الشيخ : فالإمام الشافعي صرّح إذا دخل جماعة المسجد بعدما صلّت الجماعة الأولى يصلّون فرادى ثمّ قال: " وإن صلّوا جماعة أجزأتهم صلاتهم ولكنّي أكره لهم ذلك لأنّه لم يكن من عمل السّلف وأنّا قد حفظنا أنّ جماعة من أصحاب النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم فاتتهم الصلاة مع الجماعة فصلّوا فرادى وقد كانوا قادرين على أن يجمّعوا مرّة أخرى ولكنّهم لم يفعلوا لأنّهم كرهوا أن يجمّعوا في مسجد مرّتين " ثمّ نجد أثرا يشهد لهذا القول من هذا الإمام الشّافعيّ وهذا الأثر أخرجه الإمام الطبراني في المعجم الكبير بإسناد قويّ أيضا عن ابن مسعود أنّه كان عنده رجلان من أصحابه في داره فحضر وقت الصّلاة فانطلق بهما إلى المسجد وإذا بالنّاس يخرجون من المسجد فرجع بهما وصلّى بهما إماما في داره فلو كانت الجماعة الثانية مشروعة في المسجد مع استحضار قوله عليه السّلام: أفضل صلاة المرء في بيته إلاّ المكتوبة فما دام أنه يريد أن يصلّي الفريضة فلمّا لم يصلّها في المسجد وعاد بصاحبيه للدّار فأمّهما فهذا تصرّف عمليّ من ابن مسعود يدلّنا على عدم شرعيّة إقامة الجماعة في المسجد جماعة ثانية لكن هنا قيد لا بدّ من ذكره وهو من تمام فقه الإمام الشّافعيّ حيث قال في الكلام السابق: " وأمّا مسجد على قارعة طريق ليس له إمام راتب ولا مؤذّن راتب فتجوز تكرار الجماعة فيه " أقول -وعليكم السلام-: والسرّ في هذا الشّرط تجويزا وإذا لم يتحقّق الشّرط منعا أنّ كلّ مسجد له مؤذّن راتب يدعو النّاس إلى وإمام راتب يؤمّ الناس الذين يسرعون في المسجد .