تم نسخ النصتم نسخ العنوان
شرح حديث : ( إنما شفاء العي السؤال ) . - الالبانيالشيخ :  وأكد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هذا المعنى الصريح في الآية الكريمة بحديث أخرجه أبو داود في سننه وغيره من دواوين السنة من حديث جابر بن عب...
العالم
طريقة البحث
شرح حديث : ( إنما شفاء العي السؤال ) .
الشيخ محمد ناصر الالباني
الشيخ : وأكد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هذا المعنى الصريح في الآية الكريمة بحديث أخرجه أبو داود في سننه وغيره من دواوين السنة من حديث جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أرسل سرية فأصيب أحد أفرادها بجراح في بدنه بعد معركة قامت بين المسلمين والمشركين فلما أصبح به الصباح وقام ليصلي صلاة الفجر إذا به يرى نفسه قد احتلم ويجب عليه الغسل ولكنه بسبب ما أصابه من جراحات كثيرة في بدنه رأى أنه لا بد من أن يسأل أهل العلم لعلهم يجدون له رخصة - ويرحمك الله - لعله يجدون له رخصة في ألا يغتسل خشية أن يصيبه ضرر أو هلاك فسأل من حوله فقالوا له: لا بد لك من الاغتسال ولأن نفوس أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم كانت نفوسا مؤمنة مطمئنة لا يتبعون الهدى ولو كان في إطاعتهم للحكم الشرعي ما قد يعرضهم للهلاك أو للموت فلذلك ما كان من هذا الجريح المصاب في سبيل الله إلا أن ائتمر بأمر من أفتاه بأنه لا بد له من أن يغتسل, فاغتسل فكان عاقبة أمره أن مات, ذلك لأنكم تعلمون أن من كان في بدنه جراحات وأصابه الماء البارد وهم في العراء ليس في الدار في البيت وليس هناك وسائل لتسخين الماء فصب الماء على بدنه فكان فيه موته .
فلما وصل خبره رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هاله الأمر وغضب غضبا شديدا على أولئك الذين أفتوه بأنه لا بد له من الغسل فدعى على أولئك الذين أفتو بغير علم قائلا عليه الصلاة والسلام: قتلوه قاتلهم الله , قتلوه قاتلهم الله ألا سألوا حين جهلوا فإن شفاء العي السؤال ألا سألوا هنا الشاهد من هذا الحديث الصحيح, ألا سألوا حين جهلوا فإنما شفاء العي السؤال ثم قال عليه الصلاة والسلام ولي عودة قريبة إن شاء الله إلى قوله: ألا سألوا .
ثم قال عليه الصلاة والسلام كان يكفيه أن يضرب ضربة بالأرض ثم يمسح بها كفيه ووجهه فإذا هو طاهر ففي هذا الحديث مما يتعلق بهذه المقدمة القصيرة إن شاء الله وجوب التحري في الإفتاء للناس وأنه لا يجوز أن يفتي أحد بفتوى إلا بعد أن يكون على بينة من فتواه وإلا كان إثم فتواه على من أفتاه يعود إلى الذي أفتاه .
ومن هنا نعيد التنبيه إلى أن الخروج كما يقال في العصر الحاضر للتبليغ تبليغ الدعوة إنما هو أمر خاص بأهل العلم وليس للجهلة ولا للذين هم في الخط في طلب العلم وإنما يكون الخروج لمن كان عالما بالكتاب والسنة لكي يتمكن من أن يفتي فتوى صادقة وصحيحة مطابقة للكتاب والسنة فيما إذا سئل مسألة تعرض لبعض من حوله وليست تلك المسألة من المسائل المعتاد وقوع الناس فيها والتي يشترك في معرفتها عادة كل طلاب العلم فها أنتم ترون في هذا الحديث أن رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم جرح في سبيل الله واحتلم فوجب عليه الغسل فسأل من حوله هل يجدون له رخصة في ألا يغتسل قالوا له: لا بد لك أن تغتسل.
فأطاعهم وهو مأجور في طاعته لأنه قام بالواجب الذي رتب عليه شرعا ألا هو فاسألوا أهل الذكر ولكن الذي سئل أو الذين سئلوا لم يكونوا من أهل الذكر وأنتم تعلمون أن الذكر في هذه الآية كلفظة الذكر في آية أخرى كمثل قوله تعالى: وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما أنزل إليهم أي هو القرآن فحين قال عز وجل في الآية الأولى: فاسألوا أهل الذكر إنما يعني أهل القرآن العارفين بمعاني القرآن وبخاصة ما كان منها من الآيات المتعلقة بالأحكام ما يجوز, ما لا يجوز, ما يجب وما لا يجب ونحو ذلك هؤلاء الذين ينبغي لهم أن يتصدروا لإجابة الناس عن أسئلتهم والطرف الأكثر من الأمة المسلمة أولئك الذين يجب عليهم أن يسألوا فمن قام بالسؤال وهو لا يعلم فقد قام بالواجب الذي أوجبه الله عز وجل في الآية والرسول في ذاك الحديث ومن أفتى بغير علم فلم يقم بالواجب لأن الإفتاء منوط ومربوط بأهل الذكر .

Webiste