الكلام على حقيقة الذكر المشروع والعبادة المشروعة .
الشيخ محمد ناصر الالباني
الشيخ : أريد أن أضرب مثلًا كما فعلت من عهد قريب لأبيِّن لهؤلاء الناس كيف يجب أن يُفهَمَ الذكر المشروع والعبادة المشروعة من غير الذكر والعبادة غير مشروعة ، يستغرب جماهير الناس اليوم إنكارنا تجمُّع الناس في حلقات الذكر التي يسمُّونها حلقات الذكر على صور وأشكال شتَّى ، ومنها أن يقوموا حلقة ويأخذ بعضهم بيد بعض ، ويبدؤون يذكرون الله باسم الله الاسم المفرد " الله " ، كما هو معلوم جميعًا ؛ هذا الذكر لا أصل له لا شرعًا ولا لغةً ؛ أن يقول إنسان : " الله الله الله " لا أصل له لا لغةً ولا شرعًا ، شرعًا يعرف إخواننا السلفيون جميعًا ليس شرعًا ؛ لأن الرسول ما شرع الذكر بهذا اللفظ ، لكن قال : أفضل الذكر : لا إله إلا الله ، أفضل الكلام بعد القرآن أربع كلمات ، لا يضرُّك بأيِّهنَّ بدأت : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ، فلماذا ترك الناس الذكر الأفضل الذي نَصَّ عليه الرسول إلى الذكر الذي ما نَصَّ عليه الرسول مطلقًا ولو تجويزًا مش تضليلًا ، ولو على الأقل تجويزًا إباحةً ؛ عدلوا إلى هذا لأن باب الابتداع والتخيُّل في الدين واسع جدًّا لا حدود له ، ولا يعتصم من أن يدخل في هذا الباب أيُّ مسلم إلا إذا كان متمسِّكًا بالكتاب والسنة لا يزيد على ذلك قيد شعرة .
سوَّل لهم الشيطان فقال : الذكر بلفظ " الله " أفضل من ذكر جملة : " لا إله إلا الله " ؛ ليه ؟ هذا قرأناه مش كلام ، قرأناه في كتب لبعضهم ؛ لأنك إذا بدأت تذكر الله بأفضل الذكر حسب النَّصِّ الشرعي ربما جاءك الموت وأنت بتقول : لا إله ، بتموت وقد أنكرت الإله ؛ لذلك اختصر الطريق على نفسك وقل إيش ؟ " الله " ، " الله " وبس ، وهذا - أيضًا - من جهل هؤلاء ، لو تصوَّرنا هذه الصورة الخيالية حقيقة واقعة ؛ إنسان جلس يذكر الله ، وهو يقول : " لا إله إلا الله ، لا إله إلا الله " ، وفعلًا جاءه الموت وهو قال : لا إله ، ما عاد كمَّلها ، شو صار بالنسبة من الناحية الإسلامية ؟ هل هذا مؤاخذ ؟ ما دام إيه ؟ وقع عليه الموت الذي لا ينجو منه مخلوق ، هل يُؤاخذ هذا الإنسان شرعًا ؟ لا ، أنا أقول أكثر من هذا ، لو هو يذكر " لا إله إلا الله " فُوجئ بحادث ، حادث بغتة ؛ لو فرضنا - مثلًا - خصم هجم عليه قنبلة انفجرت أمامه إلى آخره ، وهو كان وصل إيش ؟ لا إله فطاش عقله ، وبدو بقى منفذ يهرب أو يدافع عن نفسه إلى آخره ؛ هل عليه شيء ؟ لا شيء عليه ، والشيطان شوف من أي باب جاءهم ؟ من الجهل بالإسلام ... إلى آخره ، فسوَّل لهم أن يذكر ربَّه بلفظ ما شرعه ربُّه ؛ إذًا هو عم يعبد ربه بشريعة مين ؟ أقول هذا من الناحية الشرعية .
لكن بقى لازم على الأقل بعضكم يعرف أنُّو هذا غير مسموح حتى لغةً ، هَيْ فلسفة بقى جديدة ، نعرفها أنُّو هَيْ شرعًا مو مشروعة ، لكن لغة مو مشروعة ؛ كيف ذلك ؟ لأن في اللغة لا بد تكون جملة تامة ، وأقلُّه - مثلًا - مبتدأ وخبر ، إذا قال إنسان على سبيل التحدث قال : اللهُ كريم ، اللهُ غفور ، اللهُ شكور ، اللهُ رحيم ، إلى آخره ؛ هذه جملة تامة ، الله مبتدأ كما يقولون ، وكريم رحيم خبر ، لكن الله شو به ؟ اللهُ اللهُ اللهُ !! إي ، ما مشروع هذا الكلام حتى لغة ، فأيضًا الشيطان أضلَّهم عن اللغة التي هي لغة القرآن ، ولا يمكن أن يفهم الإنسان القرآن إلا بها .
ثم أقول : التعبير - أيضًا - غير لغوي ؛ لأن إذا بدهم يذكروا باللغة العربية يا بيقولوا : " الله " بياخذوا نفس ، لأنُّو يكون السكون على إيش ؟ على جزم ، نعم ، بدك توصل ما بيصير تقول : " اللهْ اللهْ اللهْ " بدك تقول : " اللهُ اللهُ اللهُ " هكذا ؛ لأنُّو مش همزة قطع هذه ، همزة وصل ، فمنين ما درت وناقشت الذكر هذا تلاقيه ما له أصل لا شرعًا ولا لغةً ، مع ذلك هذا هو الذكر المفضَّل عند الناس . بتجي بقى بدك تنكر بيقول لك : تنكر الذكر . يا حبيبي ، الذكر له صفات في الشرع له كيفيات له أوصاف ، مَن التزم هذه الأوصاف كما جاء في الكتاب والسنة وذَكَرَ الله فالمنكر كافر مرتد عن دينه ؛ لأن الله يقول : اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا ، لكن ما قال : اذكروا الله كما قيل - أيضًا - - مع الأسف الشديد - ولو بنباح الكلاب ، سمعتموها هَيْ العبارة ؟! بالكتب مسطور هذا الجملة ، اذكروا الله ولو بنبيح الكلاب ، مش مهم تكون لفظة سنِّي لغوي ، اذكر الله ولو بنبيح الكلاب ، حاشى لله ، اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا كما قال : صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ، كيف تذكر الله ؟ كما ذكر رسول الله ، كيف تصلي على رسول الله ؟ كما صلى رسول الله على نفسه ، وكما علَّمه أصحابه ، نجي بقى الآن نقول : هل كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجتمع مع أصحابه فيذكر الله بصوت واحد وبالاسم المفرد " الله الله " ؟ الجواب : لا ، لا يستطيع أحد مهما كان مُجادلًا بالباطل أن يقول : نعم ، عندنا حديث ولو موضوع أن الرسول كان يجمع الصحابة ويذكروا الله بالاسم المفرد جهرًا بصوت واحد ؛ هذا لا أصل له .
طيب ، كان يجمع الصحابة على مجلس يسمُّونه اليوم بمجلس الصلاة على الرسول - عليه السلام - ، مجلس الصلاة على الرسول مثل مجلس الذكر ، كما أن مجلس الذكر منه سني منه بدعي ؛ كذلك مجلس الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - منه سنِّي ومنه بدعي ، كان الصحابي يقول لصاحبه : يا فلان ، تعال نجلس ، تعال بنا نؤمن ساعة ؛ فيجلسون كلٌّ منهم يذكر الله إما ذكرًا فكريًّا ، وإما ذكرًا لفظيًّا وقلبيًّا معًا ، وهذا مما يُستفاد من قوله - تعالى - : إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ ، مَن هم ؟ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ، فالتفكر في آيات الله هذا ذكر قلبي ، وذكر الله باللسان لازم يكون ذكر لفظي وقلبي معًا ، أما غمِّض عيونك وسكِّر فمك وراقب قلبك ، وقلبك عم يقول : الله الله !! هذه كلها فلسفة دخيلة في الإسلام ما يعرفها الإسلام إطلاقًا .
فهذا المجلس الصلاة على الرسول - عليه السلام - إذا كان على طريقة السلف كل واحد يصلي على الرسول بصيغة واردة ما فيه مانع إطلاقًا ، وهذا النوع من الذكر اللي لا يُخالف صفة الذكر في عهد الرسول - عليه السلام - عليه تُحمل أحاديث الذكر بحلقات الذكر التي يتطلَّبها ويتقصَّدها الملائكة خاصَّة من السماء يتتبَّعون حلقات الذكر ، ما كان هؤلاء المتأخرون حتى اليوم ليفهموا ليش هذا الذكر غير مشروع ، وليه هذا المجلس غير مشروع ، رأسًا يصبُّوا الطعن فينا بحجة أنكرنا الذكر ، حاشا ، اللي ينكر الذكر كافر ، رأسًا يصبُّ اللوم علينا أنكرنا الصلاة على الرسول ، يا جماعة الصلاة على الرسول مذكورة في القرآن ، معناها خرَّجتمونا من الإسلام كليًّا ، لكن أنا بدا لي خاطر منذ أيام ، فرأيت أنُّو أقدِّمه إليكم كحجة تزيدكم اطمئنانًا على اطمئنان وحجة على حجة لأولئك المخاصمين ، قلت لهم : هؤلاء يجتمعون في ذكر الله بالكيفية التي يشاؤونها ، ويجتمعون في مجلس الصلاة على الرسول - عليه الصلاة والسلام - بالكيفية التي يشاؤونها بأصوات وأنغام مما هو معروف لديكم .
ينقصهم مجلس ثالث ، هذا اختراع وابتكار من عندي ، بس الفرق بيني وبينهم أنا أبتكر منشان غيري يعتبر ، مو أبتكر مشان أتعبَّد وأتقرَّب إلى الله بما ابتكرت وأحدثت ؛ فاسمعوا الآن : هؤلاء عندهم مجلسين مجلس ذكر ومجلس صلاة على الرسول ، بينقصهم مجلس ثالث مجلس الصلاة لله - تعالى - وحدَه لا شريك له ، سمعتوا شيء بهذا المجلس بزمانكم ؟ مجلس ... لله وحده لا شريك له ، ما صورة هذا المجلس ؟ نختار وقت مناسب كهذا الوقت بين العشاءين بين المغرب والعشاء ، الصلاة فيه مشروعة ، والصلاة كما قال - عليه الصلاة والسلام - : خير موضوع فَمَن شاء فليستكثِرْ ، نختار هذا الوقت أو غيره كل يوم أو كل أسبوع أو كل شهر حسب إيش ؟ وقتنا ، ونجتمع فيه ليصلي كل واحد منَّا ركعتين لله - تعالى - ، فيها شي ؟ صلاة لله - تعالى - ، نجتمع ليصلي كلٌّ منَّا ركعتين ، لكن مو نصلي هيك فوضى واحد من هون وواحد من هون ؛ لا ، نجتمع ليه ؟ لأن الرسول - عليه السلام - قال : يد الله مع الجماعة ؛ إذًا ح يكون مجلسنا الثالث هو مجلس صلاة لله - تبارك وتعالى - ركعتين جماعةً ؛ جماعةً .
أظن أول مَن سَيُنكر هذا المجلس أصحاب المجلسين السابقين ؛ تعرفوا شو السبب ؟ مو لفقههم ، لو كان عندهم فقه ما ابتدعوا المجلس الأول والثاني ، ح ينكروه ؛ لأنهم ما سمعوا به فقط ، أما - لا سمح الله - واحد شيخ مضلِّل يريد أن يستغل الناس ويدعوهم لمثل هذا الاجتماع ، ويجي واحد واثنين وثلاثة ويوم يومين ثلاثة وصارت سنة تعال بقى أنت إن استطعت تنكر ، تنكر إيش ؟ الصلاة لله - عز وجل - ؛ فهل نقرُّ نحن هذه الصلاة في المجلس الثالث ؟ هل ننكرها أم نقرُّها ؟ لا نقرُّها ، إنما نحن ننكرها ؛ لماذا ؟ لأنها صلاة لله ركعتين ؟ لا ، لأنها صلاة وُصِفَت بصفة لم يشرعها الله ولا بيَّنَها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فصارت بدعة في الدين ، ولماذا نذهب بعيدًا إلى مجلس في الأسبوع أو في الشهر ؟ ح نعمل لكم صلاة لله ركعتين مع كل صلاة خمس مرَّة أو مرَّتين ، ندخل لصلاة الصبح نصلي ركعتين سنة الفجر ، ليش نصلِّيها فرادى واحد هون واحد هون ؟! خلينا نصليها جماعة ، يد الله مع الجماعة ، فيه حدا بيقول بيسترجي يقول الكلام هاد ؟ يمكن يجي زمان نسمع هيك مثل ما نقول أشياء ... نسمعها من قبل .
فإذا إنسان سوَّلت له نفسه أو زَيَّن له الشيطان أنُّو يجمع المسلمين على سنة الفجر جماعةً ؛ شو حجتنا في الإنكار عليهم ؟ حجتنا السلف الصالح ، ما كانوا يصلون سنة الفجر ؟ كان الرسول يدخل للمسجد يلاقي الناس عم يصلوا سنة الفجر ، وأحيانًا يشوف واحد بدأ بصلاة السنة وقد أُقِيمت الصلاة يأخذ بكتفه ويقول له : أصلاتان معًا ؟ آلصُّبح أربعًا ؟ كانوا يصلوا السنة ، كانوا يصلوها فرادى ، ليه بقى أنتم عم تخالفوا السنة والسلف الصالح وعم تجتمعوا في سنة الفجر ؟! ما اجتمعوا لسا في سنة الفجر ، ما اجتمعوا ، وإن شاء الله ما بيجتمعوا ؛ شايف ؟ لأنُّو هذا التفرُّق هو المشروع يا جماعة ما نعرف نحن حقيقة الشرع ، الشرع هو الاتباع الخالص حيث جَمَعَ الله نجمع ، وحيث فرَّقَ الله نفرِّق ، هذا هو الإخلاص والاتباع لله - عز وجل - ولنبيِّه - عليه الصلاة والسلام - .
فأردت أنا أن أوجِّه إخواننا الحاضرين إلى هذه الحقيقة أن الخَلَاص من الابتداع في الدين هو أن نتَّبع أقوال الفقهاء الأولين السابقين من الصحابة والتابعين وأتباعهم الذين اتَّبعوهم بإحسان إلى يوم الدين ، وإلا ما بيكون نحن أخلصنا لله - عز وجل - أوَّلًا في العبادة لننجو يوم الحساب ، وثانيًا سنظلُّ هكذا في الدنيا أذلَّاء مستعبدين من أنواع من الاستعبادات الكثيرة جدًّا بسبب عدم انصياعنا وخضوعنا لأحكام الله - عز وجل - ، بل على العكس من ذلك ؛ نؤلف عقولنا وأهواءنا وأجهل واحد يقول لك : شو فيها ؟ فيها أنك أنت ما عم تثبت عبوديتك لله - عز وجل - ، وعبوديتك لله لا تثبت إلا بالاتباع ، وكما قال الله : قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ .
هات لنشوف شو عندك ... ؟
سوَّل لهم الشيطان فقال : الذكر بلفظ " الله " أفضل من ذكر جملة : " لا إله إلا الله " ؛ ليه ؟ هذا قرأناه مش كلام ، قرأناه في كتب لبعضهم ؛ لأنك إذا بدأت تذكر الله بأفضل الذكر حسب النَّصِّ الشرعي ربما جاءك الموت وأنت بتقول : لا إله ، بتموت وقد أنكرت الإله ؛ لذلك اختصر الطريق على نفسك وقل إيش ؟ " الله " ، " الله " وبس ، وهذا - أيضًا - من جهل هؤلاء ، لو تصوَّرنا هذه الصورة الخيالية حقيقة واقعة ؛ إنسان جلس يذكر الله ، وهو يقول : " لا إله إلا الله ، لا إله إلا الله " ، وفعلًا جاءه الموت وهو قال : لا إله ، ما عاد كمَّلها ، شو صار بالنسبة من الناحية الإسلامية ؟ هل هذا مؤاخذ ؟ ما دام إيه ؟ وقع عليه الموت الذي لا ينجو منه مخلوق ، هل يُؤاخذ هذا الإنسان شرعًا ؟ لا ، أنا أقول أكثر من هذا ، لو هو يذكر " لا إله إلا الله " فُوجئ بحادث ، حادث بغتة ؛ لو فرضنا - مثلًا - خصم هجم عليه قنبلة انفجرت أمامه إلى آخره ، وهو كان وصل إيش ؟ لا إله فطاش عقله ، وبدو بقى منفذ يهرب أو يدافع عن نفسه إلى آخره ؛ هل عليه شيء ؟ لا شيء عليه ، والشيطان شوف من أي باب جاءهم ؟ من الجهل بالإسلام ... إلى آخره ، فسوَّل لهم أن يذكر ربَّه بلفظ ما شرعه ربُّه ؛ إذًا هو عم يعبد ربه بشريعة مين ؟ أقول هذا من الناحية الشرعية .
لكن بقى لازم على الأقل بعضكم يعرف أنُّو هذا غير مسموح حتى لغةً ، هَيْ فلسفة بقى جديدة ، نعرفها أنُّو هَيْ شرعًا مو مشروعة ، لكن لغة مو مشروعة ؛ كيف ذلك ؟ لأن في اللغة لا بد تكون جملة تامة ، وأقلُّه - مثلًا - مبتدأ وخبر ، إذا قال إنسان على سبيل التحدث قال : اللهُ كريم ، اللهُ غفور ، اللهُ شكور ، اللهُ رحيم ، إلى آخره ؛ هذه جملة تامة ، الله مبتدأ كما يقولون ، وكريم رحيم خبر ، لكن الله شو به ؟ اللهُ اللهُ اللهُ !! إي ، ما مشروع هذا الكلام حتى لغة ، فأيضًا الشيطان أضلَّهم عن اللغة التي هي لغة القرآن ، ولا يمكن أن يفهم الإنسان القرآن إلا بها .
ثم أقول : التعبير - أيضًا - غير لغوي ؛ لأن إذا بدهم يذكروا باللغة العربية يا بيقولوا : " الله " بياخذوا نفس ، لأنُّو يكون السكون على إيش ؟ على جزم ، نعم ، بدك توصل ما بيصير تقول : " اللهْ اللهْ اللهْ " بدك تقول : " اللهُ اللهُ اللهُ " هكذا ؛ لأنُّو مش همزة قطع هذه ، همزة وصل ، فمنين ما درت وناقشت الذكر هذا تلاقيه ما له أصل لا شرعًا ولا لغةً ، مع ذلك هذا هو الذكر المفضَّل عند الناس . بتجي بقى بدك تنكر بيقول لك : تنكر الذكر . يا حبيبي ، الذكر له صفات في الشرع له كيفيات له أوصاف ، مَن التزم هذه الأوصاف كما جاء في الكتاب والسنة وذَكَرَ الله فالمنكر كافر مرتد عن دينه ؛ لأن الله يقول : اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا ، لكن ما قال : اذكروا الله كما قيل - أيضًا - - مع الأسف الشديد - ولو بنباح الكلاب ، سمعتموها هَيْ العبارة ؟! بالكتب مسطور هذا الجملة ، اذكروا الله ولو بنبيح الكلاب ، مش مهم تكون لفظة سنِّي لغوي ، اذكر الله ولو بنبيح الكلاب ، حاشى لله ، اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا كما قال : صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ، كيف تذكر الله ؟ كما ذكر رسول الله ، كيف تصلي على رسول الله ؟ كما صلى رسول الله على نفسه ، وكما علَّمه أصحابه ، نجي بقى الآن نقول : هل كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجتمع مع أصحابه فيذكر الله بصوت واحد وبالاسم المفرد " الله الله " ؟ الجواب : لا ، لا يستطيع أحد مهما كان مُجادلًا بالباطل أن يقول : نعم ، عندنا حديث ولو موضوع أن الرسول كان يجمع الصحابة ويذكروا الله بالاسم المفرد جهرًا بصوت واحد ؛ هذا لا أصل له .
طيب ، كان يجمع الصحابة على مجلس يسمُّونه اليوم بمجلس الصلاة على الرسول - عليه السلام - ، مجلس الصلاة على الرسول مثل مجلس الذكر ، كما أن مجلس الذكر منه سني منه بدعي ؛ كذلك مجلس الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - منه سنِّي ومنه بدعي ، كان الصحابي يقول لصاحبه : يا فلان ، تعال نجلس ، تعال بنا نؤمن ساعة ؛ فيجلسون كلٌّ منهم يذكر الله إما ذكرًا فكريًّا ، وإما ذكرًا لفظيًّا وقلبيًّا معًا ، وهذا مما يُستفاد من قوله - تعالى - : إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ ، مَن هم ؟ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ، فالتفكر في آيات الله هذا ذكر قلبي ، وذكر الله باللسان لازم يكون ذكر لفظي وقلبي معًا ، أما غمِّض عيونك وسكِّر فمك وراقب قلبك ، وقلبك عم يقول : الله الله !! هذه كلها فلسفة دخيلة في الإسلام ما يعرفها الإسلام إطلاقًا .
فهذا المجلس الصلاة على الرسول - عليه السلام - إذا كان على طريقة السلف كل واحد يصلي على الرسول بصيغة واردة ما فيه مانع إطلاقًا ، وهذا النوع من الذكر اللي لا يُخالف صفة الذكر في عهد الرسول - عليه السلام - عليه تُحمل أحاديث الذكر بحلقات الذكر التي يتطلَّبها ويتقصَّدها الملائكة خاصَّة من السماء يتتبَّعون حلقات الذكر ، ما كان هؤلاء المتأخرون حتى اليوم ليفهموا ليش هذا الذكر غير مشروع ، وليه هذا المجلس غير مشروع ، رأسًا يصبُّوا الطعن فينا بحجة أنكرنا الذكر ، حاشا ، اللي ينكر الذكر كافر ، رأسًا يصبُّ اللوم علينا أنكرنا الصلاة على الرسول ، يا جماعة الصلاة على الرسول مذكورة في القرآن ، معناها خرَّجتمونا من الإسلام كليًّا ، لكن أنا بدا لي خاطر منذ أيام ، فرأيت أنُّو أقدِّمه إليكم كحجة تزيدكم اطمئنانًا على اطمئنان وحجة على حجة لأولئك المخاصمين ، قلت لهم : هؤلاء يجتمعون في ذكر الله بالكيفية التي يشاؤونها ، ويجتمعون في مجلس الصلاة على الرسول - عليه الصلاة والسلام - بالكيفية التي يشاؤونها بأصوات وأنغام مما هو معروف لديكم .
ينقصهم مجلس ثالث ، هذا اختراع وابتكار من عندي ، بس الفرق بيني وبينهم أنا أبتكر منشان غيري يعتبر ، مو أبتكر مشان أتعبَّد وأتقرَّب إلى الله بما ابتكرت وأحدثت ؛ فاسمعوا الآن : هؤلاء عندهم مجلسين مجلس ذكر ومجلس صلاة على الرسول ، بينقصهم مجلس ثالث مجلس الصلاة لله - تعالى - وحدَه لا شريك له ، سمعتوا شيء بهذا المجلس بزمانكم ؟ مجلس ... لله وحده لا شريك له ، ما صورة هذا المجلس ؟ نختار وقت مناسب كهذا الوقت بين العشاءين بين المغرب والعشاء ، الصلاة فيه مشروعة ، والصلاة كما قال - عليه الصلاة والسلام - : خير موضوع فَمَن شاء فليستكثِرْ ، نختار هذا الوقت أو غيره كل يوم أو كل أسبوع أو كل شهر حسب إيش ؟ وقتنا ، ونجتمع فيه ليصلي كل واحد منَّا ركعتين لله - تعالى - ، فيها شي ؟ صلاة لله - تعالى - ، نجتمع ليصلي كلٌّ منَّا ركعتين ، لكن مو نصلي هيك فوضى واحد من هون وواحد من هون ؛ لا ، نجتمع ليه ؟ لأن الرسول - عليه السلام - قال : يد الله مع الجماعة ؛ إذًا ح يكون مجلسنا الثالث هو مجلس صلاة لله - تبارك وتعالى - ركعتين جماعةً ؛ جماعةً .
أظن أول مَن سَيُنكر هذا المجلس أصحاب المجلسين السابقين ؛ تعرفوا شو السبب ؟ مو لفقههم ، لو كان عندهم فقه ما ابتدعوا المجلس الأول والثاني ، ح ينكروه ؛ لأنهم ما سمعوا به فقط ، أما - لا سمح الله - واحد شيخ مضلِّل يريد أن يستغل الناس ويدعوهم لمثل هذا الاجتماع ، ويجي واحد واثنين وثلاثة ويوم يومين ثلاثة وصارت سنة تعال بقى أنت إن استطعت تنكر ، تنكر إيش ؟ الصلاة لله - عز وجل - ؛ فهل نقرُّ نحن هذه الصلاة في المجلس الثالث ؟ هل ننكرها أم نقرُّها ؟ لا نقرُّها ، إنما نحن ننكرها ؛ لماذا ؟ لأنها صلاة لله ركعتين ؟ لا ، لأنها صلاة وُصِفَت بصفة لم يشرعها الله ولا بيَّنَها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فصارت بدعة في الدين ، ولماذا نذهب بعيدًا إلى مجلس في الأسبوع أو في الشهر ؟ ح نعمل لكم صلاة لله ركعتين مع كل صلاة خمس مرَّة أو مرَّتين ، ندخل لصلاة الصبح نصلي ركعتين سنة الفجر ، ليش نصلِّيها فرادى واحد هون واحد هون ؟! خلينا نصليها جماعة ، يد الله مع الجماعة ، فيه حدا بيقول بيسترجي يقول الكلام هاد ؟ يمكن يجي زمان نسمع هيك مثل ما نقول أشياء ... نسمعها من قبل .
فإذا إنسان سوَّلت له نفسه أو زَيَّن له الشيطان أنُّو يجمع المسلمين على سنة الفجر جماعةً ؛ شو حجتنا في الإنكار عليهم ؟ حجتنا السلف الصالح ، ما كانوا يصلون سنة الفجر ؟ كان الرسول يدخل للمسجد يلاقي الناس عم يصلوا سنة الفجر ، وأحيانًا يشوف واحد بدأ بصلاة السنة وقد أُقِيمت الصلاة يأخذ بكتفه ويقول له : أصلاتان معًا ؟ آلصُّبح أربعًا ؟ كانوا يصلوا السنة ، كانوا يصلوها فرادى ، ليه بقى أنتم عم تخالفوا السنة والسلف الصالح وعم تجتمعوا في سنة الفجر ؟! ما اجتمعوا لسا في سنة الفجر ، ما اجتمعوا ، وإن شاء الله ما بيجتمعوا ؛ شايف ؟ لأنُّو هذا التفرُّق هو المشروع يا جماعة ما نعرف نحن حقيقة الشرع ، الشرع هو الاتباع الخالص حيث جَمَعَ الله نجمع ، وحيث فرَّقَ الله نفرِّق ، هذا هو الإخلاص والاتباع لله - عز وجل - ولنبيِّه - عليه الصلاة والسلام - .
فأردت أنا أن أوجِّه إخواننا الحاضرين إلى هذه الحقيقة أن الخَلَاص من الابتداع في الدين هو أن نتَّبع أقوال الفقهاء الأولين السابقين من الصحابة والتابعين وأتباعهم الذين اتَّبعوهم بإحسان إلى يوم الدين ، وإلا ما بيكون نحن أخلصنا لله - عز وجل - أوَّلًا في العبادة لننجو يوم الحساب ، وثانيًا سنظلُّ هكذا في الدنيا أذلَّاء مستعبدين من أنواع من الاستعبادات الكثيرة جدًّا بسبب عدم انصياعنا وخضوعنا لأحكام الله - عز وجل - ، بل على العكس من ذلك ؛ نؤلف عقولنا وأهواءنا وأجهل واحد يقول لك : شو فيها ؟ فيها أنك أنت ما عم تثبت عبوديتك لله - عز وجل - ، وعبوديتك لله لا تثبت إلا بالاتباع ، وكما قال الله : قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ .
هات لنشوف شو عندك ... ؟
الفتاوى المشابهة
- الكلام عن بدعة ذكر الله بـ " الله الله الله "... - الالباني
- ما الفرق بين التبرك المشروع وغير المشروع؟ - ابن عثيمين
- الكلام على حقيقة التوكل على الله واتخاذ الأسبا... - الالباني
- ما الأدعية المشروعة في مجالس الذكر وبعد الصلوات؟ - ابن باز
- كلمة عن شهر رمضان ومافيه من العبادات المشروعة. - ابن عثيمين
- ما المشروع من الذكر والنوافل في اليوم والليلة؟ - ابن باز
- المشروع في الذكر بعد الصلاة عند الجمع بين ال... - ابن عثيمين
- الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه و... - اللجنة الدائمة
- عدم مشروعية الذكر الجماعي بعد الصلاة - ابن باز
- وردت بعض الأحاديث العامة في فضل الذكر ؛ فهل في... - الالباني
- الكلام على حقيقة الذكر المشروع والعبادة المشرو... - الالباني