قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - : ( ثلاثة يدعون الله - عز وجل - فلا يُستجاب لهم ) وذكر منهم : ( ورجلٌ كان له على رجلٍ مالٌ فلم يُشهد عليه ) ؛ هل يدل الحديث على وجوب الإشهاد ؟ وإن كان لا ؛ فما الصواب ؟
الشيخ محمد ناصر الالباني
السائل : حفظك الله يا شيخ ، قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الشريف : ثلاثة لا يستجيب الله دعاءهم ، وذكر منهم رجلًا أقرضَ مالًا فلم يشهد عليه ، هل يدل الحديث على الوجوب ؟ وإن كان لا ؛ فما الصائب ، حفظكم الله ؟
الشيخ : الحديث باعتقادي يُحمل على خلاف ما كان عليه الواقع في كلِّ هذه القرون ، بدءًا من القرن الأول وما بعده ، هذا الواقع الذي يدلُّ على عدم وجوب الإشهاد ، فيُحمل الحديث على رجل في شكٍّ من حسن وفائه ؛ ففي هذه الحالة فقط يُحمل الوجوب في الحديث أنَّه لا بد من الإشهاد وليس على الإطلاق ؛ لأن هذا الإطلاق لم يجرِ عليه عمل المسلمين في الزمن الأول فضلًا عمَّا بعده ، من أجل هذا أنا أقول : أن كلَّ نصٍّ مطلق أو عامٍّ لم يجرِ العمل ببعض أجزائه ؛ فذلك يدلُّ على أنه ليس مشروعًا العمل به ؛ سواء نفي الشرعية مطلقًا ، أو نوع من الشرعية وهو كما هنا الوجوب ، فممَّا لا يشك فيه باحث أن هناك تحريجًا ومشقَّة فيما إذا طُرِّد العمل بهذا الحديث مع كلِّ دائن ومدين ، فإن مثل هذا لم يكن معهودًا كما ذكرنا آنفًا ، فإنما يحمل حين ذاك الحديث على قرضٍ بين رجلين يُخشى أن ينقلب القرض إلى مفسدة وإيقاع بين الدائن والمدين ؛ فهنا ليضبطَ حقَّه هذا الدائن لا بد له من أن يشهد ، وإلا إذا كان كلٌّ منهما واثق بأخيه وبحُسن وفائه فليس هناك بحاجة إلى أن يُشهد ، والأحاديث التي تُشعرنا بعدم وجوب ذلك كثيرة يمكن استحضار بهذه المناسبة قصَّة ذلك الأعرابي الذي استدانَ منه النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - جملًا ، فلما جاء وقت القضاء طلب حقَّه ، فجاء بعض أصحابه بأنَّه لا يوجد في بيت أموال المسلمين جملٌ مثل الجمل الذي كان أقرضه للنبي - صلى الله عليه وسلم - ، فأمرهم - صلى الله عليه وآله وسلم - بأن يعطوه جملًا أسنَّ من الجمل السابق ، وذكر بهذه المناسبة قوله صلى ... .
... النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ودرعه مرهونة عند يهودي ، لم يُذكر لا في هذا الحديث ولا في ذاك الكتاب أو الإشهاد ؛ فدلَّ ذلك أن الحكم المذكور في حديث الثلاثة ليس على إطلاقه ووجوبه ، وإنما تارةً وتارةً ، وعلى هذا يجب أن تُفسَّر كلُّ الأحاديث القولية على ما طبَّقه - عليه الصلاة والسلام - في حياته ثم أصحابه من بعده .
السائل : يا شيخ .
الشيخ : تفضل .
السائل : ... حتى رد بعض الشُّبه ، الأحاديث التي ذكرتم يكفي لها شهودًا مَن نقلوا لنا الحديث ؛ سواء في الجمل أو في الدرع المرهونة - صلى الله عليه وسلم - ؟
الشيخ : لم يذكر هذا في الحديث أن الرسول لما استقرض الشعير أو الجمل أنه أشهَدَ على ذلك المُقرض ، ليس شيء من هذا ، أما كون الذين رووا فهذا فيما بعد ، وليس أثناء العقد أثناء القرض مثلًا ؛ لم يذكر في الحديث لا في هذا ولا في ذاك ، ثم القصص في مثل هذا كثيرة وكثيرة جدًّا ؛ أي : نستطيع أن نقول إنَّنا لا نعلم حادثة واحدة جرى فيها قرض ثم أُشهِدَ عليه ، فإذا جاء مثل هذا الحديث فينبغي أن يُحمل على صورة نادرة جدًّا ؛ وهي كما ذكرت آنفًا حينما يكون هناك شك أو احتمال أن لا يفِيَ المستقرض بحقِّ المقرض ؛ فهنا لضمان حقِّه لا بدَّ من أن يشهد عليه .
السائل : ... .
الشيخ : إي نعم .
الشيخ : الحديث باعتقادي يُحمل على خلاف ما كان عليه الواقع في كلِّ هذه القرون ، بدءًا من القرن الأول وما بعده ، هذا الواقع الذي يدلُّ على عدم وجوب الإشهاد ، فيُحمل الحديث على رجل في شكٍّ من حسن وفائه ؛ ففي هذه الحالة فقط يُحمل الوجوب في الحديث أنَّه لا بد من الإشهاد وليس على الإطلاق ؛ لأن هذا الإطلاق لم يجرِ عليه عمل المسلمين في الزمن الأول فضلًا عمَّا بعده ، من أجل هذا أنا أقول : أن كلَّ نصٍّ مطلق أو عامٍّ لم يجرِ العمل ببعض أجزائه ؛ فذلك يدلُّ على أنه ليس مشروعًا العمل به ؛ سواء نفي الشرعية مطلقًا ، أو نوع من الشرعية وهو كما هنا الوجوب ، فممَّا لا يشك فيه باحث أن هناك تحريجًا ومشقَّة فيما إذا طُرِّد العمل بهذا الحديث مع كلِّ دائن ومدين ، فإن مثل هذا لم يكن معهودًا كما ذكرنا آنفًا ، فإنما يحمل حين ذاك الحديث على قرضٍ بين رجلين يُخشى أن ينقلب القرض إلى مفسدة وإيقاع بين الدائن والمدين ؛ فهنا ليضبطَ حقَّه هذا الدائن لا بد له من أن يشهد ، وإلا إذا كان كلٌّ منهما واثق بأخيه وبحُسن وفائه فليس هناك بحاجة إلى أن يُشهد ، والأحاديث التي تُشعرنا بعدم وجوب ذلك كثيرة يمكن استحضار بهذه المناسبة قصَّة ذلك الأعرابي الذي استدانَ منه النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - جملًا ، فلما جاء وقت القضاء طلب حقَّه ، فجاء بعض أصحابه بأنَّه لا يوجد في بيت أموال المسلمين جملٌ مثل الجمل الذي كان أقرضه للنبي - صلى الله عليه وسلم - ، فأمرهم - صلى الله عليه وآله وسلم - بأن يعطوه جملًا أسنَّ من الجمل السابق ، وذكر بهذه المناسبة قوله صلى ... .
... النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ودرعه مرهونة عند يهودي ، لم يُذكر لا في هذا الحديث ولا في ذاك الكتاب أو الإشهاد ؛ فدلَّ ذلك أن الحكم المذكور في حديث الثلاثة ليس على إطلاقه ووجوبه ، وإنما تارةً وتارةً ، وعلى هذا يجب أن تُفسَّر كلُّ الأحاديث القولية على ما طبَّقه - عليه الصلاة والسلام - في حياته ثم أصحابه من بعده .
السائل : يا شيخ .
الشيخ : تفضل .
السائل : ... حتى رد بعض الشُّبه ، الأحاديث التي ذكرتم يكفي لها شهودًا مَن نقلوا لنا الحديث ؛ سواء في الجمل أو في الدرع المرهونة - صلى الله عليه وسلم - ؟
الشيخ : لم يذكر هذا في الحديث أن الرسول لما استقرض الشعير أو الجمل أنه أشهَدَ على ذلك المُقرض ، ليس شيء من هذا ، أما كون الذين رووا فهذا فيما بعد ، وليس أثناء العقد أثناء القرض مثلًا ؛ لم يذكر في الحديث لا في هذا ولا في ذاك ، ثم القصص في مثل هذا كثيرة وكثيرة جدًّا ؛ أي : نستطيع أن نقول إنَّنا لا نعلم حادثة واحدة جرى فيها قرض ثم أُشهِدَ عليه ، فإذا جاء مثل هذا الحديث فينبغي أن يُحمل على صورة نادرة جدًّا ؛ وهي كما ذكرت آنفًا حينما يكون هناك شك أو احتمال أن لا يفِيَ المستقرض بحقِّ المقرض ؛ فهنا لضمان حقِّه لا بدَّ من أن يشهد عليه .
السائل : ... .
الشيخ : إي نعم .
الفتاوى المشابهة
- حكم الإشهاد في الطلاق. - الالباني
- ورد حديث في " فقه السيرة " قوله - صلى الله علي... - الالباني
- ما هو أصل الصيغة المختصرة في الصلاة على النبي... - الالباني
- ما هو الدليل على أن الإشهاد في إرجاع المطلقة... - ابن عثيمين
- هل كل الأعمال التي حافظ عليها الرسول صلى الله... - الالباني
- وجوب الرجوع إلى ما كان عليه النبي صلى الله علي... - الالباني
- معنى قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( ومَن لَم... - الالباني
- هل يُشترط الإشهاد في الطلاق ؟ - الالباني
- حديث ثلاثة يدعون الله عز وجل فلا يستجاب لهم - اللجنة الدائمة
- هل قول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث ( ث... - الالباني
- قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - : ( ثلاثة يد... - الالباني