تم نسخ النصتم نسخ العنوان
امرأة تقول : إننا قبائل ولنا عادات في العزاء... - ابن عثيمينالسائل : على بركة الله نبدأ هذه الحلقة برسالة وصلت من المستمعة أم عارف تقول في هذه الرسالة إننا قبائل ولنا عادات في العزاء وهو إذا مات الميت عند أحد منا...
العالم
طريقة البحث
امرأة تقول : إننا قبائل ولنا عادات في العزاء وهو إذا مات الميت عند أحد منا أو عند أقاربنا يكون العزاء عنده ثلاثة أيام بلياليهن دون أن يكون في هذا أي كلفة ولا تقدم القهوة ولكن يحضرون الناس عند صاحب المصاب من أقاربه يدوم ثلاثة أيام متواصلة ثم علمت من برنامجكم أن الاجتماع هو نوع من النياحة فهل في ذهابي إلى التعزية حرج نرجو بهذا إفادة جزاكم الله خيراً ؟
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
السائل : على بركة الله نبدأ هذه الحلقة برسالة وصلت من المستمعة أم عارف تقول في هذه الرسالة إننا قبائل ولنا عادات في العزاء وهو إذا مات الميت عند أحد منا أو عند أقاربنا يكون العزاء عنده ثلاثة أيام بلياليهن دون أن يكون في هذا أي كلفة ولا تقدّم القهوة ولكن يحضرون الناس عند صاحب المصاب من أقاربه يدوم ثلاثة أيام متواصلة ثم علمت من برنامجكم أن الاجتماع هو نوع من النياحة فهل في ذهابي إلى التعزية حرج نرجو بهذا إفادة جزاكم الله خيرا؟

الشيخ : الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى ءاله وأصحابه أجمعين، لا ريب أن موت الحبيب مصيبة يُصاب بها العبد كما قال تعالى { ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين * الذي إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون * أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون } وهذه المصيبة ينبغي للإنسان بل يجب عليه أن يُقابلها بالصبر وينبغي له أن يحتسب أجرها على الله عز وجل فإن هذه المصائب مكفّرة للذنوب وإذا صبر الإنسان عليها أثيب ثوابا ءاخر ثواب الصابرين فليصبر وليحتسب وليقل ما أرشد الله إليه " إنا لله وإنا إليه راجعون " وما جاءت به السنّة "اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرا منها" فإن الإنسان إذا فعل ذلك بإيمان ءاجره الله عليها وأخلف له خيرا منها كما جاء ذلك في حديث أم سلمة رضي الله عنها حين مات زوجها أبو سلمة وكان من أحب الناس إليها فقالت " اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرا منها " وكانت تقول من خير من أبي سلمة! يعني تتوقع من هذا الذي سيكون خيرا منه فلما انتهت عدّتها خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان خيرا لها من أبي سلمة.
ثم إن المصاب ينبغي لإخوانه المسلمين إذا رأوه مصابا متأثرا بالمصيبة أن يفعلوا ما يقويه على مكابدة هذه المصيبة وتحمّلها فيعزونه بما يكون عزاء له وتقوية له وأحسن ما يُعزى به ما ثبت به الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أن إحدى بناته أرسلت له تخبره أن صبيا لها كان منهكا أو كان في النزع فقال الرسول صلى الله عليه وسلم لمن أرسلته "مُرها فلتصبر ولتحتسب فإن لله ما أخذ وله ما أبقى وكل شيء عنده بأجل مسمى" فهذه الكلمات العظيمة النيّرة إذا تأملها الإنسان صبر واحتسب وعلِم أنه لا راد لقضاء الله وأن الأمر من الله إليه وأن الحزن والغم لا يأتيان بخير بل ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الميت يُعذب ببكاء أهله عليه يعني يشق عليه ذلك ويتألم ويهتم وليس هذا عذاب عقوبة لأنه لا تزر وازرة وزر أخرى ولأن البكاء الذي يحصل للإنسان بمجرّد الطبيعة وليس يتكلفه ليس فيه شيء فلا يُعاقب عليه لا الباكي ولا الميت لكن الميت يحس بهذا البكاء ويتألم ويتعذّب وهو نظير قوله صلى الله عليه وسلم "السفر قطعة من العذاب" ليس المعنى أن السفر قطعة من العقوبة.
المهم أنه ينبغي للمسلم إذا رأى أخاه متأثرا أن يعزيه بالكلمات التي تقوّي قلبه وتعينه على تحمل هذه المصيبة.
وليس المراد من العزاء إقامة المآتم والاجتماع للناس يفِدون من كل وجه وربما يصنعون أطعمة وربما يوقدون اللمبات الكثيرة وربما يضربون الخيام حول البيت وما أشبه ذلك من الأمور المنكرة التي ليس فيها إلا عنوان الاحتجاج على قدر الله عز وجل وعدم الرضا بقضائه أو إظهار الفرح والسرور بفقد هذا الميت لأن مثل هذا الفعل ينبئ عن أحد أمرين إما السخط على قضاء الله وقدره ومقابلة ذلك بمثل هذه الأمور وإما أن الإنسان يفرح بموته ويجعل هذا كالنزهة لكن الغالب القصد الأول أن هذا لإظهار السخط والألم والحزن وما أشبه ذلك.
وقد كانوا أي كان السلف يعدّون الاجتماع إلى أهل الميت من النياحة فالواجب الحذر من هذا الشيء وحفظ الوقت وحفظ المال وحفظ التعب وإتعاب الناس وإزالة هذه الأشياء المنكرة ثم إن بعض الناس يُهدي إلى أهل الميت أطعمة وغنما وما أشبه ذلك يتشبثون بقول الرسول عليه الصلاة والسلام "اصنعوا لأل جعفر طعاما فقد أتاهم ما يشغلهم" وهذا في الحقيقة لا مستند لهم فيه لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول "فقد أتاهم ما يشغلهم" فأل جعفر لما ءاتاهم خبر موته حزنوا لذلك ولم يكن لديهم التفرّغ لإصلاح الطعام فأمر النبي عليه الصلاة والسلام أن يُصنع لهم طعام ونحن الأن في وقتنا ولله الحمد لا يشغلنا مثل هذه الشيء عن إصلاح الطعام لأن إصلاح الطعام ميسّر سهل تقوم به الخدم إن كان هناك خادم أو يُشترى من أدنى مكان من المطاعم.

السائل : طيب.

الشيخ : وليس في هذا مشقة أبدا ثم إن الذي أمر الرسول عليه الصلاة والسلام الذي أمر به الرسول صلى الله عليه وسلم إنما أمر أن يُصنع لأل جعفر طعام وليس أن يُهدى إليهم الذبائح والغنم وما أشبه ذلك.
فالذي أدعو إليه إخواني المسلمين أن يوفّروا على أنفسهم التعب وإضاعة الوقت وإضاعة المال وأن يكفوا عن هذا الأمر لأنه ليس لهم فيه خير بل هم فيه إلى الإثم أقرب منهم إلى السلامة. نعم.

Webiste