تم نسخ النصتم نسخ العنوان
حدثنا معاوية بن عمرو قال حدثنا زائدة عن حصين... - ابن عثيمينالقارئ : حدثنا معاوية بن عمرو ، حدثنا زائدة، عن حصين، عن سالم بن أبي الجعد، حدثنا جابر بن عبد الله قال :  بينما نحن نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم إذ ...
العالم
طريقة البحث
حدثنا معاوية بن عمرو قال حدثنا زائدة عن حصين عن سالم بن أبي الجعد قال حدثنا جابر بن عبد الله قال ( بينما نحن نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم إذ أقبلت عير تحمل طعاماً فالتفتوا إليها حتى ما بقي مع النبي صلى الله عليه وسلم إلا اثنا عشر رجلاً فنزلت هذه الآية (( وإذا رأوا تجارةً أو لهواً انفضوا إليها وتركوك قائماً )) )
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
القارئ : حدثنا معاوية بن عمرو ، حدثنا زائدة، عن حصين، عن سالم بن أبي الجعد، حدثنا جابر بن عبد الله قال : بينما نحن نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم إذ أقبلت عير تحمل طعاماً فالتفتوا إليها حتى ما بقي مع النبي صلى الله عليه وسلم إلا اثنا عشر رجلاً فنزلت هذه الآية : وإذا رأوا تجارةً أو لهواً انفضوا إليها وتركوك قائماً .

الشيخ : نعم، هذا يدل على سبب نزول هذه الآية : وإذا رأوا تجارةً أو لهواً والذي لا يعلم عن السبب قد ينقدح في ذهنه إلحاق العيب بالصحابة رضي الله عنهم، كيف ينفضون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يرشدهم ويبين لهم أحكام الله ويعظهم وهو صلى الله عليه وسلم خير مرشد وواعظ، فيقال: الصحابة رضي الله عنهم كانوا في شدة من العيش وكانوا محتاجين جدا إلى الطعام، وحضروا إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستمعون خطبه، وهم يعلمون أنه صلى الله عليه وسلم أحلم الناس وأرحم الناس، فلحاجتهم ولعلمهم بحلم النبي صلى الله عليه وسلم خرجوا إليها خرجوا إلى العير، ولم يبق مع النبي صلى الله عليه وسلم إلا 12 رجلا، وليس قصدهم بذلك الزهد فيما يقوله الرسول عليه الصلاة والسلام، لأنهم يعلمون أن ما يقوله سوف يدركونه من إخوانهم الباقين، وليس قصدهم أيضا العزوف عن الطاعة، لأنه ربما يرجعون بعد رؤية هذه التجارة، وإذا قدر أنه لم يرجعوا فإنهم يؤملون من النبي صلى الله عليه وسلم أن يعفو عنهم، لكن الرب عز وجل أنزل فيهم هذه الآية وقال : وإذا رأوا تجارة أو لهوا وتأمل أن الآية في أول القصة كانت بلفظ الخطاب يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون ، فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون ثم قال : وإذا رأوا تجارةً ولم يقل وإذا رأيتم تجارة أو لهوا انففضتم إليها وتركتم الرسول قائما، بل قال وإذا رأوا تجارةً بلفظ الغائب، وهذا كقوله تعالى : عبس وتولى أن جاءه الأعمى بلفظ الغائب والمراد المخاطب النبي عليه الصلاة والسلام.
إذا رأوا تجارةً أو لهواً التجارة واضحة العير التي عليها الطعام، وقوله : أو لهوا ما هو اللهو ؟ اللهو قيل إنهم إذا قدموا إلى المدينة يضربون الدفوف إيذانا بأنهم قد قدمت العير حتى يفزع الناس إليها، لأنكم تعلمون أن أصحاب العير يريدون، نعم، يريدون أن يأتي الناس للتجارة ويشترون منهم فكانوا يضربون بالدفوف.
ولكن الصحابة هل خرجوا لاستماع الدفوف؟ لا، ولهذا قال انفضوا إليها أي إلى التجارة، مع أن لهوا بعد ذكر التجارة، وكان من العادة أن الضمير يعود إلى أقرب مذكور، وكان من مقتضى هذه العادة أن يكون التعبير: وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليه أو إليهما، ولكن الصحابة ليس لهم غرض إطلاقا في هذا اللهو، إنما غرضهم التجارة لشدة حاجتهم إليها.
وتركوك قائما وهذا منقبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لما انصرف الناس عنه لم يقطع الخطبة ولم ييأس، بل بقي عليه الصلاة والسلام قائما يخطب وكأن شيئا لم يكن، وهذا من صبره صلوات الله وسلامه عليه على ما يحصل له من مثل هذه الأمور.
قال الله تعالى لنبيه قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة والله خير الرازقين .
الشاهد من هذا: أنه إذا نفر الناس عن الإمام وبقي معه جماعة فإنه يقيم الجمعة بما بقي، ولكن هل نقول إنه لا بد أن يكون الباقي 12 رجلا أو أكثر؟ أو نقول إن الذين بقوا وهم 12 رجلا صار ذلك اتفاقا؟ نعم الثاني وهو كذلك لأنه لو ذهب وبقي عشرة لم يتغير الأمر أو خمسة لم يتغير الأمر، ومثل هذه الأمور الاتفاقية لا تكون حجة.
وانتبهوا إلى هذه القاعدة المفيدة: ما فعله الرسول عليه الصلاة والسلام اتفاقا، أو ما حصل اتفاقا فإنه لا يكون حجة، ولهذا قلنا: إن المسافر إذا نوى الإقامة أكثر من أربعة أيام فإنه يبقى مسافرا ويقصر الصلاة ويفطر في رمضان ولو أراد أن يبقى 10 أيام أو 20 يوما، وأن ما وقع للرسول عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع من كونه قدم في اليوم الرابع إنما صار ذلك اتفاقا، ليس عندنا دليل أبدا أن الرسول تقصد ألا يقدم مكة إلا في اليوم الرابع وهو يعلم أن من الناس من يقدم في اليوم الرابع والخامس وفي اليوم الثالث وفي اليوم الثاني وفي اليوم الأول، ومع ذلك لم يقل لأمته: من قدم قبل يوم الرابع فعليه أن يتم.
فالحاصل: أن ما وقع اتفاقا فليس بحجة، فعليه لو انصرف الناس عن الخطيب يوم الجمعة لو لم يبق إلا عشرة يبقى أو يصلي ظهرا ؟ يبقى على جمعته ولا يصلي ظهرا.
وهذه المسألة اختلف العلماء فيها، فمنهم من قال: لا بد أن يكون الحاضرون أربعين رجلا ممن تلزمهم الجمعة، ومنهم من قال: يكفي اثنا عشر رجلا، ومنهم من قال: يكفي ثلاثة رجال، وهذا أصح الأقوال، لو وجدنا قرية ليس فيها من أهلها المستوطنين إلا ثلاث رجال والباقي ناس مروا في الطريق وعرجوا على المسجد، لكن المواطنين ثلاثة رجال فقط، فهل تنعقد بهم الجمعة ؟ الجواب على القول الراجح تنعقد ولا بأس.

Webiste