تم نسخ النصتم نسخ العنوان
شرح حديث ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وس... - الالبانيالشيخ : والحديث الذي ذكره تحت هذا الباب إسناده صحيح يرويه عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم "أخبروني بشجرة مثلها مثل المسلم تؤتي أكلها...
العالم
طريقة البحث
شرح حديث ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( أخبروني بشجرة مثلها مثل المسلم تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها..........) .
الشيخ محمد ناصر الالباني
الشيخ : والحديث الذي ذكره تحت هذا الباب إسناده صحيح يرويه عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم "أخبروني بشجرة مثلها مثل المسلم تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها لا تحتّ ورقها فوقعت في نفسي النخلة، فكرهت أن أتكلم وثمّ أبو بكر وعمر رضي الله عنهما فلما لم يتكلما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : هي النخلة" " فلما خرجت مع أبي قلت يا أبي وقع في نفسي النخلة قال ما منعك أن تقولها، لو كنتَ قلتها كان أحب إلي من كذا وكذا، قال ما منعني إلا لم أرك ولا أبا بكر تكلمتما فكرهت " انتهى الحديث.
نعود إلى شيء من التعليق على الحديث، في مجلس أراد النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيه أن يختبر أصحابه وأن يمتحن أفهامهم فوجّه إليهم السؤال الآتي "أخبروني بشجرة مثلها مثل المسلم" شو معناها مثل المسلم؟ يعني أنها دائما تنفع الناس، ذلك طبيعة الرجل المسلم أنه نافع للناس دائما وأبدا وقد ... الرسول عليه السلام الشجرة التي مثّلها بالمسلم بقوله عليه السلام تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها وهذه القطعة من القرآن الكريم { ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها } والحين في لغة العرب هذه اللفظة تطلق ويُراد بها أوقات متفاوتة ما بين اللحظة وما بين السنين الطويلة فهنا في هذه الجملة التي اقتبسها الرسول عليه السلام في هذا الحديث من الآية السابقة الذكر { تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها } فالحين هنا المقصود بها السنة على عكس مثلا { هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا } فهناك المقصود بالزمن الطويل يقال أنه أربعون سنة، الشاهد إن من صفة هذه الشجرة التي ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم المثل لها بالمسلم فوصفها أنها "تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها" أي كل سنة وهو من صفاتها لا تحتّ ورقها أي لا يتساقط فيظل ثابتا على أغصانها وعلى أعضائها لا يتساقط كأكثر الأشجار وإنما يظل كما هو أخضر، هذا هو السؤال كان يطلب الرسول عليه السلام من الصحابة أن يُخبروه عن شجرة مثلها مثل المسلم فهي تنفع الناس دائما وأبدا لأن شجرة النخل صحيح أنها تحمل في السنة مرة ولكن يظل هذا الثمر طعاما مدخرا لأصحابه إلى العام القابل الذي تكون الشجرة قد أثمرت من جديد وهكذا فهي تنفع الناس وتؤتي أكلها كل حين بإذن ربها، هذه الصفة بارزة في شجرة النخل فأضاف الرسول عليه السلام إلى هذه الصفة صفة أخرى مثلها في البروز ألا وهي ... وبقاء الشجر على الأم وعلى الأصل ... قال عليه السلام "لا تحتّ طرفها" لما سأل الرسول عليه السلام هذا السؤال لأصحابه الكرام ألقي في نفس عبد الله بن عمر بن الخطاب أنها النخلة، عبد الله بن عمر بن الخطاب فعمر الخطاب من كبار الصحابة الذين أسلموا قديما وابنه صغير السن بطبيعة الحال كان حاضرا في المجلس حينما توجه النبي صلى الله عليه وآله وسلم بهذا السؤال فهو كان عنده حكمة عبد الله بن عمر كان عنده حكمة وعنده كياسة وعنده علم وعنده أخيرا أدب العلم وأدب العلماء، مجالس العلماء، ألقي في نفسه أنها الشجرة التي من صفتها أنها تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها والتي من صفتها أنها لا يسقط ورقها، من تكون هذه ؟ إلا النخلة لكن ضبط أعصابه وكما أشرت في الدرس السابق خلاف الشباب المسلم اليوم الذي لا يكاد يسمع سؤالا يوجّه إلى رجل من أهل العلم فيتطفل هو ويُبادر إلى الجواب دون أن يحال السؤال إليه، ابن عمر لم يكن كذلك لأنه نشأ وربّي فتخرّج من مدرسة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، هذه المدرسة التي تعلّم مع العلم الأدب فألقي في نفس عبد الله بن عمر أنها النخلة ولكنه أسرها في نفسه ولم يبدها لهم أدبا، قال فوقع في نفسي أنها النخلة فكرهت أن أتكلم، ليه؟ يقول "وثم أبو بكر وعمر بن الخطاب" هناك في المجلس أبو بكر أفضل صحابة الرسول عليه السلام من جهة وهناك أبوه وهو أكبر منه علما وسنا فكيف يتكلم، قال بن عمر فلما لم يتكلما أجاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن السؤال الذي طرحه على الصحابة بقوله "هي النخلة" قال بن عمر " فلما خرجت مع أبي قلت يا أبت وقع في نفسي النخلة " بعد ما انفض المجلس أفضى عبد الله بن عمر بما كان ألقي في نفسه أنها النخلة، هنا أصاب أباه شيء من الحزن والأسى وال ... ذلك ما يُعبر عنه قول عمر " ما منعك أن تقولها، لو كنت قلتها كان أحبّ إليّ من كذا وكذا " يعني مما الناس يحبّونه من المال والجاه و وإلخ لأنه يظهر والحالة هذه أن بن عمر الصغير السن يظهر أمام الصحابة بأنه كبير العقل، لو أنه صرّح بأنها النخلة ولكن قد أكّد بن عمر السبب الذي منعه من أن يتحدّث بهذه النعمة التي أنعم الله بها عليه حيث فهم كلام الرسول عليه السلام الذي لم يفهمه الصحابة بعد فقال متأدبا ومعتذرا في آن واحد لأبيه " ما منعني إلا لم أرك ولا أبا بكر تكلمتما فكرهت " لما شفتك أنت وأبو بكر الصديق سكت وما حكيته لأنه بيسكت ما بدي أحكي من باب أولى .
هذا الحديث كله ترجم به المصنف لهذا الباب، " باب إذا لم يتكلم الكبير هل للأصغر أن يتكلم ؟ " هكذا فقه البخاري بيترجم عن الحديث بباب يتساءل فيه هل له أن يتكلم؟ ما بيعطيك الجواب لأنه يريد من طالب العلم أن يأخذ الجواب هو بنفسه من دراسته وتفقهه في الحديث الذي أورده تحت الباب فالآن ماذا نفهم من هذا التساؤل هل للصغير أن يتكلم إذا لم يتكلم الكبير وقد أورد المصنّف تحت هذا الباب هذا الحديث الصحيح؟ قد يتبادر لأذهان بعض الناس القارئين لهذا الحديث أن الجواب لا ، لأنه بن عمر ما تكلم لكن الصحيح أن الجواب له أن يتكلم ذلك لأن الرسول عليه السلام لما وجه الخطاب بقوله أخبروني عن شجرة مثلها كذا وكذا ما خص أبا بكر ولا عمر ولا غيرهما من كبار الصحابة ... وإنما وجه خطابا عاما فلما لم يبادر إلى الإجابة عن هذا السؤال كبار الصحابة حينئذ يأتي دور صغارهم أمثال عبد الله بن عمر فلا مانع هنا بعد ذاك أن يُبادر إلى الجواب عن هذا السؤال فهذا مثله تماما كمثل معلم الدرس أو أستاذ الدرس أو شيخ الدرس أو ما شابه ذلك يوجه سؤالا إلى الحاضرين جميعا ماذا تقولون في كذا وكذا يجوز أو لا يجوز ؟ فالسؤال موجه للجميع، لو كان موجّها إلى كبار القوم فهناك يأتي الأدب الذي التزم به عبد الله بن عمر، لا بأس عبد الله بن عمر التزم لكن إلى متى ما دام وجد أبا بكر وعمر سكتا فكان عليه أن يُفضي بما أنعم الله عليه من الفقه بكلام الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وأن يقول هي النخلة يا رسول الله فنحن نأخذ أن تساؤل البخاري في هذا الباب هل له أن يتكلم الصغير إذا سكت الكبير، نأخذ الجواب من هذا الحديث بالإيجاب وليس بالسلب من ناحيتين، الناحية الأولى ما شرحناه آنفا أن السؤال كان موجها للجميع فلما لم يتكلم الكبير فعلى الصغير أن يتكلم، والناحية الأخرى أن أحد الكبراء وهو عمر بن الخطاب والد عبد الله هو نفسه قال لو تكلمت لكان أحب إلي من كذا وكذا فلو كان من أدب المجلس أن يتكلم الصغير حينما يصمت الكبير ما تمنى عمر بن الخطاب لابنه خلاف الأدب .
إذًا نستلخص من هذا الدرس ومن الدرس السابق أدبين اثنين الأدب الأول أنه إذا كان هناك مجلس لا سيما إذا كان له خطورته وهناك كبار في العلم وفي السن فمن أدب الصغار أن لا يتقدموا بالكلام بين يدي الكبار والأدب الآخر أنه إذا عجز الكبير أن يتكلم بما يناسب الموضوع فهناك ينبغي على الصغير أن يثبت نفسه وشخصيته وعلمه لأن القضية ليست قضية السن فقط فكثيرا ما يكون الأمر على العكس من ذلك لكن القاعدة هو مراعاة الأكبر فالأكبر فإذا لم يتكلم الكبير فعلى الصغير أن يتكلم كما أوحى بذلك قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه لابنه " لو كنت قلتها كان أحب إلي من كذا وكذا "

Webiste