معنى قوله تعالى:(( وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ النَّجْمُ الثَّاقِبُ )) ودلائل القسم بهما.
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : فقوله جل وعلا : والسماء والطارق : الواو للقسم. أقسم الله تعالى بالسماء وذلك لعظمها وارتفاعها وسعتها وقوتها. قال الله تعالى : وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا أي قوية. وقال تعالى : وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ أي بقوة وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ فأقسم الله بالسماء لعظمها. والطارق : الطارق هل هو الذي يطرق أهله ليلا؟ أو الضيف الذي يطرق مضيفه ليلا؟ لا. الطارق قال الله تعالى فيه مفخما إياه : وما أدراك ما الطارق . أيّ شيء أعلمك عن هذا الطارق؟ وما هو؟ وماذا يطرق؟ فبينه عز وجل، فبين الله عز وجل أنه النجم الثاقب ، النجم، هل هو نجم واحد؟ أو المراد جنس النجم؟ الظاهر الثاني أن المراد جنس النجم وليس نجما واحدا معينا ، لأن كل نجم وإن دق فهو ثاقب، أي يثقب الظلام بنوره. أحيانا يصل نور الكواكب إلى الأرض. ونحن شاهدنا ذلك، ويشاهده أهل البر الذين ليس عندهم إضاءة في الكهرباء. فتجدهم يجدون نور الكواكب ساطعا في الأرض لاسيما الكواكب المضيئة الكبيرة. إذا النجم الثاقب المراد به إيش؟ إيش المراد؟ هل هو نجم واحد معين؟ ولا كل النجوم؟ كل النجوم. تمام. - استرح - المراد كل النجوم. فهي ثاقبة، ثقب الظلام بضيائها. وهي أيضا ثاقبة : تثقب الشياطين الذين يستمعون أخبار السماء ويلقونها إلى الكهان كما قال الله تبارك وتعالى : إلا من استرق السمع فأتبعه شهاب ثاقب . يثقب الشيطان : يخرقه حتى يحرقه. هذه الشياطين التي تسترق السمع تنزل بما تسمع من السماء على الكهان. والكهان : هم الذين يحدثون الناس بما يكون في المستقبل سواء كان عاما أم خاصا. فالكاهن يقول : سيحدث، سيحدث مثلا في هذا العام المقبل كذا وكذا من البلاء والمصائب. أو يقول لشخص معين : يا فلان سينالك في هذا العام المقبل كذا وكذا. فالكاهن إذن هو الذي يخبر عن المغيبات في المستقبل سواء كانت هذه المغيبات عامة أم خاصة. تنزل الشياطين بما سمعت من السماء على الكهان. فيأخذ الكاهن ما سمع ثم يضيف إليه أشياء كلمات أخرى كما قال بعض السلف : " يكذب معها مائة كذبة ". فيتحدث الناس بهذا الخبر. ثم إذا وقع شيء ما أخبر به ادعى أنه يعلم الغيب. وقال : إنه يعلم ما سيكون وسلب عقول الناس. ولقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن من أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد . أيُّ إنسان يأتي إلى كاهن ويقول : يا فلان أخبرني ماذا يكون المستقبل. قال : مستقبلك طيب أو قال : مستقبلك رديء. فإذا صدق فقد كفر بما أنزل على محمد. لماذا؟ لأن الله تعالى قال : قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ . فمن صدق أحدا بعلم الغيب فقد كذب هذه الآية. وتكذيب جزء من القرآن أو آية من القرآن أو حرف من القرآن كفر وردة عن الإسلام. وإننا في هذا الزمان ابتلينا، ابتلينا بمثل هؤلاء أو قريب منهم. وابتلي الناس أيضا بالأوهام والتخيلات التي لا أصل لها. فتجد الواحد إذا أصيب بأدنى شيء ولو بضيق صدر طارئ يضيق صدره بحادث طارئ. ثم يقول : إنه قد أصيب بجن أو سحر أو عين ثم لا تزال هذه التخيلات في ذهنه حتى تنعقد وتكون حقيقة أو قريبة من الحقيقة. ولهذا يجب علينا أن لا نصدق هذه الأوهام وأن نعرض عنها. ومتى أعرضنا عنها فإنها ستزول بإذن الله ، لأن جميع الوساوس الرديئة التي يلقيها الشيطان في قلب الإنسان إذا امتثل الإنسان أمر رسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم فيها نجى منها. ألم تعلموا أن الشيطان يأتي إلى الإنسان ويقول : من خلق كذا؟ من خلق كذا؟ من خلق كذا؟ حتى يقول له : من خلق الله؟ - نسأل الله العافية -. وحينئذ يجب أن يستعيذ الإنسان بالله من الشيطان الرجيم. وينتهي ويعرض ولا يلتفت. هذه التخيلات التي تقع لكثير من الناس سببها والله أعلم أن كثيرا من الناس أعرض عن الأوراد الشرعية التي تحمي الإنسان من الشياطين مثل : آية الكرسي. آية الكرسي إذا قرأها الإنسان في ليلة لم يزل عليه من الله حافظ، ولا يقربه شيطان حتى يصبح. ولهذا ينبغي لنا أن نعلمها أطفالنا، البنين والبنات. نحفظهم إياها ونقرئهم إياها كلما حل الليل بظلامه ليكون ذلك حارسا لهم. أنت لو استأجرت شخصا يحرص أولادك في ليلة واحدة وأعطيته ألف ريال يسهل عليك. لكن الآن حراسة الرب عز وجل لأولادك إذا قرؤوا هذه الآية أعظم وأعظم. من قرأها في ليلة لم يزل عليه من الله حافظ، ولا يقربه شيطان حتى يصبح .
السبب الثاني : الفراغ، الفراغ، الفراغ هذا قتَّال. وما أكثر الفراغ عندنا! الفراغ في شبابنا وفي فتياتنا وفي كبارنا. فراغ قاتل. ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام : نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس : الصحة والفراغ . والإنسان إذا فرغ ولم يكن عنده علم. ولم يكن عنده عمل يحرك به جسمه ويحرك به عقله ويحرك به فكره توالت عليه الأمور. وجرب تجد. اشتغل في علم، في مال، في صنعة. لا ترى هذه الوساوس. اترك الشغل تتوالى عليك وتتوارد عليك الوساوس.
ومن الأسباب : ضعف التوكل على الله عز وجل. التوكل على الله عند كثير من الناس ضعيف لا يعتمدون إلا على الأسباب المادية وينسون الرب عز وجل. ينسون الذي يقول للشيء كن فيكون. ويعتمدون على الأمور المادية. الإنسان لو أصابه زكام، والزكام من أخف ما يكون من الأمراض. هل يوطن نفسه ويصبر ويعلق قلبه بالله وينتظر الفرج من الله والعافية من الله. ويقول هذه الأذية التي حصلت لي هي أجر و تكفير سيئات أو من حين أن يصاب يذهب للمستشفى؟ نعم؟ غالب الناس الثاني. غالب الناس الثاني. ولذلك لما ضعف التوكل عندهم صاروا يعتمدون على الأسباب المادية البحتة. لكن لو اعتمدوا على الله. وقالوا : الجن أذلّ من أن يكونوا مسلطين على الإنس إلا أن الإنس إذا فرَّطوا في التحصن غلبتهم الجن. لكن إذا قاموا بالتحصن على الوجه المطلوب حماهم الله عز وجل.
ومن الأسباب أيضا : أن الله عز وجل يُري عباده أن هذه الدنيا ليست دار ترف ونعيم. لا يمس الإنسان فيها نصب. بل لابد ، لابد من كدر، لابد من تنغيص. لا يمكن للدنيا أن تكون صفوا للإنسان من كل وجه. حتى أغنى الناس وأقواهم سلطة و أكثرهم جنودا لابد أن تنغص عليه الحياة. حتى أعبد الناس لابد أن تصيبه المصائب. لكن المؤمن وإن أصابته المصائب فهي إيش؟ خير له. المؤمن إن أصابنه الضراء صبر فكان خيرا له، وإن أصابته السراء شكر فكان خيرا له . لكن غير المؤمن إذا أصبته الضراء تضجر وجزع. وربما يفعل الأفعال المحرمة أو يقول الأقوال المحرمة مع ما انطوى عليه قلبه من تسخط من قدر الله، هذا غير المؤمن. ولهذا قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ليس من من شق الجيوب ولطم الخدود ودعا بدعوى الجاهلية . فتيرأ النبي صلى الله عليه وسلم من هؤلاء، شق الجيب : من الحزن والتسخط وعدم الصبر. ضرب الخد : لأنهم كانوا في الجاهلية إذا حزن من الشيء قام الواحد يضرب خده. ودعا بدعوى الجاهلية . ماهو دعوى الجاهلية؟ الويل والثبور. يقول : يا ويلاه، وثبوراه. كيف أُصاب بهذا، بهذه المصيبة؟ وما أشبه ذلك.
نعود إلى الآية الكريمة، النجم الثاقب : وإيش معناه الثاقب؟ نعم. تفضل.
السائل : ... .
الشيخ : لا الثاقب الثاقب.
السائل : ... .
الشيخ : أحسنت. اشرح. الثاقب : الذي يثقب الظلام بضيائه وينفذ من أعلى ما يكون إلى الأرض. الثاقب : الذي يثقب الشياطين التي تستمع ما يكون في السماء .
السبب الثاني : الفراغ، الفراغ، الفراغ هذا قتَّال. وما أكثر الفراغ عندنا! الفراغ في شبابنا وفي فتياتنا وفي كبارنا. فراغ قاتل. ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام : نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس : الصحة والفراغ . والإنسان إذا فرغ ولم يكن عنده علم. ولم يكن عنده عمل يحرك به جسمه ويحرك به عقله ويحرك به فكره توالت عليه الأمور. وجرب تجد. اشتغل في علم، في مال، في صنعة. لا ترى هذه الوساوس. اترك الشغل تتوالى عليك وتتوارد عليك الوساوس.
ومن الأسباب : ضعف التوكل على الله عز وجل. التوكل على الله عند كثير من الناس ضعيف لا يعتمدون إلا على الأسباب المادية وينسون الرب عز وجل. ينسون الذي يقول للشيء كن فيكون. ويعتمدون على الأمور المادية. الإنسان لو أصابه زكام، والزكام من أخف ما يكون من الأمراض. هل يوطن نفسه ويصبر ويعلق قلبه بالله وينتظر الفرج من الله والعافية من الله. ويقول هذه الأذية التي حصلت لي هي أجر و تكفير سيئات أو من حين أن يصاب يذهب للمستشفى؟ نعم؟ غالب الناس الثاني. غالب الناس الثاني. ولذلك لما ضعف التوكل عندهم صاروا يعتمدون على الأسباب المادية البحتة. لكن لو اعتمدوا على الله. وقالوا : الجن أذلّ من أن يكونوا مسلطين على الإنس إلا أن الإنس إذا فرَّطوا في التحصن غلبتهم الجن. لكن إذا قاموا بالتحصن على الوجه المطلوب حماهم الله عز وجل.
ومن الأسباب أيضا : أن الله عز وجل يُري عباده أن هذه الدنيا ليست دار ترف ونعيم. لا يمس الإنسان فيها نصب. بل لابد ، لابد من كدر، لابد من تنغيص. لا يمكن للدنيا أن تكون صفوا للإنسان من كل وجه. حتى أغنى الناس وأقواهم سلطة و أكثرهم جنودا لابد أن تنغص عليه الحياة. حتى أعبد الناس لابد أن تصيبه المصائب. لكن المؤمن وإن أصابته المصائب فهي إيش؟ خير له. المؤمن إن أصابنه الضراء صبر فكان خيرا له، وإن أصابته السراء شكر فكان خيرا له . لكن غير المؤمن إذا أصبته الضراء تضجر وجزع. وربما يفعل الأفعال المحرمة أو يقول الأقوال المحرمة مع ما انطوى عليه قلبه من تسخط من قدر الله، هذا غير المؤمن. ولهذا قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ليس من من شق الجيوب ولطم الخدود ودعا بدعوى الجاهلية . فتيرأ النبي صلى الله عليه وسلم من هؤلاء، شق الجيب : من الحزن والتسخط وعدم الصبر. ضرب الخد : لأنهم كانوا في الجاهلية إذا حزن من الشيء قام الواحد يضرب خده. ودعا بدعوى الجاهلية . ماهو دعوى الجاهلية؟ الويل والثبور. يقول : يا ويلاه، وثبوراه. كيف أُصاب بهذا، بهذه المصيبة؟ وما أشبه ذلك.
نعود إلى الآية الكريمة، النجم الثاقب : وإيش معناه الثاقب؟ نعم. تفضل.
السائل : ... .
الشيخ : لا الثاقب الثاقب.
السائل : ... .
الشيخ : أحسنت. اشرح. الثاقب : الذي يثقب الظلام بضيائه وينفذ من أعلى ما يكون إلى الأرض. الثاقب : الذي يثقب الشياطين التي تستمع ما يكون في السماء .
الفتاوى المشابهة
- المناقشة حول تفسير سورة الطارق: معنى قوله تع... - ابن عثيمين
- تفسير سورة الطارق قوله تعالى:" والسماء والطا... - ابن عثيمين
- تفسير سورة الطارق قال تعالى:" والسماء والطار... - ابن عثيمين
- تفسير آيات من سورة الطارق - ابن عثيمين
- تفسير قوله تعالى: (والسماء والطارق) - ابن عثيمين
- تفسير قوله تعالى: (والسماء والطارق. - ابن عثيمين
- تفسير قوله تعالى:" النجم الثاقب ". - ابن عثيمين
- تفسير سورة الطارق من قوله :"والسماء والطارق"... - ابن عثيمين
- تفسير قوله تعالى: (وما أدراك ما الطارق * الن... - ابن عثيمين
- معنى قوله تعالى:" وما أدراك ما الطارق. النجم... - ابن عثيمين
- معنى قوله تعالى:(( وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ... - ابن عثيمين