تم نسخ النصتم نسخ العنوان
تفسير سورة النجم - الفوزانتفسير سورة الشورىسؤال: ما معنى قوله تعالى: وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ [...
العالم
طريقة البحث
تفسير سورة النجم
الشيخ صالح بن فوزان الفوزان
تفسير سورة الشورى

سؤال: ما معنى قوله تعالى: وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ [الشورى: ٢٧] ؟

الجواب: يبين الله سبحانه وتعالى أنه لو وسع الرزق على عباده لبغوا في الأرض.

والبغي: هو التعدي والطغيان؛ لأن الإنسان إذا استغنى حمله ذلك على الأشر والبطر، كما قال تعالى: كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى [العلق: ٦، ٧] ، فالله جل وعلا بحكمته يرزق من يشاء ويوسع عليه في الرزق؛ لأن ذلك أصلح له، ويضيق الرزق على آخرين؛ لأن ذلك أصلح لهم، فمن الناس من لا يصلحه إلا الغنى، ولو افتقر لأفسد ذلك عليه دينه، ومن الناس من لا يصلحه إلا الفقر، ولو استغنى لأفسد ذلك عليه دينه، كما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه، فالله جل وعلا حكيم عليم، يرزق عباده بحسب حكمته وعلمه بما يصلحهم وما تنتظم به مصالحهم.
[تفسير سورة الزخرف]

سؤال: ما معنى قوله تعالى: وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ [الزخرف: ٣٦] ؟

الجواب: معنى الآية (ومن يعش) أي: يتعامى ويتغافل ويعرض عن ذكر الرحمن، والعشي في العين: ضعف بصرها.
والمراد هاهنا عشي البصيرة، أي: عمى القلب عن كتاب الله عز وجل بأن لا يتدبره ولا يقبل عليه، ولا يكثر من تلاوته.
نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ هذا كقوله تعالى: وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى [النساء: ١١٥] ، وكقوله تعالى: وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ [الصف: ٥] ، وكقوله تعالى: وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ [فصلت: ٢٥] ، بمعنى: أن من أعرض عن كتاب الله، وعن هداية الله، فإن الله عز وجل يعاقبه بعمى البصيرة، ويعاقبه بقرناء السوء من شياطين الإنس والجن الذين يصرفونه عن الحق، ولهذا قال تبارك وتعالى هاهنا: وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ [الزخرف: ٣٧] ، أي هذا الذي تغافل عن الهدى، يقيض له من الشياطين من يضله ويهديه إلى صراط الجحيم، فإذا وافى الله عز وجل يوم القيامة، يتبرم بالشيطان الذي وكل به، قال: يَالَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ [الزخرف: ٣٨] ، يعني: القرين والمقارن. نسأل الله العافية والسلامة.
[تفسير سورة النجم]

سؤال: ما معنى قوله تعالى: وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى [النجم: ١٣-١٨] .

الجواب: ذكر الله سبحانه وتعالى في سياق الآيات التي يثني فيها على رسوله صلى الله عليه وسلم وينفي عنه ما اتهمه به المشركون.

فقوله تعالى: وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى ، معناه: أن محمدًا صلى الله عليه وسلم رأى جبريل في صورته الأصلية التي هو عليها مرتين، مرة في الأفق الأعلى تحت السماء الدنيا، والمرة الثانية فوق السماء السابعة ليلة أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم، ولهذا قال: وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى : أي رأى محمد جبريل مرة أخرى نازلًا إليه.
عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى : وهي شجرة عظيمة جدًّا فوق السماء السابعة، سميت: سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى ؛ لأنه ينتهي إليها ما يعرج من الأرض، وينزل إليها ما ينزل من الله من الوحي وغيره، أو لانتهاء علم المخلوقات إليها، أي لكونها فوق السماوات والأرض، فهي المنتهى في علوها، أو لغير ذلك، فرأى محمد صلى الله عليه وسلم جبريل في ذلك المكان الذي هو محل الأرواح العلوية الزاكية التي لا يقربها شيطان ولا غيره من الأرواح الخبيثة.

عِنْدَهَا: أي عند تلك الشجرة جَنَّةُ الْمَأْوَى ، أي الجنة الجامعة لكل نعيم، بحيث كانت محلًا تنتهي إليه الأماني وترغب فيه الإرادات، وتأوي إليه الرغبات، وهذا دليل على أن الجنة في أعلى الأماكن وفوق السماء السابعة.

وقوله: إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى : أي يغشاها من أمر الله شيء عظيم لا يعلم وصفه إلا الله عز وجل.
مَا زَاغَ الْبَصَرُ : أي ما زاغ بصر محمد صلى الله عليه وسلم يمنة ولا يسرة عن مقصوده.
وَمَا طَغَى : أي ما تجاوز البصر.
وهذا كمال الأدب منه صلوات الله وسلامه عليه أن قام مقامًا أقامه الله فيه ولم يقصر عنه ولم يتجاوزه ولا حاد عنه، وهذا أكمل ما يكون منه الأدب العظيم الذي فاق فيه الأولين والآخرين، فإن الإخلال يكون بأحد هذه الأمور، إما أن لا يقوم العبد بما أمر به، أو يقوم به على وجه التفريط، أو يقوم به على وجه الإفراط أو على وجه الحيدة يمينًا وشمالًا، وهذه الأمور كلها منتفية عنه صلى الله عليه وسلم.

وقوله: لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى : أي من الجنة والنار وغير ذلك من الأمور التي رآها النبي صلى الله عليه وسلم لما أسري به. والله أعلم.

Webiste