تم نسخ النصتم نسخ العنوان
ذكر علَّة تحريم التصوير . - الالبانيالشيخ : والذي ظهر لنا أن الشارع حرَّم التصوير لأمرين اثنين :الأمر الأول : سبق التصريح به ؛ وهو يضاهون بخلق الله ؛ يعني مشابهة الله - عز وجل - في الخلق ه...
العالم
طريقة البحث
ذكر علَّة تحريم التصوير .
الشيخ محمد ناصر الالباني
الشيخ : والذي ظهر لنا أن الشارع حرَّم التصوير لأمرين اثنين :
الأمر الأول : سبق التصريح به ؛ وهو يضاهون بخلق الله ؛ يعني مشابهة الله - عز وجل - في الخلق هذه الصورة الذي صوَّرَها شابَهَ الله - عز وجل - في تصويره لخلقه ؛ فهذا سبب للتحريم .
سبب آخر استنبطه العلماء استنباطًا مراعاةً منهم للتاريخ البعيد ؛ حيث جاء في القرآن في قصة نوح - عليه الصلاة والسلام - مع قومه حينما نهاهم عن الشرك ، ودعاهم إلى عبادة الله وحده ، وتركِ عبادة الأصنام ؛ لم يطيعوه ولم يُصغوا إليه ، بل قال بعضهم لبعض كما قال - تعالى - : لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا . يقول ابن عباس : هؤلاء الخمسة كانوا عبادًا لله صالحين ، فلما ماتوا وأرادوا دفنَهم حيث يُدفن الناس جميعًا في المقابر جاءهم الشيطان بصورة ناصح ، قال : هؤلاء هم مَن تعرفونهم في صلاحهم وإحسانهم إلى مجتمعهم ، فأنصح لكم بأن تميِّزوهم عن سائر الناس ؛ بأن تجعلوا قبروهم في أفنية دوركم ، فاستجابوا له ودفنوهم خارجين عن المقابر وقريبًا من دورهم ، فكانوا كلما خرجوا من بيوتهم ودخلوا مرُّوا عليهم في أول الأمر تذكَّروا أعمالهم الصالحة ، وربما اقتدوا بهم ؛ ومع الزمن بدأ الانحراف عن التوحيد إلى الإشراك بعض الشيء ، لكن الشيطان لم يقنَعْ بهذا ، فجاء إلى الجيل الثاني وقال لهم : هؤلاء كما علمتم مَن آبائكم هم مَن هم ؛ ولذلك فأنصح أن تتَّخذوا لهم أصنامًا خمسة ؛ لأن هذه القبور تذهب مع العوامل الطبيعية ، فاتَّخذوا لهم أصنامًا خمسة ووضعوها في مكان ، فزيَّن لهم فيما بعد أن يضعوها في أماكن رفيعة تتناسب مع عظمَتِهم وترجمة حالهم عندهم ، وهكذا وُضعت الأصنام في أماكن رفيعة ، فأخذوا يسجدون لها ويعظِّمونها من دون الله وينذرون ويذبحون ، فوقعوا في الشرك الأكبر ، فأرسل الله إليهم نوحًا - عليه السلام - يُنذِرُهم مما هم فيه ، فتنادوا أن لا تسمعوا له ولا تطيعوه ، وقالوا : لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا إلى آخر الآية .
فإذًا السبب الثاني الذي فَهِمَه العلماء في سبب التحريم هو أن الصور كانت يومًا ما سببًا لتدرُّج الناس من الشرك الأصغر ثم إلى الشرك الأكبر ، والله - عز وجل - غيُّور ، فهو يغار على عباده المؤمنين أن ينحرفوا ولو فرد واحد منهم ، ولو بعد ألوف السنين لسببٍ ما ينحرف عن التوحيد إلى الشرك ؛ ولذلك سدَّ هذا الباب بالنهي عن الصور مطلقًا ؛ سواء كانت مجسَّمة أو غير مجسَّمة ، والنوعان معروفان قديمًا ، وسواء كانت التصوير يدوي كما كان الشأن قديمًا ، أو تصوير آلي كما هو الشأن حديثًا ، تصوير آلي صور مجسَّمة وهي الأصنام ، وتصوير آلي على الورق الصور الفوتوغرافية المعروفة اليوم ؛ كلُّ هذا وهذا حرام لِمَا ذكرناه من الأحاديث ومن التفقُّه فيها .

Webiste