كلام الشَّيخ على تقسيم البدع إلى أقسام ، وبيان خطورة هذا التقسيم ، وذكر أمثلة هؤلاء لِمَا ذهبوا إليه مع توجيهها التوجيه الصحيح .
الشيخ محمد ناصر الالباني
الشيخ : ... سمُّوها بالبدعة الحسنة ، فلَطَالَمَا سمعتم ممَّن يذهبون إلى تقسيم البدعة إلى خمسة أقسام أن هناك بدعة واجبة ، ويضربون على ذلك مثلًا بجمع القرآن الذي جَمَعَه أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب ؛ يقولون : هذا بدعة في الإسلام ، ولكن هي بدعة حسنة ، بل هي بدعة واجبة . نحن نقول : تسمية هذا الأمر العظيم بالبدعة التي هي أُطلِقَت للذَّمِّ كما ذكرنا في الحديث السابق : كل بدعة ضلالة أعتقد من أسوأ الاستعمالات التي دخلت في أذهان بعض العلماء .
جمع القرآن بدعة ؟! نحن نقول : جمع القرآن واجب وليس بدعة ، وإن قالوا : إنها بدعة فيجب أن يستعملوا هذا اللفظ بالمعنى اللغوي ولا يقولون : البدعة في الشرع تنقسم إلى خمسة أقسام ، ومنها البدعة الواجبة الفريضة .
جمع القرآن كان من الصحابة لأسباب ، منها ظاهر لكثير من الناس ، ومنها ما يظهر لبعض المتدبِّرين للقرآن ، الأمر الأول الظَّاهر هو القاعدة المتفق عليها بين العلماء " ما لا يقوم الواجب إلا به فهو اجب " ، وأنتم تعرفون السبب الذي حمل الصحابة يومئذٍ على جمع القرآن هو مجيء مَن يخبرهم بأنه قد قتل في يوم واحد سبعون قارئًا من قرَّاء الصحابة ، فخشوا من أن يستحرَّ القتل ويشتدَّ في القرَّاء فيذهب القرآن الذي كان محفوظًا في صدورهم لذهابهم وموتهم ؛ لذلك بادَرَ أصحاب الرسول - عليه السلام - وعلى رأسهم أبو بكر وعمر إلى جمع القرآن ، وهذا يؤكِّد هذه القاعدة المعروفة عند علماء الأصول : " ما لا يقوم الواجب إلا به فهو واجب " ؛ فالمحافظة على القرآن أمر واجب ، فإذا لم يبادروا إلى جمعه كما فعلوا يكون قد ساعدوا على إضاعة الواجب ، فيكونوا مسؤولين ؛ هذا هو الأمر الظاهر .
لكن هناك أمر يظهر لبعض المتأمِّلين في بعض نصوص القرآن الكريم ، من ذلك قول ربِّ العالمين في أول سورة البقرة : الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ . ذَلِكَ الْكِتَابُ فالله - عز وجل - أشارَ في هذه الآية إلى أن القرآن كتاب ، وهو حينما كان مُبَعثَرًا في الصُّحف والرقاع والعظام ونحو ذلك لا يُطلَق عليه حين ذاك أنه كتاب ؛ فهو أشار إلى أنه ينبغي أن يكون هذا القرآن محفوظًا ومسجَّلًا في كتاب ، وهذا ما فعلَه الصحابة الكرام ، فلا يصحُّ أن يطلق على جمع القرآن أنه بدعة وأول بدعة ظهرت في الإسلام ؛ هذا خطأ فاحش كبير جدًّا .
وأنا أقرِّب لكم هذا بمثال لعله أوضح من هذا ؛ أي : إنه أمر حدثَ بعد الرسول - عليه السلام - ، ولكن لا يصح أن نسمِّيَه بدعة إطلاقًا ؛ لأن حدوثه كان بإذنٍ من الشارع الحكيم ؛ تعلمون أنه جاء في " صحيح البخاري ومسلم " من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لما فتح خيبر عنوةً أعطاها لليهود على أن يعملوا فيها ؛ لهم النصف وللرسول - عليه السلام - النصف ، واتفق هو وإياهم على أنه أقرَّهم فيها ؛ قال : نقرُّكم فيها ما نشاء ؛ هذا كان من شروط الاتفاق على أن يبقى اليهود في خيبر يعملون في نخيلها ، وتُوفي رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - واليهود في خيبر ، وجاء أبو بكر وتوفي واليهود في خيبر ، وجاءت خلافة عمر ومضى ما شاء الله من خلافته وهم في خيبر ، ثم بدا لعمر أن يُخرِجَهم فأخرَجَهم ، كما يقولون عندنا في الشام : " ظهرك بالك " ؛ يعني طردًا ، وأَذِنَ لهم أن يأخذوا ما خفَّ من حوائجهم .
هذا الإخراج كما ترون وقع بعد الرسول - عليه السلام - وبعد أبي بكر ؛ فهل هذا بدعة في الدين ؟ الجواب : لا . لم ؟ لسببين اثنين ؛ ذكرت الأول منهما ؛ قوله - عليه السلام - : نقرُّكم فيها ما نشاء ، هذه المشيئة انتهت حينما رأى الخليفة الراشد عمر بن الخطاب أن يخرجهم . والأمر الثاني : قول الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - : أخرِجُوا اليهود من جزيرة العرب ، فإذًا عمر لما أخرج اليهود من خيبر إنما نفَّذَ طرفًا من هذا الأمر النبوي أخرجوا اليهود من جزيرة العرب ، فالذي نفَّذَ طرفًا من أمر الرسول يكون قد أحدث في الدين ؟ حاشا لله ربِّ العالمين ! ليس هناك إحداث ، وإنما هو في الواقع شيء جديد ما كان في عهد الرسول - عليه السلام - ، لكن هذا الذي جدَّ له دليله من السنة كما رأيتم في حديث البخاري وفي الحديث الآخر : أخرجوا اليهود من جزيرة العرب ، وكان هذا مما وصَّى به الرسول - عليه الصلاة والسلام - أمته وهو في مرض موته . إذًا فإخراج عمر لليهود من جزيرة العرب لا يصح أن يُقال : إنه بدعة ؛ حتى ولو بضميمة بدعة حسنة عند مَن يقول بتقسيم البدعة إلى خمسة أقسام ؛ لأنه نفَّذ أمرًا نبويًّا ، وهذا واجب ليس بدعة .
من هذا القبيل ما يكثر إيراده من القائلين بالتقسيم للبدعة إلى حسنة وسيِّئة صلاة عمر بن الخطاب أو أمر عمر بن الخطاب أبيَّ بن كعب أن يصلي بالناس إمامًا صلاة التراويح ، وقول عمر بن الخطاب بهالمناسبة : " نعمت البدعة هذه " . يحتجُّون - أيضًا - بهذه الحادثة على أن هناك في الإسلام بدعة حسنة ، فالجواب هو عين الجواب عن إخراج عمر لليهود من جزيرة العرب ، فعمر لم يبتدِعْ شيئًا في الإسلام إطلاقًا ، وإنما نفَّذَ أمرًا قديمًا ؛ كذلك لما صلى أو أمر أبيَّ بن كعب أن يصلي بالناس إمامًا لم يأتِ بشيء جديد ؛ لأن هذا الإمامة شَرَعَها الرسول - عليه الصلاة والسلام - بنفسه في الليالي الثلاثة التي قَرَأتُمُوها في " صحيح البخاري " ، ثم ترك ذلك - عليه السلام - لعلَّة إني خشيتُ أن تُكتَبَ عليكم ، ثم هذه العلة زالت بوفاة الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - ؛ حيث أتمَّ الله - عز وجل - الدين ، فلم يبقَ هناك مجال لتشريع أحكام جديدة ، من أجل زوال العلة رجع عمر بن الخطاب فأحيا تلك السنة ؛ لا سيَّما وهناك حديث من قوله - عليه الصلاة والسلام - وهو ردٌّ على بعض الناس الذين يرون على الرغم من زوال تلك العلة أن صلاة التراويح في البيوت أفضل من صلاتها في المساجد ؛ هذا خطأ غفلة من هؤلاء عن شيئين اثنين ؛ الشيء الأول : أن العلة زالت ؛ ولذلك رجع عمر إلى إحياء هذه السنة ، والشيء الآخر : هو أنه جاء في " سنن أبي داود " حديث بإسناد صحيح أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال : مَن صلى العشاء في رمضان وراء الإمام ، ثم صلى خلفه صلاة القيام كُتِبَ له قيام ليلة ، فهذا تشريع من الرسول من قوله يحضُّ المسلمين على أن يصلوا صلاة التراويح مع الإمام ، فما الذي فعله عمر بن الخطاب ؟ أحيا سنَّة فعلية وسنَّة قولية كلٌّ منهما يؤيد الأخرى . إذًا ما أحدث شيئًا عمر بن الخطاب في الدين ، وإنما أحيا سنة من سنن سيد المرسلين .
لكن يرد السؤال التقليدي : إذًا لِمَ قال عمر بن الخطاب : " نعمت البدعة هذه " ؟ هنا نقول : عمر هنا أطلق البدعة على هذا التجميع باعتبار ما كان الأمر عليه ما بين ترك الرسول - عليه السلام - لصلاة الجماعة في التراويح وإحيائه هو إياها ، فكانت هذه السنة متروكة ، فهو سمَّاها بدعة لأنها حدثت بعد أن لم تكُنْ في هذا الزمن المحصور ، بهذا الاعتبار قال : " نعمت البدعة هذه " .
خلاصة القول : لا يجوز أن ننسب إلى الدين ما ليس منه إلا بدليل شرعي كما سمعتم بالنسبة لإخراج اليهود ، وبالنسبة لتجميع عمر الناس على صلاة التراويح ، ولا يجوز إنكار بعض المُحدثات ما دام ليس سبب إحداثها هو تقصير منَّا ، وفي الوقت نفسه هذا الذي حدث يؤيِّد حكمًا شرعيًّا منصوصًا عليه كمكبِّر الصوت ؛ إذا عرفنا هذين الأمرين نَجَونا من الإفراط والتفريط ، الإفراط هو إضاعة مثل هذه الوسيلة بحجة أنها محدثة ، وهي ليست محدثة في الدين ولا تعارض الدين ، بل تؤيِّد غرضًا من أغراض الدين وحكمة من حكم التشريع ، ولا يجوز أن نُدخِلَ في الدين أشياء لم تكن بقصد زيادة التقرُّب إلى الله ، فهذه الزيادة ممنوعة للأحاديث الكثيرة التي تعرفونَها في الذَّمِّ عن الابتداع في الدين ، ومن أخطرها قول الرسول - عليه السلام - : أبى الله - عز وجل - أن يقبَلَ من صاحب بدعة توبة .
تفضل .
جمع القرآن بدعة ؟! نحن نقول : جمع القرآن واجب وليس بدعة ، وإن قالوا : إنها بدعة فيجب أن يستعملوا هذا اللفظ بالمعنى اللغوي ولا يقولون : البدعة في الشرع تنقسم إلى خمسة أقسام ، ومنها البدعة الواجبة الفريضة .
جمع القرآن كان من الصحابة لأسباب ، منها ظاهر لكثير من الناس ، ومنها ما يظهر لبعض المتدبِّرين للقرآن ، الأمر الأول الظَّاهر هو القاعدة المتفق عليها بين العلماء " ما لا يقوم الواجب إلا به فهو اجب " ، وأنتم تعرفون السبب الذي حمل الصحابة يومئذٍ على جمع القرآن هو مجيء مَن يخبرهم بأنه قد قتل في يوم واحد سبعون قارئًا من قرَّاء الصحابة ، فخشوا من أن يستحرَّ القتل ويشتدَّ في القرَّاء فيذهب القرآن الذي كان محفوظًا في صدورهم لذهابهم وموتهم ؛ لذلك بادَرَ أصحاب الرسول - عليه السلام - وعلى رأسهم أبو بكر وعمر إلى جمع القرآن ، وهذا يؤكِّد هذه القاعدة المعروفة عند علماء الأصول : " ما لا يقوم الواجب إلا به فهو واجب " ؛ فالمحافظة على القرآن أمر واجب ، فإذا لم يبادروا إلى جمعه كما فعلوا يكون قد ساعدوا على إضاعة الواجب ، فيكونوا مسؤولين ؛ هذا هو الأمر الظاهر .
لكن هناك أمر يظهر لبعض المتأمِّلين في بعض نصوص القرآن الكريم ، من ذلك قول ربِّ العالمين في أول سورة البقرة : الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ . ذَلِكَ الْكِتَابُ فالله - عز وجل - أشارَ في هذه الآية إلى أن القرآن كتاب ، وهو حينما كان مُبَعثَرًا في الصُّحف والرقاع والعظام ونحو ذلك لا يُطلَق عليه حين ذاك أنه كتاب ؛ فهو أشار إلى أنه ينبغي أن يكون هذا القرآن محفوظًا ومسجَّلًا في كتاب ، وهذا ما فعلَه الصحابة الكرام ، فلا يصحُّ أن يطلق على جمع القرآن أنه بدعة وأول بدعة ظهرت في الإسلام ؛ هذا خطأ فاحش كبير جدًّا .
وأنا أقرِّب لكم هذا بمثال لعله أوضح من هذا ؛ أي : إنه أمر حدثَ بعد الرسول - عليه السلام - ، ولكن لا يصح أن نسمِّيَه بدعة إطلاقًا ؛ لأن حدوثه كان بإذنٍ من الشارع الحكيم ؛ تعلمون أنه جاء في " صحيح البخاري ومسلم " من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لما فتح خيبر عنوةً أعطاها لليهود على أن يعملوا فيها ؛ لهم النصف وللرسول - عليه السلام - النصف ، واتفق هو وإياهم على أنه أقرَّهم فيها ؛ قال : نقرُّكم فيها ما نشاء ؛ هذا كان من شروط الاتفاق على أن يبقى اليهود في خيبر يعملون في نخيلها ، وتُوفي رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - واليهود في خيبر ، وجاء أبو بكر وتوفي واليهود في خيبر ، وجاءت خلافة عمر ومضى ما شاء الله من خلافته وهم في خيبر ، ثم بدا لعمر أن يُخرِجَهم فأخرَجَهم ، كما يقولون عندنا في الشام : " ظهرك بالك " ؛ يعني طردًا ، وأَذِنَ لهم أن يأخذوا ما خفَّ من حوائجهم .
هذا الإخراج كما ترون وقع بعد الرسول - عليه السلام - وبعد أبي بكر ؛ فهل هذا بدعة في الدين ؟ الجواب : لا . لم ؟ لسببين اثنين ؛ ذكرت الأول منهما ؛ قوله - عليه السلام - : نقرُّكم فيها ما نشاء ، هذه المشيئة انتهت حينما رأى الخليفة الراشد عمر بن الخطاب أن يخرجهم . والأمر الثاني : قول الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - : أخرِجُوا اليهود من جزيرة العرب ، فإذًا عمر لما أخرج اليهود من خيبر إنما نفَّذَ طرفًا من هذا الأمر النبوي أخرجوا اليهود من جزيرة العرب ، فالذي نفَّذَ طرفًا من أمر الرسول يكون قد أحدث في الدين ؟ حاشا لله ربِّ العالمين ! ليس هناك إحداث ، وإنما هو في الواقع شيء جديد ما كان في عهد الرسول - عليه السلام - ، لكن هذا الذي جدَّ له دليله من السنة كما رأيتم في حديث البخاري وفي الحديث الآخر : أخرجوا اليهود من جزيرة العرب ، وكان هذا مما وصَّى به الرسول - عليه الصلاة والسلام - أمته وهو في مرض موته . إذًا فإخراج عمر لليهود من جزيرة العرب لا يصح أن يُقال : إنه بدعة ؛ حتى ولو بضميمة بدعة حسنة عند مَن يقول بتقسيم البدعة إلى خمسة أقسام ؛ لأنه نفَّذ أمرًا نبويًّا ، وهذا واجب ليس بدعة .
من هذا القبيل ما يكثر إيراده من القائلين بالتقسيم للبدعة إلى حسنة وسيِّئة صلاة عمر بن الخطاب أو أمر عمر بن الخطاب أبيَّ بن كعب أن يصلي بالناس إمامًا صلاة التراويح ، وقول عمر بن الخطاب بهالمناسبة : " نعمت البدعة هذه " . يحتجُّون - أيضًا - بهذه الحادثة على أن هناك في الإسلام بدعة حسنة ، فالجواب هو عين الجواب عن إخراج عمر لليهود من جزيرة العرب ، فعمر لم يبتدِعْ شيئًا في الإسلام إطلاقًا ، وإنما نفَّذَ أمرًا قديمًا ؛ كذلك لما صلى أو أمر أبيَّ بن كعب أن يصلي بالناس إمامًا لم يأتِ بشيء جديد ؛ لأن هذا الإمامة شَرَعَها الرسول - عليه الصلاة والسلام - بنفسه في الليالي الثلاثة التي قَرَأتُمُوها في " صحيح البخاري " ، ثم ترك ذلك - عليه السلام - لعلَّة إني خشيتُ أن تُكتَبَ عليكم ، ثم هذه العلة زالت بوفاة الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - ؛ حيث أتمَّ الله - عز وجل - الدين ، فلم يبقَ هناك مجال لتشريع أحكام جديدة ، من أجل زوال العلة رجع عمر بن الخطاب فأحيا تلك السنة ؛ لا سيَّما وهناك حديث من قوله - عليه الصلاة والسلام - وهو ردٌّ على بعض الناس الذين يرون على الرغم من زوال تلك العلة أن صلاة التراويح في البيوت أفضل من صلاتها في المساجد ؛ هذا خطأ غفلة من هؤلاء عن شيئين اثنين ؛ الشيء الأول : أن العلة زالت ؛ ولذلك رجع عمر إلى إحياء هذه السنة ، والشيء الآخر : هو أنه جاء في " سنن أبي داود " حديث بإسناد صحيح أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال : مَن صلى العشاء في رمضان وراء الإمام ، ثم صلى خلفه صلاة القيام كُتِبَ له قيام ليلة ، فهذا تشريع من الرسول من قوله يحضُّ المسلمين على أن يصلوا صلاة التراويح مع الإمام ، فما الذي فعله عمر بن الخطاب ؟ أحيا سنَّة فعلية وسنَّة قولية كلٌّ منهما يؤيد الأخرى . إذًا ما أحدث شيئًا عمر بن الخطاب في الدين ، وإنما أحيا سنة من سنن سيد المرسلين .
لكن يرد السؤال التقليدي : إذًا لِمَ قال عمر بن الخطاب : " نعمت البدعة هذه " ؟ هنا نقول : عمر هنا أطلق البدعة على هذا التجميع باعتبار ما كان الأمر عليه ما بين ترك الرسول - عليه السلام - لصلاة الجماعة في التراويح وإحيائه هو إياها ، فكانت هذه السنة متروكة ، فهو سمَّاها بدعة لأنها حدثت بعد أن لم تكُنْ في هذا الزمن المحصور ، بهذا الاعتبار قال : " نعمت البدعة هذه " .
خلاصة القول : لا يجوز أن ننسب إلى الدين ما ليس منه إلا بدليل شرعي كما سمعتم بالنسبة لإخراج اليهود ، وبالنسبة لتجميع عمر الناس على صلاة التراويح ، ولا يجوز إنكار بعض المُحدثات ما دام ليس سبب إحداثها هو تقصير منَّا ، وفي الوقت نفسه هذا الذي حدث يؤيِّد حكمًا شرعيًّا منصوصًا عليه كمكبِّر الصوت ؛ إذا عرفنا هذين الأمرين نَجَونا من الإفراط والتفريط ، الإفراط هو إضاعة مثل هذه الوسيلة بحجة أنها محدثة ، وهي ليست محدثة في الدين ولا تعارض الدين ، بل تؤيِّد غرضًا من أغراض الدين وحكمة من حكم التشريع ، ولا يجوز أن نُدخِلَ في الدين أشياء لم تكن بقصد زيادة التقرُّب إلى الله ، فهذه الزيادة ممنوعة للأحاديث الكثيرة التي تعرفونَها في الذَّمِّ عن الابتداع في الدين ، ومن أخطرها قول الرسول - عليه السلام - : أبى الله - عز وجل - أن يقبَلَ من صاحب بدعة توبة .
تفضل .
الفتاوى المشابهة
- مناقشة مسألة تقسيم البدع إلى حسنة وقبيحة . - الالباني
- خطأ تقسيم البدع إلى حسنة وسيئة - ابن باز
- مناقشة الشيخ لمسألة تقسيم البدع إلى حسنة وقبيحة . - الالباني
- حكم تقسيم البدعة إلى حسنة وسيئة - ابن باز
- حكم تقسيم البدع إلى حسنة وسيئة - ابن باز
- القول في البدعة والرأي في تقسيمها ؟ - الالباني
- يقول ما هي البدعة وما هي أقسامها وهل تقسيمها... - ابن عثيمين
- حكم تقسيم البدعة - ابن باز
- حكم تقسيم البدعة إلى خمسة أقسام - ابن باز
- كلام الشيخ على تقسيم البدع إلى أقسام وبيان خطو... - الالباني
- كلام الشَّيخ على تقسيم البدع إلى أقسام ، وبيان... - الالباني