تابع تفسير سورة الحجرات الآية (12) والكلام حول التوبة .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
أما بعد :
فإننا نفتتح هذا العام عام 1417 في هذا اللقاء المسمى لقاء الباب المفتوح الذي يتم كل خميس من كل أسبوع وهذا الخميس هو اليوم الخامس نعم هو اليوم الخامس من شهر محرم 1417 الخامس حسب الرؤية الشرعية أي نعم نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعله عام خير وبركة لنا وللمسلمين وأن يكتب فيه العزة والكرامة والنصر والتأييد لعباده المؤمنين
كنا وصلنا في التفسير إلى قول الله تبارك وتعالى : وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ التقوى يكثر الأمر بها في القرآن الكريم وكذلك في السنة فما هي التقوى التي يكثر ورودها في كتاب الله وعلى لسان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ؟ إنها كلمة عظيمة إنها تعني الوقاية من عذاب الله فبماذا تكون الوقاية من عذاب الله ؟ تكون الوقاية من عذاب الله بأمرين :
الأمر الأول : امتثال أوامر الله عز وجل بأن يقول القائل بأن يقول الإنسان إذا سمع أمر الله سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا فإن هذا هو قول المؤمنين قال الله تعالى : إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا فلا يكن في قلبك تردد لا تقل : لماذا أمر بكذا ؟ قل : سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا لا تقل : ما الفرق بين كذا وكذا ؟ يعني لماذا يأمر الله بكذا ولا يأمر بكذا ؟ مثلا في لحوم الإبل أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن نتوضأ من لحومها ولهذا كان أكل لحوم الإبل ناقضا للوضوء على القول الراجح من أقوال العلماء فلا تقل : لماذا يأمرنا بالوضوء من أكل لحم الإبل ولا يأمرنا بالوضوء من أكل لحم البقر مع أن كلا منهما يسمى بدنة ؟ لا تقل هكذا.
تؤمر الحائض بقضاء الصوم ولا تؤمر بقضاء الصلاة لا تقل : لماذا تؤمر بقضاء الصوم دون الصلاة ؟ على سبيل التشكيك ولكن قل : سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا
الأمر الثاني مما تتحقق به التقوى : اجتناب ما نهى الله عنه إذا نهى الله عن شيء قل : سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا واجتنبنا لا تقل : لماذا ؟ وتأمل قول الله عز وجل في الخمر والميسر والأنصاب والأزلام حيث قال : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ شوف فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ أي : فبعد هذا التفصيل والتبيين هل تنتهون أو لا ؟ وهذا الاستفهام بمعنى الأمر أي : فانتهوا ولهذا قال الصحابة انتهينا انتهينا فصارت التقوى تتحقق بإيش بإيش ؟ بأمرين الأول
الأول : امتثال أمر الله عز وجل دون تردد
والثاني : اجتناب نهي الله عز وجل دون تردد قل : سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا فهذا قول المؤمنين.
يقول الله عز وجل : وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ هذان اسمان من أسماء الله الأول التواب والثاني الرحيم والتواب هنا صيغة مبالغة واسم الفاعل من تاب تائب والتواب تعني كثرة التوبة وأنه عز وجل متصف بهذا الوصف وإنما كان الرب عز وجل كثير التوبة لأن العباد كثيرون هذه واحدة
ولأن الذنوب التي يقترفها الإنسان كثيرة ما أكثر ما يقترفه الإنسان من الذنب ويتوب الله عليه فلهذا سمى نفسه التواب وما هي التوبة ؟ التوبة من العبد أن ينتقل من معصية الله إلى طاعته
والتوبة من الله أن يقبل الله من العبد فيبدل سيئاته حسنات إذن التوبة من العبد إيش هي ؟ إيش ؟
السائل : الانتقال .
الشيخ : من إيش ؟
السائل : من المعصية إلى الطاعة .
الشيخ : الرجوع من المعصية إلى الطاعة والتوبة من الله قبول هذه التوبة من العبد وإبدال سيئاته بحسنات كما قال الله تبارك وتعالى : وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إلى أن قال : إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وقد تطلق التوبة من الله على توفيقه العبد للتوبة فلله تعالى على العبد توبتان : توبة بمعنى التوفيق للتوبة وتوبة بمعنى قبول التوبة ما هو الدليل على هذا ؟ الدليل قول الله تبارك وتعالى : وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ اقرأ ما بعدها لِيَتُوبُوا كيف تاب ليتوبوا ؟ أي : وفقهم للتوبة فتابوا
أما التوبة الأخرى وهي قبول توبة العبد فمثل قوله تعالى : وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ توبة العبد تحتاج إلى شروط إذ ليس كل توبة مقبولة لا بد يا إخواني من شروط:
الأول : إخلاص النية
والثاني : الندم على الذنب وانكسار القلب وخجله من الله عز وجل وأن يشعر الإنسان بأنه مذنب يحتاج إلى توبة ونعمة من الله عز وجل.
الثالث : الإقلاع عن المعصية إما بفعل الواجب وتداركه إن أمكن أو بالإقلاع عن المحرم
والرابع : العزم على ألا يعود إلى الذنب مرة أخرى فإن أقلع عنه وندم ولكن في نيته أنه متى سنحت له الفرصة عاد إلى الذنب فهذا لا تقبل توبته
الشرط الخامس : أن تكون في الوقت الذي تقبل فيه التوبة لأن التوبة لها وقت ترد فيه مهما تاب العبد وهو أي : الوقت الذي لا تقبل فيه التوبة نوعان : خاص
وعام أما الخاص فهو حلول الأجل إذا حضر الموت فإنه لا قبول للتوبة مهما كان دليل ذلك قول الله تبارك وتعالى : وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ يلا عبد الرحمن كمل نعم وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ هذا ما له توبة بعد أن شاهد وعاين العذاب يقول : أتوب ما ينفع الحدود في الدنيا إذا قدر على العبد وتاب بعد القدرة عليه هل يرتفع عنه الحد ؟ لا
لقوله : إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ كذلك الإنسان إذا حضره الموت وشاهد وعاين لا تنفعه التوبة للآية الكريمة وهي في سورة النساء وقد وقع ذلك فعلا حين تاب فرعون بعد أن أدركه الغرق قال الله تعالى : حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرائيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ ماذا قيل له ؟ آه .
السائل : قال : آالآن آمنت الآن وقد كفرت .
الشيخ : وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ .
السائل : وَكُنْتَ مِنَ .
الشيخ : مِنَ الْمُفْسِدِينَ قيل له آلْآنَ يعني آلآن تؤمن بما آمنت به بنو إسرائيل ؟ هذا لا ينفع وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ
الثاني : العام الوقت الذي يكون لعموم الناس إذا حصل أو إذا جاء فإنها لا تقبل التوبة وذلك إذا طلعت الشمس من مغربها فالشمس الآن تدور منذ خلقها الله عز وجل تأتي من ناحية المشرق وتغيب من ناحية المغرب فإذا أراد الله تعالى انقضاء الدنيا انعكست القضية صارت الشمس تأتي من المغرب وإذا رآها الناس آمنوا كلهم لأنهم يعلمون أن لهذا الكون مدبرا وإلا فمن يستطيع أن يأتي بالشمس من المغرب أحد يستطيع ؟ لا ولهذا قال إبراهيم للذي ناظره قال : فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ لكن إذا رأى الناس كلهم رأوا الشمس بعد أن غابت رجعت من المغرب سيؤمنون لكن هذا الإيمان قهري وإلا اختياري ؟ ها قهري لأنهم شاهدوا ولهذا قال الله عز وجل : يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً والمراد ببعض الآيات هنا طلوع الشمس من مغربها إذن لا بد للتوبة من شروط خمسة الأخ:
الأول : الندم على فعل المعصية تمام والثاني .
السائل : إخلاص النية لله عز وجل .
الشيخ : إخلاص النية لله عز وجل بألا يقصد الإنسان بالتوبة أن ينال مرتبة أو أن ينال جاها أو أن يمدح عند الناس مثاله إنسان معروف بالفسق والانحلال وأعلن عن وظيفة إمام مسجد ومعلوم أنه لن يوظف في إمامة المسجد إلا من كان إيش ؟ مستقيما هو استقام علشان إيش ؟ علشان يكون إمام في المسجد هذا لا تنفعه التوبة لأنه لم يخلص النية لله
الشرط الثالث : لا اللي قبل العزم مرحلة الإقلاع عن الذنب وذلك بأن يأتي بالواجب إن أمكن تداركه أو بدله إذا لم يمكن تداركه وكان له بدل أو يقلع عن المحرم إذا كان إذا كان الذنب فعلا محرما
طيب إذا كان الذنب حق إنسان بأن يكون شخص سرق من إنسان مالا السرقة حرام تاب الرجل وندم وعزم على ألا يعود فبماذا يكون تحقيق التوبة ؟ لا بد أن يوصل هذا المال إلى إيش ؟ إلى صاحبه ولا يمكن أن تتم التوبة إلا بهذا فإذا قال : أخشى إن ذهبت إلى هذا الرجل وأعطيته المال أخشى أن يترتب على ذلك ضرر علي على سمعتي وربما أحبس وأنا قد تبت إلى الله قبل أن يقدر علي فكيف تكون الحال ؟ هل يجوز أن يتصدق به عن صاحبه ؟ الجواب : لا لأن صاحبه معلوم أما لو كان مجهولا يقول : والله إنه سرق من أناس نسيهم أو جهلهم لا يدري أين هم فهنا يتصدق بما سرق عنهم لكن إذا كان معلوما لا بد لا بد أن يوصله إذن ماذا يصنع ؟ نقول : ممكن أن تعطي شخصا تثق به وتقول : يا فلان إني سرقت هذا المال من فلان وقد ندمت وتبت إلى الله فمن فضلك أعطه إياه وقل له : هذا دراهم من إنسان تستحقها عليه وهو الآن يبذلها ممكن هذا إذا لم يمكن فيمكن ترسل بالبريد ويقال : هذه دراهم من شخص تستحقها عليه وفي هذه الحال من المعلوم أنك لن تكتب اسمك أليس كذلك ؟ وأيضا لا يحسن أن تكتبها بقلمك لأنه ربما يمر عليه يوم من الدهر اكتبها بالآلة التي تطبع طباعة بالكمبيوتر أو غيره وأرسلها إليه هذا إذا كان الحق ماليا حق إنسان لكن إذا كان الحق غير مالي مثل أن يكون شخص اغتبته في مجلس أو مجالس فكيف التوبة من هذا ؟ التوبة قال كثير من العلماء : لا بد أن تذهب إليه وتستحله وإلا فسيأخذ من حسناتك يوم القيامة اذهب إليه وقل له : يا فلان سامحني وقال بعض العلماء : لا يجب أن تستحله وإنما تستغفر له وتثني عليه في المجالس التي كنت تغتابه فيها والحسنات يذهبن السيئات وقد جاء في الحديث كفارة من اغتبته أن تستغفر له ولكن فيه قول ثالث وسط ولعله الصواب يقول : إن كان صاحبك الذي اغتبته قد علم بذلك فلا بد من أن تذهب إليه وتستحله لأنه لن يزول ما في قلبه حتى إيش ؟ تستحله أما إذا كان لم يعلم فيكفي أن تستغفر له وأن تثني عليه في المجالس التي كنت تغتابه فيها والله غفور رحيم وينبغي لمن جاء إليه أخوه يعتذر منه ينبغي أن يسامحه ولكن هل يناقشه ويقول : أنت الآن تطلب مني أن أحللك لكن ما الذي فعلت معي ؟ يعني هل ينبغي أن يناقشه ويرى ما الذي حصل أو يقول : أنت في حل وخلاص ؟ الأولى ألا يناقش الأولى ألا يناقش لأنه ربما يذكر شيئا كبيرا فتعجز نفس صاحبه عن أن يحلله أليس كذلك ؟ ربما إذا قال : والله حللني قال : ويش أنت فاعل معي ؟ قال : فعلت كذا وكذا وكذا ويكون الشيء كبيرا وتأبى نفسه أن يحلل لأن النفس أمارة بالسوء فالأولى الأولى ألا يسأل ألا يقول نعم : ما الذي فعلت ؟ وأن يحتسب الأجر من الله ويقول : هذا جاء معتذرا ومن عفا وأصلح فأجره على الله ولولا أنه نادم وتائب وأنه يرجى في المستقبل أن تعود هذه الغيبة ثناء حسنا ويقول : أنت مني في حل وأجره على من ؟ أجيبوا يا جماعة أجره على الله أجره على الله فصار عندنا الآن بالنسبة لمن كانت مظلمته غير مال هل يذهب ويستحله أو لا يذهب ؟ في المسألة كم قولا ؟ ثلاثة أقوال
الأول : أنه لا بد أن يذهب إليه ويستحله
والثاني : لا حاجة بل يستغفر له ويثني عليه في الأماكن التي كان يغتابه فيها والثالث : التفصيل وهذا التفصيل هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وهو الحق وهو إيش ؟ أنه إن كان عالما فلا بد أن تستحله حتى يزول ما في قلبه وإن كان غير عالم فلا حاجة إلى استحلاله هذا بالنسبة للذي اغتاب غيره أما الذي اغتيب وطلب منه السماح فالذي نراه أن الأفضل والأكمل أن يحلله لأنه أخوه جاءه معتذرا نادما فليحلله وثقوا بأنه إذا حلله ستكون كبيرة عظيمة على الشخص الذي استحله سيرى يعني أنه أهدى إليه أكبر هدية فتنقلب الكراهة التي كانت من قبل تنقلب إيش ؟ محبة وألفة وهذا هو المطلوب من المسلمين أن يكون بعضهم لبعض آلفا محبا وادا
يقول الله عز وجل : وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ هو سبحانه وتعالى رحيم وهو رحمان وقد اجتمع الاسمان في أعظم سورة في كتاب الله ما هي ؟ الفاتحة الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قال العلماء : إذا ذكر الرحمن وحده كما في قوله تعالى : وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً وكما في قوله تعالى : وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أو صار الرحيم وحده كما في هذه الآية : تَوَّابٌ رَحِيمٌ فمعناهما واحد فمعناهما واحد يعني أن الرحيم ذو الرحمة الواسعة الشاملة والرحمن إذا ذكر وحده كذلك هو ذو الرحمة الواسعة الشاملة أما إذا اجتمعا جميعا فالرحمن باعتبار الوصف والرحيم باعتبار الفعل انتبه الرحمن باعتبار إيش ؟ الوصف والرحيم باعتبار الفعل يعني أنه عز وجل ذو رحمة واسعة وهو أيضا راحم يوصل الرحمة إلى من يشاء من عباده كما قال الله تعالى : يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشَاءُ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ أسأل الله تعالى أن يعمني وإياكم برحمته وجميع إخواننا المسلمين وأن يجعلنا من دعاة الخير والإصلاح إنه على كل شيء قدير . والآن إلى الأسئلة ولا حظ فيها لمن كان من أهل هذا البلد لأن الإخوة الوافدين لهم حق الضيافة فنبدأ باليمين من أهل البلد تفضل .
السائل : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
الشيخ : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .
أما بعد :
فإننا نفتتح هذا العام عام 1417 في هذا اللقاء المسمى لقاء الباب المفتوح الذي يتم كل خميس من كل أسبوع وهذا الخميس هو اليوم الخامس نعم هو اليوم الخامس من شهر محرم 1417 الخامس حسب الرؤية الشرعية أي نعم نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعله عام خير وبركة لنا وللمسلمين وأن يكتب فيه العزة والكرامة والنصر والتأييد لعباده المؤمنين
كنا وصلنا في التفسير إلى قول الله تبارك وتعالى : وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ التقوى يكثر الأمر بها في القرآن الكريم وكذلك في السنة فما هي التقوى التي يكثر ورودها في كتاب الله وعلى لسان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ؟ إنها كلمة عظيمة إنها تعني الوقاية من عذاب الله فبماذا تكون الوقاية من عذاب الله ؟ تكون الوقاية من عذاب الله بأمرين :
الأمر الأول : امتثال أوامر الله عز وجل بأن يقول القائل بأن يقول الإنسان إذا سمع أمر الله سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا فإن هذا هو قول المؤمنين قال الله تعالى : إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا فلا يكن في قلبك تردد لا تقل : لماذا أمر بكذا ؟ قل : سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا لا تقل : ما الفرق بين كذا وكذا ؟ يعني لماذا يأمر الله بكذا ولا يأمر بكذا ؟ مثلا في لحوم الإبل أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن نتوضأ من لحومها ولهذا كان أكل لحوم الإبل ناقضا للوضوء على القول الراجح من أقوال العلماء فلا تقل : لماذا يأمرنا بالوضوء من أكل لحم الإبل ولا يأمرنا بالوضوء من أكل لحم البقر مع أن كلا منهما يسمى بدنة ؟ لا تقل هكذا.
تؤمر الحائض بقضاء الصوم ولا تؤمر بقضاء الصلاة لا تقل : لماذا تؤمر بقضاء الصوم دون الصلاة ؟ على سبيل التشكيك ولكن قل : سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا
الأمر الثاني مما تتحقق به التقوى : اجتناب ما نهى الله عنه إذا نهى الله عن شيء قل : سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا واجتنبنا لا تقل : لماذا ؟ وتأمل قول الله عز وجل في الخمر والميسر والأنصاب والأزلام حيث قال : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ شوف فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ أي : فبعد هذا التفصيل والتبيين هل تنتهون أو لا ؟ وهذا الاستفهام بمعنى الأمر أي : فانتهوا ولهذا قال الصحابة انتهينا انتهينا فصارت التقوى تتحقق بإيش بإيش ؟ بأمرين الأول
الأول : امتثال أمر الله عز وجل دون تردد
والثاني : اجتناب نهي الله عز وجل دون تردد قل : سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا فهذا قول المؤمنين.
يقول الله عز وجل : وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ هذان اسمان من أسماء الله الأول التواب والثاني الرحيم والتواب هنا صيغة مبالغة واسم الفاعل من تاب تائب والتواب تعني كثرة التوبة وأنه عز وجل متصف بهذا الوصف وإنما كان الرب عز وجل كثير التوبة لأن العباد كثيرون هذه واحدة
ولأن الذنوب التي يقترفها الإنسان كثيرة ما أكثر ما يقترفه الإنسان من الذنب ويتوب الله عليه فلهذا سمى نفسه التواب وما هي التوبة ؟ التوبة من العبد أن ينتقل من معصية الله إلى طاعته
والتوبة من الله أن يقبل الله من العبد فيبدل سيئاته حسنات إذن التوبة من العبد إيش هي ؟ إيش ؟
السائل : الانتقال .
الشيخ : من إيش ؟
السائل : من المعصية إلى الطاعة .
الشيخ : الرجوع من المعصية إلى الطاعة والتوبة من الله قبول هذه التوبة من العبد وإبدال سيئاته بحسنات كما قال الله تبارك وتعالى : وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إلى أن قال : إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وقد تطلق التوبة من الله على توفيقه العبد للتوبة فلله تعالى على العبد توبتان : توبة بمعنى التوفيق للتوبة وتوبة بمعنى قبول التوبة ما هو الدليل على هذا ؟ الدليل قول الله تبارك وتعالى : وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ اقرأ ما بعدها لِيَتُوبُوا كيف تاب ليتوبوا ؟ أي : وفقهم للتوبة فتابوا
أما التوبة الأخرى وهي قبول توبة العبد فمثل قوله تعالى : وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ توبة العبد تحتاج إلى شروط إذ ليس كل توبة مقبولة لا بد يا إخواني من شروط:
الأول : إخلاص النية
والثاني : الندم على الذنب وانكسار القلب وخجله من الله عز وجل وأن يشعر الإنسان بأنه مذنب يحتاج إلى توبة ونعمة من الله عز وجل.
الثالث : الإقلاع عن المعصية إما بفعل الواجب وتداركه إن أمكن أو بالإقلاع عن المحرم
والرابع : العزم على ألا يعود إلى الذنب مرة أخرى فإن أقلع عنه وندم ولكن في نيته أنه متى سنحت له الفرصة عاد إلى الذنب فهذا لا تقبل توبته
الشرط الخامس : أن تكون في الوقت الذي تقبل فيه التوبة لأن التوبة لها وقت ترد فيه مهما تاب العبد وهو أي : الوقت الذي لا تقبل فيه التوبة نوعان : خاص
وعام أما الخاص فهو حلول الأجل إذا حضر الموت فإنه لا قبول للتوبة مهما كان دليل ذلك قول الله تبارك وتعالى : وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ يلا عبد الرحمن كمل نعم وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ هذا ما له توبة بعد أن شاهد وعاين العذاب يقول : أتوب ما ينفع الحدود في الدنيا إذا قدر على العبد وتاب بعد القدرة عليه هل يرتفع عنه الحد ؟ لا
لقوله : إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ كذلك الإنسان إذا حضره الموت وشاهد وعاين لا تنفعه التوبة للآية الكريمة وهي في سورة النساء وقد وقع ذلك فعلا حين تاب فرعون بعد أن أدركه الغرق قال الله تعالى : حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرائيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ ماذا قيل له ؟ آه .
السائل : قال : آالآن آمنت الآن وقد كفرت .
الشيخ : وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ .
السائل : وَكُنْتَ مِنَ .
الشيخ : مِنَ الْمُفْسِدِينَ قيل له آلْآنَ يعني آلآن تؤمن بما آمنت به بنو إسرائيل ؟ هذا لا ينفع وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ
الثاني : العام الوقت الذي يكون لعموم الناس إذا حصل أو إذا جاء فإنها لا تقبل التوبة وذلك إذا طلعت الشمس من مغربها فالشمس الآن تدور منذ خلقها الله عز وجل تأتي من ناحية المشرق وتغيب من ناحية المغرب فإذا أراد الله تعالى انقضاء الدنيا انعكست القضية صارت الشمس تأتي من المغرب وإذا رآها الناس آمنوا كلهم لأنهم يعلمون أن لهذا الكون مدبرا وإلا فمن يستطيع أن يأتي بالشمس من المغرب أحد يستطيع ؟ لا ولهذا قال إبراهيم للذي ناظره قال : فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ لكن إذا رأى الناس كلهم رأوا الشمس بعد أن غابت رجعت من المغرب سيؤمنون لكن هذا الإيمان قهري وإلا اختياري ؟ ها قهري لأنهم شاهدوا ولهذا قال الله عز وجل : يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً والمراد ببعض الآيات هنا طلوع الشمس من مغربها إذن لا بد للتوبة من شروط خمسة الأخ:
الأول : الندم على فعل المعصية تمام والثاني .
السائل : إخلاص النية لله عز وجل .
الشيخ : إخلاص النية لله عز وجل بألا يقصد الإنسان بالتوبة أن ينال مرتبة أو أن ينال جاها أو أن يمدح عند الناس مثاله إنسان معروف بالفسق والانحلال وأعلن عن وظيفة إمام مسجد ومعلوم أنه لن يوظف في إمامة المسجد إلا من كان إيش ؟ مستقيما هو استقام علشان إيش ؟ علشان يكون إمام في المسجد هذا لا تنفعه التوبة لأنه لم يخلص النية لله
الشرط الثالث : لا اللي قبل العزم مرحلة الإقلاع عن الذنب وذلك بأن يأتي بالواجب إن أمكن تداركه أو بدله إذا لم يمكن تداركه وكان له بدل أو يقلع عن المحرم إذا كان إذا كان الذنب فعلا محرما
طيب إذا كان الذنب حق إنسان بأن يكون شخص سرق من إنسان مالا السرقة حرام تاب الرجل وندم وعزم على ألا يعود فبماذا يكون تحقيق التوبة ؟ لا بد أن يوصل هذا المال إلى إيش ؟ إلى صاحبه ولا يمكن أن تتم التوبة إلا بهذا فإذا قال : أخشى إن ذهبت إلى هذا الرجل وأعطيته المال أخشى أن يترتب على ذلك ضرر علي على سمعتي وربما أحبس وأنا قد تبت إلى الله قبل أن يقدر علي فكيف تكون الحال ؟ هل يجوز أن يتصدق به عن صاحبه ؟ الجواب : لا لأن صاحبه معلوم أما لو كان مجهولا يقول : والله إنه سرق من أناس نسيهم أو جهلهم لا يدري أين هم فهنا يتصدق بما سرق عنهم لكن إذا كان معلوما لا بد لا بد أن يوصله إذن ماذا يصنع ؟ نقول : ممكن أن تعطي شخصا تثق به وتقول : يا فلان إني سرقت هذا المال من فلان وقد ندمت وتبت إلى الله فمن فضلك أعطه إياه وقل له : هذا دراهم من إنسان تستحقها عليه وهو الآن يبذلها ممكن هذا إذا لم يمكن فيمكن ترسل بالبريد ويقال : هذه دراهم من شخص تستحقها عليه وفي هذه الحال من المعلوم أنك لن تكتب اسمك أليس كذلك ؟ وأيضا لا يحسن أن تكتبها بقلمك لأنه ربما يمر عليه يوم من الدهر اكتبها بالآلة التي تطبع طباعة بالكمبيوتر أو غيره وأرسلها إليه هذا إذا كان الحق ماليا حق إنسان لكن إذا كان الحق غير مالي مثل أن يكون شخص اغتبته في مجلس أو مجالس فكيف التوبة من هذا ؟ التوبة قال كثير من العلماء : لا بد أن تذهب إليه وتستحله وإلا فسيأخذ من حسناتك يوم القيامة اذهب إليه وقل له : يا فلان سامحني وقال بعض العلماء : لا يجب أن تستحله وإنما تستغفر له وتثني عليه في المجالس التي كنت تغتابه فيها والحسنات يذهبن السيئات وقد جاء في الحديث كفارة من اغتبته أن تستغفر له ولكن فيه قول ثالث وسط ولعله الصواب يقول : إن كان صاحبك الذي اغتبته قد علم بذلك فلا بد من أن تذهب إليه وتستحله لأنه لن يزول ما في قلبه حتى إيش ؟ تستحله أما إذا كان لم يعلم فيكفي أن تستغفر له وأن تثني عليه في المجالس التي كنت تغتابه فيها والله غفور رحيم وينبغي لمن جاء إليه أخوه يعتذر منه ينبغي أن يسامحه ولكن هل يناقشه ويقول : أنت الآن تطلب مني أن أحللك لكن ما الذي فعلت معي ؟ يعني هل ينبغي أن يناقشه ويرى ما الذي حصل أو يقول : أنت في حل وخلاص ؟ الأولى ألا يناقش الأولى ألا يناقش لأنه ربما يذكر شيئا كبيرا فتعجز نفس صاحبه عن أن يحلله أليس كذلك ؟ ربما إذا قال : والله حللني قال : ويش أنت فاعل معي ؟ قال : فعلت كذا وكذا وكذا ويكون الشيء كبيرا وتأبى نفسه أن يحلل لأن النفس أمارة بالسوء فالأولى الأولى ألا يسأل ألا يقول نعم : ما الذي فعلت ؟ وأن يحتسب الأجر من الله ويقول : هذا جاء معتذرا ومن عفا وأصلح فأجره على الله ولولا أنه نادم وتائب وأنه يرجى في المستقبل أن تعود هذه الغيبة ثناء حسنا ويقول : أنت مني في حل وأجره على من ؟ أجيبوا يا جماعة أجره على الله أجره على الله فصار عندنا الآن بالنسبة لمن كانت مظلمته غير مال هل يذهب ويستحله أو لا يذهب ؟ في المسألة كم قولا ؟ ثلاثة أقوال
الأول : أنه لا بد أن يذهب إليه ويستحله
والثاني : لا حاجة بل يستغفر له ويثني عليه في الأماكن التي كان يغتابه فيها والثالث : التفصيل وهذا التفصيل هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وهو الحق وهو إيش ؟ أنه إن كان عالما فلا بد أن تستحله حتى يزول ما في قلبه وإن كان غير عالم فلا حاجة إلى استحلاله هذا بالنسبة للذي اغتاب غيره أما الذي اغتيب وطلب منه السماح فالذي نراه أن الأفضل والأكمل أن يحلله لأنه أخوه جاءه معتذرا نادما فليحلله وثقوا بأنه إذا حلله ستكون كبيرة عظيمة على الشخص الذي استحله سيرى يعني أنه أهدى إليه أكبر هدية فتنقلب الكراهة التي كانت من قبل تنقلب إيش ؟ محبة وألفة وهذا هو المطلوب من المسلمين أن يكون بعضهم لبعض آلفا محبا وادا
يقول الله عز وجل : وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ هو سبحانه وتعالى رحيم وهو رحمان وقد اجتمع الاسمان في أعظم سورة في كتاب الله ما هي ؟ الفاتحة الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قال العلماء : إذا ذكر الرحمن وحده كما في قوله تعالى : وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً وكما في قوله تعالى : وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أو صار الرحيم وحده كما في هذه الآية : تَوَّابٌ رَحِيمٌ فمعناهما واحد فمعناهما واحد يعني أن الرحيم ذو الرحمة الواسعة الشاملة والرحمن إذا ذكر وحده كذلك هو ذو الرحمة الواسعة الشاملة أما إذا اجتمعا جميعا فالرحمن باعتبار الوصف والرحيم باعتبار الفعل انتبه الرحمن باعتبار إيش ؟ الوصف والرحيم باعتبار الفعل يعني أنه عز وجل ذو رحمة واسعة وهو أيضا راحم يوصل الرحمة إلى من يشاء من عباده كما قال الله تعالى : يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشَاءُ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ أسأل الله تعالى أن يعمني وإياكم برحمته وجميع إخواننا المسلمين وأن يجعلنا من دعاة الخير والإصلاح إنه على كل شيء قدير . والآن إلى الأسئلة ولا حظ فيها لمن كان من أهل هذا البلد لأن الإخوة الوافدين لهم حق الضيافة فنبدأ باليمين من أهل البلد تفضل .
السائل : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
الشيخ : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .
الفتاوى المشابهة
- لكن من ناحية التوبة هل له توبة ؟ - ابن عثيمين
- الكلام حول التوبة وفضلها وعظمها . - ابن عثيمين
- ذكر شروط التوبة . - ابن عثيمين
- صلاة التوبة - ابن باز
- تفسير الآية 3 من سورة التوبة - اللجنة الدائمة
- من كرر توبته ، هل تقبل منه توبته الأخيرة .؟... - ابن عثيمين
- تفسير قوله تعالى : (( وهو الذي يقبل التوبة ع... - ابن عثيمين
- شروط التوبة. - ابن عثيمين
- تفسير قول الله عز وجل:(( إِلاَّ مَنْ تَابَ )... - ابن عثيمين
- التوبة وشروطها - ابن عثيمين
- تابع تفسير سورة الحجرات الآية (12) والكلام ح... - ابن عثيمين