الشيخ : لا إله إلا الله : ليس معناها كما يتوهم كثير من الخاصة فضلًا عن العامة ليس معنى لا إله أي لا رب هذا خطأ ليس معنى " لا إله إلا الله " لا رب إلا الله وإنما المعنى لا إله أي " لا معبود بحق في الوجود إلا الله - تبارك وتعالى - " خالق السماوات والأراضين والفرق بين التفسير الأول الباطل والتفسير الآخر الصحيح هو كالفرق بين السماء والأرض لأن من قال لا رب إلا الله لم ينج من الشرك ... لذلك المشركون كانوا يعتقدون بأنه لا رب إلا الله بصريح الآية السابقة : { وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ } إلى آيات أخرى إذًا هم يعتقدون بأن رب السماوات إنما هو الله - عز وجل - هؤلاء المشركون الذين كانوا يعتقدون أنه لا رب إلا الله هؤلاء أنفسهم كانوا إذا قيل لا إله إلا الله يستكبرون هذا نص القرآن الكريم : { إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ } ؛ أي : لا يقولون : لا إله إلا الله ؛ لماذا ؟ لا يقولون لا إله إلا الله وهم يقولون لا رب إلا الله ذلك لأنه مما يؤسفنا اليوم أن المشركين بسبب سليقتهم العربية كانوا يفرّقون بين قول القائل لا رب إلا الله وقول القائل لا إله إلا الله ، أما نحن اليوم بسبب بعدنا عن اللغة العربية الأصيلة ومخالطتنا العُجمة وتسرّب العقائد الشركية إلى قلوبنا ونفوسنا أصبحنا لا نفرق بين لا رب وبين لا إله بل وجدنا رسائل في العصر الحاضر تؤلَّف وتطبع باسم الإسلام وباسم شرح كلمة لا إله إلا الله تفسّر هذه الكلمة لا إله أي لا رب فقط إذًا لا رب إلا الله لا ينجو بها المسلم من الشرك وإنما ينجو إذا قال أولًا لا إله إلا الله ومفسرًا لها معتقدا بمعناها الصحيح أي " لا معبود بحق في الوجود إلا الله " هذا التفسير الصحيح هو الذي يعبّر عن العقيدة الصحيحة في نفس قائلها وعن واقع الناس اليوم فإن كثيرًا من الناس يعبدون مع الله آلهة أخرى وهذا كان وضع المشركين في الجاهلية كانوا في الوقت الذي يعتقدون لا رب إلا الله يتخذون آلهة مع الله أخرى ؛ لذلك قال - تعالى - : { وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى } هذه العبادة التي اعترف بها المشركون لآلهتهم التي اتخذوها من دون الله هي التي نفاها الله في قوله : { فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ } هذه العبادات التي وجهّت إلى غير الله من الآلهة الباطلة هي التي ينفيها المسلم حينما يقول " لا إله إلا الله " " لا معبود بحق في الوجود إلا الله " فهو ينفي ويثبت ينفي أن تصح العبادة لأحد إلا لله فهو يقرِّر حقيقة واقعة أن هناك عبادات توجّه إلى معبودات وينفي أن تكون هذه العبادات الموجهّة إلى هذه الآلهة مشروعة بل هي باطلة والعبادة الحقّة هي التي توجه إلى الله وحده لا شريك له فيها أبدًا والعبادات كما تعلمون أنواعها كثيرة وكثيرة جدًّا ويشملها ملاحظة معنى الإله فالإله مشتق من أله يأله بمعنى خضع يخضع فالله - عز وجل - حينما كلّف عباده بعبادة إنما كان ذلك امتحانًا منه - تبارك وتعالى - لهم كما قال : { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ } ، فالله - عز وجل - ابتلاهم بأن خضعهم بهذه العبادات فمن خضع له فيها وتعبده وحده لم يشرك معه آلهة أخرى فهو الذي قام بحق لا إله إلا الله فإذا كنا مع عرفنا أن مادة الإله مشتقة من أله يأله بمعنى خضع يخضع أي عبد يعبد فكل عبادة توجَّه بها الإنسان إلى غير الله - عز وجل - فقد اتخذ هذا الغير شريكًا مع الله لا في المرتبة الأولى أي شرك الربوبية ، وإنما في المرتبة الثانية وهي شرك العبادة .