تم نسخ النصتم نسخ العنوان
نصائح للمدرسين بتقوى الله في تعليمهم. - ابن عثيمينالشيخ : أما بالنسبة للأساتذة : فإنني أوصيهم أن يتقوا الله عز وجل في أداء المهمة التي من أجلها عينوا في هذه المدرسة أو في هذا المعهد أو في هذه الكلية وأن...
العالم
طريقة البحث
نصائح للمدرسين بتقوى الله في تعليمهم.
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : أما بالنسبة للأساتذة : فإنني أوصيهم أن يتقوا الله عز وجل في أداء المهمة التي من أجلها عينوا في هذه المدرسة أو في هذا المعهد أو في هذه الكلية وأن يتجنبوا الكلام اللغو الذي لا فائدة فيه، بل فيه مضرة. فإن بعض الأساتذة وهم - ولله الحمد قليل - إذا دخل في الدرس صار يتكلم بكلام لغو لا علاقة له فيما قرر عليه. وهذا حرام عليه، لأنه قيام بعمل ليس موكولاً إليه في عمل موكول إليه فيضيع هذا بهذا . وكلامي هذا لا يعني أنه لا بأس - اجلس يا ولد، اجلس آذيت الناس، اجلس -. كلامي هذا لا يعني أنه يُمنع الأستاذ من كلمة طيبة - في بعض الأحيان - تكون موجهة للطلبة ، لأن الأستاذ في الحقيقة يجب أن يكون معلماً مربيا. فإذا قدّرنا أنه قد خصص لهذه الساعة أو الحصة قدراً معيناً من المقرر وانتهى قبل انتهاء الحصة. فحينئذٍ يجيء دور التوجيه والإرشاد فيوجههم إلى ما فيه الخير في دينهم ودنياهم، ويدع الكلام اللغو الذي لا فائدة فيه.
وكذلك عليه - أي : على الأستاذ - ألا يفرق بين الشريف والوضيع، والقريب والبعيد، والغني والفقير. يجب أن يكون الطلبة عنده سواء ، لأن المدرس كالحاكم، كالقاضي يجب أن يجعل الناس عنده سواء. لا يقول : هذا قريبي، أو هذا ابن صديقي، أو هذا ابن الأمير، أو هذا ابن الوزير أو هذا ابن الرئيس. يجب أن يكون الكل عنده سواء مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا . وإني أرشد الأساتذة إلى أمر هام جداً ألا وهو تكوين الشخصية أمام الطلبة بمعنى : أن يري الأستاذ الطلبة بأنه له السلطة عليهم حتى يهابوه ويحترموه. وليعلم أن الهيبة إنما تكون من أول وهلة بمعنى : أن الأستاذ إذا ضاعت هيبته في أول الأمر فلن يستطيع ردها في آخر الأمر. لكن إذا أرى الطلبة هيبة من أول أمره هابوه، وصار يتحكم فيهم من جهة حضور القلب في الدرس أو عدم حضوره. ولهذا يبلغنا عن أناس من الأساتذة تهاونوا في أول أمرهم مع الطلبة ثم عجزوا بعد ذلك عن إدراك ما يريدونه من الطلبة. تجد الطلبة يمتهنونهم غاية الامتهان لأنهم لم يروهم هيبةً في أول الأمر. ويقول العوام : " إن الرمح الأول - إيش؟ - على أول ركزة ". إذا كانت الهيبة في قلوب الطلاب من أول الأمر فحينئذٍ يملك الأستاذ الطلاب تماماً.
وإنني أوصي مدراء المدارس والمسئولين عنها من كتّاب أو غيرهم : أن يراقبوا ويتابعوا الدراسة والعمل بين الأساتذة وبين الطلاب ، بمعنى ألا يقولوا نحن نعتمد على الأساتذة فقط. فالأستاذ قد يقصر. تجد بعض الأساتذة ربما يتأخر عن حضور الدوام من أوله أو يتقدم في الخروج أو ما أشبه ذلك. المهم أنه على المدراء - مدراء المدارس والمعاهد والعمداء - أن يتابعوا من تحت أيديهم من أساتذة وطلاب وكتاب وغير ذلك، حتى يتعاونوا على البر والتقوى.
وأما الإهمال وكون المدير يبقى في إدارته، في مكان إدارته ولا يسأل ولا يبحث. فهذا فيه قصور. ينبغي للمدير أن يذهب هو بنفسه ويتفقد الفصول والطلاب والأساتذة ومعاملتهم مع طلابهم لا سيما إذا كان الأستاذ جديداً حتى يعرف القصور فيه ويحاول أن يتمم ذلك.
ثم إني أوصي الطلاب - أوصيهم ولا سيما من تقدموا في العلم - أوصيهم بحسن النية والقصد، بأن ينووا بطلبهم العلم إحياء الشريعة والدفاع عنها، وهداية الخلق ، وبيان الحق ، حتى يجعل الله في علمهم بركة. وأن يكونوا هم أول من يعمل بعلمهم حتى لا يكونوا من أول من تسعر بهم النار يوم القيامة - أعاذنا الله وإياكم منها -. على طلاب العلم أن يحرصوا على تنفيذ ما علموه حتى لا يضيع عليهم الوقت. وهم بذلك سيحصلون على العلم. فإن من تعلم فعمل ورَّثه الله علم ما لم يكن يعلمه. ولهذا قيل في الحكمة : " العلم يهتف بالعمل فإن أجاب وإلا ارتحل ".ويدل لهذا قول الله تبارك وتعالى : وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدىً وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ . وقوله تعالى : فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ .
أسأل الله تبارك وتعالى أن يجعل عامنا هذا عام خير وبركة وعلم نافع وعمل صالح ، وأن يجعلنا من دعاة الحق وأنصاره إنه على كل شيء قدير. والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

السائل : والآن مع أسئلة هذا اللقاء وهو الثامن والأربعون.

Webiste