تم نسخ النصتم نسخ العنوان
تفسير سورة آل عمران - 2 - الفوزانسؤال: يقول الله تعالى في سورة آل عمران: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولَئِكَ هُم...
العالم
طريقة البحث
تفسير سورة آل عمران - 2
الشيخ صالح بن فوزان الفوزان
سؤال: يقول الله تعالى في سورة آل عمران: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ [آل عمران: ٩٠] ، ويقول تعالى في آية أخرى: قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا [الزمر: ٥٣] ، فما معنى هاتين الآيتين، وكيف نوفق بينهما؟ وهل معنى الأولى أن هناك ذنوبًا لا تقبل التوبة من فاعلها مهما حاول؟ أم أن إحداهما ناسخة للأخرى أم كيف ذلك؟

الجواب: لا تعارض بين الآيتين الكريمتين؛ لأن الآية الأولى محمولة على المرتد الذي لم يتب، ومات على ردته إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا ، يعني: لم يتوبوا وإنما استمروا على كفرهم إلى أن ماتوا، فهؤلاء لن تقبل توبتهم ولو تابوا عند الموت لقوله تعالى: وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ [النساء: ١٨] ، ولقوله تعالى: وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [البقرة: ٢١٧] ، فالحاصل: إن الآية الأولى فيمن ارتد عن الدين واستمر على ردته ولم يتب إلا عند الموت، وعند الغرغرة كما في الحديث: إن الله تعالى يقبل توبة العبد ما لم يغرغر ، يعني: ما لم تبلغ روحه الغرغرة، حينئذ لا تقبل منه توبة.

وأما الآية الأخرى: يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ ، فهذه في الذي يتوب قبل حضور الموت، فإن الله جل وعلا يتوب عليه، وبهذا يتضح أن لا تعارض بين الآيتين الكريمتين.

سؤال: هل هناك ذنب لا تقبل التوبة من فعله؟

الجواب: الصحيح أنه ليس هناك ذنب لا تقبل التوبة من فاعله، فإن الله جل وعلا يقبل توبة الكافر إذا تاب، قال تعالى: قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ [الأنفال: ٣٨] .
والمشرك إذا تاب مع أن الشرك هو أعظم الذنوب، إذا تاب منه تاب الله عليه.
فليس هناك على الصحيح من قولي العلماء ذنب لا تقبل منه التوبة.

Webiste