تم نسخ النصتم نسخ العنوان
حكم العقد الذي يكون فيه أحد الطرفين غانم أو... - ابن عثيمين ما الحكم إذا استقدمت عاملاً أو عاملين من البلاد المجاورة، أو غيرها، وهيأت له محلاً تجارياً، ووضعته فيه، وأعطيته الحرية، وقلت -مثلاً- سواء ربحتم خمسة أو...
العالم
طريقة البحث
حكم العقد الذي يكون فيه أحد الطرفين غانم أو غارم
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
ما الحكم إذا استقدمت عاملاً أو عاملين من البلاد المجاورة، أو غيرها، وهيأت له محلاً تجارياً، ووضعته فيه، وأعطيته الحرية، وقلت -مثلاً- سواء ربحتم خمسة أو غيرها الربح لكم وأن تعطوني -مثلاً- في كل شهر مبلغاً معيناً كألف ريال؛ وذلك لأني لا أعلم كم يربحون ربما لا ينضبط؟

الحكم في هذا التحريم يعني: لا يجوز للإنسان أن يستقدم عمالاً، أو تجاراً، أو أن يتفق مع شخص من أهل البلد على أن يتجر في هذا الدكان، ويعطيه كل شهر كذا وكذا، ويكون بقية الربح لهم، فإن هذا من الميسر؛ لأنه قد يربح الدكان ربحاً كثيراًُ تكون النسبة التي اتفقوا عليها قليلة بالنسبة إلى هذا الربح، وقد لا يربح إلا قليلاً فتكون النسبة كثيرة، وقد لا يربح شيئاً أبداً وقد يخسر فهذا العقد متضمن للقاعدة الميسرية، وهي: إما غانم وإما غارم، فلا يحل ولا يجوز، وقد قال رافع بن خديج رضي الله عنه: [كان الناس يؤاجرون على الماذيانات، وإقبال الجداول، وأشياء من الزرع] يعني: يقول لك هذا ولي هذا، فيسلم هذا ويهلك هذا، ويهلك هذا ويسلم هذا، ولم يكن للناس كراء إلا هذا، فنهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم.
وإذا كان العامل أجنبياً ازداد الأمر حرمة؛ لأن الحكومة لا تسمح بهذا ولا توافق عليه، ونظام الدولة إذا لم يكن مخالفاً للشرع واجب الاتباع؛ لأن اتباعه من طاعة الله ورسوله، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ [النساء:٥٩] .
ويظن بعض الجهال القليلين العلم ضعيفين الإيمان أن الحكومة لا تطاع إلا فيما أمر الله به، وهذا ظن فاسد؛ لأن ما أمر الله به يجب علينا فعله إذا كان واجباً سواء أمرت به الحكومة أو لا؛ ولأننا لو قلنا: إن الحكومة لا تطاع إلا فيما أمر الله، لم يكن بينها وبين عامة الناس فرق في الطاعة، فكل إنسان يأمرك بما أمر الله به فهو واجب الاتباع إذا كان قد أوجب الله ذلك، لكن ولي الأمر له شأن خاص، فولي الأمر إن أمرك بما أمرك الله به صار فعلك واجباً من وجهين: من جهة أمر الله، ومن جهة أمر ولي الأمر، وإن أمرك بمحرم؛ فلا تطعه؛ لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وإن أمرك بشيء ليس مأموراً به ولا منهياً عنه؛ فأطعه، وهذا هو الفرق بين ولي الأمر وبين سائر الناس، سائر الناس إذا أمروك بشيء فأنت بالخيار إذا لم يكن قد أمر الله به، وأما ولي الأمر فيجب أن تطيعه إلا في المعصية، فإذا قال ولي الأمر لا نسمح لأي شخص من المواطنين أن يسلم أحداً من غير المواطنين محلاً تجارياً يتجر فيه وجب علينا أن نكف عن هذا، ولا يحل لنا أن نخالف النظام؛ لأن معصية ولي الأمر معصية لله تعالى إلا إذا أمروا بمعصية.

Webiste