تم نسخ النصتم نسخ العنوان
تفسير قول الله تعالى : [ والضحى والليل إذا س... - ابن عثيمينالشيخ : الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين:أما بعد: فإننا نفتتح لقاءنا بعد شهر رمضان، هذا...
العالم
طريقة البحث
تفسير قول الله تعالى : [ والضحى والليل إذا سجى ] .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين:
أما بعد: فإننا نفتتح لقاءنا بعد شهر رمضان، هذا اليوم الخميس الثالث والعشرين من شهر شوال عام ثلاثة عشر وأربعمائة وألف، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل هذه اللقاءات لقاءات نافعة.
كنا في الأول نبتدأ اللقاء من الساعة العاشرة لكن صارت الأشغال كثيرة، فرأينا أن يكون من الساعة الحادية عشرة، وفي الساعة بركة إن شاء الله تعالى.
وقد اخترنا أن يكون ابتداء اللقاء تفسير آيات من كتاب الله عز وجل، ثم بعد ذلك يأتي الجواب على الأسئلة.
هذا اليوم نتكلم على قول الله تبارك وتعالى: وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى * مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى * وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنْ الأُولَى * وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى : هذه السورة والتي بعدها كلها في حق النبي صلى الله عليه وسلم، وما حباه الله به من النعم والكرامات، فالله عز وجل أقسم بالضحى وبالليل، الضحى يكون به ضوء النهار.
وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى أي: إذا غطى الأرض فأظلمت بعد هذا النور.
والنور والظلمة شيئان متقابلان، وهما -والعلم عند الله- يمثلان حال الناس قبل بعثة الرسول عليه الصلاة والسلام وبعد بعثته، قبل بعثته وبعد بعثته، فالناس قبل البعثة في ظلمة وجهل وغشم وعدوان، وبعد أن بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم صاروا على النور والهدى.
ثم بين الله تعالى ما أقسم عليه في قوله: مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى أي: ما تركك وأهملك، وما قلاك، أي: أبغضك بل رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أحد الخليلين اللذين اختصا بهذه الصفة العظيمة من صفات الله عز وجل، وهي الخلة، والخلة أعلى أنواع المحبة، وليس من عباد الله من هو خليل الله إلا إبراهيم ومحمد عليهما الصلاة والسلام، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: إن الله اتخذني خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً .
وقوله: وَمَا قَلَى أي: ما قلاك وأبغضك، فهو لم يتركك ولم يبغضك بل هو سبحانه وتعالى قد اعتنى به وحفظه وأحبه.
ثم بين الله لرسوله أن الآخرة خير له من الأولى، فإن الآخرة وما فيها من النعيم لا يعدلها شيء من النعم مهما كان، قال النبي صلى الله عليه وسلم: لموضع سوط أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما فيها .
ثم وعده سبحانه وتعالى بهذه العِدَة العظيمة والبشرى السارة:
وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى فأعطاه الله عز وجل من النصر في الدنيا والعز والعلو على عدوه ما رضي به صلى الله عليه وسلم، وسيعطيه أيضاً في الآخرة ما هو أعظم، فإنه في الآخرة يبعثه الله مقاماً محموداً، فيشفع للخلائق، ويعطيه الله عز وجل الوسيلة، وهي درجةٌ في الجنة لا ينالها إلا عبد من عباد الله، وهو الرسول عليه الصلاة والسلام.
ثم ذكَّره الله تعالى بالنعم، فقال: أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى فقد ولد النبي صلى الله عليه وسلم يتيماً ليس له أب، وماتت أمه أيضاً وبقي صلى الله عليه وسلم منفرداً في كفالة جده، ثم مات جده، ثم كفله عمه أبو طالب، فالله عز وجل خلقه يتيماً ولكنه آواه ونصره وأيده ويسر له من عباده ما يحصل به المنعمة والحفظ.
وَوَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدَى : فالرسول عليه الصلاة والسلام ما كان يعرف شيئاً من العلم قبل بعثة الله إياه، قال الله تعالى: وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الْأِيمَانُ ، وقال الله تعالى: وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً ، فالرسول صلى الله عليه وسلم قبل أن يوحى إليه ما كان عنده من العلم الذي أوحاه الله إليه شيء، ولهذا قال: وَوَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدَى .
وهنا قال: فهدى ولم يقل: فهداك لأن الله هداه وهدى به.
وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى أي: فقيراً فأغناه الله تعالى وأغنى به صلى الله عليه وسلم، وذلك بما أحلَّ الله له من الغنائم التي يغنمها من أعدائه.
فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ * وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ * وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ يعني: تذكر يتمك، فعامل اليتيم باللطف والحنان، ولا تقهره إلا أن يكون قهره في أمرٍ فيه مصلحة له، فهذا ليس قهراً في الحقيقة وإن كان قهراً ظاهرياً، ولكن لمصلحة عظيمة لهذا اليتيم.
وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ السائل : الذي يسأل عن العلم، والسائل : الذي يسأل المال، لا تنهره، حتى وإن أغلظ لك القول فلا تنهره، وعامله باللين واللطف والقبول لما يسأل، وإذا كان على خطأ فإنه بإمكانك أن تنصحه بعد أن تعطيه ما سأل.
وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ وهو ما أنعم الله به عليه من الوحي المبين والهدى، وما جبله عليه من مكارم الأخلاق وحسن العبادة حدِّث بها ولكن تحديث المعترف بنعم الله لا مفتخرًا على عباد الله.
نسأل الله لنا ولكم التوفيق والهداية لما يحب ويرضى، إنه على كل شيء قدير.
والآن مع الأسئلة.

Webiste