باب النَّمَّام ، شرح حديث حذيفة - رضي الله عنه - : ( لَا يَدخُلُ الجَنَّةَ قَتَّاتٌ ) .
الشيخ محمد ناصر الالباني
الشيخ : الباب الذي يليه هو باب النَّمَّام .
روى فيه بإسناده الصحيح عن همَّام : كنا مع حذيفة فقيل له : إن رجلًا يرفع الحديث إلى عثمان ، فقال حذيفة : سمعتُ النبيَّ - صلى الله عليه وآله وسلم - يقول : لا يدخل الجنَّة قتَّات .
كنَّا مع حذيفة : حذيفة بن اليمان رجل من مشاهير أصحاب الرسول - عليه السلام - ، وكان له خصوصيَّة منه لم يشارِكْه فيها أحد غيره ، ذلك أنه كان صاحب سرِّ النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، ومن ذلك أنه كان عنده أسماء المنافقين الذين لا يعلمهم أحد من البشر إلا النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ثم حذيفة كان صاحب سرِّ الرسول - عليه السلام - ، فكان يعلم أسماء هؤلاء المنافقين ؛ ولذلك كان عمر مع فضله ومع أنه كما قال - عليه الصلاة والسلام - فيه : ما سلكتَ فجًّا إلا سلك الشيطان فجًّا غير فجِّك ؛ مع هذا كان عمر يأتي إلى حذيفة فيُناشده ويسأله : هل أنا مذكور في أسماء أولئك المنافقين ؟ فيبشِّره بأنه : لا . هذا حذيفة قيل له : إن رجلًا يرفع الحديث إلى عثمان ، هذه الجملة جملة عربية ، ولكن طرأ عليها اصطلاح في علم الحديث ، فهي من الناحية العربية يرفع الحديث إلى عثمان معناه ينمُّ ، والنَّميمة أظن لا أحد يجهل معناها ، لكن القتَّات المذكور في الحديث يُفسَّر بتفسير أدق شويّ من النَّمَّام .
فنقول : يرفع الحديث يعني ينمُّ ، وما معنى ينمُّ ؟ فهو يسمع الحديث بين الناس يكون جالسًا فيسمع من واحد يسبُّ آخر ، أو يطعن فيه بحقٍّ أو بباطل ، فما يكون من هذا النَّمَّام إلا أن ينقل هذا الكلام إلى الذي طُعِنَ فيه بقصد الإيقاع بين الطَّاعن وبين المطعون فيه ، هذا الرجل كان يرفع الحديث إلى عثمان ؛ بمعنى كان يجلس مع الناس فيسمع ماذا يتحدَّث الناس عن عثمان ، لعله كثيرات منكنَّ يعلم أنُّو كان في زمن عثمان فتن كثيرة وكثيرة جدًّا ، وكان عاقبة ذلك مع الأسف الشديد أن ثارت طائفة من الناس عليه ، وقتلوه في بيته وهو يتلو كتاب الله ! فلا شك أن كلَّ فتنة حينما تعظم تكون المقدِّمات تقدَّمَتْها قبل ذلك ، كما يقال : " وما معظم النار من مستصغر الشَّرر " ، ففي هذا الجوِّ في زمن عثمان بن عفان كان هناك رجل يجلس في مجلس فيسمع فلان شو عم يتكلم ضد عثمان ، فيسارع ويقول لعثمان : فلان قال فيك كذا وكذا ، يريد أن يُغرِيَ عثمان بهذا الإنسان الذي تكلَّم فيه ، هذه هي النَّميمة ، لما قيل لحذيفة بن اليمان : أن هناك رجل يرفع الحديث - يعني ينقل الحديث - إلى عثمان على طريق الإفساد والنميمة ، هذا هو المعنى اللغوي ، لكن المعنى الاصطلاحي : " يرفع الحديث " اختصار : " قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - " ، هذه في فرق بقى بين المعنى اللغوي والمعنى الاصطلاحي ، يرفع الحديث يعني ينمُّ ، يرفع الحديث يعني ينسبه إلى الرسول - عليه السلام - ، فإذا جاءت مثل هذه العبارة يرفع الحديث ما في سياق وسباق يشعرنا بأنه يقصد المتكلم النَّميمة ؛ فمعنى يرفع الحديث أي : يُوصله إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، أما هنا فواضح جدًّا أن المقصود من قوله : يرفع الحديث إلى عثمان ؛ أي : ينقل الكلام الذي سَمِعَه من الطَّاعن في عثمان إلى عثمان بقصد إغراء عثمان عليه والإفساد بينهما ، فكان جواب حذيفة أن قال : سمعت النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - يقول : لا يدخل الجنة قتَّات .
من المشهور تفسير القتَّات بالنمَّام ، وهذا معناه لا يدخل الجنة نمَّام ، ولكن بعض العلماء ذكر تفصيلًا للنَّميمة ، وحمل على وجهٍ من الوجوه ذاك التفصيل هذا اللفظ القتَّات :
إذا كان الرجل يجلس في المجلس بين الناس عَلَنًا فيسمع فلان شو عم يقول عن فلان ، ثم ينقل فهذا هو النَّمَّام ، أما الذي لا يجلس مع الناس وإنما يتنصَّت من وراء حُجُب ، الناس لا يعرفون أن هناك ؛ مثل الجاسوس يعني ، لا يعرفون أن هناك إنسان يتجسَّس عليهم ، فيسمع كلمة فيها طعن في شخص فسُرعان ما ينقلها إلى ذلك الشخص المطعون فيه بقصد الإفساد - أيضًا - ، هذا معنى القتَّات ؛ فإذًا القتَّات نمَّام ولا شك ، ولكن ليس كل نمَّام قتَّات ، يعني من ناحية علم الأصول في عموم وخصوص ، كذلك في اللغة : كل قتَّات نمَّام ، لكن ليس كل نمَّام قتَّات ؛ ليه ؟ لأن النَّمَّام هاللي يسترق الحديث من وراء جُدُر وينقل الحديث - أيضًا - إلى المطعون فيه ، هو يقصد الإفساد ، فالتقى في هذه النقطة معه النَّمَّام الذي يكون في مجلس وينقل الكلام بقصد الإفساد ، لكن الفرق بين القتَّات وبين النَّمَّام ، النَّمَّام يكون جالسًا لا يتجسَّس ، أما القتَّات فيتجسَّس وينقل الكلام .
ونستطيع أن نلخص أن القتَّات يجمع بين مصيبتين أو بين إثمين ، إثم التجسُّس وقد قال - تعالى - : وَلَا تَجَسَّسُوا ، وجاء في ذلك أحاديث كثيرة ، ثم زيادة على ذلك ينقل الكلام الذي سَمِعَه من بعض الجالسين في المجلس إلى المطعون فيه بقصد الإفساد بينهما ، هذا معنى القتَّات ، فكل قتَّات نمَّام ، وليس كل نمَّام قتَّات ، كيف يصير ؟ كل إنسان حيوان ، لكن ليس كل حيوان إنسان ، معروف هذا في اللغة وفي الاصطلاح ، كل إنسان حيوان ؛ لأن الحيوان اسم جنس يدخل فيه الإنسان الناطق والحيوان الصامت ، فيتميَّز بها الإنسان عن الحيوان ، فإذا قلت : الإنسان حيوان صدقت ، لكن لا تستطيع أن تقول : كل حيوان إنسان ، كذلك إذا قلت القتَّات نمَّام ، صحيح ؛ لأنه ينقل الكلام بقصد الافساد ، لكن النَّمَّام ليس قتَّاتًا ؛ لأن من طبيعة القتَّات أن ينقل الكلام من وراء حُجُب .
أخيرًا : بقي في الحديث نقطة هامَّة ، لكن أظن أنُّو يكفي الإشارة إليها لكثرة ما مرَّ معنا من التعليق على مثلها ، لا يدخل الجنة قتَّات ، هل معنى هذا أن القتَّات أو النَّمَّام أو الدُّيُّوث أو أي إنسان قيل فيه في الأحاديث : لا يدخل الجنة ؛ هل معنى ذلك أن النَّميمة صاحبها كافر حرام عليه دخول الجنة ؟ هكذا يقول الحديث : لا يدخل الجنة قتَّات ! ولكن يجب ألَّا نفهم الحديث لوحده ، وإنما مضمومًا إليه كلُّ النصوص من الكتاب والسنة التي تُساعدنا على فهم الحديث فهمًا صحيحًا .
لو نحن فَهِمْنا الحديث على ظاهره : لا يدخل الجنة قتَّات يعني حُرِّمت عليه الجنة مثل الكافر ، حينئذٍ تعارَضَ هذا الفهم مع نصوص من الكتاب والسنة ، من أشهرها وأقواها دلالةً قول الله - عز وجل - : إِنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ، فكيف يُقال : لا يدخل الجنة قتَّات وربنا يقول : يَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ؟ لهذه الآية نصوص كثيرة كما أشرت إليها فسَّر العلماء مثل هذا النَّصِّ بعدة تفاسير :
أوَّلًا : لا يدخل الجنة قتَّات ؛ أي : لا يدخل الجنة مطلقًا مَن يستحلُّ النميمة هذه ، يستحلُّها بقلبه ؛ لأن الاستحلال للمعصية بالقلب هو كفر وردَّة ، وحينئذٍ فيبقى الحديث على ظاهره ، لا يدخل الجنة مطلقًا ؛ لأنه باستحلاله لهذه المعصية استحلالًا قلبيًّا صار كافرًا ، وإن لم ... هذا المعنى الأول .
المعنى الثاني : لا يدخل الجنة مع الصَّادقين الأولين ؛ يعني لا يدخل الجنة بدون حساب بدون عذاب ، ومفهوم هذا حينئذٍ أنه يدخل الجنة ولكن بعد زمن .
وأخيرًا الوجه الثالث : لا يدخل الجنَّة إلا بعد أن يأخُذَ نصيبَه من العذاب لقاء معصيته ؛ سواء كان نميمة أو كان زنا أو كان دياثة أو كان أي شيء مما جاء فيه إخبار النَّصِّ ، لا يدخل الجنة ديُّوث جاء في بعض الأحاديث ، فمَن قيل فيه مثل هذا القول ، آخر وجه يُصار في تأويل الحديث فيه : لا يدخل الجنة إلا بعد أن يأخذ نصيبه من العذاب إلا أن يغفر الله له للآية السابقة .
روى فيه بإسناده الصحيح عن همَّام : كنا مع حذيفة فقيل له : إن رجلًا يرفع الحديث إلى عثمان ، فقال حذيفة : سمعتُ النبيَّ - صلى الله عليه وآله وسلم - يقول : لا يدخل الجنَّة قتَّات .
كنَّا مع حذيفة : حذيفة بن اليمان رجل من مشاهير أصحاب الرسول - عليه السلام - ، وكان له خصوصيَّة منه لم يشارِكْه فيها أحد غيره ، ذلك أنه كان صاحب سرِّ النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، ومن ذلك أنه كان عنده أسماء المنافقين الذين لا يعلمهم أحد من البشر إلا النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ثم حذيفة كان صاحب سرِّ الرسول - عليه السلام - ، فكان يعلم أسماء هؤلاء المنافقين ؛ ولذلك كان عمر مع فضله ومع أنه كما قال - عليه الصلاة والسلام - فيه : ما سلكتَ فجًّا إلا سلك الشيطان فجًّا غير فجِّك ؛ مع هذا كان عمر يأتي إلى حذيفة فيُناشده ويسأله : هل أنا مذكور في أسماء أولئك المنافقين ؟ فيبشِّره بأنه : لا . هذا حذيفة قيل له : إن رجلًا يرفع الحديث إلى عثمان ، هذه الجملة جملة عربية ، ولكن طرأ عليها اصطلاح في علم الحديث ، فهي من الناحية العربية يرفع الحديث إلى عثمان معناه ينمُّ ، والنَّميمة أظن لا أحد يجهل معناها ، لكن القتَّات المذكور في الحديث يُفسَّر بتفسير أدق شويّ من النَّمَّام .
فنقول : يرفع الحديث يعني ينمُّ ، وما معنى ينمُّ ؟ فهو يسمع الحديث بين الناس يكون جالسًا فيسمع من واحد يسبُّ آخر ، أو يطعن فيه بحقٍّ أو بباطل ، فما يكون من هذا النَّمَّام إلا أن ينقل هذا الكلام إلى الذي طُعِنَ فيه بقصد الإيقاع بين الطَّاعن وبين المطعون فيه ، هذا الرجل كان يرفع الحديث إلى عثمان ؛ بمعنى كان يجلس مع الناس فيسمع ماذا يتحدَّث الناس عن عثمان ، لعله كثيرات منكنَّ يعلم أنُّو كان في زمن عثمان فتن كثيرة وكثيرة جدًّا ، وكان عاقبة ذلك مع الأسف الشديد أن ثارت طائفة من الناس عليه ، وقتلوه في بيته وهو يتلو كتاب الله ! فلا شك أن كلَّ فتنة حينما تعظم تكون المقدِّمات تقدَّمَتْها قبل ذلك ، كما يقال : " وما معظم النار من مستصغر الشَّرر " ، ففي هذا الجوِّ في زمن عثمان بن عفان كان هناك رجل يجلس في مجلس فيسمع فلان شو عم يتكلم ضد عثمان ، فيسارع ويقول لعثمان : فلان قال فيك كذا وكذا ، يريد أن يُغرِيَ عثمان بهذا الإنسان الذي تكلَّم فيه ، هذه هي النَّميمة ، لما قيل لحذيفة بن اليمان : أن هناك رجل يرفع الحديث - يعني ينقل الحديث - إلى عثمان على طريق الإفساد والنميمة ، هذا هو المعنى اللغوي ، لكن المعنى الاصطلاحي : " يرفع الحديث " اختصار : " قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - " ، هذه في فرق بقى بين المعنى اللغوي والمعنى الاصطلاحي ، يرفع الحديث يعني ينمُّ ، يرفع الحديث يعني ينسبه إلى الرسول - عليه السلام - ، فإذا جاءت مثل هذه العبارة يرفع الحديث ما في سياق وسباق يشعرنا بأنه يقصد المتكلم النَّميمة ؛ فمعنى يرفع الحديث أي : يُوصله إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، أما هنا فواضح جدًّا أن المقصود من قوله : يرفع الحديث إلى عثمان ؛ أي : ينقل الكلام الذي سَمِعَه من الطَّاعن في عثمان إلى عثمان بقصد إغراء عثمان عليه والإفساد بينهما ، فكان جواب حذيفة أن قال : سمعت النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - يقول : لا يدخل الجنة قتَّات .
من المشهور تفسير القتَّات بالنمَّام ، وهذا معناه لا يدخل الجنة نمَّام ، ولكن بعض العلماء ذكر تفصيلًا للنَّميمة ، وحمل على وجهٍ من الوجوه ذاك التفصيل هذا اللفظ القتَّات :
إذا كان الرجل يجلس في المجلس بين الناس عَلَنًا فيسمع فلان شو عم يقول عن فلان ، ثم ينقل فهذا هو النَّمَّام ، أما الذي لا يجلس مع الناس وإنما يتنصَّت من وراء حُجُب ، الناس لا يعرفون أن هناك ؛ مثل الجاسوس يعني ، لا يعرفون أن هناك إنسان يتجسَّس عليهم ، فيسمع كلمة فيها طعن في شخص فسُرعان ما ينقلها إلى ذلك الشخص المطعون فيه بقصد الإفساد - أيضًا - ، هذا معنى القتَّات ؛ فإذًا القتَّات نمَّام ولا شك ، ولكن ليس كل نمَّام قتَّات ، يعني من ناحية علم الأصول في عموم وخصوص ، كذلك في اللغة : كل قتَّات نمَّام ، لكن ليس كل نمَّام قتَّات ؛ ليه ؟ لأن النَّمَّام هاللي يسترق الحديث من وراء جُدُر وينقل الحديث - أيضًا - إلى المطعون فيه ، هو يقصد الإفساد ، فالتقى في هذه النقطة معه النَّمَّام الذي يكون في مجلس وينقل الكلام بقصد الإفساد ، لكن الفرق بين القتَّات وبين النَّمَّام ، النَّمَّام يكون جالسًا لا يتجسَّس ، أما القتَّات فيتجسَّس وينقل الكلام .
ونستطيع أن نلخص أن القتَّات يجمع بين مصيبتين أو بين إثمين ، إثم التجسُّس وقد قال - تعالى - : وَلَا تَجَسَّسُوا ، وجاء في ذلك أحاديث كثيرة ، ثم زيادة على ذلك ينقل الكلام الذي سَمِعَه من بعض الجالسين في المجلس إلى المطعون فيه بقصد الإفساد بينهما ، هذا معنى القتَّات ، فكل قتَّات نمَّام ، وليس كل نمَّام قتَّات ، كيف يصير ؟ كل إنسان حيوان ، لكن ليس كل حيوان إنسان ، معروف هذا في اللغة وفي الاصطلاح ، كل إنسان حيوان ؛ لأن الحيوان اسم جنس يدخل فيه الإنسان الناطق والحيوان الصامت ، فيتميَّز بها الإنسان عن الحيوان ، فإذا قلت : الإنسان حيوان صدقت ، لكن لا تستطيع أن تقول : كل حيوان إنسان ، كذلك إذا قلت القتَّات نمَّام ، صحيح ؛ لأنه ينقل الكلام بقصد الافساد ، لكن النَّمَّام ليس قتَّاتًا ؛ لأن من طبيعة القتَّات أن ينقل الكلام من وراء حُجُب .
أخيرًا : بقي في الحديث نقطة هامَّة ، لكن أظن أنُّو يكفي الإشارة إليها لكثرة ما مرَّ معنا من التعليق على مثلها ، لا يدخل الجنة قتَّات ، هل معنى هذا أن القتَّات أو النَّمَّام أو الدُّيُّوث أو أي إنسان قيل فيه في الأحاديث : لا يدخل الجنة ؛ هل معنى ذلك أن النَّميمة صاحبها كافر حرام عليه دخول الجنة ؟ هكذا يقول الحديث : لا يدخل الجنة قتَّات ! ولكن يجب ألَّا نفهم الحديث لوحده ، وإنما مضمومًا إليه كلُّ النصوص من الكتاب والسنة التي تُساعدنا على فهم الحديث فهمًا صحيحًا .
لو نحن فَهِمْنا الحديث على ظاهره : لا يدخل الجنة قتَّات يعني حُرِّمت عليه الجنة مثل الكافر ، حينئذٍ تعارَضَ هذا الفهم مع نصوص من الكتاب والسنة ، من أشهرها وأقواها دلالةً قول الله - عز وجل - : إِنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ، فكيف يُقال : لا يدخل الجنة قتَّات وربنا يقول : يَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ؟ لهذه الآية نصوص كثيرة كما أشرت إليها فسَّر العلماء مثل هذا النَّصِّ بعدة تفاسير :
أوَّلًا : لا يدخل الجنة قتَّات ؛ أي : لا يدخل الجنة مطلقًا مَن يستحلُّ النميمة هذه ، يستحلُّها بقلبه ؛ لأن الاستحلال للمعصية بالقلب هو كفر وردَّة ، وحينئذٍ فيبقى الحديث على ظاهره ، لا يدخل الجنة مطلقًا ؛ لأنه باستحلاله لهذه المعصية استحلالًا قلبيًّا صار كافرًا ، وإن لم ... هذا المعنى الأول .
المعنى الثاني : لا يدخل الجنة مع الصَّادقين الأولين ؛ يعني لا يدخل الجنة بدون حساب بدون عذاب ، ومفهوم هذا حينئذٍ أنه يدخل الجنة ولكن بعد زمن .
وأخيرًا الوجه الثالث : لا يدخل الجنَّة إلا بعد أن يأخُذَ نصيبَه من العذاب لقاء معصيته ؛ سواء كان نميمة أو كان زنا أو كان دياثة أو كان أي شيء مما جاء فيه إخبار النَّصِّ ، لا يدخل الجنة ديُّوث جاء في بعض الأحاديث ، فمَن قيل فيه مثل هذا القول ، آخر وجه يُصار في تأويل الحديث فيه : لا يدخل الجنة إلا بعد أن يأخذ نصيبه من العذاب إلا أن يغفر الله له للآية السابقة .
الفتاوى المشابهة
- حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو معاوية و... - ابن عثيمين
- معنى الوعيد في "لا يدخل الجنة نمام" ونحوه - ابن باز
- معنى الوعيد بحديث "لا يدخل الجنة نَمّام" - ابن باز
- ما الفرق بين النمام والمتجسس.؟ - ابن عثيمين
- معنى حديث لا يدخل الجنة نمام - اللجنة الدائمة
- تتمة شرح حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه : (... - الالباني
- باب : - الالباني
- شرح حديث حذيفة رضي الله عنه : ( كُنا مع حذيفة... - الالباني
- شرح باب النمام وتحته حديث همام قال كنا مع حذيف... - الالباني
- باب : " باب النمام " . شرح حديث : ( همام كنا م... - الالباني
- باب النَّمَّام ، شرح حديث حذيفة - رضي الله عنه... - الالباني