تم نسخ النصتم نسخ العنوان
ما حكم السُّترة للمصلي ؟ - الالبانيالسائل : أرجو أن تبيِّن لنا اتِّخاذ المصلي لنفسه سترة ، حول هذه .سائل آخر : هل هي وجوبًا ؟الشيخ : الحقيقة هي مسألة السترة هي من السنن بل من الواجبات الت...
العالم
طريقة البحث
ما حكم السُّترة للمصلي ؟
الشيخ محمد ناصر الالباني
السائل : أرجو أن تبيِّن لنا اتِّخاذ المصلي لنفسه سترة ، حول هذه .

سائل آخر : هل هي وجوبًا ؟

الشيخ : الحقيقة هي مسألة السترة هي من السنن بل من الواجبات التي غفلَ عنها عامة المصلين لا نستثني منهم أئمة المساجد ؛ فضلًا عمَّن دونهم ؛ ذلك لأن مسألة السترة فيها أحاديث صحيحة من فعله - عليه السلام - ومن قوله ، أما فعله فواردة فيه أحاديث كثيرة وعلى صور متنوعة ؛ ففي " صحيح البخاري " من حديث سهل بن سعد الساعدي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان بينه وبين مصلَّاه - أي : موضع سترته - ممرُّ شاة ، ثم جاء في بعض الأحاديث أنه - عليه السلام - كان أحيانًا يصلي إلى شجرة ، ذلك أظن في غزوة بدر ، وأحيانًا كان يأخذ رحل ناقته فيعدِّلها ويصلي إليها ، هذا مما ثبت عنه فعلًا . أما ما ثبت عنه قولًا فهو أهمُّ ؛ لأن الفعل في علم الأصول إنما يدل على شرعية الشيء الذي فعله الرسول - عليه السلام - ، لكن لا يدل على الحكم ؛ هل هو فرض ؟ هل هو واجب ؟ هل هو سنة أو مستحب ؟ بينما حينما يأتي أمر الرسول - عليه السلام - بالسترة من جهة ، ثم يرتِّب على وجودها أحكامًا هامَّة ؛ فحينَ ذاك تكون أقواله - عليه السلام - أهم من حيث دلالتها على الحكم الشرعي ، فهو - مثلًا - يقول : "إذا صلى أحدكم فليصلِّ إلى سترة ؛ لا يقطع الشيطان عليه صلاته" . في حديث آخر : "إذا صلى أحدكم فَلْيدْنُ من سترته ؛ لا يقطع الشيطان عليه صلاته" .
الحديث الأول أمر مطلق بالسترة ، الحديث الثاني أمر بالاقتراب ؛ لأنُّو ليس يفيد المسلم أن يصلي - مثلًا - في مسجد واسع وبينه وبين الجدار أمتار ؛ ينبغي أن يقترب من السترة لأمر الرسول في الحديث الثاني بذلك ، وحد الاقتراب تبيَّن من الحديث الأول اللي هو في " صحيح البخاري " كما ذكرنا آنفًا أنُّو بينه وبين السترة ممرُّ شاة ، ثم جاء حديث آخر فيه أهمية بالغة جدًّا للسترة ؛ وهو قوله - عليه السلام - : "يقطع صلاةَ أحدكم - إذا لم يكن بين يديه مثل مؤخرة الرحل - المرأة ، والحمار ، والكلب الأسود" . قالوا : " ما بال الكلب الأسود يا رسول الله ؟ " . قال : "إنه شيطان" . هنا حكم ؛ "يقطع صلاة أحدكم إذا لم يكن بين يديه مثل مؤخرة الرحل" . مؤخرة الرحل ما يشبه العصاية شبر ونصف شبرين كمسند لراكب الراحلة ، فإذا كان الرجل يصلي خاصَّة في بعض المساجد التي فيها زحام كمكة والمدينة ، فمرَّت أمامَه امرأة أكثر المصلين والحجاج والمعتمرين وكأنه مرَّ عصفور أمامه !! مع أن الصلاة بطلت ، "يقطع صلاة أحدكم - إذا لم يكن بين يديه مثل مؤخرة الرحل - المرأة ، والحمار ، والكلب الأسود" . والمقصود بالمرأة هنا المرأة الحائض وهي البالغ ، وليس المقصود بالحائض يعني مَن كانت في حالة الحيض ؛ لأن المصلي ما رح يقدر يعمل تحقيق !! [ الشَّيخ يضحك ! ] .

السائل : ما رح تدخل المسجد هي !

الشيخ : لا ، قد تدخل المسجد هي ، لكن المقصود هذا القيد مهم - أيضًا - جدًّا جدًّا من الناحية الفقهية ؛ لأنُّو لو مرَّت طفلة صغيرة ما تقطع الصلاة ؛ لذلك قال : حائض يعني بالغ ؛ فإذًا لو مرَّ كلب أسود مُسرع شو يملك إنسان في هذه الحالة أن يفعل شيئًا ؟ أبدًا ، ما يقدر أن يطبِّق حديثًا صحيحًا ، وهذا - أيضًا - يذكِّرنا بفائدة السترة ؛ كثير من الناس يعرفون أن المصلي إذا قام يصلي لا يجوز لأحدٍ أن يمرَّ بين يديه ، فإذا قام المصلي يصلِّي فأحسَّ - وهذا يصير معكم جميعًا خاصَّة يوم الجمعة - أحسَّ أنُّو إنسان رح يمر بين يديه ، يعمل له هيك ، هذا الذي يريد أن يمنع المارَّ أن يمرَّ من بين يديه لا يجوز له ذلك إلا إذا كان واضع سترة ، هَيْ من أحكام السترة ، وين راحت الأحكام هَيْ ؟ في خبر التاريخ ، في خبر كان ؛ السبب ؟ انصراف المسلمين عن دراسة سنة سيِّد المرسلين ، من أجل ذلك قال - عليه السلام - : "تركتُ فيكم أمرين لن تضلُّوا ما إن تمسَّكتم بهما ، كتاب الله وسُنَّتي ، ولن يتفرَّقا حتى يَرِدَا عليَّ الحوض" ، فتجد بقى الناس اليوم يدخل المسجد كيفما اتَّفق في كل ... مسيطر على الناس ، الله أكبر ، أنا أقول .

سائل آخر : ... .

الشيخ : ما عم أقول لك ، المهم هذا كله غفلة عن ذكر الله ؛ لأن الحقيقة ذكر الله وأظن هذا تعلمونه أنه تارةً يكون ذكرًا لفظيًّا وقلبي معًا ، وتارةً يكون ذكرًا قلبيًّا ، أنت حينما ترى امرأةً فيعجبك جمالها فتغضُّ بصرك عنها ما تفعل ذلك إلا لأنَّك ذكرت ربَّك ، وإلا لولا ذلك كنت أعدت مرَّة ثانية وثالثة وهكذا ، أنت حينما تدخل المسجد تمدُّ يدك اليمنى فأنت ذاكر لله ، والعكس حينما تخرج من المسجد تمدُّ رجلك اليسرى هذا ذاكر لله ، لكن هل كلُّ من يدخل المسجد يصلي حين يدخل هو ذاكر لله ؟ قليل جدًّا مع الأسف ، وهكذا يدخل المسجد يريد أن يصلي تحية المسجد لا بأس ، وإن كان هذا - أيضًا - قد يتغافل عنه كثير من الناس ؛ يصلي سنة الوقت - مثلًا - ما يخطر في باله من شدة الغفلة والجهل المسيطر على الناس أنُّو على الأقل يجمع نيتين بعمل واحد ؛ حتى إذا كتب له على صلاة السنة القبلية - مثلًا - عشر حسنات أقل ما يكتب على العبادة ، يُكتب له بإضافة مئة أخرى بدل عشرة إحدى عشر ، وقد تكون بدل العشرة مئة ، بدل المئة سبع مئة كما جاء في الحديث الصحيح : { وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ } ، ما يخطر في باله يكسبها هيك على الماشي يعني بدون أيِّ تعب وأيِّ جهد سوى فيه جهد ؛ وهو استجماع الذِّهن والعقل وربطه مع ربِّه - تبارك وتعالى - ؛ فإذًا لما يدخل الإنسان هذا المسجد ويريد أن يصلي يفكِّر الرسول أمَرَه أن يصلي إلى سترة ، يفكِّر أمَرَه رسول الله أن يدنو من السترة ، يفكِّر أنه قد يمرُّ بين يديه شيء فيقطع عليه صلاته .
ومن شدَّة غفلة الناس عن هذه القضايا الشرعية في كثير من الأحيان نُسأل : يا أخي ، ما في حدا في المسجد ، ما في حدا في البيت ؛ من رح يمرُّ ؟ نقول له : يمرُّ الشيطان اللي أنت ما بتشوفه ، اللي حاول أنُّو يقطع ... رسول الله لما أراد أن يمرَّ الشيطان بين يديه قبض عليه وكاد أن يخنقه ، ولما سألوه ذكر لهم ذلك حتَّى قال - عليه السلام - : "وجدْتُ بردَ لُعابِه في يدي ، ولولا دعاء سليمان - عليه السلام - : { رَبِّ [ اغْفِرْ لِي وَ ] هَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي } لربطْتُه بسارية من سواري هذا المسجد حتى يلعب به صبيان أهل المدينة" . فذاك رسول الله يرى الشيطان حينما يريد أن يمرَّ ويمسكه بيده ، نحن أوَّلًا ما عندنا القدرة البصرية أن نرى الشيطان ؛ بالتالي ما عندنا القوة البدنية نتغلَّب عليه ، وحقًّا وصدقًا ما قالته السيدة عائشة - رضي الله عنها - حينما فاجأها الرسول - عليه السلام - يومًا قال لها : "يا عائشة ، هذا جبريل يُقرئك السلام" . قالت : وعليه السلام يا رسول الله ، ترى ما لا نرى . هذا جبريل هي مو شايفة ، جبريل في الحجرة هي مو شايفة ، لا تشوف ، ترى ما لا نرى ، فهي إيمانًا بنبيِّها وبزوجها تقول : وعليه السلام ترى ما لا نرى . فنحن نتساءل مين اللي بدو يمرُّ هلق ؛ هون ما في حدا بالغرفة ! الله أكبر ! الشيطان إذا كان يجري من ابن آدم مجرى الدم ما يجري أمامك ؟! من باب أولى .

سائل آخر : ... .

الشيخ : الله المستعان .

Webiste