تم نسخ النصتم نسخ العنوان
حديث الجارية وشيء من فوائده . - الالبانيالشيخ : قال : يا رسول الله - وهنا الشاهد - ، إنَّ لي جاريةً ترعى لي غنمًا في أحد - جبل أحد معروف - ، فسطا الذئب يومًا على غنمي - فتك فيها فتكًا ذريعًا -...
العالم
طريقة البحث
حديث الجارية وشيء من فوائده .
الشيخ محمد ناصر الالباني
الشيخ : قال : يا رسول الله - وهنا الشاهد - ، إنَّ لي جاريةً ترعى لي غنمًا في أحد - جبل أحد معروف - ، فسطا الذئب يومًا على غنمي - فتك فيها فتكًا ذريعًا - . قال : وأنا بشرٌ أغضب كما يغضب البشر ، فصكَكْتُها صكَّة وعليَّ عتق رقبة . الرجل مؤمن والمؤمن خطَّاء ، لكنه توَّاب ؛ فهو عرف أنُّو شو ذنب الجارية إذا سطا عليها الذئب ؟ هي لا تستطيع أن تقاوم الذئب ؛ إذًا أنا ضربي إيَّاها وصفعي إيَّاها في خدها ظلمٌ مني لها . فيا رسول الله ، عليَّ عتق رقبة ؛ فهل يُجزي أنُّو أعتق هذه الجارية التي صفعتها تلك الصفعة ؟ قال : "هاتها" . فجاءت . فانتبهوا الآن .
قال - عليه السلام - لها : "أين الله ؟" . قالت : في السماء . قال لها : "من أنا ؟" . قالت : أنت رسول الله . التفت إلى سيِّدها وقال لها : "اعتقها ؛ فإنها مؤمنة" .
الشاهد من هذا الحديث كما قلت في مطلع الكلام : لقد سنَّ لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذا السؤال : "أين الله ؟" ، وسنَّ لنا بطريق إقراره للجارية على جوابها أوَّلًا . انتبهوا ؛ لأنُّو هذه المسألة بصير فيها تضليل وتدليس كثير جدًّا من بعض الشيوخ هنا ، وغير هنا من البلاد الإسلامية . لقد سنَّ لنا الرسول - عليه السلام - في هذا الحديث أن نسأل : أين الله ؟ وأن نُجيبَ على مثل هذا السؤال بجواب الجارية . كيف سنَّ لنا ذلك ؟ أما أنُّو قال : "أين الله ؟" فهذا سنٌّ بفعله ، أما كيف سنَّ لنا أن يكون جوابنا : الله في السماء ؟ من ناحيتين :
الناحية الأولى : أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أقرَّ الجارية على قولها : في السماء ، ولو كان أمرًا نكرًا لَبادر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الإنكار عليها ، وعلى الأقلِّ إلى تعليمها كما فعل مع سيِّدها في قصة الصلاة وخطئه فيها ، لكنه أقرَّها ، فكان إقراره - عليه الصلاة والسلام - إيَّاها دليل أن جوابها صحيحٌ شرعًا .
الشيء الثاني - وهو أهم - : أنَّ الرسول - عليه السلام - ليس فقط أقرَّها على هذا الجواب ، بل اعتبر جوابَها دليلًا على إيمانها ، وأن الرجل سيِّدها إذا أعتقها فقد وفى بنذره ؛ لأنه كان نذر أن يعتق جارية مؤمنة ، فلمَّا شهد الرسول - عليه السلام - لها بناءً على جوابها إن الله - عز وجل - في السماء بأنها مؤمنة أعتَقَها لوجه الله - تبارك وتعالى - .
ما موقف العلماء قديمًا فضلًا عن موقفهم اليوم حديثًا من السؤال والجواب معًا ؟
تجد جماهير الفرق الإسلامية وفيهم بعض الفرق الإسلامية كالأشاعرة والمعتزلة ، عفوًا كالأشاعرة والماتريدية ؛ فضلًا عن المعتزلة ؛ هؤلاء كلهم ينكرون أن يكون جواب الجارية : إن الله في السماء خطأ ، ويا سبحان الله ! إنهم لا يقتصرون على هذا الخطأ ، بل يزيدون خطأً على خطأ ؛ حين يُقال لهم : كيف يكون اعتقاد أنَّ الله - عز وجل - في السماء خطأ ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقرَّ الجارية على قولها : إن الله في السماء ؟ يجيبون : أقرَّها لأنها أعجمية ! يعني جاهلة ، ويتمسَّكون ببعض الروايات أنها كانت سوداء ، جارية سوداء ؛ يعني أعجمية . تُرى هل يليق بواحد من أمثالنا - نحن طلبة العلم - أنه إذا سمع جارية أجنبيَّة تُجيب بجواب خطأ لكنها مسلمة أن يقرَّها أم يصحِّح لها جوابها ؟ بلا شك يُصحِّح ؛ فكيف نجيز ونجوِّز على النبي - صلى الله عليه وسلم - المعصوم ما لا نجيزه لأحدٍ منَّا نحن ، ونحن غير معصومين ؟
ثم فاتهم شيءٌ آخر ذكرته آنفًا : إن الرسول - عليه السلام - شهد لها بالإيمان بناءً على قولها : إنَّ الله - عز وجل - في السماء ؛ فهذه الفِرَق من المعتزلة والماتريدية والأشاعرة لا يؤمنون ليس فقط بقول الجارية بل لا يؤمنون بما جاء في الكتاب والسنة بصورة متواترة ؛ لأن قول الجارية : إن الله في السماء ؛ أنا أقول لهؤلاء الناس الذين انحرفوا عن الشرع باسم الشرع - وهذا من أخطر الأمور - أقول : إن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لمَّا أقرَّ هذه الجارية على قولها ليس لأنها جاهلة ، بل لأنها متعلِّمة ومثقَّفة ومتخرِّجة من مدرسة محمد - صلى الله عليه وسلم - كما يعبِّرون اليوم في لغة العصر الحاضر . انظروا الفرق الآن بين ذاك المجتمع وبين هذا المجتمع ، ذاك المجتمع الجارية راعية الغنم تعرف عقيدتها أحسن من كبار علماء وهيئة - كما يقولون اليوم - هيئة كبار العلماء في كثير من البلاد الإسلامية ؛ لأنهم لا يؤمنون بأن الله في السماء بحجَّة أن الرسول أقرَّها لأنها جارية أعجمية سوداء لا تفقه شيئًا ، لكنها في الحقيقة هي إما أنها قرأت القرآن أو على الأقل سمعت بالقرآن من سيِّدها من نبيِّها - عليه الصلاة والسلام - ؛ ولهذا أجابت بالجواب المُطابق للقرآن ؛ حيث قال - تبارك وتعالى - في سورة تبارك : { أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ * أَمْ أَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ } ؛ إذًا الجارية قالت بما صرَّح الله - عز وجل - به في القرآن .

Webiste