عن عمار بن ياسر - رضي الله عنه - قال: ( من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبا القاسم - صلى الله عليه وسلم ) وذكره البخاري تعليقا, ووصله الخمسة, وصححه ابن خزيمة, وابن حبان .
الشيخ محمد ناصر الالباني
الشيخ : لذلك عقّب المصنف "ابن حجر" رحمه الله الحديث السابق بحديث ثانٍ وهو قوله وعن عمار بن ياسر رضي الله عنه قال من صام اليوم الذي يُشك فيه فقد عصى أبا القاسم ، ذكره البخاري تعليقًا ووصله الخمسة وصححه ابن خزيمة وابن حبان، ذكره البخاري تعليقًا لعل الكثيرين منكم يعرف النكتة من هذا القيد من قوله ذكره البخاري تعليقًا وعادةً يقول رواه البخاري، رواه مسلم أو متفق عليه كما سمعتم في الحديث الأول، فهنا نسمعه يقول ذكره البخاري تعليقًا، السبب في هذا أن أحاديث الإمام البخاري في صحيحه تنقسم إلى قسمين والقسم الأول ينقسم إلى قسمين،
القسمان الأولان أحاديث مرفوعة وأحاديث موقوفة، في صحيح البخاري الأحاديث المذكورة فيه قسمان،
أحاديث مرفوعة إلى الرسول عليه الصلاة والسلام والقسم الأخر أحاديث موقوفة على الصحابة فمن دونهم.
القسم الأول الذي هو خاص بالأحاديث المرفوعة ينقسم إلى قسمين، أحاديث موصولة وأحاديث معلّقة.
الأحاديث الموصولة هي التي يسوقها الإمام البخاري بإسناده المتصل منه إلى النبي صلى الله عليه وأله وسلم وهذا القسم هو الذي يُقصد في كلام العلماء حينما يقولون أن صحيح البخاري هو أصح كتاب بعد القرأن الكريم، أو كما يُعبّر بعض المدققين في التعبير أصح ما صُنِّف في الحديث.
المقصود بهذا الكلام ليس هو على إطلاقه وإنما يقصد به هذا القسم الأول وهي الأحاديث الموصولة التي يسوقها المصنّف البخاري بأسانيده المتصلة منه إلى الرسول صلى الله عليه وأله وسلم.
أما القسم الأخر فهي الأحاديث المعلقة، الأحاديث المعلقة في صحيح البخاري تنقسم أيضًا بخصوصها إلى قسمين، القسم الأول صحيح والأخر ضعيف.
الأحاديث المعلقة التي في صحيح البخاري تنقسم إلى قسمين من حيث الصحة، صحيح وضعيف، ولذلك لا يصح لنا أن نفهم ذلك الكلام الذي نقرأه في بطون الكتب أن كتاب البخاري أصح ما صُنِّف على إطلاقه وإنما يُفهم هذا بالنسبة للقسم الأول وهي الأحاديث التي أسندها البخاري منه إلى النبي صلى الله عليه وأله وسلم، هذا القسم خاصةً هو أصح الأحاديث التي جُمِعت في كتاب، أما القسم الثاني وهي الأحاديث المعلّقة ففيها الصحيح وفيها الضعيف.
ما الفرق كيف نستطيع أن نُفرِّق بين القسم الأول والقسم الثاني من أحاديث البخاري؟ التفريق يكون بالنظر إلى صورة ذكر البخاري للحديث فإن كان ذكره مبتدئًا بقوله حدثني فلان ثم ساق السند منه إلى الرسول عليه الصلاة والسلام فهذا معناه أن هذا الحديث من القسم الأول.
وإذا ذكره بدون إسناد كامل على الأقل كأن يقول مثلاً قال رسول الله، إذًا لم يسق سنده منه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهذا من القسم الثاني أي من قسم الأحاديث المعلّقة في صحيح البخاري، أو يقول مثلاً قال أبو هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهكذا الأمثلة تتعدّد بنسبة تعدد الوسائط بين البخاري وبين الرسول صلى الله عليه وأله وسلم إلى أن يأتي أحيانًا فيذكر الحديث معلقًا على أحد شيوخه البخاري، يذكر الحديث معلقًا على أحد شيوخه، هنا يختلط الأمر على من لا عناية له بصحيح البخاري فيظن أن هذا الحديث من القسم الأول الموصول لأنه بدأ السند من عند شيخ من شيوخه، ولكن هنا يجب التنبّه للدقيقة الأتية وهي إذا قال البخاري قال فلان، وهو من شيوخه فهنا اختلف العلماء هل هذا يلحق بالقسم الأول أي الحديث الموصول أم يُلحق بالقسم الثاني وهو الحديث المعلّق، لأنه إذا قال حدثني فلان ارتفع الاحتمال وزال الإشكال، أما إذا قال قال فلان، فهنا اختلفوا وبسبب هذا الاختلاف وقع بعض العلماء المتقدمين في وهمٍ فضعّف حديثًا من أحاديث البخاري لأن البخاري لم يقل حينما علّق الحديث على شيخه حدثني فلان، وهذا الشيخ بالذات هو هشام بن عمار، قال في حديث ذم الملاهي ليكونن في أمتي أقوامٌ يستحلون الحرة والحرير والخمر والمعازف إلى أخر الحديث، البخاري ساق الحديث بإسناده المتصل منه إلى الرسول عليه السلام إلا أنه لمّا بدأ بالسند من عند شيخه ما قال حدثنى فلان وإنما قال قال فلان، وهذا التعبير قال هشام صورته صورة التعليق لأنه كما قلنا أنفًا كيف نعرف الحديث المعلّق من الحديث المسند؟ أن يقول قال رسول الله ما ذكر السند، أو يقول قال أبو هريرة ما ذكر السند إليه، أو يقول قال سعيد بن المسيب، أقول يعني تتعدد الصور إلى أن تأتي هذه الصورة الأخيرة قال هشام بن عمار، وذكر السند حدثنى فلان عن فلان إلى أبي مالك الأشعري وهو صحابي معروف قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر الحديث.
فلما وقف ابن حزم على هذا الحديث في صحيح البخاري أعله بأنه معلق، أعله بأنه منقطع بين البخاري وبين هشام بن عمار، فإذا قيل له هشام بن عمار هو من شيوخ البخاري فأين الانقطاع؟ يقول صحيح هو من شيوخ البخاري لكن البخاري عادةً حينما يروي عن هذا الشيخ يصرّح بالتحديث فيقول حدثني هشام بن عمار فلأمر ما لم يقل في هذا الحديث خاصةً حدثني هشام بن عمار.
هذا الكلام سليم، لكن العلماء المتأخّرين قالوا ليس من الواجب أن يكون سبب قول البخاري قال هشام خلافًا لعادته حدثنا هشام ليس السبب هو أنه لم يسمع هذا الحديث من هشام وإنما السبب أنه حدّث بالحديث في مجلس المذاكرة ولم يحدّث بالحديث في مجلس التحديث، يعني البخاري كشأن أي مدرّس أو محدّث إما أن يكون في مجلس عادي فتأتي مناسبة سؤال أو إلقاء موعظة فيتحدّث دون أن يتهيّأ لهذا الدرس، بينما مجلس التحديث يراجع أصوله وكتبه التي عنده استعدادًا لإلقاء الدرس فيقولون فمن الجائز أن البخاري لم يقل هنا حدثني هشام بن عمار لأنه لم يكن قد راجع أصوله، وإنما قال قال هشام من باب التحفّظ والاحتياط.
الحديث حول هذا الحديث خاصة وإثبات أنه صحيح يطول ولا نريد طبعًا أن نخرُج طويلاً عما نحن في صدده إنما الغرض أن هذا الحديث بالذات يحشره بعض العلماء في قسم الحديث المعلق لكن مادام أن الرجل الذي علق الحديث عليه هو من شيوخ البخاري فلا يُحشر هذا النوع من الأحاديث المعلقة في القسم الثاني يعني الأحاديث المعلقة التي فيها الصحيح وفيها الضعيف لأن هشاما معروفٌ أنه من شيوخ البخاري وإذا قيل بأن البخاري لم يسمع هذا الحديث كما قال ابن حزم من هشام يلزم منه أمرٌ، وأريد الأن أن أسأل من له اشتغال من إخواننا من باب شحذ الذهن، ما الذي يلزم؟ إذا قيل إذا قيل إن البخاري لمّا علّق هذا الحديث على هشام بن عمار وافتُرِض كما قال ابن حزم أنه لم يسمعه منه وهو يقول قال هشام فيكون الحديث من أي الأقسام؟
السائل : يكون ضعيفا حينئذ.
الشيخ : ما، يكون ضعيفا بحث ثاني، من أي الأقسام؟
سائل آخر : من المعلق.
الشيخ : من المعلق.
السائل : منقطع منقطع يعني فيه انقطاع.
الشيخ : تفضل.
سائل آخر : ... .
الشيخ : أيوه هذا الجواب الصحيح.
السائل : حديث البخاري ... .
الشيخ : هذا الجواب الصحيح لأن التدليس التدليس هو أن يرويَ الراوي عمن لقيه ما لم يسمع منه، والبخاري لقيَ هشامًا وحدّث عنه مباشرةً أحاديث كثيرة كما ذكرنا، فإذا افترضنا أن البخاري هذا الحديث بالذات لم يسمعه من هشام ولذلك كما يقول ابن حزم قال قال هشام، معنى ذلك أن البخاري مدلِّس، ولم يُعرف الإمام البخاري بالتدليس فلا يجوز أن يُنسبَ إليه التدليس، ولذلك قلنا أنفًا إن العلماء ذكروا السبب الأخر وهو أنه لم يكن قد راجع الحديث ليتثبّت من أنه سمعه منه أما أن يتعمّد الرواية عن شيخ له لحديث لم يسمعه منه هذا معناه أنه مدلس وهو ليس معروفًا بالتدليس.
هذا كلام حول الأحاديث المعلقة في صحيح البخاري، الأحاديث المعلقة قسمان، صحيح وضعيف وهذا لا يمكن معرفته إلا في الغالب الأغلب إلا بالنظر لأسانيد هذه الأحاديث المعلقة خارج الصحيح.
السائل : ... .
الشيخ : لذلك رووا عنه في الصحيح بالتحديث روى أحاديث كثيرة من طريق هشام فهو عنده ثقة، إذا عرفنا هذا الكلام حول الأحاديث المعلّقة وأن فيها الصحيح والضعيف تبيّن لنا الغرض من قول المصنّف هنا في حديث من صام اليوم الذي يُشك فيه فقد عصى أبا القاسم ، قال ذكره البخاري تعليقًا، لماذا ذكر هذا؟ لأنه لو قال رواه البخاري لكان مدلِّسًا، لو قال المصنف رواه البخاري لكان مدلّسًا، من أين يأتي التدليس؟ من إيهام القارئ أنه هذا حديث من أصح الأحاديث، لأن أحاديث البخاري كما قلنا هي أصح الأحاديث، لكن العلماء يذكرون أنه في قسم ثاني ليس من أصح الأحاديث وهي الأحاديث المعلّقة، فلِيكون القارئ على بصيرة وعلى علم بالنوع الذي هذا الحديث عند البخاري قال ذكره البخاري تعليقًا.
ومعنى هذا أن القارئ لهذا التخريج الدقيق يجب أن يكون على تنبه أنه هذا الحديث لعل فيه شيئًا لعله من القسم الثاني، من القسم الثاني، القسم الثاني من أحاديث البخاري الأحاديث المعلقة، والأحاديث المعلّقة تنقسم إلى قسمين، أحاديث صحيحة وأحاديث ضعيفة.
لعله هذا من القسم الثاني من الأحاديث الضعيفة فعليك أن تتنبّه وأن تتحقّق من هذا الحديث هل هو من الأحاديث المعلقة الصحيحة أم الضعيفة؟
وكجواب لمثل هذا السؤال، أتبع التخريج في السابق وهو قوله ذكره البخاري تعليقًا بقوله، ووصله الخمسة وصحّحه ابن خزيمة وابن حبان، ومادام أن المصنف نقل هذا ال ... عن هذين الإمامين فهو يُشعر بأن هذا الحديث المعلق في صحيح البخاري من القسم الأول الصحيح يعني، التعليق قسمين صحيح وضعيف فإذًا لمّا قالوا صححه ابن خزيمة وابن حبان أشعر بذلك أن هذا الحديث المعلق في صحيح البخاري من القسم الصحيح الذي هو الأول من قسمي التعليق.
لكن هذا الإتْباع لهذا التخريج وصححه ابن خزيمة وابن حبان يجب أيضًا أن يؤخذ بشيء من الحذر، ذلك لأن المذكوريْن ابن خزيمة وابن حبان من المعروفين بالتساهل في التصحيح عند علماء الحديث، لأنهما يُصحّحان لبعض المجهولين في رواية الحديث، وابن حبان في هذا المجال أوسع خِطْوًا من شيخه ابن خزيمة، ابن حبان يُصحِّح أحاديث المجهولين أكثر بكثير، من شيخه ابن خزيمة، ويظهر هذا الفرق بصورة بيّنة لمن قرأ كتاب "صحيح ابن خزيمة" الذي طُبِع منه المجلد الأول والثاني وقرأ "صحيح ابن حبان" ولو بواسطة "موارد الظمأن في زوائد صحيح ابن حبان" يجد الفرق واضحًا بين الكتابين والمؤلّفيْن لهما.
ذلك أن ابن خزيمة نجده في كتابه الصحيح في كثير من الأحيان، يورد الحديث ويُتبعه أو يُقدّم بين يديه قوله إن صح، في الصحيح يورد الحديث ويصفه بقوله "إن صح فإن فلانًا لا أعرفه بجرحٍ ولا توثيق”، يورده في الصحيح وليس الشاهد أنه يورده صحيح، الشاهد الأن أنه يُعِل الحديث بالجهالة، بينما لا تجد مثل هذا في "صحيح ابن حبان" لا يُعِل حديثًا مطلقًا بالجهالة، وهذا من بالغ تساهله في تصحيح أحاديث المجهولين بخلاف ابن خزيمة فهو ليس واسع الخطْو، في تصحيح أحاديث المجهولين لكن نجد له مثل هذا التصحيح.
إذ الأمر كذلك فلابد من الاحتياط في الاحتجاج بالأحاديث التي تعزى لصحيح ابن خزيمة وبالأخص لصحيح ابن حبان لتساهلهما في التصحيح كما ذكرنا، ولكن إذا كان الناقل للتصحيح تصحيح ابن خزيمة وابن حبان مثل الحافظ بن حجر فحينئذٍ النفس تطمئن لنقله لأنه من الأئمة الحفّاظ ومن أكبر من عرفنا في المتأخّرين من العلماء العارفين بعلم الجرح والتعديل والإحاطة بطرق الحديث والمعرفة بعلله، فبهذه المجموعة تطمئن النفس لكون هذا الحديث المعلق في صحيح البخاري هو حديث صحيح لأن ابن حجر بعدما عزاه للخمسة أتبعه بقوله بأنه صححه ابن خزيمة وابن حبان وأقرّهما على ذلك، فالإقرار من ابن حجر بذلك تطمئن النفس لكون الحديث صحيحًا.
ولكن لا يلزم من هذا أن التصحيح يكون عند ابن حجر لذاته، قد يكون صحيحًا عنده لغيره، وهذا الذي ثبت عندي أن هذا الحديث إن لم تخني ذاكرتي، في إسناده شيء من الجهالة ولكن له طريقٍ أخرى تقوّى الحديث بها فصار صحيحًا لغيره وليس لذاته، بقيَ بعد هذا أن نفهم هذا الاصطلاح يقول "رواه الخمسة”، الخمسة تارةً يُراد بهم أصحاب السنن الأربعة زائد الإمام أحمد هو الخامس، و هذا اصطلاحه هنا، في هذا الكتاب المقصود بالخمسة أصحاب السنن الأربعة أبو داود والنسائي والترمذي وابن ماجة، الخامس أحمد في مسنده، تارةً يراد بالخمسة مسلم وأصحاب السنن الأربعة، وهذا استعمال خاص بالمنتقى لابن تيمية جد شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
إذًا معنى هذا التخريج أن هذا الحديث ذكره البخاري في صحيحة بدون إسناد تعليقًا وذكره أصحاب السنن الأربعة والإمام أحمد بإسناده المتصل إلى عمار بن ياسر، وصححه ابن خزيمة وابن حبان.
ثم هذا الحديث من ناحية المتن الأن، موقوف لأنه يقول قال عمار ابن ياسر " من صام اليوم الذي يشك فيه " ، ما قال قال رسول الله، فهذا ظاهره الوقف " من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبا القاسم " ، فهل هذا الحديث في حكم المرفوع أم في حكم الموقوف؟
الأن ننتظر جواب من أهل الفقه والعلم فمن كان عنده علم أو عنده جواب سواء أصاب أو أخطأ المقصود مداولة العلم، من كان عنده علم أو جواب يرفع أصبعه؟ تفضل.
السائل : موقوف.
الشيخ : ليه؟
السائل : لأنه … يعني.
الشيخ : فليس سؤالي، انتبهوا لم يكن سؤالي هل هو موقوف أو مرفوع؟ هل هو في حكم المرفوع، في حكم المرفوع أم الموقوف؟ هو موقوف واضح.
السائل : نعم.
الشيخ : لأننا قلنا أنه الحديث جاء عن عمار بن ياسر قال، وما جاء عن عمار بن ياسر قال قال رسول الله، فهذا الحديث موقوف، موقوف لكن السؤال هل هو في حكم المرفوع أم لا؟
فالذي عنده جواب يرفع أصبعه مجددًا، تفضل.
السائل : موقوف لأنه ليس كما يقال يقال بالرأي لأنه ليس من الأمور الغيبية لأن الأمور الغيبية يقال فيها له حكم المرفوع ولا يقال بالرأي فهذا ليس من الأمور الغيبية.
الشيخ : طيب، عندك شيء وإلا هذا هو؟
السائل : … مرفوع، مرفوع لأن ... لا … بالرأي.
سائل آخر : بالعكس هو.
الشيخ : يعني عكس هو مثله.
السائل : نعم … لأنه … بالرأي.
الشيخ : ليش لا يقال بالرأي؟ إيه وضّح وضّح ليش؟ ليش لا يقال بالرأي؟ هلا.
السائل : ... .
الشيخ : أنت ما رفعت اصبعك يا أستاذ ... .
السائل : ... .
الشيخ : نعم؟
السائل : ... .
الشيخ : طيب بس ما أذن لك بالكلام، الأن الكلام مع الأخ هنا.
السائل : ابنه ابنه.
الشيخ : ليه، نعم؟
السائل : مع ابنه.
الشيخ : ابنه أهلا وسهلا، نريد بيان لماذا هذا الحديث في حكم المرفوع؟
السائل : هو لأنه … يقال بالرأي.
الشيخ : يعني لأنه قال فقد عصى أبا القاسم ؟
السائل : ... .
الشيخ : طيب، مده بمددك يا أستاذ مادام هذا ولده؟
السائل : يعني القضية فيها قضية عصيان لأنه الرسول ومن يشاقق الله ورسوله ، هذا شيء لا يجرؤ أن يقوله عمار من نفسه وفيه ... .
يرد الشيخ السلام.
السائل : هذا يعتبر ... .
الشيخ : طيب شو الدليل على أنه هذا في حكم المرفوع غير ما ذكرته؟
السائل : لأنه تعبدي أمر تعبدي هذا والتعبد يتوقف على ذات الرسول صلى الله عليه وسلم وما جاء عن الله عز وجل لا ... .
الشيخ : طيب حول هذا الجواب في أحد عنده بيان حول هذا، قد يكون ناس أخرون عندهم جواب غير ما سبق، فقد يكون ناس أخرون أيضا يوافقون المجيبين هنا لكن نريد تعليل إضافي إذا ما في ما في، نسمع أجوبة الأخرين، شو؟
السائل : الحديث موقوف ..
الشيخ : حول هذا الجواب وإلا لا؟
السائل : رد جوابه يعني؟
الشيخ : لا ما هو رد تأييد.
السائل : ... ؟
الشيخ : نعم.
السائل : قال الأمر التعبدي لا يقال بالرأي وقد ثبت عن الصحابة كثير من الأراء في الأمور التعبدية التي تخالف الرسول عليه الصلاة والسلام فبناء على قوله يجب أن كل أمر كل رأي جاء عن صحابي في أمر تعبّدي أن نرفعه والحق خلاف ذلك.
الشيخ : سمعت يا أستاذ ... ؟
السائل : … فقد عصى.
الشيخ : إيه بس هو الأخ يُشير إلى أنه في أحكام هناك يقال إنها حرام ويقال إنها يجب وهي أمور اجتهادية والصحابة اختلفوا في ذلك، ولذلك هذا الواقع يدفع الاحتجاج الذي لجأت إليه، طيب تفضل.
السائل : أقول لأنه في حكم المرفوع وذلك إشارة من عمار فقد عصى أبا القاسم ، وكأنه يُشعر أنه فهم هذا الحكم من الرسول عليه الصلاة والسلام.
الشيخ : طيب، غير هذا؟
السائل : نعم.
الشيخ : تفضل.
السائل : الحديث موقوفٌ وليس بحكم المرفوع والسبب أنني لو كنت مكانه لفهمت هذا الأمر من قول الرسول صلى الله عليه وسلم من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ، وكل بدعةٍ ضلالة ، إلى أخره فإذًا سيدنا عمر فهم أن الزيادة ..
سائل آخر : عمار.
السائل : عفوا عمار فهم عصيان أبا القاسم بهذا الفعل من الأحاديث العامة في الابتداع.
الشيخ : طيب، في عندك شيء؟
السائل : أنا عندي أنا أقول هذا الحديث له حكم المرفوع ... .
الشيخ : ليه؟
السائل : لأنه عمار بهذه الكلمة فقط "فقد عصى أبا القاسم" كأن سمع يعني كلنا نجزم أنه سمع الرسول يقول ذلك ولكن ... .
الشيخ : طيب بدنا دليل؟
السائل : الدليل قوله " عصى أبا القاسم " .
الشيخ : أنت.
سائل آخر : كأنه يشير إلى الحديث الأخر الذي سبق وتحدثت عنه أنه نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن التقدم بين يدي رمضان بيومٍ صيام.
الشيخ : في أخرون عندهم غير هذا؟ سواء أصابوا أو أخطأوا المهم التباحث وال … نعم.
السائل : أنا أقول هذا له حكم المرفوع.
الشيخ : له حكم المرفوعه.
السائل : لأن يعني هذا لا يقال ... الغيب بعدين في قضية حلال وحرام، كذلك في حديث يعني أبي هريرة لمّا الرجل يعني خرج من المسجد وأذّن فقال " أما هذا فقد عصى أبا القاسم " .
الشيخ : نعم.
السائل : فهذا حكم المرفوع يعني.
الشيخ : إيه لكن جبت بجواب رد عليه من هنا.
السائل : هذه قضية حلال وحرام يعني … الحلال والحرام لا يقال يعني إلا عن الله.
الشيخ : ... اختلفوا في كثير من الأمور هذا يقول حلال وهذا يقول حرام وهذا يقول يجب وهذا يقول لا يجب، في أمور كثيرة اختلفوا فيها،.
السائل : نعم.
الشيخ : فممكن يكون الاختلاف سببه الاجتهاد، فلا يكون التحكيم تحريم صحابي لأمر معناه أنه في حكم المرفوع ولا تحليله لأمر أنه في حكم المرفوع لأن هذا من موارد الاجتهاد والجواب ما سمعتم من الأستاذ علي وذلك ما أشرنا إليه لمّا تكلمنا على حديث لا تقدموا رمضان بصوم يوم أو يومين ، فقلنا إن هذا الحديث يشمل صوم يوم الشك لأنه هو اليوم الذي بين يدي رمضان فهذا الحديث يدخل فيه صوم يوم الشك، فلما صرّح عمار بن ياسر في الحديث ال ... لأن من صام يوم الشك فقد عصى أبا القاسم فجزمه بأنه عصى أبا القاسم إنما عمدته الحديث الأول، لأنه يقول لا تقدموا ، فمن تقدم فقد عصى، فمن هنا الحديث يقال الحديث له حكم المرفوع لهذا الحديث، ولولا هذا الحديث لكان يقال هذا رأي واجتهاد منه وليس معنى تصريح المجتهد بأنه من فعل كذا فقد عصى الله ورسوله أن ذلك تلقاه عن الله ورسوله مباشرةً، لأننا نعلم جميعًا أن الأئمة كانوا يحرّمون أمورًا من باب القياس، وأن هذا القياس تارةً يكون جليًّا للناس جميعًا وتارةً يكون خفيًا على بعض الناس على الأقل، ثم هو في الأخير تارةً يصيب وتارةً يخطئ، لكن هو غير مَلوم لمّا بيحرّم أو بيمنع شيء من طريق إيش؟ الاجتهاد.
لكن بعض العلماء لهم أدب في ذلك، مثلاً الإمام أحمد، المعروف عنه أنه نادرًا ما يُصرِّح بتحريم شيء إلا أن يكون منصوصًا عليه، كذلك مالك وإنما يعبِّرون عن ذلك بقولهم " أكره " ، " أكره " "يكره" لا يزيدون على ذلك، وهذا في الواقع من جملة ديانتهم ومن جملتهم دقّتهم في التعبير عن الأحكام الشرعية خشية أن يُدانوا لماذا حرّموا وليس هناك نص بالتحريم.
خلاصة القول هذا الحديث له حكم المرفوع بدليل الحديث الذي قبله، ولذلك قلنا إن المصنف أتبع الحديث الأول بالحديث الثاني ليدخل الثاني الذي هو خاص أو أخص في الحديث الأول الذي هو أعم.
الخلاصة يتبيّن لنا من الحديثين المذكورين أن صوم يوم الشك لا يجوز صيامه وهذه مسألة فيها خلاف منذ القديم، وهذا الخلاف يجب أن لا يعتد به مادام أن هذا الحديث الأول ينهى صراحةً أن يتقدّم المسلم رمضان بصوم يوم أو يومين نهيًا عامًا فيدخل فيه صيام يوم السبت وقد صرّح بذلك عمار بن ياسر رضي الله عنه، لذلك لا ينبغي أن يشوَّش ذهننا بهذا الخلاف الطويل المديد الذي نجده هنا في الشرح وفي غير هذا الشرح من الخلاف الكثير بين العلماء في جواز صوم يوم الشك أو عدم جوازه مادام أنه الرسول عليه السلام نهى عنه التقدم بين يدي رمضان ولا يشك ذي عقل ولب أن من صام يوم الشك فقد تقدّم بيومٍ بين يدي رمضان وهذا مما يشمله النهي المذكور أنفًا.
القسمان الأولان أحاديث مرفوعة وأحاديث موقوفة، في صحيح البخاري الأحاديث المذكورة فيه قسمان،
أحاديث مرفوعة إلى الرسول عليه الصلاة والسلام والقسم الأخر أحاديث موقوفة على الصحابة فمن دونهم.
القسم الأول الذي هو خاص بالأحاديث المرفوعة ينقسم إلى قسمين، أحاديث موصولة وأحاديث معلّقة.
الأحاديث الموصولة هي التي يسوقها الإمام البخاري بإسناده المتصل منه إلى النبي صلى الله عليه وأله وسلم وهذا القسم هو الذي يُقصد في كلام العلماء حينما يقولون أن صحيح البخاري هو أصح كتاب بعد القرأن الكريم، أو كما يُعبّر بعض المدققين في التعبير أصح ما صُنِّف في الحديث.
المقصود بهذا الكلام ليس هو على إطلاقه وإنما يقصد به هذا القسم الأول وهي الأحاديث الموصولة التي يسوقها المصنّف البخاري بأسانيده المتصلة منه إلى الرسول صلى الله عليه وأله وسلم.
أما القسم الأخر فهي الأحاديث المعلقة، الأحاديث المعلقة في صحيح البخاري تنقسم أيضًا بخصوصها إلى قسمين، القسم الأول صحيح والأخر ضعيف.
الأحاديث المعلقة التي في صحيح البخاري تنقسم إلى قسمين من حيث الصحة، صحيح وضعيف، ولذلك لا يصح لنا أن نفهم ذلك الكلام الذي نقرأه في بطون الكتب أن كتاب البخاري أصح ما صُنِّف على إطلاقه وإنما يُفهم هذا بالنسبة للقسم الأول وهي الأحاديث التي أسندها البخاري منه إلى النبي صلى الله عليه وأله وسلم، هذا القسم خاصةً هو أصح الأحاديث التي جُمِعت في كتاب، أما القسم الثاني وهي الأحاديث المعلّقة ففيها الصحيح وفيها الضعيف.
ما الفرق كيف نستطيع أن نُفرِّق بين القسم الأول والقسم الثاني من أحاديث البخاري؟ التفريق يكون بالنظر إلى صورة ذكر البخاري للحديث فإن كان ذكره مبتدئًا بقوله حدثني فلان ثم ساق السند منه إلى الرسول عليه الصلاة والسلام فهذا معناه أن هذا الحديث من القسم الأول.
وإذا ذكره بدون إسناد كامل على الأقل كأن يقول مثلاً قال رسول الله، إذًا لم يسق سنده منه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهذا من القسم الثاني أي من قسم الأحاديث المعلّقة في صحيح البخاري، أو يقول مثلاً قال أبو هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهكذا الأمثلة تتعدّد بنسبة تعدد الوسائط بين البخاري وبين الرسول صلى الله عليه وأله وسلم إلى أن يأتي أحيانًا فيذكر الحديث معلقًا على أحد شيوخه البخاري، يذكر الحديث معلقًا على أحد شيوخه، هنا يختلط الأمر على من لا عناية له بصحيح البخاري فيظن أن هذا الحديث من القسم الأول الموصول لأنه بدأ السند من عند شيخ من شيوخه، ولكن هنا يجب التنبّه للدقيقة الأتية وهي إذا قال البخاري قال فلان، وهو من شيوخه فهنا اختلف العلماء هل هذا يلحق بالقسم الأول أي الحديث الموصول أم يُلحق بالقسم الثاني وهو الحديث المعلّق، لأنه إذا قال حدثني فلان ارتفع الاحتمال وزال الإشكال، أما إذا قال قال فلان، فهنا اختلفوا وبسبب هذا الاختلاف وقع بعض العلماء المتقدمين في وهمٍ فضعّف حديثًا من أحاديث البخاري لأن البخاري لم يقل حينما علّق الحديث على شيخه حدثني فلان، وهذا الشيخ بالذات هو هشام بن عمار، قال في حديث ذم الملاهي ليكونن في أمتي أقوامٌ يستحلون الحرة والحرير والخمر والمعازف إلى أخر الحديث، البخاري ساق الحديث بإسناده المتصل منه إلى الرسول عليه السلام إلا أنه لمّا بدأ بالسند من عند شيخه ما قال حدثنى فلان وإنما قال قال فلان، وهذا التعبير قال هشام صورته صورة التعليق لأنه كما قلنا أنفًا كيف نعرف الحديث المعلّق من الحديث المسند؟ أن يقول قال رسول الله ما ذكر السند، أو يقول قال أبو هريرة ما ذكر السند إليه، أو يقول قال سعيد بن المسيب، أقول يعني تتعدد الصور إلى أن تأتي هذه الصورة الأخيرة قال هشام بن عمار، وذكر السند حدثنى فلان عن فلان إلى أبي مالك الأشعري وهو صحابي معروف قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر الحديث.
فلما وقف ابن حزم على هذا الحديث في صحيح البخاري أعله بأنه معلق، أعله بأنه منقطع بين البخاري وبين هشام بن عمار، فإذا قيل له هشام بن عمار هو من شيوخ البخاري فأين الانقطاع؟ يقول صحيح هو من شيوخ البخاري لكن البخاري عادةً حينما يروي عن هذا الشيخ يصرّح بالتحديث فيقول حدثني هشام بن عمار فلأمر ما لم يقل في هذا الحديث خاصةً حدثني هشام بن عمار.
هذا الكلام سليم، لكن العلماء المتأخّرين قالوا ليس من الواجب أن يكون سبب قول البخاري قال هشام خلافًا لعادته حدثنا هشام ليس السبب هو أنه لم يسمع هذا الحديث من هشام وإنما السبب أنه حدّث بالحديث في مجلس المذاكرة ولم يحدّث بالحديث في مجلس التحديث، يعني البخاري كشأن أي مدرّس أو محدّث إما أن يكون في مجلس عادي فتأتي مناسبة سؤال أو إلقاء موعظة فيتحدّث دون أن يتهيّأ لهذا الدرس، بينما مجلس التحديث يراجع أصوله وكتبه التي عنده استعدادًا لإلقاء الدرس فيقولون فمن الجائز أن البخاري لم يقل هنا حدثني هشام بن عمار لأنه لم يكن قد راجع أصوله، وإنما قال قال هشام من باب التحفّظ والاحتياط.
الحديث حول هذا الحديث خاصة وإثبات أنه صحيح يطول ولا نريد طبعًا أن نخرُج طويلاً عما نحن في صدده إنما الغرض أن هذا الحديث بالذات يحشره بعض العلماء في قسم الحديث المعلق لكن مادام أن الرجل الذي علق الحديث عليه هو من شيوخ البخاري فلا يُحشر هذا النوع من الأحاديث المعلقة في القسم الثاني يعني الأحاديث المعلقة التي فيها الصحيح وفيها الضعيف لأن هشاما معروفٌ أنه من شيوخ البخاري وإذا قيل بأن البخاري لم يسمع هذا الحديث كما قال ابن حزم من هشام يلزم منه أمرٌ، وأريد الأن أن أسأل من له اشتغال من إخواننا من باب شحذ الذهن، ما الذي يلزم؟ إذا قيل إذا قيل إن البخاري لمّا علّق هذا الحديث على هشام بن عمار وافتُرِض كما قال ابن حزم أنه لم يسمعه منه وهو يقول قال هشام فيكون الحديث من أي الأقسام؟
السائل : يكون ضعيفا حينئذ.
الشيخ : ما، يكون ضعيفا بحث ثاني، من أي الأقسام؟
سائل آخر : من المعلق.
الشيخ : من المعلق.
السائل : منقطع منقطع يعني فيه انقطاع.
الشيخ : تفضل.
سائل آخر : ... .
الشيخ : أيوه هذا الجواب الصحيح.
السائل : حديث البخاري ... .
الشيخ : هذا الجواب الصحيح لأن التدليس التدليس هو أن يرويَ الراوي عمن لقيه ما لم يسمع منه، والبخاري لقيَ هشامًا وحدّث عنه مباشرةً أحاديث كثيرة كما ذكرنا، فإذا افترضنا أن البخاري هذا الحديث بالذات لم يسمعه من هشام ولذلك كما يقول ابن حزم قال قال هشام، معنى ذلك أن البخاري مدلِّس، ولم يُعرف الإمام البخاري بالتدليس فلا يجوز أن يُنسبَ إليه التدليس، ولذلك قلنا أنفًا إن العلماء ذكروا السبب الأخر وهو أنه لم يكن قد راجع الحديث ليتثبّت من أنه سمعه منه أما أن يتعمّد الرواية عن شيخ له لحديث لم يسمعه منه هذا معناه أنه مدلس وهو ليس معروفًا بالتدليس.
هذا كلام حول الأحاديث المعلقة في صحيح البخاري، الأحاديث المعلقة قسمان، صحيح وضعيف وهذا لا يمكن معرفته إلا في الغالب الأغلب إلا بالنظر لأسانيد هذه الأحاديث المعلقة خارج الصحيح.
السائل : ... .
الشيخ : لذلك رووا عنه في الصحيح بالتحديث روى أحاديث كثيرة من طريق هشام فهو عنده ثقة، إذا عرفنا هذا الكلام حول الأحاديث المعلّقة وأن فيها الصحيح والضعيف تبيّن لنا الغرض من قول المصنّف هنا في حديث من صام اليوم الذي يُشك فيه فقد عصى أبا القاسم ، قال ذكره البخاري تعليقًا، لماذا ذكر هذا؟ لأنه لو قال رواه البخاري لكان مدلِّسًا، لو قال المصنف رواه البخاري لكان مدلّسًا، من أين يأتي التدليس؟ من إيهام القارئ أنه هذا حديث من أصح الأحاديث، لأن أحاديث البخاري كما قلنا هي أصح الأحاديث، لكن العلماء يذكرون أنه في قسم ثاني ليس من أصح الأحاديث وهي الأحاديث المعلّقة، فلِيكون القارئ على بصيرة وعلى علم بالنوع الذي هذا الحديث عند البخاري قال ذكره البخاري تعليقًا.
ومعنى هذا أن القارئ لهذا التخريج الدقيق يجب أن يكون على تنبه أنه هذا الحديث لعل فيه شيئًا لعله من القسم الثاني، من القسم الثاني، القسم الثاني من أحاديث البخاري الأحاديث المعلقة، والأحاديث المعلّقة تنقسم إلى قسمين، أحاديث صحيحة وأحاديث ضعيفة.
لعله هذا من القسم الثاني من الأحاديث الضعيفة فعليك أن تتنبّه وأن تتحقّق من هذا الحديث هل هو من الأحاديث المعلقة الصحيحة أم الضعيفة؟
وكجواب لمثل هذا السؤال، أتبع التخريج في السابق وهو قوله ذكره البخاري تعليقًا بقوله، ووصله الخمسة وصحّحه ابن خزيمة وابن حبان، ومادام أن المصنف نقل هذا ال ... عن هذين الإمامين فهو يُشعر بأن هذا الحديث المعلق في صحيح البخاري من القسم الأول الصحيح يعني، التعليق قسمين صحيح وضعيف فإذًا لمّا قالوا صححه ابن خزيمة وابن حبان أشعر بذلك أن هذا الحديث المعلق في صحيح البخاري من القسم الصحيح الذي هو الأول من قسمي التعليق.
لكن هذا الإتْباع لهذا التخريج وصححه ابن خزيمة وابن حبان يجب أيضًا أن يؤخذ بشيء من الحذر، ذلك لأن المذكوريْن ابن خزيمة وابن حبان من المعروفين بالتساهل في التصحيح عند علماء الحديث، لأنهما يُصحّحان لبعض المجهولين في رواية الحديث، وابن حبان في هذا المجال أوسع خِطْوًا من شيخه ابن خزيمة، ابن حبان يُصحِّح أحاديث المجهولين أكثر بكثير، من شيخه ابن خزيمة، ويظهر هذا الفرق بصورة بيّنة لمن قرأ كتاب "صحيح ابن خزيمة" الذي طُبِع منه المجلد الأول والثاني وقرأ "صحيح ابن حبان" ولو بواسطة "موارد الظمأن في زوائد صحيح ابن حبان" يجد الفرق واضحًا بين الكتابين والمؤلّفيْن لهما.
ذلك أن ابن خزيمة نجده في كتابه الصحيح في كثير من الأحيان، يورد الحديث ويُتبعه أو يُقدّم بين يديه قوله إن صح، في الصحيح يورد الحديث ويصفه بقوله "إن صح فإن فلانًا لا أعرفه بجرحٍ ولا توثيق”، يورده في الصحيح وليس الشاهد أنه يورده صحيح، الشاهد الأن أنه يُعِل الحديث بالجهالة، بينما لا تجد مثل هذا في "صحيح ابن حبان" لا يُعِل حديثًا مطلقًا بالجهالة، وهذا من بالغ تساهله في تصحيح أحاديث المجهولين بخلاف ابن خزيمة فهو ليس واسع الخطْو، في تصحيح أحاديث المجهولين لكن نجد له مثل هذا التصحيح.
إذ الأمر كذلك فلابد من الاحتياط في الاحتجاج بالأحاديث التي تعزى لصحيح ابن خزيمة وبالأخص لصحيح ابن حبان لتساهلهما في التصحيح كما ذكرنا، ولكن إذا كان الناقل للتصحيح تصحيح ابن خزيمة وابن حبان مثل الحافظ بن حجر فحينئذٍ النفس تطمئن لنقله لأنه من الأئمة الحفّاظ ومن أكبر من عرفنا في المتأخّرين من العلماء العارفين بعلم الجرح والتعديل والإحاطة بطرق الحديث والمعرفة بعلله، فبهذه المجموعة تطمئن النفس لكون هذا الحديث المعلق في صحيح البخاري هو حديث صحيح لأن ابن حجر بعدما عزاه للخمسة أتبعه بقوله بأنه صححه ابن خزيمة وابن حبان وأقرّهما على ذلك، فالإقرار من ابن حجر بذلك تطمئن النفس لكون الحديث صحيحًا.
ولكن لا يلزم من هذا أن التصحيح يكون عند ابن حجر لذاته، قد يكون صحيحًا عنده لغيره، وهذا الذي ثبت عندي أن هذا الحديث إن لم تخني ذاكرتي، في إسناده شيء من الجهالة ولكن له طريقٍ أخرى تقوّى الحديث بها فصار صحيحًا لغيره وليس لذاته، بقيَ بعد هذا أن نفهم هذا الاصطلاح يقول "رواه الخمسة”، الخمسة تارةً يُراد بهم أصحاب السنن الأربعة زائد الإمام أحمد هو الخامس، و هذا اصطلاحه هنا، في هذا الكتاب المقصود بالخمسة أصحاب السنن الأربعة أبو داود والنسائي والترمذي وابن ماجة، الخامس أحمد في مسنده، تارةً يراد بالخمسة مسلم وأصحاب السنن الأربعة، وهذا استعمال خاص بالمنتقى لابن تيمية جد شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
إذًا معنى هذا التخريج أن هذا الحديث ذكره البخاري في صحيحة بدون إسناد تعليقًا وذكره أصحاب السنن الأربعة والإمام أحمد بإسناده المتصل إلى عمار بن ياسر، وصححه ابن خزيمة وابن حبان.
ثم هذا الحديث من ناحية المتن الأن، موقوف لأنه يقول قال عمار ابن ياسر " من صام اليوم الذي يشك فيه " ، ما قال قال رسول الله، فهذا ظاهره الوقف " من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبا القاسم " ، فهل هذا الحديث في حكم المرفوع أم في حكم الموقوف؟
الأن ننتظر جواب من أهل الفقه والعلم فمن كان عنده علم أو عنده جواب سواء أصاب أو أخطأ المقصود مداولة العلم، من كان عنده علم أو جواب يرفع أصبعه؟ تفضل.
السائل : موقوف.
الشيخ : ليه؟
السائل : لأنه … يعني.
الشيخ : فليس سؤالي، انتبهوا لم يكن سؤالي هل هو موقوف أو مرفوع؟ هل هو في حكم المرفوع، في حكم المرفوع أم الموقوف؟ هو موقوف واضح.
السائل : نعم.
الشيخ : لأننا قلنا أنه الحديث جاء عن عمار بن ياسر قال، وما جاء عن عمار بن ياسر قال قال رسول الله، فهذا الحديث موقوف، موقوف لكن السؤال هل هو في حكم المرفوع أم لا؟
فالذي عنده جواب يرفع أصبعه مجددًا، تفضل.
السائل : موقوف لأنه ليس كما يقال يقال بالرأي لأنه ليس من الأمور الغيبية لأن الأمور الغيبية يقال فيها له حكم المرفوع ولا يقال بالرأي فهذا ليس من الأمور الغيبية.
الشيخ : طيب، عندك شيء وإلا هذا هو؟
السائل : … مرفوع، مرفوع لأن ... لا … بالرأي.
سائل آخر : بالعكس هو.
الشيخ : يعني عكس هو مثله.
السائل : نعم … لأنه … بالرأي.
الشيخ : ليش لا يقال بالرأي؟ إيه وضّح وضّح ليش؟ ليش لا يقال بالرأي؟ هلا.
السائل : ... .
الشيخ : أنت ما رفعت اصبعك يا أستاذ ... .
السائل : ... .
الشيخ : نعم؟
السائل : ... .
الشيخ : طيب بس ما أذن لك بالكلام، الأن الكلام مع الأخ هنا.
السائل : ابنه ابنه.
الشيخ : ليه، نعم؟
السائل : مع ابنه.
الشيخ : ابنه أهلا وسهلا، نريد بيان لماذا هذا الحديث في حكم المرفوع؟
السائل : هو لأنه … يقال بالرأي.
الشيخ : يعني لأنه قال فقد عصى أبا القاسم ؟
السائل : ... .
الشيخ : طيب، مده بمددك يا أستاذ مادام هذا ولده؟
السائل : يعني القضية فيها قضية عصيان لأنه الرسول ومن يشاقق الله ورسوله ، هذا شيء لا يجرؤ أن يقوله عمار من نفسه وفيه ... .
يرد الشيخ السلام.
السائل : هذا يعتبر ... .
الشيخ : طيب شو الدليل على أنه هذا في حكم المرفوع غير ما ذكرته؟
السائل : لأنه تعبدي أمر تعبدي هذا والتعبد يتوقف على ذات الرسول صلى الله عليه وسلم وما جاء عن الله عز وجل لا ... .
الشيخ : طيب حول هذا الجواب في أحد عنده بيان حول هذا، قد يكون ناس أخرون عندهم جواب غير ما سبق، فقد يكون ناس أخرون أيضا يوافقون المجيبين هنا لكن نريد تعليل إضافي إذا ما في ما في، نسمع أجوبة الأخرين، شو؟
السائل : الحديث موقوف ..
الشيخ : حول هذا الجواب وإلا لا؟
السائل : رد جوابه يعني؟
الشيخ : لا ما هو رد تأييد.
السائل : ... ؟
الشيخ : نعم.
السائل : قال الأمر التعبدي لا يقال بالرأي وقد ثبت عن الصحابة كثير من الأراء في الأمور التعبدية التي تخالف الرسول عليه الصلاة والسلام فبناء على قوله يجب أن كل أمر كل رأي جاء عن صحابي في أمر تعبّدي أن نرفعه والحق خلاف ذلك.
الشيخ : سمعت يا أستاذ ... ؟
السائل : … فقد عصى.
الشيخ : إيه بس هو الأخ يُشير إلى أنه في أحكام هناك يقال إنها حرام ويقال إنها يجب وهي أمور اجتهادية والصحابة اختلفوا في ذلك، ولذلك هذا الواقع يدفع الاحتجاج الذي لجأت إليه، طيب تفضل.
السائل : أقول لأنه في حكم المرفوع وذلك إشارة من عمار فقد عصى أبا القاسم ، وكأنه يُشعر أنه فهم هذا الحكم من الرسول عليه الصلاة والسلام.
الشيخ : طيب، غير هذا؟
السائل : نعم.
الشيخ : تفضل.
السائل : الحديث موقوفٌ وليس بحكم المرفوع والسبب أنني لو كنت مكانه لفهمت هذا الأمر من قول الرسول صلى الله عليه وسلم من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ، وكل بدعةٍ ضلالة ، إلى أخره فإذًا سيدنا عمر فهم أن الزيادة ..
سائل آخر : عمار.
السائل : عفوا عمار فهم عصيان أبا القاسم بهذا الفعل من الأحاديث العامة في الابتداع.
الشيخ : طيب، في عندك شيء؟
السائل : أنا عندي أنا أقول هذا الحديث له حكم المرفوع ... .
الشيخ : ليه؟
السائل : لأنه عمار بهذه الكلمة فقط "فقد عصى أبا القاسم" كأن سمع يعني كلنا نجزم أنه سمع الرسول يقول ذلك ولكن ... .
الشيخ : طيب بدنا دليل؟
السائل : الدليل قوله " عصى أبا القاسم " .
الشيخ : أنت.
سائل آخر : كأنه يشير إلى الحديث الأخر الذي سبق وتحدثت عنه أنه نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن التقدم بين يدي رمضان بيومٍ صيام.
الشيخ : في أخرون عندهم غير هذا؟ سواء أصابوا أو أخطأوا المهم التباحث وال … نعم.
السائل : أنا أقول هذا له حكم المرفوع.
الشيخ : له حكم المرفوعه.
السائل : لأن يعني هذا لا يقال ... الغيب بعدين في قضية حلال وحرام، كذلك في حديث يعني أبي هريرة لمّا الرجل يعني خرج من المسجد وأذّن فقال " أما هذا فقد عصى أبا القاسم " .
الشيخ : نعم.
السائل : فهذا حكم المرفوع يعني.
الشيخ : إيه لكن جبت بجواب رد عليه من هنا.
السائل : هذه قضية حلال وحرام يعني … الحلال والحرام لا يقال يعني إلا عن الله.
الشيخ : ... اختلفوا في كثير من الأمور هذا يقول حلال وهذا يقول حرام وهذا يقول يجب وهذا يقول لا يجب، في أمور كثيرة اختلفوا فيها،.
السائل : نعم.
الشيخ : فممكن يكون الاختلاف سببه الاجتهاد، فلا يكون التحكيم تحريم صحابي لأمر معناه أنه في حكم المرفوع ولا تحليله لأمر أنه في حكم المرفوع لأن هذا من موارد الاجتهاد والجواب ما سمعتم من الأستاذ علي وذلك ما أشرنا إليه لمّا تكلمنا على حديث لا تقدموا رمضان بصوم يوم أو يومين ، فقلنا إن هذا الحديث يشمل صوم يوم الشك لأنه هو اليوم الذي بين يدي رمضان فهذا الحديث يدخل فيه صوم يوم الشك، فلما صرّح عمار بن ياسر في الحديث ال ... لأن من صام يوم الشك فقد عصى أبا القاسم فجزمه بأنه عصى أبا القاسم إنما عمدته الحديث الأول، لأنه يقول لا تقدموا ، فمن تقدم فقد عصى، فمن هنا الحديث يقال الحديث له حكم المرفوع لهذا الحديث، ولولا هذا الحديث لكان يقال هذا رأي واجتهاد منه وليس معنى تصريح المجتهد بأنه من فعل كذا فقد عصى الله ورسوله أن ذلك تلقاه عن الله ورسوله مباشرةً، لأننا نعلم جميعًا أن الأئمة كانوا يحرّمون أمورًا من باب القياس، وأن هذا القياس تارةً يكون جليًّا للناس جميعًا وتارةً يكون خفيًا على بعض الناس على الأقل، ثم هو في الأخير تارةً يصيب وتارةً يخطئ، لكن هو غير مَلوم لمّا بيحرّم أو بيمنع شيء من طريق إيش؟ الاجتهاد.
لكن بعض العلماء لهم أدب في ذلك، مثلاً الإمام أحمد، المعروف عنه أنه نادرًا ما يُصرِّح بتحريم شيء إلا أن يكون منصوصًا عليه، كذلك مالك وإنما يعبِّرون عن ذلك بقولهم " أكره " ، " أكره " "يكره" لا يزيدون على ذلك، وهذا في الواقع من جملة ديانتهم ومن جملتهم دقّتهم في التعبير عن الأحكام الشرعية خشية أن يُدانوا لماذا حرّموا وليس هناك نص بالتحريم.
خلاصة القول هذا الحديث له حكم المرفوع بدليل الحديث الذي قبله، ولذلك قلنا إن المصنف أتبع الحديث الأول بالحديث الثاني ليدخل الثاني الذي هو خاص أو أخص في الحديث الأول الذي هو أعم.
الخلاصة يتبيّن لنا من الحديثين المذكورين أن صوم يوم الشك لا يجوز صيامه وهذه مسألة فيها خلاف منذ القديم، وهذا الخلاف يجب أن لا يعتد به مادام أن هذا الحديث الأول ينهى صراحةً أن يتقدّم المسلم رمضان بصوم يوم أو يومين نهيًا عامًا فيدخل فيه صيام يوم السبت وقد صرّح بذلك عمار بن ياسر رضي الله عنه، لذلك لا ينبغي أن يشوَّش ذهننا بهذا الخلاف الطويل المديد الذي نجده هنا في الشرح وفي غير هذا الشرح من الخلاف الكثير بين العلماء في جواز صوم يوم الشك أو عدم جوازه مادام أنه الرسول عليه السلام نهى عنه التقدم بين يدي رمضان ولا يشك ذي عقل ولب أن من صام يوم الشك فقد تقدّم بيومٍ بين يدي رمضان وهذا مما يشمله النهي المذكور أنفًا.
الفتاوى المشابهة
- ما هو الرد على من يشكك في الصحيحين ؟ - الالباني
- حديث المعازف وطعن ابن حزم فيه . - الالباني
- روى البخاري في الجامع حديثا عن عائشة رضي الله... - الالباني
- نفي التدليس عن البخاري رحمه الله - الالباني
- هل روى البخاري حديث المعازف متصلاً أو معلقاً.؟ - الالباني
- باب النهي عن تقدم رمضان بصوم بعد نصف شعبان إ... - ابن عثيمين
- نرجو منكم توضيح حديث حديث هشام بن عمار في المع... - الالباني
- ما صحة حديث: «من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى»؟ - ابن باز
- ربط الشيخ لشرح حديث عمار في النهي عن صوم يوم ا... - الالباني
- شرح أحاديث الصيام من " بلوغ المرام " ، قول عما... - الالباني
- عن عمار بن ياسر - رضي الله عنه - قال: ( من صام... - الالباني