رجل يسأل عن صلاة الفرد خلف الصف إذا كان الصف مكتملاً هل أسحب شخص من الصف الأول ليكمل معي الصلاة أم ماذا أفعل .؟
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
السائل : المستمع أيضا يسأل عن صلاة الفرد خلف الصف إذا كان الصف مكتملا هل أسحب شخصا من الصف الأول ليكمل معي الصلاة أم ماذا أفعل؟
الشيخ : الجواب على هذا أنه قد سبق من هذا المنبر منبر نور على الدرب أجوبة كثيرة في هذا الموضوع ولا بأس أن نعيد الجواب مرة ثانية.
السائل : طيب.
الشيخ : فنقول إن الواجب على الإنسان إذا أتى إلى المسجد أن يدخل في الصف ولا يجوز له أن ينفرد عن الصف لأن الجماعة يُقصد بها الاجتماع في المكان والاجتماع في العمل، الاجتماع في المكان بأن يكونوا صفا واحدا وفي العمل بأن يكونوا متابعين لإمامهم ولكن إذا جئت والصف قد تم.
السائل : نعم.
الشيخ : فأنت الأن بين أمور ثلاثة أو أربعة.
السائل : طيب.
الشيخ : فإما أن تسحب شخصا ليصلي معك خلف الصف وإما أن تتقدّم إلى الإمام لتكون على يمينه مثلا.
السائل : نعم.
الشيخ : وإما أن تصلي وحدك متابعا للإمام وإما أن تنصرف فلا تصلي مع الجماعة.
ولننظر فنقول أما الأول وهو أن تسحب أحدا ليصلي معك خلف الصف فإن ذلك غير وارد ولا يجوز لك أن تسحب أحدا ليصلي معك خلف الصف لأن هذا فيه عدة محاذير المحذور الأول التشويش على هذا المسحوب.
السائل : طيب طيب.
الشيخ : والثاني الاعتداء على حقه بنقله من المكان الفاضل إلى المكان المفضول.
والثالث فتح فرجة في الصف وهو خلاف ما تقتضيه السنّة.
والرابع أن العادة جرت أنه إذا انفتحت الفرجة تخلخل الصف وتحرّك الصف كله لسد هذه الفرجة.
فهذه الأمور الأربعة كلها تترتب على سحب الإنسان من الصف ليكون مع الداخل وأما تقدّمه إلى الإمام ليصلي عن يمينه فهذا خلاف السنّة لأن السنّة في حق الإمام أن يكون منفردا بمكانه لأنه إمام لا يشركه أحد في الإمامة فإذا قام أحد عن يمينه فات المقصود وكمال الإمامة ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما نعلم مثل هذه الصورة ثم إنه إذا تقدّم إلى الإمام فقد يكون بينه وبين الإمام عدّة صفوف فيتخللها ويؤذي الناس بتخطي رقابهم ثم إنه إذا تقدّم إلى الإمام وجاء رجل ءاخر بعده ولم يجد مكانا وقلنا تقدّم إلى الإمام ربما يجتمع مع الإمام صف كامل لأن كل واحد يأتي ولا يجد مكانا في الصف نقول تقدّم إلى الإمام وفي هذا من مخالفة السنّة ما هو ظاهر.
السائل : طيب.
الشيخ : وأما كونه ينصرف عن الجماعة ولا يصلي معهم فهذا ترك للجماعة بلا عذر ولا يحل للإنسان القادر على الجماعة أن يتخلّف عنها أو أن يتركها بلا عذر فيبقى الاحتمال الرابع أو الأمر الرابع وهو أن يصف خلف الصف وحده متابعا لإمامه فتحصل له فضيلة الجماعة وإن فاته المكان لكن فوات المكان هنا لعذر وهو عدم وجود مكان له في الصف فيسقط عنه ما يعجز عنه من الدخول في الصف ويُلزم بما يقدر عليه وهو الصلاة مع الجماعة وهذا ينطبق على القواعد الشرعية فاتقوا الله ما استطعتم فما استطاع الإنسان أن يقوم به فليقم به وما لا يستطيع أن يقوم به فإنه لا يُلزم به.
بقي أن يقال إن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يصلي خلف الصف فأمره أن يُعيد الصلاة وقال لا صلاة لمنفرد خلف الصف فما الجواب عن هذين الحديثين؟ نقول الجواب عن الحديث الأول أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يصلي خلف الصف فأمره أن يعيد الصلاة نقول إن هذه قضية عين فلعل هذا الرجل كان يُمكنه أن يدخل الصف ولكنه فرّط وصلى وحده خلف الصف ومعلوم أن الإنسان إذا أمكنه أن يدخل في الصف فصلى وحده فإنه يجب عليه الإعادة لوجوب المصافة.
وأما قوله لا صلاة لمنفرد خلف الصف فإن العلماء رحمهم الله اختلفوا في هذا النفي هل هو نفي للكمال أو نفي للصحة فذهب الأئمة الثلاثة مالك والشافعي وأبو حنيفة إلى أن هذا نفي للكمال وليس نفيا للصحة وهو إحدى الروايتين عن الإمام أحمد رحمه الله.
وعلى هذا فتكون المذاهب الثلاثة ونصف مذهب الإمام أحمد تدل على أن النفي هنا نفي كمال وليس نفي صحة.
ولكن الصحيح أن النفي نفي صحة لأن الأصل في النفي أن يكون نفيا للوجود فإن تعذّر حمله على نفي الوجود بأن كان الشيء موجودا حمِل على نفي الصحة الذي هو نفي للوجود شرعا فإن تعذّر حمله على نفي الصحة بأن تكون الأدلة قد دلت على أن هذا الشيء يصح حُمِل على نفي الكمال.
فالصحيح أن نفي الصلاة في قوله صلى الله عليه وسلم لا صلاة لمنفرد خلف الصف نفي للصحة وإذا كان نفيا للصحة دل على وجوب دخول الإنسان في الصف وإن لم يفعل بطلت صلاته ولكن الوجوب مشروط بالقدرة والاستطاعة وهنا لا يستطيع الإنسان أن يدخل في الصف لأنه كامل تام فيسقط عنه هذا الواجب.
وإلى هذا القول المفصّل الذي تؤيده الأدلة ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وشيخنا عبد الرحمان بن سعدي رحمه الله.
والقول الثاني في المسألة أن صلاة المنفرد خلف الصف لا تصح ولو لعذر.
والقول الثالث أن صلاة المنفرد خلف الصف تصح ولو بدون عذر.
والغالب أنه إذا اختلف العلماء على أقوال ثلاثة طرفين ووسط، الغالب أن الوسط يكون هو الصواب لأنه يأخذ من أدلة هؤلاء ومن أدلة هؤلاء ويتكون من ذلك قول مفصّل وسط بين هذا وهذا.
وخلاصة الجواب أن من صلى منفردا خلف الصف بدون عذر وجبت عليه الإعادة ومن صلى منفردا خلف الصف لعذر فإنه لا إعادة عليه لأنه معذور وقد قال الله تعالى فاتقوا الله ما استطعتم وقال لا يكلف الله نفسا إلا وسعها . نعم.
السائل : جزاكم الله عنا وعن المسلمين خير الجزاء.
الشيخ : الجواب على هذا أنه قد سبق من هذا المنبر منبر نور على الدرب أجوبة كثيرة في هذا الموضوع ولا بأس أن نعيد الجواب مرة ثانية.
السائل : طيب.
الشيخ : فنقول إن الواجب على الإنسان إذا أتى إلى المسجد أن يدخل في الصف ولا يجوز له أن ينفرد عن الصف لأن الجماعة يُقصد بها الاجتماع في المكان والاجتماع في العمل، الاجتماع في المكان بأن يكونوا صفا واحدا وفي العمل بأن يكونوا متابعين لإمامهم ولكن إذا جئت والصف قد تم.
السائل : نعم.
الشيخ : فأنت الأن بين أمور ثلاثة أو أربعة.
السائل : طيب.
الشيخ : فإما أن تسحب شخصا ليصلي معك خلف الصف وإما أن تتقدّم إلى الإمام لتكون على يمينه مثلا.
السائل : نعم.
الشيخ : وإما أن تصلي وحدك متابعا للإمام وإما أن تنصرف فلا تصلي مع الجماعة.
ولننظر فنقول أما الأول وهو أن تسحب أحدا ليصلي معك خلف الصف فإن ذلك غير وارد ولا يجوز لك أن تسحب أحدا ليصلي معك خلف الصف لأن هذا فيه عدة محاذير المحذور الأول التشويش على هذا المسحوب.
السائل : طيب طيب.
الشيخ : والثاني الاعتداء على حقه بنقله من المكان الفاضل إلى المكان المفضول.
والثالث فتح فرجة في الصف وهو خلاف ما تقتضيه السنّة.
والرابع أن العادة جرت أنه إذا انفتحت الفرجة تخلخل الصف وتحرّك الصف كله لسد هذه الفرجة.
فهذه الأمور الأربعة كلها تترتب على سحب الإنسان من الصف ليكون مع الداخل وأما تقدّمه إلى الإمام ليصلي عن يمينه فهذا خلاف السنّة لأن السنّة في حق الإمام أن يكون منفردا بمكانه لأنه إمام لا يشركه أحد في الإمامة فإذا قام أحد عن يمينه فات المقصود وكمال الإمامة ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما نعلم مثل هذه الصورة ثم إنه إذا تقدّم إلى الإمام فقد يكون بينه وبين الإمام عدّة صفوف فيتخللها ويؤذي الناس بتخطي رقابهم ثم إنه إذا تقدّم إلى الإمام وجاء رجل ءاخر بعده ولم يجد مكانا وقلنا تقدّم إلى الإمام ربما يجتمع مع الإمام صف كامل لأن كل واحد يأتي ولا يجد مكانا في الصف نقول تقدّم إلى الإمام وفي هذا من مخالفة السنّة ما هو ظاهر.
السائل : طيب.
الشيخ : وأما كونه ينصرف عن الجماعة ولا يصلي معهم فهذا ترك للجماعة بلا عذر ولا يحل للإنسان القادر على الجماعة أن يتخلّف عنها أو أن يتركها بلا عذر فيبقى الاحتمال الرابع أو الأمر الرابع وهو أن يصف خلف الصف وحده متابعا لإمامه فتحصل له فضيلة الجماعة وإن فاته المكان لكن فوات المكان هنا لعذر وهو عدم وجود مكان له في الصف فيسقط عنه ما يعجز عنه من الدخول في الصف ويُلزم بما يقدر عليه وهو الصلاة مع الجماعة وهذا ينطبق على القواعد الشرعية فاتقوا الله ما استطعتم فما استطاع الإنسان أن يقوم به فليقم به وما لا يستطيع أن يقوم به فإنه لا يُلزم به.
بقي أن يقال إن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يصلي خلف الصف فأمره أن يُعيد الصلاة وقال لا صلاة لمنفرد خلف الصف فما الجواب عن هذين الحديثين؟ نقول الجواب عن الحديث الأول أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يصلي خلف الصف فأمره أن يعيد الصلاة نقول إن هذه قضية عين فلعل هذا الرجل كان يُمكنه أن يدخل الصف ولكنه فرّط وصلى وحده خلف الصف ومعلوم أن الإنسان إذا أمكنه أن يدخل في الصف فصلى وحده فإنه يجب عليه الإعادة لوجوب المصافة.
وأما قوله لا صلاة لمنفرد خلف الصف فإن العلماء رحمهم الله اختلفوا في هذا النفي هل هو نفي للكمال أو نفي للصحة فذهب الأئمة الثلاثة مالك والشافعي وأبو حنيفة إلى أن هذا نفي للكمال وليس نفيا للصحة وهو إحدى الروايتين عن الإمام أحمد رحمه الله.
وعلى هذا فتكون المذاهب الثلاثة ونصف مذهب الإمام أحمد تدل على أن النفي هنا نفي كمال وليس نفي صحة.
ولكن الصحيح أن النفي نفي صحة لأن الأصل في النفي أن يكون نفيا للوجود فإن تعذّر حمله على نفي الوجود بأن كان الشيء موجودا حمِل على نفي الصحة الذي هو نفي للوجود شرعا فإن تعذّر حمله على نفي الصحة بأن تكون الأدلة قد دلت على أن هذا الشيء يصح حُمِل على نفي الكمال.
فالصحيح أن نفي الصلاة في قوله صلى الله عليه وسلم لا صلاة لمنفرد خلف الصف نفي للصحة وإذا كان نفيا للصحة دل على وجوب دخول الإنسان في الصف وإن لم يفعل بطلت صلاته ولكن الوجوب مشروط بالقدرة والاستطاعة وهنا لا يستطيع الإنسان أن يدخل في الصف لأنه كامل تام فيسقط عنه هذا الواجب.
وإلى هذا القول المفصّل الذي تؤيده الأدلة ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وشيخنا عبد الرحمان بن سعدي رحمه الله.
والقول الثاني في المسألة أن صلاة المنفرد خلف الصف لا تصح ولو لعذر.
والقول الثالث أن صلاة المنفرد خلف الصف تصح ولو بدون عذر.
والغالب أنه إذا اختلف العلماء على أقوال ثلاثة طرفين ووسط، الغالب أن الوسط يكون هو الصواب لأنه يأخذ من أدلة هؤلاء ومن أدلة هؤلاء ويتكون من ذلك قول مفصّل وسط بين هذا وهذا.
وخلاصة الجواب أن من صلى منفردا خلف الصف بدون عذر وجبت عليه الإعادة ومن صلى منفردا خلف الصف لعذر فإنه لا إعادة عليه لأنه معذور وقد قال الله تعالى فاتقوا الله ما استطعتم وقال لا يكلف الله نفسا إلا وسعها . نعم.
السائل : جزاكم الله عنا وعن المسلمين خير الجزاء.
الفتاوى المشابهة
- من صلى خلف الصف لا صلاة له - ابن باز
- إذا دخلت المسجد للصلاة وكان الصف الأول مكتملًا... - الالباني
- حكم الصلاة خلف الصف منفردا - ابن عثيمين
- حكم الصلاة خلف الصف - ابن عثيمين
- حكم صلاة المنفرد خلف الصف - الفوزان
- من جاء للجماعة والصف مكتمل هل يسحب أحد المصلين... - ابن باز
- الصلاة خلف الصف - الفوزان
- يقول السائل : شخص أتى إلى المسجد ليصلي الفري... - ابن عثيمين
- ماذا يفعل من أتى للصلاة والصف مكتمل؟ - ابن باز
- يقول حصل نقاش بين جماعة بأن إذا جاء رجل متأخ... - ابن عثيمين
- رجل يسأل عن صلاة الفرد خلف الصف إذا كان الصف... - ابن عثيمين