل في الشرع يجب أن تُؤخذ بدون مبالغة بدون أن نرفع ما كان سنَّة إلى حدِّ الوجوب ، وإلى - نعم - الوجوب ، وما كان فرضًا ننزل به إلى حدِّ السنة ، هذا كله إفراط أو تفريط لا يجوز ، فهذا جواب عن هذا الاستدلال الذي يدلُّ على جهل المستدلين به . تفضَّل .
السائل : ... .
الشيخ : نعم ؟
السائل : هذه القصة هذه وردت في ... إسلام عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وفي " سير أعلام النبلاء " .
الشيخ : معليش ، لكن هذا لا يُفيدنا الصحة .
السائل : لا بإسناد ضعيف .
الشيخ : نعم ؟
السائل : هذه القصة قصة إسلام عمر بن الخطاب ضعيفة .
الشيخ : أنا معك ، قصة إسلام عمر ابن الخطاب والتي يقول فيها إنه دخل على أخته إلى آخره ؛ هذه القصة ضعيفة فعلًا ، وهي يستدلُّ بها القائلون بأنه لا يجوز للمسلم أن يمسَّ القرآن إلا على طهارة ، فإن كانت هذه القصة لم تَرِدْ إلا بهذا الطريق ؛ فهي قصة ضعيفة ، - تسمع ولَّا لا ؟ آ - ، أما أنا قلت آنفًا متحفِّظًا خشيةَ أن تكون هذه القصة لوحدها وردت في شيء من كتب السنة بإسناد آخر ، فيكون هذا الإسناد إما حسنًا لذاته أو حسنًا لغيره ، أما القصة المعروفة وقد أخرجها الإمام الدارقطني في " سننه " فأنا ... الآن بالعزو ، فأقول : أنُّو القصة رواها الإمام الدارقطني في " سننه " وبإسناد ضعيف ، فإن كانت هذه القصة التي فيها تلك المظاهرة وردت بإسناد آخر ممكن الاستشهاد به أو الاستدلال فَبِها ، وإلا فهذه القصة - التي أشار إليها الأخ - هي ضعيفة لا يجوز الاحتجاج بها .
تفضَّل .
الشيخ : جوابي عن هذا : كم مرَّة وقعت مثل هذا الظاهرة في المجتمع الإسلامي ؟
السائل : مرَّة واحدة .
الشيخ : طيب ؛ مرة واحدة بتصير سنَّة متَّبعة ؟
إن علماء الفقه يقولون : لو ثبت عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - عبادة مشروعة يُثاب فاعلها فلا ينبغي المواظبة عليها دائمًا أبدًا خشيةَ أن تصبح تقليدًا متَّبعًا ؛ بحيث مع الزمن يصبح ذلك الأمر الذي أصله مستحبًّا يصبح أمرًا مفروضًا في أفكار الناس وعاداتهم ؛ بحيث أن أحدًا من المسلمين لو ترك هذا المستحبَّ لَقامَ النكير الشديد عليه ، قالوا هذا ، وهذا من فقههم ؛ فما بالكم إذا جاشَت العاطفة بمناسبة ما ، فخرجت مثل هذه الجماعة التي جاء ذكرها في السيرة ؛ فتتَّخذ سنة متَّبعة ؟ بل تتَّخذ حجَّة لما يفعله الكفار دائمًا وأبدًا على المسلمين الذين لم يفعلوا ذلك بعد هذه الحداثة مطلقًا ، مع شدة وقوع ما يستلزم ذلك ، فنحن نعلم - مع الأسف الشديد - أن كثيرًا من الحُكَّام السابقين كانت تصدر منهم أحكامٌ مخالفة للإسلام ، وكان كثير من الناس يُسجنون ظلمًا وبغيًا ، وربما يُقتلون ؛ فماذا يكون موقف المسلمين ؟ أمر الرسول - عليه السلام - في بعض الأحاديث الصحيحة بوجوب إطاعة الحاكم ولو أخذَ مالك وجلدَ ظهرك ؛ أعني من هذا أنه وقع في القرون التي مضت أشياء مما ينبغي استنكارها جماهريًّا ، ولكن شيء من ذلك لم يقع ، ومن هنا نحن نخشى من هذه التي تُسمَّى بالصحوة نخشى منها حقيقةً ، كما نرضى بها ، نخشى لأنها صحوة عاطفيَّة وليست صحوة علميَّة بالمقدار التي تحصِّن هذه الصحوة من أن تميل يمينًا ويسارًا ، فلا شك أن في الجزائر - وفي كل بلاد الإسلام - مثل هذه الصحوة التي تتجلَّى في انطلاق الشباب المسلم بعد أن كانوا نيامًا غير أيقاظ ، ولكن تراهم قد ساروا مسيرةً تدل على أنهم لم يتفقَّهوا في دين الله - عز وجل - ، والأمثلة على ذلك كثيرة جدًّا ؛ فلا نخرج عما نحن بصدده ، فحسبنا الآن هذا الاستدلال .
هذا الاستدلال يدلُّ على الجهل بالفقه الإسلامي ، ذلك لما أشرت إليه آنفًا وقعت هذه الحادثة ، وأقول مستدركًا على نفسي إنِّي أذكر أن هذه الحادثة قد وردت في السيرة ، ولكن لا أستحضر الآن إن كانت صحيحة الإسناد ، فإن كان أحدكم يعلم أن ذلك ورد في كتاب معتمد من كتب السنة فيذكِّرني ، وإلا فالأمر بالنسبة إليَّ يحتاج إلى مراجعة ، فعلى افتراض ثبوت هذه التظاهرة حينما أسلم عمر - رضي الله عنه - ، هذه وقعت مرَّة فإذا وقع مرَّة لا يصبح ذلك سنة ؛ بحيث نؤيد ما يفعله الكفار ، ثم نجعل المسلمين تحت المخالفة لهذه السنة ؛ لأنها لم تتكرَّر ، وإن تكرَّرت فعلى مدى العصور كلها هذه والسنوات الطويلة فهي نقطة في بحر ، ما يصحُّ أن تُتَّخذ دليلًا لمثل هذا الواقع الذي يفعله الكفار ثم نحن نتَّبعهم في ذلك ، هذا الاستدلال معناه تسليك وتبرير وتسويغ هذا الواقع مهما كان شأنه .
أذكر جيِّدًا أن علماء الحنفية قد نصُّوا في مسألة فقهية مع اعترافهم بأنها سنة محمدية أنه ينبغي تركها - أحيانًا - ؛ ألا وهي سنة قراءة سورة السجدة يوم الجمعة ، هذا ثابت في " الصحيحين " ، مع ذلك نصَّ علماء الحنفية على أن إمام المسجد ينبغي عليه أن يدع هذه السنة - أحيانًا - خشيةً أن يترتَّب من وراء مواظبة الأئمة على هذه السنة قيام عقيدة في أذهان العامة تُنافي هذه السنة ، وترفع حكمها فوق مستواها ، وأنا عندي شواهد على هذا ، مما يؤكِّد لنا هذه الدِّقَّة في الفقه والفهم للسنة .
أذكر جيِّدًا أن إمام المسجد الكبير في دمشق الشام مسجد بني أمية صلى الإمام فيه صلاة الفجر يوم الجمعة ولم يقرأ سورة السجدة ، فما كاد الإمام يسلِّم إلا قامت ضجَّة عظيمة جدًّا من المصلين ، ثاروا على الإمام ؛ لماذا أنت لم تقرأ سورة السجدة ؟ فأخذ الإمام يُحاول إقناعهم بأنُّو يا إخوانَّا أنا أعلم أن هذه سنة ، وأنا أقرأ بها دائمًا في فجر كل جمعة ، ولكن ينبغي ترك هذه السنة فعلًا ، ولكن كما قال الشاعر :
" ولو ناديت أسمعتَ حيًّا *** ولكن لا حياة لمن تنادي
ولو نارًا نفخت فيها أضاءت *** ولكن أنت تنفخ في رماد "
الصياح استمرَّ إلى زمن بعيد جدًّا بسبب أن هذا الإمام ترك قراءة سورة السجدة في ذلك الصباح .
وأغرب من ذلك ما وقع لي شخصيًّا ؛ كنت مُصطافًا في قرية تبعد عن دمشق - تقريبًا - نحو ستين كيلو متر اسمها " مضايا " ، وهي في جبل ، فنزلت صباح الجمعة إلى المسجد لأصلِّي مع جماعة المسلمين هناك ، فاتفق أن الإمام لم يأتِ ، فنظروا فلم يجدوا هناك سواي وأنا يومئذٍ شاب ؛ ولكن لحيتي بدأت تنبت ، فظنُّوا بي خيرًا فقدَّموني ، أنا - في الحق - لا أحفظ سورة السجدة جيِّدًا فما أحببتُ أن أخاطر ، فافتتحت سورة مريم ، وقرأت منها الصفحتين الأوليين في الركعة الأولى ، فلما أردت الركوع وكبَّرت راكعًا وإذا بي أشعر أن الناس كلهم هووا ساجدين ، أنا راكع وهم سجدوا ، هذا يدلُّكم على ماذا ؟
الحاضرون : على العادة .
الشيخ : على العادة ، إي نعم . ومع الأسف كما يوجد في بعض المساجد القديمة وحتى الحديثة منبر طويل يقطع الصَّفَّ ، وليس الصف الأول ، فبعضها هذه المنابر تقطع صفَّين على الأقل ، كان هذا المنبر مع صغر المسجد هناك في القرية قطع الصَّفَّ الأول والثاني ، فالذين كانوا خلفي مباشرةً أحسُّوا بخطئهم ، فتداركوه ، وشاركوني في الركوع ، أما الذين كانوا خلف المنبر فظلُّوا راكعين حتى سمعوا قولي - عفوًا - فظلُّوا ساجدين حتى سمعوا قولي : " سمع الله لمن حمده " ؛ وإذا بهم يصيحون ، يعني أبطلوا صلاتهم ، ضوضاء وغوغاء وثابرت أنا بطبيعة الحال حتى قضيت الصلاة بتمامها ، ثم التفتُّ إليهم ؛ قلت لهم : يا جماعة ، ألا تستحيون ؟ ألا تستحون ؟ أنتم عرب ولَّا عجم ؟ ما تفرِّقون بين قول القارئ في أوَّل ركعة ق - عفوًا - الم وبين كهيعص ؟ ما تفرِّقون بين هذا وهذا ؟ لو هذا وقع في بلاد الأعاجم لكن عارًا عليهم ؛ فما بالكم أنتم وأنتم عرب ؟ لكن يبدو أن عقولكم مشغولة بالزرع والضَّرع ونحو ذلك من الأمور ، ففي هذه الحادثة تأكَّدت من صحَّة قول العلماء الذين أشرت إليهم آنفًا بأن على الإمام أن يُراعي وضع المجتمع الذي يعيش فيه ؛ حتى لا يُغالوا في بعض الأحكام ، فهذه القصة والتي قبلها تبيِّن لكم أن المسائل في الشرع يجب أن تُؤخذ بدون مبالغة بدون أن نرفع ما كان سنَّة إلى حدِّ الوجوب ، وإلى - نعم - الوجوب ، وما كان فرضًا ننزل به إلى حدِّ السنة ، هذا كله إفراط أو تفريط لا يجوز ، فهذا جواب عن هذا الاستدلال الذي يدلُّ على جهل المستدلين به . تفضَّل .
السائل : ... .
الشيخ : نعم ؟
السائل : هذه القصة هذه وردت في ... إسلام عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وفي " سير أعلام النبلاء " .
الشيخ : معليش ، لكن هذا لا يُفيدنا الصحة .
السائل : لا بإسناد ضعيف .
الشيخ : نعم ؟
السائل : هذه القصة قصة إسلام عمر بن الخطاب ضعيفة .
الشيخ : أنا معك ، قصة إسلام عمر ابن الخطاب والتي يقول فيها إنه دخل على أخته إلى آخره ؛ هذه القصة ضعيفة فعلًا ، وهي يستدلُّ بها القائلون بأنه لا يجوز للمسلم أن يمسَّ القرآن إلا على طهارة ، فإن كانت هذه القصة لم تَرِدْ إلا بهذا الطريق ؛ فهي قصة ضعيفة ، - تسمع ولَّا لا ؟ آ - ، أما أنا قلت آنفًا متحفِّظًا خشيةَ أن تكون هذه القصة لوحدها وردت في شيء من كتب السنة بإسناد آخر ، فيكون هذا الإسناد إما حسنًا لذاته أو حسنًا لغيره ، أما القصة المعروفة وقد أخرجها الإمام الدارقطني في " سننه " فأنا ... الآن بالعزو ، فأقول : أنُّو القصة رواها الإمام الدارقطني في " سننه " وبإسناد ضعيف ، فإن كانت هذه القصة التي فيها تلك المظاهرة وردت بإسناد آخر ممكن الاستشهاد به أو الاستدلال فَبِها ، وإلا فهذه القصة - التي أشار إليها الأخ - هي ضعيفة لا يجوز الاحتجاج بها .
تفضَّل .
الفتاوى المشابهة
- منهم من يقول أن استدلالكم بالأحاديث الدالة على... - الالباني
- ذكر الشيخ لقصة حصلت له في بعض مساجد دمشق عندما... - الالباني
- كيف كان يقرأ النبي - صلى الله عليه وسلم - سورة... - الالباني
- هل يجوز القيام بالمظاهرات و المسيرات السلمية ل... - الالباني
- هل المظاهرات لقصد الإعراب عن متطلبات الشعوب ال... - الالباني
- هل يجوز القيام بالمظاهرات والمسيرات السلمية لل... - الالباني
- عبر عظيمة وكثيرة من هذه القصة . - ابن عثيمين
- ما حكم هذه المظاهرات من قبل الشباب والشبات ؟ - الالباني
- ما حكم هذه المظاهرات من قبل الشَّباب والشَّابّ... - الالباني
- استدلال من يرى جواز المظاهرات بقصة إسلام عمر ر... - الالباني
- استدلال مَن يرى جواز المظاهرات بقصة إسلام عمر... - الالباني