تتمة لباب :
الشيخ محمد ناصر الالباني
الشيخ : عن جبير بن نفير أنه سمع معاوية يقول : سمعت من النبي - صلى الله عليه وسلم - : كلامًا نفعَني الله به ، سمعته يقول : أو قال : سمعت رسول الله صلى الله وسلم يقول : إنك إذا اتبعت الريبة في الناس أفسدتهم . هذا حديث خاطب به رسول - صلى الله عليه وآله وسلم - معاوية بن أبي سفيان وكان ذلك طبعًا قبل أن يتولى الملك ، ويقول العلماء إن في مخاطبة النبي - صلى الله عليه وسلم - لمعاوية بمثل هذا الحديث تلميحًا لطيفًا إلى أنه قد يتولَّى يومًا ما ولاية الناس وشؤونهم ؛ ولذلك نصحه رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - بأن لا يعاملهم على أساس من سوء الظن وإلقاء الشبهة والريبة فيهم ، فقد قال - عليه الصلاة والسلام - له : إنك إذا اتبعت الريبة في الناس أفسدتهم أي : إنك إذا ظننت بهم ظن السوء وعاملتهم على أساس سوء الظن بهم كان ذلك دافعًا لهم وحافزًا على أن يرتكبوا ما من أجله أنت أسأت الظن به ، فلا يجوز للمسلم أن يسيء الظن بأخيه المسلم لا سيما إذا كان له ولاية عامة على الناس فلا ينبغي أن يعاملهم على أساس إساءة الظن بهم ، لأن إساءته الظن بهم يحملهم على أن يكونوا عند سوء ظنه بهم ، أي إنه كما هو معلوم أن الإنسان الذي له ولاية ما على شخص ما إذا صارحه أو عامله على أساس إحسانه الظن به كان في الغالب ذلك المظنون به الظن الحسن عند حسن الظن به ، فكذلك على العكس من هذا إذا الرئيس رئيس الدولة أو رئيس القرية أو نحو ذلك من الرئاسات إذا أحسنوا الظن بالناس كان ذلك من الحوافز والدوافع على أن يكون أتباعه عند حسن ظنه بهم والعكس بالعكس من ذلك تمامًا فإذا هو أساء الظن بهم كانوا عند سوء ظنه بهم ، ونحو هذا الحديث ما جاء في " صحيح مسلم " : " أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - نهى الرجل أن يطرق أهله ليلًا يتخوَّلهم ويتظنَّن بهم سوءًا " ، نهى الرسول - عليه السلام - الرجل إذا كان مسافرًا أن يأتي أهله ليلًا أي يقصد أن يأتيهم ليلًا من باب المباغتة والمفاجأة ليشوف شلون وضع الجماعة في البيت معنى ذلك أنه ألقي في نفسه سوء الظن بأهله ولذلك فجأهم وبغتهم ليلًا ، هذا نهى عنه الرسول - عليه الصلاة والسلام - من هذا الباب لأنك إذا طرقت أهلك ليلًا حمل ذلك أهلك على أن يسيئوا الظن بك كما أنت طرقتهم ليلًا وأوهمتهم أنك سيئ الظن بهم كذلك هم يعاملونك بمثل هذا العمل ، ومعلوم في عرف الناس عادة أنه إذا اتهم شخص بتهمة وكان بريئًا من هذه التهمة وحاول أن يدفع التهمة عن نفسه فلم يستطع فماذا يكون مصير هذا المتهم ؟ يقول كما نسمع هذا كثيرًا ها هي الناس عم يتحدثوا عنا فإذن فلنفعل ما يتحدثون به عنا ، فمن هنا كان هذا الحديث في غاية الحكمة في التخطيط للأمير في معاملة المأمور هو عليهم بحسن الظن لا بسوء الظن ، لأن معاملته إياهم على أساس سوء الظن كما قال في هذا الحديث يفسدهم . إنك إذا اتبعت الريبة في الناس أفسدتهم وهذا الإفساد قد بيَّنَّاه بمثل ذلك الكلام السابق ، وغاية الحديث والمقصد منه هو أن يتعامل المسلمون على أساس حسن الظن بعضهم ببعض وليس على أساس سوء الظن لا سيما من كان منهم له ولاية عامة كالحاكم أو خاصة كالرجل في أهل بيته ، لذلك نهى الرسول - عليه السلام - أن يطرق الرجل أهله ليلًا يتخوَّلهم أو يلتمس عثراتهم . الحديث الذي بعده حديث ضعيف .