تم نسخ النصتم نسخ العنوان
ذكر الفرق بين نظرة السلفيين إلى أئمة المذاهب و... - الالبانيالشيخ : أيضًا هذا مجال البحث طويل لا أريد أن أخوض فيه ؛ لأنني في صدد بيان نقطة الاختلاف بيننا نحن السلفيين الذين نشترك مع جماهير المسلمين في تقدير الأئم...
العالم
طريقة البحث
ذكر الفرق بين نظرة السلفيين إلى أئمة المذاهب ونظرة غيرهم من المنتسبين إليهم ، وهل اتباع الأئمة غاية أم وسيلة إلى الحق ؟ ومن الأحقُّ بالاتباع ؟
الشيخ محمد ناصر الالباني
الشيخ : أيضًا هذا مجال البحث طويل لا أريد أن أخوض فيه ؛ لأنني في صدد بيان نقطة الاختلاف بيننا نحن السلفيين الذين نشترك مع جماهير المسلمين في تقدير الأئمة واحترامهم ؛ نفترق في هذه النقطة ، نحن نعتبر الأئمة وسائل ووسطاء لِيُبلِّغونا العلم عن الله ورسوله ، فنحن لا نتَّبعهم لذواتهم ، ولا نجعل اتباعنا إياهم غايةً من غاياتنا ؛ لأن الغاية الوحيدة هي أن نعرف ما كان عليه رسول الله - صلى الله عليه وآله سلم - مما أنزله ربُّه عليه في كتابه أو بيَّنه هو - عليه الصلاة والسلام - في سنَّته ؛ فهؤلاء العلماء الأجلَّاء نحن نتخذهم وسائط لِيُبلِّغونا دعوة الكتاب والسنة ، أما الجماهير من الذين يشتركون معنا في تقدير العلماء هؤلاء واحترامهم فهم طلبوا هذه الحقيقة ، وجعلوا اتباع العلماء إن صح إطلاقنا هذه اللفظة فيهم جعلوا اتباعهم ، إنما هم جعلوا تقليدهم لهؤلاء الأئمة هي الغاية ، والدليل قال : " وبضدِّها تتبيَّن الأشياء " ، الدليل أن كلًّا منهم رضي بإمام وتمسَّك بكل أقواله ، ولا يتمسَّك بشيء من أقوال الأئمة الآخرين وهي أكثر وأكثر ؛ لأن قول الأئمة ثلاثة أو بأن أقوال أئمة ثلاثة هي بلا شك أكثر وأكثر من أقوال إمام واحد ؛ فلذلك فكلُّ مقلد لإمام من هؤلاء الأئمة فهو خاسر أكثر ممَّا ربح من تقليده ، وفي القسم الذي أصاب الإمامُ الحقَّ في ذاك الذي يقلده هذا المقلد .
أما نحن فقد عرفنا منزلة الأئمة في علمهم من جهة ، وعرفنا أنهم وسائل ووسائط ليسوا مقصودين بالذات في الاتباع كما هم بيَّنوا ذلك بوضوح في تلك الأقوال التي أشرنا إليها من مقدمة كتابنا " صفة الصلاة " ، فهم يقولون - مثلًا - لأتباعهم وأصحابهم : " خذوا من حيث أخذنا " ، فخذوا من حيث أخذنا تأكيد لهذا الذي نقول أنهم ليسوا مقصودين بالاتباع ، وإنما المقصود بالاتباع هو الله ثم رسول الله ، وهو - عليه الصلاة والسلام - الوحيد الذي يجب اتباعه دون سائر الناس ، وهو النبيُّ الوحيد الذي جعلَ الله - عز وجل - اتباعه دليلًا أو الدليل لمحبَّة الله - عز وجل - كما في الآية المشهورة : قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ .
فإذًا الفرق هام ، ويمكن إيجازه بكلمة قصيرة ؛ دعوتنا تنحصر في إفراد النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في الاتباع ، فهو عندنا لا مثيل له ولا شريك له في الاتباع ، لا نتَّبع أحدًا من البشر إطلاقًا إلا الرسول - عليه الصلاة والسلام - ، أما غيرنا فالمتبوعون عندهم كثر كما هو معروف ، وليت أن الأمر في الاتباع عندهم انحصَرَ في اتباع الأئمة الأربعة ، وليت أن الأمر انحصَرَ عندهم في اتباع تلامذة هؤلاء الأئمة ، وليت ليت ، ولا فائدة من ليت مطلقًا !! ولكن هذا تفصيل وبيان أن الأمر خطير جدًّا .
إن الأمر بتوالي الأيام ومضيِّ السنين صار المتبوعون عند المدَّعين الاتباع للأئمة الأربعة لا يمكن حصرهم بالألوف المؤلفة ، إنك إذا جئت إلى رجلٍ متفقِّه في مذهب ما ، واحتجَجْتَ عليه بكتاب إمام من هؤلاء الأئمة ، وكان هذا الإمام هو إمام هذا الإنسان الذي ينتمي إليه كالحنفي والشافعي - مثلًا - ، فجئته بالنَّصِّ من كتاب الإمام ؛ قال : لا ، نحن لا نتَّبع هذه النصوص !! طيب ؛ أنت رجل حنفي أو شافعي ؟ يقول : نحن ما نستطيع أن نأخذ من نفس الإمام . إذًا هو يأخذ ممَّن أخذ ممَّن أخذ ممَّن أخذ حتى يصل إلى الإمام ، إذًا هم يأخذون من المتأخرين ، ولا يأخذون من الأئمة المتقدِّمين . كانت المشكلة في الحقيقة نتوهَّمها محصورةً بين دعوتنا في اتباع الكتاب والسنة وتوحيد الرسول - عليه السلام - في الاتباع دون الأئمة الأربعة ، الأقطاب الأربعة بحقٍّ في العلم ، وإذا المشكلة أكبر من ذلك ؛ فإنهم يأبون علينا - أيضًا - أن يظلوا متَّبعين للأئمة ، فليس عندهم من العلم ومن الثقافة والوعي أصولًا وفروعًا أن يجدوا في أنفسهم القدرة والاستطاعة لاتباع الأئمة أنفسهم ، وإنما يتَّبعون مَن مَن مَن مَن إلى أن يأتي إلى الفقيه في العصر الحاضر .
ونحن عندنا أدلة وشواهد كثيرة جدًّا في مناقشاتنا القديمة قبل انتشار الدعوة السلفية .

Webiste