كثير ممن ينتسبون للعلم والدعوة يعرِّفون " لا إله إلا الله " بأنه : لا نافعَ إلا الله ، لا ضارَّ إلا الله ، لا محيي إلا الله ، لا مميت إلا الله ؛ فهل هذا التعريف ينفعهم ؟
الشيخ محمد ناصر الالباني
السائل : كثير ممن ينتسبون للعلم والدعوة يعرِّفون " لا إله إلا الله " بأنه : لا نافعَ إلا الله ، لا ضارَّ إلا الله ، لا محيي إلا الله ، لا مميت إلا الله ؛ فهذا التعريف هل ينفعهم ؟
الشيخ : كلا لا ينفعهم ؛ لأنُّو هذه العقيدة ليست كافية ؛ لأن الكفار الذين عادَوا الرسول - عليه السلام - وقاتلوه واضطرُّوه للخروج من بلده والهجرة إلى المدينة المنورة كانوا يعتقدون هذه العقيدة ؛ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ، فآيات كثيرة في القرآن الكريم تبيِّن أن المشركين كانوا أوَّلًا يؤمنون بوجود الله ، وثانيًا لا يجعلون شريكًا لله في ذاته ؛ فلا يعتقدون أن هناك خالقًا معه نافعًا معه ضارًّا معه ، بل كانوا يعتقدون أنَّ الأمر كله بيده - تبارك وتعالى - ؛ هذا من جهة ، من جهة أخرى أن الله - عز وجل - لمَّا أرسل الرسل وأنزل الكتب ما فعل ذلك لكي يدعو الناس إلى الاعتقاد بوجود الله وبأنه هو الضَّارُّ النافع ، وأنه لا شريك له في شيء من ذلك ، ما بَعَثَهم ولا أنزل الكتب من أجل هذا ؛ لأن هذا أمر مفطور في الناس حتى المشركين ، ولذلك صرَّحت الآية الكريمة أنَّ المشركين إذا سُئلوا : أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ فرَّقوا بين الإله وبين الرَّبِّ ؛ فهم يشركون في الألوهية ولا يشركون في الربوبية ، يعتقدون بأن الله هو ربُّ العالمين وحده لا شريك له ، وأنهم إذا وقعوا في مصيبة أو في بليَّة تضرَّعوا إلى الله والتجؤوا إليه لِمَا وَقَرَ في نفوسهم من أنَّ الله هو الضَّارُّ وهو النَّافع ، فهم كانوا يؤمنون بما يُسمَّى عند العلماء بتوحيد الربوبية ، لكن الله أرسل الرسل وأنزل الكتب لدعوة هؤلاء الناس جميعًا إلى عبادته وحدَه لا شريك له ، ليس إلى اعتقاد أنه واحد في ذاته ، وأنه لا خالق معه .
لاحظ الاعتقاد كانوا يؤمنون به بصريح القرآن الكريم ، وإنما الذي كانوا يكفرون به أنَّ هناك أشخاص مخلوقون ويستحقُّون أن يُعبَدُوا مع الله - تبارك وتعالى - ، وهذا صريح في القرآن ؛ حيث قال - عز وجل - : الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ الذين تدعونهم في الشدَّة هم عبادٌ أمثالكم ، إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا دعاءكم مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ ؛ لأنهم يعتقدون أنهم عبيد ؛ ولذلك قال - عز وجل - في الآية الأخرى : وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى ، هؤلاء المشركين الذين اتَّخذوا من دون الله أولياء إذا سُئلوا : لماذا تعبدونهم من دون الله ؟ قالوا : مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى ؛ إذًا هم يؤمنون بأن المعبود الحقَّ هو واحد لا شريك له في العبادة ، ولكنهم من ضلالهم أنهم اتَّخذوا من بعض الصالحين أولياء يعبدونهم يتوجَّهون إليهم بالدعاء والاستغاثة والركوع والسجود ، لماذا ؟ هم أجابوا بأنفسهم وألسنتهم : مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى ؛ فإذًا المشركين الذين كانوا في عهد الرسول - عليه السلام - ما كان الخلاف بينهم وبين الرسول في أن الخالق واحد والرازق واحد والمحيي واحد والمميت واحد ؛ فهذا كانوا يؤمنون به ، ولكن الخلاف كان في أنَّهم عبدوا غير الله - عز وجل - ، خضعوا لغير الله - عز وجل - ؛ فأشركوا مع الله في العبادة وليس في الربوبية ، ولذلك وَصَلَ ضلال هؤلاء المشركين إلى أنهم كانوا إذا طافوا بالبيت وهذا الطواف وَرِثُوه من أبيهم إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - ، ثم دخلهم الشرك ، فكان قائلهم يقول : لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك ، إلا شريكٌ تملكه أنت وما ملك ، لك شريك لكن هالشريك هو مملوك لك وما معه - أيضًا - مملوكٌ لك ؛ إذًا المشركون كفروا بتوحيد الألوهية بتوحيد العبادة وليس بتوحيد الربوبية ؛ ولهذا في القرآن الكريم : إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ ، أما الآية السابقة شو هي ؟ لأ ، تبع الربوبية ، وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ، هون قالوا : أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ .
الشاهد : أن الآية الأولى صريحة بأنَّ المشركين يؤمنون بربوبية الله وحده لا شريك له ، الآية الثانية صريحة بأنهم ينكرون أن يكون الإله واحد ، شو معنى الإله إذًا ؟ الإله هو المعبود ، فلما كان الرسول يدعوهم إلى أن يعبدوا الله وحده لا شريك له كانوا ينكرون ذلك ويقولون : أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ ، في الآية الأخرى : إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ ، كيف يستكبرون وهم في الآية الأخرى ربُّنا يخبر عنهم : وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ؛ معنى ذلك أن الربوبية شيء والألوهية شيءٌ آخر ، الرَّبُّ واحد باتفاق البشر جميعًا حتى المشركين الذين قاتلوا الرسول - عليه السلام - وعادوه كما ذكرنا ، أما الله فمتعدِّد عندهم ، ولذلك استنكروا على الرسول - عليه السلام - حينما دعاهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له .
والعبادة أنواع وأقسام ، وأعظم عبادة تتجلَّى فيها حاجة الإنسان وعبوديَّته لله - عز وجل - هو الدعاء ؛ ولذلك قال - عليه السلام - في الحديث الصحيح : الدعاء هو العبادة ، ثم تلا قوله - تعالى - : وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ .
إذًا المشركون هذه نقطة مع الأسف كثير من خواصِّ المسلمين اليوم لم يتنبَّهوا لها ، وهو التفريق بين الربوبية وبين الألوهية ، المشركون كانوا يؤمنون بوحدانية الله في الربوبية ، ولكنهم كانوا يكفرون بوحدانية الله في العبادة والألوهية ، ولذلك كانوا يقولون بأن لله شريكًا لكن هذا الشريك مملوك لله وما يملكه هذه الشريك ، وعلى هذا فمعنى لا إله إلا الله لا يجوز تفسيره بمعنى لا ربَّ إلا الله ، هذا اعتقاد المشركين لا يكفي ، وإنما لا إله إلا الله معنى هذه الكلمة التي جاءت في القرآن مأمور بها - عليه السلام - والمقصودين أمَّته ، فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ معنى هذا فاعلم أنه لا معبود بحقٍّ في الوجود إلا الله ، مش لا ربَّ إلا الله !! لا ربَّ إلا الله المشركون يؤمنون بهذا ، يعني الخالق والرازق والمحيي والمميت المشركون يعتقدون بأنه واحد لا شريك له ، لكنَّهم يجعلون له شريكًا في العبادة .
من هنا لا يجوز للمسلم أوَّلًا : أن يفهم هذه الكلمة الطيبة لا إله إلا الله بمعنى لا ربَّ إلا الله ؛ لأنه تعطيل لمعنى الألوهية والعبادة لله - عز وجل - وحده . ثانيًا : إذا فهم المسلم هذه الكلمة الطيبة أنَّ المعنى لا إله إلا الله أي : لا معبود بحقٍّ في الوجود إلا الله ؛ فلا يجوز له أن ينقضَ هذه العقيدة عقيدة التوحيد في عبادة الله وحده لا شريك له عمليًّا .
كثير من المسلمين اليوم يدعون في الشَّدائد غير الله كما كان المشركون يفعلون تمامًا ، فهذا ينادي البدوي وهذا ينادي عبد القادر الجيلاني وهذا ينادي الشاذلي و و إلى آخره ، كل هؤلاء الأشخاص يُعبَدُون اليوم من كثير من المسلمين بسبب جهلهم معنى هذه الكلمة ، لا إله إلا الله أي : لا معبود بحقٍّ في الوجود إلا الله ، ولهذا كان أوَّل ما دعا إليه الرسول - عليه السلام - هو هذه الكلمة الطبية كما قال - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح : أُمِرْتُ أن أقاتلَ الناس حتَّى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ، فإذا قالوها فقد عصموا منِّي دماءهم وأموالهم إلا بحقِّها وحسابهم عند الله ، أُمِرْتُ أن أقاتل الناس حتَّى يشهدوا أن لا إله لا يعني أن لا ربَّ ، وإنما يعني أن لا معبود بحقٍّ إلا الله ، فمن اعتقد أن لا معبود بحقٍّ إلا الله آمن بأن الرَّبَّ واحد لا شريك له ، لكن مَن آمن بأن الرَّبَّ واحد لا شريك له في ذاته قد يكفر بالعبودية بعبادة الله وحده لا شريك له ؛ لأنُّو من عبادة الله الدعاء ، فإذا دعا غير الله فقد اتخذه إلهًا من دون الله - تبارك وتعالى - .
الشيخ : كلا لا ينفعهم ؛ لأنُّو هذه العقيدة ليست كافية ؛ لأن الكفار الذين عادَوا الرسول - عليه السلام - وقاتلوه واضطرُّوه للخروج من بلده والهجرة إلى المدينة المنورة كانوا يعتقدون هذه العقيدة ؛ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ، فآيات كثيرة في القرآن الكريم تبيِّن أن المشركين كانوا أوَّلًا يؤمنون بوجود الله ، وثانيًا لا يجعلون شريكًا لله في ذاته ؛ فلا يعتقدون أن هناك خالقًا معه نافعًا معه ضارًّا معه ، بل كانوا يعتقدون أنَّ الأمر كله بيده - تبارك وتعالى - ؛ هذا من جهة ، من جهة أخرى أن الله - عز وجل - لمَّا أرسل الرسل وأنزل الكتب ما فعل ذلك لكي يدعو الناس إلى الاعتقاد بوجود الله وبأنه هو الضَّارُّ النافع ، وأنه لا شريك له في شيء من ذلك ، ما بَعَثَهم ولا أنزل الكتب من أجل هذا ؛ لأن هذا أمر مفطور في الناس حتى المشركين ، ولذلك صرَّحت الآية الكريمة أنَّ المشركين إذا سُئلوا : أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ فرَّقوا بين الإله وبين الرَّبِّ ؛ فهم يشركون في الألوهية ولا يشركون في الربوبية ، يعتقدون بأن الله هو ربُّ العالمين وحده لا شريك له ، وأنهم إذا وقعوا في مصيبة أو في بليَّة تضرَّعوا إلى الله والتجؤوا إليه لِمَا وَقَرَ في نفوسهم من أنَّ الله هو الضَّارُّ وهو النَّافع ، فهم كانوا يؤمنون بما يُسمَّى عند العلماء بتوحيد الربوبية ، لكن الله أرسل الرسل وأنزل الكتب لدعوة هؤلاء الناس جميعًا إلى عبادته وحدَه لا شريك له ، ليس إلى اعتقاد أنه واحد في ذاته ، وأنه لا خالق معه .
لاحظ الاعتقاد كانوا يؤمنون به بصريح القرآن الكريم ، وإنما الذي كانوا يكفرون به أنَّ هناك أشخاص مخلوقون ويستحقُّون أن يُعبَدُوا مع الله - تبارك وتعالى - ، وهذا صريح في القرآن ؛ حيث قال - عز وجل - : الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ الذين تدعونهم في الشدَّة هم عبادٌ أمثالكم ، إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا دعاءكم مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ ؛ لأنهم يعتقدون أنهم عبيد ؛ ولذلك قال - عز وجل - في الآية الأخرى : وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى ، هؤلاء المشركين الذين اتَّخذوا من دون الله أولياء إذا سُئلوا : لماذا تعبدونهم من دون الله ؟ قالوا : مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى ؛ إذًا هم يؤمنون بأن المعبود الحقَّ هو واحد لا شريك له في العبادة ، ولكنهم من ضلالهم أنهم اتَّخذوا من بعض الصالحين أولياء يعبدونهم يتوجَّهون إليهم بالدعاء والاستغاثة والركوع والسجود ، لماذا ؟ هم أجابوا بأنفسهم وألسنتهم : مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى ؛ فإذًا المشركين الذين كانوا في عهد الرسول - عليه السلام - ما كان الخلاف بينهم وبين الرسول في أن الخالق واحد والرازق واحد والمحيي واحد والمميت واحد ؛ فهذا كانوا يؤمنون به ، ولكن الخلاف كان في أنَّهم عبدوا غير الله - عز وجل - ، خضعوا لغير الله - عز وجل - ؛ فأشركوا مع الله في العبادة وليس في الربوبية ، ولذلك وَصَلَ ضلال هؤلاء المشركين إلى أنهم كانوا إذا طافوا بالبيت وهذا الطواف وَرِثُوه من أبيهم إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - ، ثم دخلهم الشرك ، فكان قائلهم يقول : لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك ، إلا شريكٌ تملكه أنت وما ملك ، لك شريك لكن هالشريك هو مملوك لك وما معه - أيضًا - مملوكٌ لك ؛ إذًا المشركون كفروا بتوحيد الألوهية بتوحيد العبادة وليس بتوحيد الربوبية ؛ ولهذا في القرآن الكريم : إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ ، أما الآية السابقة شو هي ؟ لأ ، تبع الربوبية ، وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ، هون قالوا : أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ .
الشاهد : أن الآية الأولى صريحة بأنَّ المشركين يؤمنون بربوبية الله وحده لا شريك له ، الآية الثانية صريحة بأنهم ينكرون أن يكون الإله واحد ، شو معنى الإله إذًا ؟ الإله هو المعبود ، فلما كان الرسول يدعوهم إلى أن يعبدوا الله وحده لا شريك له كانوا ينكرون ذلك ويقولون : أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ ، في الآية الأخرى : إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ ، كيف يستكبرون وهم في الآية الأخرى ربُّنا يخبر عنهم : وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ؛ معنى ذلك أن الربوبية شيء والألوهية شيءٌ آخر ، الرَّبُّ واحد باتفاق البشر جميعًا حتى المشركين الذين قاتلوا الرسول - عليه السلام - وعادوه كما ذكرنا ، أما الله فمتعدِّد عندهم ، ولذلك استنكروا على الرسول - عليه السلام - حينما دعاهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له .
والعبادة أنواع وأقسام ، وأعظم عبادة تتجلَّى فيها حاجة الإنسان وعبوديَّته لله - عز وجل - هو الدعاء ؛ ولذلك قال - عليه السلام - في الحديث الصحيح : الدعاء هو العبادة ، ثم تلا قوله - تعالى - : وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ .
إذًا المشركون هذه نقطة مع الأسف كثير من خواصِّ المسلمين اليوم لم يتنبَّهوا لها ، وهو التفريق بين الربوبية وبين الألوهية ، المشركون كانوا يؤمنون بوحدانية الله في الربوبية ، ولكنهم كانوا يكفرون بوحدانية الله في العبادة والألوهية ، ولذلك كانوا يقولون بأن لله شريكًا لكن هذا الشريك مملوك لله وما يملكه هذه الشريك ، وعلى هذا فمعنى لا إله إلا الله لا يجوز تفسيره بمعنى لا ربَّ إلا الله ، هذا اعتقاد المشركين لا يكفي ، وإنما لا إله إلا الله معنى هذه الكلمة التي جاءت في القرآن مأمور بها - عليه السلام - والمقصودين أمَّته ، فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ معنى هذا فاعلم أنه لا معبود بحقٍّ في الوجود إلا الله ، مش لا ربَّ إلا الله !! لا ربَّ إلا الله المشركون يؤمنون بهذا ، يعني الخالق والرازق والمحيي والمميت المشركون يعتقدون بأنه واحد لا شريك له ، لكنَّهم يجعلون له شريكًا في العبادة .
من هنا لا يجوز للمسلم أوَّلًا : أن يفهم هذه الكلمة الطيبة لا إله إلا الله بمعنى لا ربَّ إلا الله ؛ لأنه تعطيل لمعنى الألوهية والعبادة لله - عز وجل - وحده . ثانيًا : إذا فهم المسلم هذه الكلمة الطيبة أنَّ المعنى لا إله إلا الله أي : لا معبود بحقٍّ في الوجود إلا الله ؛ فلا يجوز له أن ينقضَ هذه العقيدة عقيدة التوحيد في عبادة الله وحده لا شريك له عمليًّا .
كثير من المسلمين اليوم يدعون في الشَّدائد غير الله كما كان المشركون يفعلون تمامًا ، فهذا ينادي البدوي وهذا ينادي عبد القادر الجيلاني وهذا ينادي الشاذلي و و إلى آخره ، كل هؤلاء الأشخاص يُعبَدُون اليوم من كثير من المسلمين بسبب جهلهم معنى هذه الكلمة ، لا إله إلا الله أي : لا معبود بحقٍّ في الوجود إلا الله ، ولهذا كان أوَّل ما دعا إليه الرسول - عليه السلام - هو هذه الكلمة الطبية كما قال - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح : أُمِرْتُ أن أقاتلَ الناس حتَّى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ، فإذا قالوها فقد عصموا منِّي دماءهم وأموالهم إلا بحقِّها وحسابهم عند الله ، أُمِرْتُ أن أقاتل الناس حتَّى يشهدوا أن لا إله لا يعني أن لا ربَّ ، وإنما يعني أن لا معبود بحقٍّ إلا الله ، فمن اعتقد أن لا معبود بحقٍّ إلا الله آمن بأن الرَّبَّ واحد لا شريك له ، لكن مَن آمن بأن الرَّبَّ واحد لا شريك له في ذاته قد يكفر بالعبودية بعبادة الله وحده لا شريك له ؛ لأنُّو من عبادة الله الدعاء ، فإذا دعا غير الله فقد اتخذه إلهًا من دون الله - تبارك وتعالى - .
الفتاوى المشابهة
- (لا إله إلا الله) قول وعمل - ابن باز
- معنى كلمة الإخلاص : " لا إله إلا الله " ، وبيا... - الالباني
- معنى كلمة الإخلاص ( لا إله إلا الله ) وبيان شر... - الالباني
- معنى لا إله إلا الله محمد رسول الله . - الالباني
- معنى قوله تعالى:" فاعلم أنه لا إله إلا الله... - ابن عثيمين
- معنى كلمة التوحيد " لا إله إلا الله" وبيان بعض... - الالباني
- معنى الحقيقي لكلمة " لا إله إلا الله " وخطأ من... - الالباني
- المعنى الحقيقي لكلمة : " لا إله إلا الله " . - الالباني
- بعض المنتسبين للدعوة لا يهتمون إلا بتوحيد الرب... - الالباني
- كثير ممن ينتسبون للعلم والدعوة يعرفون لا إله إ... - الالباني
- كثير ممن ينتسبون للعلم والدعوة يعرِّفون " لا إ... - الالباني